بيان عن مجلس مطارنة نينوى
زوعا - الموصل
عطفاً على البيانين في الحادي عشر والثالث والعشرين من شهر تشرين الأول،
اللذين وضعا النقاط على الحروف بشأن الحملة الهوجاء التي طالت أبناءَنا
المسيحيين في مدينة الموصل وتسبّبت في كثير من المعانيات التي رافقت تلك
الهجرة الموقوتة والمؤقتة، وتحولت من ثم إلى حركة تضامن عارمة عبر مبادرات
خيرة من كل جانب، أسفرت عن علاقات اكثر ودّاً وتسامحاً بين اطياف المجتمع
الموصلي، نود في بياننا هذا ان نلفت الانتباه إلى عدد من القضايا التي برزت
من خلال هذه الحملة. ونبدأ برفع آيات الشكر والحمد لله العلي القدير الذي،
بحكمته الفائقة، جعل هذه الاحداث المأساوية تؤول إلى خير الذين يحبونه من
كل الاديان والمعتقدات، إذ كشفت عن الدوافع التي لا تمتّ بصلة إلى العلاقات
المسيحية ـ الاسلامية، لا بل تمخضت عن حقائق مطمورة كان ينبغي ان تنجلي.
ففيما نلفت النظر إلى النقاط التالية، نأمل ان تلقى صدى لدى الرأي العام
العراقي والعالمي، ولا سيما لدى ابناء الموصل من مسلمين ومسيحيين.
1) نشدد على عودة
المهاجرين من ابنائنا المسيحيين إلى مساكنهم ومزاولة وظائفهم واعمالهم،
وعلى ضرورة تواجدهم مع اخوانهم المسلمين بصفتهم احدى المكونات الاساسية في
المجتمع العراقي والموصلي، وذلك من منطلق حرصهم على العيش المشترك والمصير
المشترك، وبدافع من تمسكهم الشديد بارض الاجداد في مدينة الحدباء ذات
التاريخ المشترك والعريق...
2) يسوءُنا ويؤلمنا بقاء
الاحتلال في العراق، رافضين اية محاولة لتجزئة وتفتيت شعبه، ومستنكرين
المخططات التي تهدف إلى تهجير المسيحيين او تهميشهم او عزلهم في شبه واحات
عن سائر مواطنيهم من مختلف الاديان والمذاهب والقوميات. فالعراق واحد
للجميع ويجب ان يبقى المسيحيون، من شماله إلى جنوبه، اشبه بخميرة في
العجين، يشهدون للقيم الروحية التي تسهم في بنائه وتقدمه. لذا نرفض
المبادرات الهادفة، بقصد أم بغير قصد، إلى تسهيل عملية نقل الطلبة
والموظفين إلى كليات ودوائر خارج مدينة الموصل، فذلك من شأنه ان يضعضع نسيج
المجتمع الموصلي الذي كان ولا يزال للمسيحيين فيه دور رائد. ونغتنمها فرصة
للاحتجاج على كل تصريح، من اية جهة كانت، يوهم بانه يمثل وجهة نظر
المسيحيين، مالم يكن صادراً عن الناطق الرسمي باسم مجلس مطارنة نينوى وهو
المرجع الوحيد لجميع المسيحيين في محافظة نينوى.
3) فيما نرفع شكرنا
العميق لابنائنا المسيحيين في الاقضية والنواحي والقرى التابعة لمحافظة
نينوى، وعلى رأسهم رعاتُهم الروحيون الاجلاّء، الذين استضافوا المهاجرين
وتضامنوا معهم ومدوا لهم يد العون في هذه المحنة الأليمة، نضم صوتنا إلى
اصوات جميع الجهات الرسمية والشعبية لإنهاء حالة الطوارئ وتسهيل عودتهم
إلى اماكن سكناهم، مع تقييمنا الكبير لوقفتهم الانسانية والتي ستتجسد
بالاكثر من خلال تشجيعهم على العودة إلى الموصل حيث ينتظرهم اخوانهم
المسلمون الذين يرحبون بهم، ويهمهم ان تتوطد معهم بالاكثر عُرى المحبة
والالفة التي ترقى إلى أكثر من أربعة عشر قرناً.
4) في الوقت الذي كانت
فيه هذه المحنة الطارئة منطلقاً لمبادرات عارمة، على المستويين المعنوي
والمادي، ومن جهات مختلفة في الداخل والخارج، نود، لا بل نوصي بان تتجه
المساعدات أولاً، نحو المسيحيين الذين بقوا صامدين في بيوتهم ـ ومنهم عدد
كبير من المحتاجين الحقيقيين ـ ومن ثم، نحو العائدين إلى أماكن سكناهم، وفي
مقدمتهم المتضررون منهم، وعلى اكثر من صعيد، متمنين ان يتم استقبال كافة
المعونات والمساعدات وتوزيعها على يد لجنة من مختلف الطوائف تعمل تحت اشراف
مجلس مطارنة نينوى.
وفيما
نترحم على ارواح الشهداء من العراقيين كافةً الذين ذهبوا ضحية الغدر، نطلب
من الباري عز وجلّ ان يبارك كل الذين وقفوا، من بعيد أو قريب، إلى جانب
المسيحيين في هذه المحنة، وبمختلف الوسائل والمبادرات، ونخص بالذكر وسائل
الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، ولا سيما تلك التي لم تألُ جهداً في
تهدئة الاجواء والتشديد على كل ما يخدم قضية الألفة والتلاحم بين المسييحين
والمسلمين في عراقنا الحبيب ومدينتنا الغالية الموصل التي ستبقى مآذنها
تعانق نواقيسها، وستبقى قلوب ابنائها واياديهم متماسكة
متظافرة.
رؤساء الطوائف
المسيحية في الموصل
31 / 10/ 2008
|