مجدا لرفيق المسيرة عبد الاحد فرنسو بذكراه السنوية الاو
لى

بدران امرايا
مناضل ولد وسط عائلة فلاحية بسيطة وفي قرية كلدوآشورية وصفت
بالجنة لمكانتها المتميزة بين قمم جبلية شامخة تعانق عنان السماء وبجو خلاب
كانت هذه القرية محطة استوقفت الكثير من الادباء والشعراء والفنانين لتفريغ
ما في جعبتهم من الاغاني والاشعار،وجوها يبعث في الانسان مشاعر فياضة ويوقظ
فيه مكامن الحب والغيرة للعمل ، ولد هذا الشخص ليولد معه شيئا اخر ظل يتغذى
معه ويقاسمه شهقة الانفاس ،وهو الحب الكبير والغيرة المتأججة لامته
الكلدوآشورية ووطنه الكبير العراق ، ظل هذا الحب السرمدي يكبر ويتوسع بين
خلجات نفسه حتى فاضت به روحه ويسقي خلاياه من شرايين دمه وعلى مدار الايام
والسنين ليتحول هذا الحب الى قنبلة موقوته تزداد خطورتها بمرور الزمان بسبب
واقع امته المزري من الانقسام والتشرذم و اللاوعي القومي والسياسي ، ظل
يقارن واقع الامة بماضيها المجيد وهو يان تحت وطأة نظام سياسي فردي يحصي
انفاسه وينكر ابسط مفردات خصوصياته القومية ولم يجد الا ان يتنفس هامشا من
الحرية المتاحة في المناطق المحررة من قبضة النظام الجاثم على صدور
العراقيين ، الا ان ذيول ذلك النظام وصلت اليه واحالته الى غياهب السجون
لييحكم بالاعدام شنقا حتى الموت ، ومن ثم ليخفف حكمه الى السجن المؤبد ،
ومن ثم يقضي اثنا عشر عاما من سنين حياته خلف القضبان الحديدية ، ويذون
خلالها فصول مريرة وطويلة من العذبات النفسية والجسدية لتكون هواجسها
المريرة والقاتلة صديقه حميمة ملازمة لحياته الباقية وطاغية على مفرداتها
بثوانيها ودقائقها وساعاتها وايامها ، واشتدت تداعيات تلك المحن عليه لكن
عزة نفسه الكبيرة وكرامته العالية جعلته يتغاضى عنها ليواصل النضال مع رفاق
مسيرته في صفوف زوعا ويعوض ايام السجن وكأنها ديون واجبة التسديد على عنقه
وبهذا ينسى الآمه المبرحة ، الى ان يسقط من صهوة جواده الرهوان شهيدا ويسجل
بدمه الطاهر صفحة مشرقة مذهبة في سفر امته وبين افئدة رفاقه ، انه رفيق
الدرب عبد الاحد فرنسو توما من مواليد قرية اسنخ الحدودية 1951 متزوج واب
لستة افراد وحاصل على شهادة المتوسطة ، انتمى و التحق بصفوف الحركة
الديمقراطية الآشورية زوعا عام 1983 بعد الحركة بالالتحاق بالنضال السلبي (
الكفاح المسلح ) في المناطق المحررة من وطننا الحبيب ، وكانت هذه الفترة
مفعمة بالمصاعب والمشقات فضلا عن صعوبة الجبال والوهاد والسهول والقصف
المستمر من قبل القطعات العسكرية والطائرات لمقرات الاحزاب المعارضة
وتجمعاتها ، لكن كان الالتحاق بمحض اراته وايمانه القوي بان النضال العسكري
والسياسي معا هما السبيل الاوحد لخلاص شعبنا العراقي من ذلك الكابوس الدموي
، فضلا عن ايمانه المتجذر باهداف ومبادىء الحركة القومية والوطنية ونهجا
الصائب بمشاركتها الفصائل الوطنية خلال مرحلة النضال السلبي الى جانب
النضال السياسي ، وتأسيس الحركة كان بالنسبة له كالبلسم الشافي لجروحات
والآم هذه الامة المكتوية بنار التقسيم والتهميش وانكار الحقوق وعدم
الاعتراف بها اصلا ، وبعد فترة وجيزة من التحاقه هذا القي القبض عليه في
الساعة التاسعة ليلا من يوم الاحد 14 نيسان 1984 أي بعد خمس سنوات لتاسيس
الحركة من قبل مرتزقة (الجحوش ) وعناصر الامن واثناء قيامه باداء واجب
بقرية كندالا بمنطقة زاخو وخلالها عاملوه معاملة وحشية واقتيدا الى مديرية
امن زاخو ومكث في وكرها 15 يوم ذاق خلالها الضرب والصعقات الكهربائية
والفلقة والمحارية النفسية والجسدية والاهانات الرخيصة والتجويع ، وبعدها
حول لمديرية استخبارات زاخو وبنفس الوتيرة من التعذيب ولمدة شهرين ، ثم
احيل هذا المناضل الفذ الى استخبارات الفيلق الاول لمدة عشرة ايام وهو تحت
التعذيب والتحقيقات المستمرة ، ليرسل بعدها الى مديرية استخبارات المنطقة
الشمالية ببغداد حيث المصيرالاسود وبقى هناك مدة اسبوع وكان حافلا بما
لاتشتهي الانفس والاعين ،بعدها اقتيد الى الشعبة الرابعة في وزارة الدفاع
ومكث هناك اسبوعا ومؤشر تعذيبه يزداد من سوء الى اسوأ ، ومن ثم الى مصير
اتعس في الشعبة الخامسة للاستخبارات ببغداد ، والتي كانت تعرف بالحوت انذاك
لكونها شبيه بالحوت او الطاحونة تلتهم وتهرس الاخضر واليابس معا، ونسبة 30%
من سجناء هذه الشعبة يفقدون عقولهم من شدة التعذيب النفسي والجسدي وقلة
وجبات الاكل بحث كانت حصة السجين خلال 24 ساعة صمون واحد وكوب تمن وثلاثة
اكواب ماء ، ومكث في هذا الجحيم لمدة شهر ثم اقتيد الى المنظومة الشمالية
بكركوك وحبس في غرفة بقياس 2متر مربع وبارتفاع اقل من مترين وبواقع 13 سجين
وبدون أي مصدر للتهوية ،و كانت الحرارة مرتفعة فيها بحيث ادت في يوم من
الايام لوفاة ثلاث من السجناء ، الى جانب فصول التعذيب المتلاحقة ولمدة ستة
اشهر على هذه الحالة المزرية ثم يحال في 26 -12 -1984 الى الجناح الخاص
بسجن ابو غريب انتظارا للمحاكمة والتي كانت تسمى بفرق الاعدامات وفي 10 –
1- 1985 اقتيد الى بئس المصير محكمة الثورة السيئة الصيت ليحكم بحسب المادة
157 وفقا للقانون الجنائي العراقي بالاعدام شنقا حتى الموت ، وخلال جلسات
سرية مغلقة والقرارات تصدر بدقائق او ساعات حتى يحرم المحكومين من حق
الاستئناف ، وبقى في زنزانة الاعدامات مدة اربعة اشهر وكانت تضم 380 شخص
بانتظار تنفيذ حكم الاعدام ومن مختلف اطياف الشعب العراقي العرب والكرد
والكلدوآشوريين والتركمان المسلمين والمسيحين واليزيديين والصابئة ومن
بينهم المناضل الشيوعي نشأة فرج والسيد حسين الشهرستاني وزر النفط الحالي
وسماحة السيد عمار الحكيم رئيس مؤسسة شهيد المحراب ومن رفاق مسيرته ومن
بينهم الثالوث القومي المقدس مؤسسي الحركة الشهداء الابطال ( يوسف – يوبرت
– يوخنا ) مكث معهم لمدة شهر و لحد اعدامهم وكان شاهدا حيا على صلابة
ايمانهم الفولاذي حيث كانوا يلقون محاضرات في علم السياسة وشرعية قضيتنا
القومية والتي يجب ان تصل الى المحافل الدولية والراي العام العالمي
لمناصرتها وبالتالي استحصال كامل حقوقنا دستوريا وان توحيد شعبنا من
الاهداف المقدسة في نهج زوعا وان تلك الايام لاتنسى من الذاكرة لقد كانوا
هؤلاء الابطال اناس خياليون ذاقوا فصولا اسطورية من العذابات المتنوعة ولم
يتزحزح ايمانهم قيد انملة ، وقال انهم كانوا يكررون دائما بانهم سوف يعمدون
الحركة بدمائهم الطاهرة لكي يشرعون نضالها ويثبتون بالدليل القاطع ان
الحركة تنظيم سياسي دشن نضاله بكوكبة خالدة من الشهداء ،كما ان السيد
المسيح بذل ذاته على الصليب من اجل خلاص البشرية وكانوا اشداء متماسكين
فولاذي الايمان لم يهابوا الموت اطلاقا بل كانوا يرددون انشودة قومية لدى
اعتلائهم خشبة المشنقة ولم يطأطوا هاماتهم العالية للجلادين الذين ضاقت بهم
السبل وباسوا في استمالتهم الى الخضوع والخنوع ونزع الاعتراف منهم ،وفي 3
شباط 1985 دخل الجلاديين للزنزانة فقرا احدهم قائمة بالاسماء المزمع
اعدامهم ذلك اليوم وكان الاسم الاول للشهيد الخالد يوسف توما الثاني يوبرت
بنيامين والثالث يوخنا ، وبعد التوديع بالاحضان والقبلات قال الرفيق عبد
الاحد للشهيد يوسف ( يا ليت لو كان اسمي ضمن قائمتكم الحالية لاحضى بهذا
الشرف معكم ) فرد عليه يوسف عليه ؛( كلا يا رفيق عبد الاحد من يعرف بالظروف
بعد ساعة من المحتمل ان تخرج وان تكون شاهدا على شهادتنا ) وحينها فتح
الجلاديين باب الزنزانة وقيدوا ايادي الرفاق الى الخلف بعد ان ربطوا
الاكتاف بحزام الى الخلف ايضا لعدم اثارة اية حركة سعيا للتنفس اثناء
الاعدام ، وحينها قال احد الجلاديين من هو يوسف الزيباري ؟ فرد عليه الشهيد
انا هو ، عندها لكمه الجلاد على البطن ،، وعلى الحال رد الشهيد بلكمة كتفية
على صدر الجلاد ، عندها انهالوا عليه عشرين شخصا بالضرب واللكم ، وقتها قال
كلمته الماثورة ( سيبقى روؤسنا فوق مشانقكم حتى تسقط روؤسكم تحت اقدامنا )
وعلى اثرها صارت ضوضاء من قبل السجناء واثنائها القى الرفيق يوبرت قصيدة
باللغة السريانية ولم يتسنى للرفيق عبد الاحد التقاطها لشدة الضجيج ،وبعدها
اقتيدوا ضمن قافلة قوامها 23 سجين ونفذ حكم الاعدام بهم ، بعد امضاء اربعة
اشهر في هذه الزنزانة خفف الحكم الى السجن المؤبد ونقل الى السجن الخاص
بابو غريب ، وامضى رفيقنا اثناعشرعاما خلف القضبان ذاق خلالها الامرين ،
وفي 23 حزيران من عام 1996 صدر عفو عام بمرسوم جمهوري، عاد الى اهله ورفاق
مسيرته بهمة ونشاط لا يعرفان الكلل او الملل ، ليرتقي الى عضوية اللجنة
المحلية بزاخو ومن بعدها الى درجة كادر متقدم ومسوؤلا لمحلية زاخو وخلال
عملية حرية العراق 2003 شارك بالجهد العسكري للحركة وبفتح مقرات في المناطق
المحررة فاستقر به المقام في قرية تللسقف ليكون مسوؤلا للجنتها المحلية ،
ومن ثم رقي الى درجة مرشح للجنة المركزية ومسوؤلا لفرع سنحاريب في قضاء
تلكيف ، ومن ثم نقل الى مكتب العلاقات العامة ببغداد ،ثم اعيد لمسوؤلية
لجنة زاخو رغبة لرفاق هناك ،ارسل الى الولايات المتحدة الامريكية ، وسوريا
ضمن مهام حزبية كان هذا لمناضل دمث الاخلاق شهم كريم مبدئي لم يعر أي
اهتمام بالمال والجاه والسلطة راسخ الايمان بقضية امته ووطنه وفيا لمبادئه
، كانت حياته داخل السجن وخارجه حافلة بالمواقف والاحداث الشاقة والنشاطات
المتميزة ،وفي شهر ايار من عام 2007 وبعد ان اشتد ت عليه وتيرة الامراض
المتعددة نتيجة التعذيب خلال المعتقل قصد ايران للمعالجة ، وهناك خضع
لعملية للقلب وعلى اثرها سقط هذا الرفيق شهيدا في 26 ايار2007 ونقل جثمانه
الطاهرة وهو ملحف بالعلم الكلدوآشوري الى ارض الوطن ليستقبل استقبال الملوك
من قبل اهله ورفاقه واحبابه وابناء شعبه ووري الثرى في زاخو ،ليسطر اسمه
بمداد من الذهب في سفرالخلود ،المجد كل المجد لرفيقنا الخالد عبد الاحد
فرنسو يوم ولد ويوم ان يبعث خالدا مع الابرار والقديسين.
|