انعقاد مؤتمـر إحيـاء الـدور المسـيحي فـي المشـرق بلبنان
زوعا - متابعات "
جريدة السفير اللبنانية"
بين تراجع الدور المسيحي في الشرق كثمرة بديهية لخفوت الوجود
بسبب سواء «ضعف الدولة» أو «استرخاء المسيحيين»، وفي الحالين النتيجة
واحدة، راوحت جلسات مؤتمر «إحياء الدور المسيحي في المشرق العربي» الذي
نظمه مركز عصام فارس ليومين في الجامعة الأميركية في بيروت. صحيح أن
البطريرك الماروني نصر الله صفير «خذل» منظمي المؤتمر لعدم حضوره الشخصي
والذي كان أضاف على ألقابه لقب «أول بطريرك يحاضر في بيروت الغربية» إلا أن
كلمته التي تلاها المطران سمير مظلوم أتت على درجة من الأهمية لناحية
دعوتها الى «تعميم التجربة اللبنانية في الأٌقطار العربية»، من جهة،
وتطلعها، من جهة أخرى الى النهل من خلاصة جلسات المؤتمر لتوظيفه في خدمة
الاستحقاق الأول من نوعه الذي ينتظر مسيحيي الشرق الشهر المقبل أي «سينودس
الأساقفة من أجل المشرق».
حظي العنوان
المسيحيي للمؤتمر بحضور سياسي لافت للانتباه تقدمه ممثلون عن رؤساء
الجمهورية والحكومة ومجلس النواب وفعاليات ديبلوماسية وروحية ونقابية
وإعلامية وأكاديمية. في كلمته الافتتاحية التي تلاها باسمه مدير المركز
السفير عبد الله بو حبيب، توقف نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس
عند «الإرهاب الديني الذي يغزو العالم والذي يفرض تأكيد حق كل ديانة بتمسك
أتباعها بخياراتهم الحرة في معتقداتهم وشعائرهم والتعبير عنها وفقاً
للمبادئ الإنسانية». وتابع منطلقاً من صغر مساحة لبنان كبلد: «هذا اللقاء
الفذ بين أديانه ومذاهبه وهذا التفاعل الخلاق بين معتقدات أبنائه هو الذي
يعوّض عن مساحته وعدد سكانه ويحوله وطناً ذا دور ورسالة».
وبعد تقديم من
الدكتور رغيد الصلح الذي تحدث عن «البطريركية المارونية والبطريرك الذي ولد
قبل تسعين عاماً»، تلا المطران مظلوم كلمة صفير الذي أكد أن «الحضور
المسيحي الفاعل في دول المشرق العربي يتطلب إعادة الاعتبار الى التجربة
اللبنانية بأبعادها القائمة على الديموقراطية والعيش المشترك والمساواة بين
جميع المجموعات الطائفية ومحاولة تعميمها بالقدر الممكن على الدول
العربية». ودعا الى «تنسيق المبادرات الآيلة الى الحفاظ على الدور المسيحي
ومتابعتها في إطار جامعة الدول العربية ومؤسساتها أو غيرها من الأطر
الموجودة أو تلك التي يمكن استحداثها»، لافتاً الى أن «متطلبات الحفاظ على
الدور المسيحي في العالم العربي ليست صعبة متى توافرت النيات الرسمية
الحسنة». وختم: «إن دور الأنظمة العربية يتلازم مع ضرورة التزام دولي
بالإحجام عن السياسات التي تشعر أي فئة من فئات المنطقة بالغبن والاستهداف
أو الخضوع لعدالة الكيل بمكيالين كما يجري في العراق وفلسطين لما في ذلك من
تأثير على وضع المسيحيين». ثم ألقى المؤرخ الدكتور كمال الصليبي محاضرة عن
تراجع الدور المسيحي في المشرق العربي (نشرت في عدد «السفير» أمس الأول).
وفي الندوة
الأولى، التي أدارها الزميل أنطوان سعد تحت عنوان «تراجع الدور المسيحي في
المشرق العربي» تحدث الوزير طارق متري فرأى أن «تراجع أدوار المسيحيين متصل
بضعف الدولة أو إضعافها ومعها المواطنة والمساواة لكن الرد يأتي بالتمسك
بالدولة وبتأكيد المواطنة بديلاً من إعادة اختراع العصبية الطائفية رداً
على الصعبيات الأخرى». أما الاستيقاظ على الموضوع المسيحي فجاء متأخراً،
برأي العلامة السيد هاني فحص الذي أشار في مداخلته الى ان «الدولة المدنية
كانت وما زالت الحل»، داعياً الى أن «تصبح لدى المسلمين عقيدة بأن
المسيحيين والمسيحية في لبنان وسوريا والعراق والأردن وفلسطين وتركيا وحتى
باكستان هما ضرورة وعلامة وطنية فارقة».
وتميزت الندوة
بمداخلات عربية لكل من رئيس تقرير الحالة الدينية في مصر الدكتور نبيل عبد
الفتاح الذي توقع «احتمال تزايد التوترات الإسلامية – المسيحية في الأجلين
القصير والمتوسط ريثما تتم بعض الاستحقاقات السياسية المصرية الهامة ومنها
انتخابات مجلس الشعب والرئاسة». بالإضافة الى أستاذ الفكر العربي في جامعة
الأردن الدكتور فهمي جدعان الذي رأى أن «إرساء دعائم المواطنة هو المدخل
الأنجع لمعالجة تراجع الدور المسيحي في المشرق العربي»، مشدداً على أن
المطلوب «أن تتجه المؤسسات التربوية والتعليمية العربية في مختلف الأقطار
العربية والإسلامية الى تدريس المسيحية في مراحل التعليم الأساسي».
ومن الجامعة
الأميركية الى مبنى المركز في سن الفيل، استكمل المؤتمر جلساته في يومه
الثاني الذي ناقش توجهات القيادات الرسمية العربية والدينية الإسلامية إزاء
إحياء الدور المسيحي في المشرق العربي. وتركزت كلمات المشاركين في الجلسة
الأولى على ضرورة التعاطي مع قضية المسيحيين في المشرق العربي من منطلق
المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات. وتحت عنوان «توجهات القيادات
الرسمية العربية»، تحدّث، في الجلسة الثانية، كل من الوزير السابق ابراهيم
شمس الدين والسفير فؤاد الترك والأمين العام للجنة الحوار الإسلامي المسيحي
الدكتور محمد السماك والباحث المصري سمير مرقص وأدارها رئيس الرابطة
السريانية حبيب افرام. أما الجلسة الثالثة تحت عنوان «توجهات القيادات
الدينية الإسلامية في المشرق العربي» فتحدث كل من الوزير السابق روجيه ديب
ورئيس الفريق العربي المسيحي - الإسلامي للحوار القاضي عباس الحلبي وعضو
المجلس السياسي في حزب الله غالب بو زينب وأدارها المدير العام السابق
لوزارة الإعلام محمد عبيد.
|