آشور بيت سركيس يعزف على
أوتار الحياة سيمفونيات خالدة
و يكتب بمداد
الروح معلّقــات الســماء..

فهد اسحق
تحملني أنفاس هذا الإنسان الفارس القادم من
خلف روابي فردوس الله على حصان ثائرإلى القمم حيث النسور تبني أعشاشها، حين
يحمل بيده اليمنى وردة بنفسجية ، وبيده اليسرى وسام رسالة الفن الأصيل
الذي أبى أن يسلّـّمه إلّا لمن يستحقه بجدارة.
آشوربيث سركيس...!
الإنســان الشاعر الذي انساب منذ البدء عبر
أوردة الروح و سكن بؤبؤ القلب و عشعش في خلايا الذات منذ أن غنى: بيت نهرين
أتريوات، جونقان سوكول..و إلى ما هنالك من تراتيله السماوية الرائعة،و
الخالدة في ضمير الحياة.
آشور سركيس حمل هموم أمته في أعماق قلبه،
فأبدع في كتابة الأغنية القومية و تفرّد في زخرفة الأغنية العاطفية و
الإنسانية حتى احتل عرشها عن حق و بجدارة قلّ مثيلها.
لو جلست مع آشور بيت سركيس لقرأت في نظراته
تاريخ وطن جريح ، و لمست في تجاعيد وجهه آثار اللوعة و الحزن لأمّته
الساكنة في مواطن ذاته الحيّة ،و أحسست من خلال حديثك معه بنبوءة شاعر غير
عادي يُسكِنك في هيكله ، و يجعلك تتأمــل ، تعيش في دنيا ليست كدنيانا.
شعره الغنائي الآشوري المنبثق من ينابيع محبته العظيمة و الساكنة في فؤاده
الصغير يسير متدفقاً من شلّالات صمته الصارخ ليسير جداولاً عبر سهول الروح
ويُنبت ياسمين الأمــل وبنفسج الهدف
آشور عندما يكتب يحاور آلهة الشعر قبل أن
يتلو القصيدة، و عندما يغني يستأذن طيور السماء، و عندما يبكي تمسح
ملائكة السماء دموع وجناته ، لينبت ربيع النخوة و المروة و الشجاعة في
روابي قلبه و قلب شعبه اليائس، الباحث عن قطعة خبزٍ على مائدة الحياة.
آشور بيت سركيس و بعد انقطاع فترة زمنية
لابأس بها عاد إلينا و في جعبته إثنتي عشرة رسالة (أغنية) سطّرها بدموع
العين على صفحات زمننا هذا ، هذا الزمن الذي تناسينا فيه قيّم المحبّة ، و
وضعنا قوارب الأمل في سرير نهر اليأس الخامل ، لتحملها رياح الخلاف
والعناد الغير مجدي إلى بحار التفرقة، هذا الزمن الذي أصبحنا فيه نتهاون
بنظرتنا للمستقبل، و نهمل البراعم التي تنتظر منّا ربيع العناية و مطر
الدفء و الرعاية.
(سهل نينوى)
أولى رسائله الرائعة و التي يحملك بشعره
الفذ إلى سهل نينوى و قبل شروق الشمس لتشارك أحبّة القلب معاناتهم ،
طموحاتهم، أهدافهم،مسيرة كفاحهم ، و رغيف حياتهم .
الحب عنده فضيلة و هبة مقدّسة من الله و إن
كان قد خيّب ظنّه الآن ، إلّا أنه أرسى زوارق معاناته في ميناء الفؤاد
الذي غنى هو الآخر له و شكاه و شاركه همومه.
همس للعصافير بأنّ عائدون لا محالة بعد
الرحيل، بعد أن بان بأن فتات الخبز لم يعد يكفي الإنسان و الطير معاً، سماء
الوطن ستعود صافية ليحلّق الطير حرّاً كما اعتاد لا طيور الحديد و العتاد..
الأسير العائد ، و بعد مرور سنين عديدة على
الأسر يتفاجئ بوجود قبر له حفر اسمه كشهيد بطل ، و قد فارق الوالدة و
الوالد الحياة بعد سماع خبر استشهاده الذي كان قد وصل إليهما كنبأ كاذب.
البلبل الذي يعشق القفص و يحس فيه بسعادة
دائمة ، فهو دائم التغريد و الغناء ، و يفضّله على مملكة إنسان غني يملك
كل شيء ، لكنه غير سعيد.
الأم مدرسة الحياة ، كيف عاش آشور اللحظات
بعد رحيلها ؟ صوره الرائعة في تلك القصيدة تحملك إلى مساحات حنانها و
مدارات نجومها، إنّه يراها كلّ يوم بين تلك النجوم التي لا تنطفئ أبداً.
فلسفة رائعة في مجمل قصائده تحمل الإنسان في
متاهات أسئلة لا نهاية لها عن كينونة الكون و ماهيته.
حدائق و محطات للعشق عديدة أبدع فيها آشور
الشاعر و المطرب ، فقدم لنا باقات عطرة من أغاني الحب و الهيام، لكن عطرها
هذه المرّة كان مميزاً جداً و نادراً...قلّما نجده بين أغاني هذا الزمان..
رسائل آشور بيت سركيس هي منوّعة ،
عناوينها مميّزة وواضحة ، و تعابيرها سلسة . تقودك أبياته الشعرية إلى
لوحات سماوية رسمتها ريشة فنّان مبدع أحسّ و عاش الواقع فأبدع في رسم
الصور بالكلمات و الألحان، و قد أسميتها برســائل لأنّك ستلمس من خلالها
معاني و عبر، و أجمــل ما يمكن أن ينقله الإنسان البارع عبر أحاسيسه إلى
أخيه الإنسان.
لم يعاشر آشور سركيس سوى : الحب والسلام ،
النخوة و الشجاعة ،الحزن و اليأس، الصبر و المعاناة، التضحية و البسالة
،الأمل و الرسالة، و لهذا جاءت رسائله بهذا الشكل و القالب الجميل ممزوجة
بكلّ ما ذكر.
قاموسه رمز حي ، و أرشيف ٌخالد لمكتبة
الشعر الغنائي الآشوري ، بدأ بثورة مميّزة في ساحات الشعر ليلقي بقصائده
الغنائية السهلة الممتنعة كمصيدة لكل فكر أو قلب متعطّش للقصيدة الملقاة
بأسلوب غنائي قصصي نادر و لحن فريد.
آشور بيت سركيس قبل أن تلفظه الحياة شاعراً
وفنّاناً و ملحّناً ، لفظته إنساناً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى و
صقلته هذه الحياة بمرّها و حلوها بتلك الصفات التي أعطته صفة الألوهة.
في قلبه هموم أمّة عظيمة قدّمت للبشرية
الكثير، و محبة كبيرة كبر محبّة فادي البشر..
آشور بيت سركيس قدّم و لا زال للقضية
الكثيرو الجمــيل بأسلوبه المثير.
أدعوكم لتحكموا بأنفسكم بعد أن تستنشقوا
سماعيـاً لهذه الباقة العطرة عبر رسائله تلك و التي تقدّم لأول مرة باسلوب
أكثر من رائع .
و قد أحببت أن أدوّن إحدى أغانيه التي
سحرتني: (كتاوا كو شوشا) في نهاية مقالتي هذه و التي أتمنى أن تنال رضاكم
.
في : دشتا د نينوى ( سهل نينوى)
راقص آشور نجوم الروح ، و أطرب غيوم القلب
فأمطرت سمائه: دموع فرح ممزوجة ببــَرد أمــل.
من القلب نقول للفنان و الشاعر آشور بيت
سركيس:
حييت يا فارس الغناء و يا ملك القصيدة ،
فقد رششت برذاذ أنفاسك في سهول قلوبنــا لتُســكن فيهــا زوابع
التنهــــيدة.
مبروكٌ لنــا جميعــاً الألبوم الغنائي
الجديد 2008
(دشتا د نينوى)
من كلمات و ألحان و غنــاء
آشور بيت سركيس
|