الناس في حركـة تنقـل
(تحركات البشر في القرن
الواحد والعشرين)

بقلم :
أنطـونيو غوتيريس
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
جنيف
-- سيتسم القرن الواحد والعشرون بحركة تنقل للبشر من بلد الى آخر ومن قارة
الى أخرى. فقد قارب عدد الذين يعيشون خارج أوطانهم حوالي 200 مليون شخص،
وهو ما يوازي تعداد سكان البرازيل، خامس أكبر بلد في العالم.
وبالنظر الى المستقبل، يبدو مؤكدا أن العالم سيشهد أنماطا جديدة وأكثر
تعقيدا من النزوح والهجرة. فتغير المناخ والكوارث الطبيعية سوف تجعل الحياة
غير مستدامة بصفة متزايدة في بقاع كثيرة من الكرة الأرضية. كما أن الفجوة
المتنامية بين الفائزين والخاسرين في عملية العولمة سوف تدفع بملايين
إضافية للبحث عن مستقبل لهم خارج بلدانهم الأصلية. كل هذه التطورات خلقت
عددا من التحديات للمجتمع الدولي.
أول هذه التحديات ينبع من الطبيعة المتزايدة التعقيد للتحركات البشرية نظرا
لأن غالبية الناس المتنقلين هم من المهاجرين الذين غادروا بلدانهم الأصلية
لعدم قدرتهم على الحفاظ على موارد رزقهم في أوطانهم ولكون عملهم مطلوب في
أماكن أخرى. وهناك آخرون ممن أُجـبروا على مغادرة ديارهم نتيجة للاضطهاد
والنزاع المسلح. ووفقا للقانون الدولي، فإن هؤلاء الناس يعتبرون لاجئين،
ويتم منحهم حقوقا محددة بما في ذلك حمايتهم من العودة قسـرا الى بلدانهم
الأصلية. إن مسؤولية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين تكمن
في الدفاع عن حقوق هذه الفئة الأخيرة من البشر (اللاجئين)
ويوجد في مناطق كثيرة من العالم لاجئون ومهاجرون يسافرون جنبا الى جنب،
يمضون في نفس الطريق، ويستخدمون نفس وسائل النقل ويفتقدون لجوازات السفر
والتأشيرات التي تطلب منهم الدول أن يحملوها.
مثل تلك التنقلات "غير المنتظمة" دفعت عدة دول الى وضع قيود جديدة لقبول
الأجانب. ومن المؤسف أن هذه الإجراءات كان لها الأثر في حرمان اللاجئين من
التماس الأمان الذي يحتاجون اليه. لذلك، ينبغي علينا ضمان أن تمكن النقاط
الحدودية الناس من ممارسة حقوقهم في طلب اللجوء والتمتع به في دول أخرى.
أما التحدي الثاني، وهو تحدٍ خارج ولاية المفوضية، فيتمثل في منح فرص أكثر
للناس للتحرك بطريقة آمنة وقانونية.
لقد اعترفت معظم الدول الآن بحاجة البضائع والخدمات ورؤوس الأموال
والمعلومات للمرور بحرية فيما بين الحدود الوطنية. لكن الحكومات تتخوف من
تطبيق نفس المبدأ بالنسبة لتنقل الأشخاص، حتى لو كانت بحاجة واضحة للعمالة
المهاجرة الأمر الذي نتج عنه نمو ضخم في انتشار صناعةٍ هدفها وفائدتها تكمن
في الاتجار في البشر وتهريبهم عبر الحدود الدولية. وبالإضافة للحد من مثل
هذه النشاطات فإن على الدول أن تنظر في فتح قنوات جديدة والتوسع في البرامج
القائمة للهجرة الشرعية.
وبالإضافة الى خفض عدد المهاجرين غير النظاميين الذين يستفيدون من نظام
اللجوء، فإن مثل هذا العمل ربما يعود بفوائد اقتصادية جمة على الدول
المستقبلة. إذ يمكن أن تكسب هذه الدول من وراء وجود عمالة مهاجرة شابة
ونشيطة وتدفع الضرائب.
إن القوى التي تدفع بكثير من الناس الى الهجرة تمتد جذورها عميقا داخل
الاقتصاد العالمي ومن الوهم أن نعتقد بأنه يمكننا خفض أعدادهم في هذه
المرحلة الحالية والفعالة من العولمة.
لذلك فإن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لمنع ظهور مواقف تضطر فيها الناس
الى مغادرة ديارهم نتيجة لانتهاكات حقوق الإنسان أو النزاع المسلح أو نكبات
أخرى تمزق حياتهم ومواردهم المعيشية.
اذا كان ينبغي مواجهة هذا التحدي الثالث بطريقة فعالة، فإنه يتوجب بذل جهود
جادة لدعم أشكال التنمية التي تتجاوب مع محيطها في الدول التي يهدد فيها
الصراع من أجل البقاء الإيصال الى العنف. وفوق كل هذا، فإنه ينبغي تشجيع
ودعم الحكومات في كافة أرجاء العالم من أجل حماية حياة ومصالح مواطنيها،
ليتمكنوا من أن يعيشوا حياةً ملؤها السلام والازدهار في بلدانهم الأصلية.
عندما يتنقل الناس من بلد الى آخر، عليهم أن يفعلوا ذلك بكامل اختيارهم، لا
لأنه السبيل الوحيد المتبقي لهم للبقاء على قيد الحياة.
نبذة عن حياة السيد انطونيو غوتيريس
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون
اللاجئين
التحق السيد أنطونيو غوتيريس المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين
بالعمل بالمفوضية فى 15 يونيه/ حزيران 2005، خلفا للسيد رود لوبرز الهولندى
الجنسية. وقد انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة السيد/ غوتيريس، الذى
عمل رئيسا لوزراء البرتغال سابقا، لولاية مدتها خمس سنوات، وهو يعد المفوض
السامى العاشر الذى يشغل منصب رئيس المفوضية.
وباعتباره مفوضا ساميا، فهو يرأس واحدة من كبرى الوكالات العاملة فى مجال
المعونة الإنسانية فى العالم، حيث يعمل بها ما يزيد على 6000 موظف ينتشرون
فى أكثر من 115 بلدا لتوفير الحماية والمساعدة لنحو 17 مليونا من اللاجئين
وغيرهم من الأشخاص الذين يدخلون فى نطاق اهتمام المفوضية. ويصل إجمالى
ميزانية المفوضية لعام 2005 إلى ما يزيد على مليار دولار.
وصرح السيد غوتيريس لدى وصوله إلى المفوضية لأول مرة قائلا للعاملين بها
بأنه التحق بالعمل بالمفوضية وهو يشعر بالاقتناع والتواضع والحماس.
"الاقتناع لأننى أؤمن حقا بالقيم الجوهرية للمفوضية وأرغب فى النضال لكى
أجعلها تسود العالم بأكمله. والتواضع لأننى مازال أمامى الكثير الذى أحتاج
لتعلمه، وسأعتمد عليكم جميعا لتحقيق ذلك. والحماس لأننى لن أستطيع اختيار
قضية أكثر نبلا للكفاح من أجلها".
وقضى السيد غوتيريس، قبل توليه منصبه بالمفوضية، ما يربو على 20 عاما من
العمل فى الحكومة والخدمة العامة. فقد عمل رئيسا لوزراء البرتغال فى الفترة
من 1996 إلى 2002، قاد خلالها الجهود الدولية التى بذلت لوقف الفظائع
الوحشية التى ارتكبت فى تيمور الشرقية. وشارك بصفته رئيسا لمجلس أوروبا فى
أوائل عام 2000، فى رئاسة مؤتمر القمة الأوروبى – الأفريقى الأول، والذى
أسفر عن إقرار ما أطلق عليه "جدول أعمال لشبونة". كما أسس المجلس البرتغالى
لشئون اللاجئين فى عام 1991، وكان أحد أعضاء مجلس دولة البرتغال من 1991
إلى 2002
وكان السيد غوتيريس فى الفترة من 1981 حتى 1983 عضوا فى الجمعية البرلمانية
لمجلس أوروبا، وكذلك رئيسا للجنة المعنية بالشئون الديمغرافية والهجرة
واللاجئين. وعلاوة على ذلك، فقد لعب دورا نشيطا فى منظمة "الاشتراكية
الدولية"، حيث شغل منصب نائب رئيس المنظمة فى الفترة من 1992 حتى 1999 قبل
أن يتولى رئاستها حتى يونيه/ حزيران 2005.
وقد ولد السيد غوتيريس فى أبريل/ نيسان 1949 فى لشبونة وتلقى تعليمه فى
المعهد العالى للتكنولوجيا، الذى يشغل منصب أستاذ زائر به.
وهو متزوج ولديه طفلان.
|