الثاني عشر من نيسان البدء والخلق والاقتحام
هرمز طيرو
ثلاثون عاماً من التاريخ المجيد للحركة الديمقراطية الأشورية هو نتيجة
الأيمان الدائم ، أنه في حسابات الزمن ربيع السنوات التي لا يطالها الخريف
ابداً ، فالحركة التي تأسست على الأبداع ، زرعت منذ السبعينات من القرن
المنصرم البداية والبشارة وفي الثمانينات المنهج والشعار ، وصاغت في
التسعينات الفكر الوحدوي ، وتعيش الأن مرحلة التطبيق للوعي الجماعي على
الساحتين الوطنية والقومية .
منذ البدايات الأولى ، حيث حدد المؤسسون الأوائل ، أولى الأحلام
الثورية ، حيث لم تكن الثقة بالنفس راسخة بعد ، لا في فكر الأمة ولا في
وجدانها ، ومع ذلك استطاع هؤلاء الرواد من زرع البذرة الأولى للفكر
والأيمان ، فكبرت الشجرة ، وفي 12 / نيسان / 1979 أينعت ثمارها وولدت
الحركة الثورية النضالية والتي سميت بالحركة التاريخية ( الحركة
الديمقراطية الأشورية ) حركة البدء والخلق والاقتحام .
في كركوك والموصل ثم بغداد ، ومن خلال عقد عدة جلسات سرية ومنفصلة ،
كانت البداية ... وفي كل المناطق التي يتواجد شعبنا فيها في العراق والعالم
كله ، كانت الافكار وكان النهج والمبادىء تنتشر ، وكان المؤسسون قد برهنوا
مع تطور الاحداث وتقدم الزمن ، أنهم لم يكونوا يحلمون بالقادم من الأيام
بموجب تداعيات الواقع النظري المجرد ، بل كانت أحلامهم ذات أبعاد النظرية
الثورية المرتبطة بفهم مفاصل الوجود وتطور قوانين المجتمع ، وكان ضياءهم
الأنقى ينبثق من ضمبر الأمة بما يحمله من أفاق رحبة في الصفاء والتطور
والنمو .
وكذلك ، ومنذ بدايات التأسيس بلور الرفاق في الحركة الديمقراطية
الأشورية " زوعا " المفاهيم السياسية التالية :
* وحدة الأمة .
* وعي في محاربة الطائفية والتعصبية .
* أنقلابية الفرد على واقعه المتشتت والمجزاء .
* بناء مجتمع ذو بنية فكرية ( أستقلالية ) وثقافة ديمقراطية ( وحدوية )
.
اذن ، ( الأنقلابية ) و ( الفكر المستقل ) و ( الثقافة الوحدوية ) لم
تكن مفردات مبهمة لدى الرفاق المؤسسين ، بل كانت تعني لديهم مفهوماً جدلياً
ترتبط بالحياة العامة ثقافياً وسياسياً وأجتماعياً . والحركة لم تكن في يوم
من الأيام خارج إطار الأنسان الكلداني السرياني الأشوري وشخصيته وفكره
وأفعاله ووعيه ، ومن هنا جاءت صياغة الشعار الجليل " عراق ديمقراطي حر ،
الإقرار بالوجود القومي الأشوري " ، إيماناً بجدلية النضالين الوطني
والقومي وأعتبار أن هذه الجدلية تشكل منظومة وطنية وقومية واحدة ، ويشكل كل
منها للأخر عمقاً أستراتيجياً .
واستطراداً ، يمكن القول بأن الحركة الديمقراطية الأشورية ومنذ أن عقدت
كونفرانسها الأول قد بلورة رؤية سياسية جديدة التي تجلت في قناعات المتأثرة
نضالياً بروح العصر وكانت تقوم على ثلاثة مقومات تاريخية وجيوبوليتيكية
مترافدة التأثير والتأثر وهي :
اولاً : الإيمان المطلق بوحدة الأمة الكلدانية السريانية الأشورية الذي
تدعمه أقوى الروابط التاريخية واللغوية والثقافية والدينية والطبيعية .
ثانياً : الإيمان بالتلاحم في قضية الأمن القومي وتأمينه من كافة
النواحي الفكرية والثقافية والأجتماعية .
ثالثاً : الإيمان بالأستقلالية في اتخاذ القرارالسياسي والأعتماد على
ذات الأمة وروح الجماهير المناضلة .
وأذ ارتبطت اطروحات الحركة – زوعا بأسلوب علمي جدلي تحقيقاً للإيمان
الأول ، كانت موضوعة " الأنسان وحرية المجتمع الكلداني السرياني الأشوري
ونضاله الثوري القومي وربطه بالنضال الوطني " من اساسيات فكر الحركة
الديمقراطية الأشورية ، بالإضافة إلى كونها مهمة أستراتيجية .
أن السياق التاريخي لتطور الحركة القومية وأنطلاق فكر جديد ، هو فكر
الحركة – زوعا تجعلان ما حصل بين أبناء شعبنا وأمتنا من انتشار أخاذ لفكر
زوعا ، شيئاً طبيعياً ومنطقياً ، اذ في تحديات المصيرية والولاءات لمرجعيات
متعدة ، والأرتباطات المذلة وظلامها بالأخرين ، وخلو الساحة القومية من
القوة المؤثرة ذات الولاء الخالص للأمة ، أنبثقت الحركة الديمقراطية
الأشورية كحركة تاريخية معبرة عن عقل وضمير الأمة ، معتمدة على الجماهير
ايماناً بدورهم كعامل مهم لحركة المجتمع ، ومنبثقة عنها كديمومة وصيرورة
وتطور ، وقد حققت فعلاً التوازن المطلوب بين النظرية الثورية والطموح
الثوري التي بشرى بها المؤسسون الأوائل ، ولم يكتفوا بذلك بل صنعوها .
وها هي الذكرى الثلاثون لتأسيس الحركة الديمقراطية الأشورية " زوعا "
التي تمثل بعد النهوض الجبار الأمثولة البهية على مستوى " البدء والخلق
والأقتحام " بالإضافة إلى الأقتدار والأستقلالية ، لأنها حققت توازنها
الجمعي بين الاحلام والواقع ، بين المبادىء والتطبيقات ، لحساب شعبنا
وأمتنا وبواسطتهما لا غير .
أن تركيبة الاحلام الأولى التي صاغها المبشرون والدعاة نهار يوم الثاني
عشر من نيسان عام 1979 وحتى الأن ، قد تمخضت عن بطولات وتضحيات ، وها هي
أمجاد شهدائنا الأبرار ونضالات جماهير شعبنا تزهو بمسيرة الحركة - زوعا
وتزهو بانجازتها .
مجداً للثاني عشر من نيسان 1979 .
مجداً لشهداء الأمة .
مجداً ووفاء للشهداء المؤسسين ( يوسف ، يوبرت ، يوخنا ) في ذكرى تاسيس
زوعا ، الذين استشهدوا وهم يحلمون ب " عراق ديمقراطي حر .. الإقرار بالوجود
القومي الأشوري " ، والشعب الكلداني السرياني الاشوري سوف لم ولن ينسَ
شهادة هؤلاء القادة ، ولا الكواكب الأخرى من الشهداء جميل متي ، شيبا ماهي
، يوسف زادوق ، أمير روئيل ، نشوان سمير ، بيرس ميرزا ، روفائيل ننو ، غسان
حنا ، ماجد لويس ، فرنسيس يوسف ، سمير موشي ، زيا يونادم ، كمال يعقوب ،
أيشو موشي ، القس بنيامين هرمز ، روميو أيشو ، فائز كجو ، وائل يوسف ، ماهر
منيب ، منذر كوركيس ، نجاح يعقوب ، نينوس نيسان ، يوسف نبيل ، داني نينوس ،
جوني يوخنا ، وردا صليو ، سركون أشور .
وإلى الأمام
|