لقاء مع الشماس شامل نعوم من كركوك

اجرى اللقاء / عامر بولص
في اول لقاء من كركوك يسعدنا ان نلتقي مع
شخصية كركوكية قلعاوية الاصل والنسب مع شماس ومثقف وكاتب بلغات عديدة ولد
في القلعة وعاش في القلعة وذكرياته كما هي وان كانت ذاكرته لا تسعفه بعض
الشيء الا انه كان يصحح اخطائنا في مسائل تاريخية بالرغم من انه تجاوز
الثمانين .. في لقاء جمعنا وجه لوجه مع السيد (الشماس شامل نعوم القلعاوي)
لم نفاجأ بالترحيب الرائع الذي لمسناه منه فهو كما قيل محب لابناء شعبه
ومحب للآخرين من كل القوميات... وان قمنا بتعديد فضائله فانه الاروع في
كلها انه يتحدث ويقرأ السريانية والتركية والعربية وايضا الكردية
والانكليزية وبطلاقة قل نظيرها . هل اكون مخطأ لو وصفته بالنموذج الوطني ..
وهل ابالغ لو وصفته بالنموذج العراقي الاصيل بالتأكيد هو اكثر من ذلك ...
الشماس شامل نعوم ... بدءا وانت اليوم
وقد خطوت الثمانين من العمر ذكرياتك عن حياة ابناء شعبنا في القلعة ؟
القلعة قبل كل شيء بنيت في عهد الملك حمورابي وسميت (ارابخا )
وهناك تسميات قريبة لها ارابخو وارابخيتا. القلعة تعرضت لهجمات اليونانيين
مثل سلوقس ابن الاسكندر المقدوني حيث احتلها وسميت بعد ذلك (كرخا داسلوق)
أي منطقة السلوقيين ( حيث ان كرخا هي لفظة ارامية تعني المنطقة او المحلة)
. في القلعة كانت توجد كنائس عديدة منها كنيسة مريمانة وقد بنيت فوقها جامع
النبي دانيال . ويذكر في التاريخ بان الملك نبوخذ نصر جلب اليهود ومنهم
النبي دانيال الى هذه المنطقة ومنهم ايضا حننيا وعاريا ميشائيل . وهناك
مراقد لحننيا وعازاريا في القلعة حيث ان هناك مدونات تذكر ان هؤلاء تعرضوا
للقتل على يد الفرس ابن الحروب بين الفرس والرومان والتي جرت على ارضنا في
العراق . وهناك كنيسة اخرى وتعتبر من اكبر الكنائس في المنطقة وهي كنيسة ام
الاحزان وهي كنيسة في وسط القلعة وجدا محترمة في بنائها لها قبة جدا عالية
ومن اعلى القبة سوف يجد الزائر كل معالم كركوك وقد بنيت في القرن السادس
عشر وبناها عبد المسيح ثيودورس وكان مطرانا لابرشيات كركوك والتي كانت تشمل
كركوك والسليمانية واربيل . في البداية الكنيسة كانت صغيرة وبعدها قام
بتوسيعها لتصبح كاتدرائية عظيمة وهناك كنائس بنيت على طرازها في القوش
واربيل وغيرها وهناك مطارنة مدفونين في سراديب هذه الكنيسة ولهم باب خاص
للدخول إليهم حيث انه كان المطران المتوفي يجلس على كرسي ويوضع صليبه في
يده كما لو كان جالسا على العرش فهذا كان احد الطقوس المتبعة لدفن المطارنة
الكركوكيين . حيث اننا نجد في احد الصور التي لدي صورة للمطران اسطيفان
جبري وهو جالس على كرسيه وصليبه في يده وكان الناس يتهافتون لرؤية الكنيسة
واخذ الصور التذكارية ، ونسيت ان اقول انه هذه الكنيسة كانت تملك ناقوسا
كبير جدا . وهناك ايضا كنيسة الحمراء حيث اطلق عليها هذا الاسم استنادا
للمذابح التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا في هذه المنطقة على يد الفرس والمغول
وغيرهم من الشعوب التي غزت بلدنا وتذكر المصادر انه تم قتل (120) الف مواطن
مسيحي في غضون (12) يوم . حيث ان في داقوق كانت هناك ابرشية وابرشيات في
البشيروطوزخورماتو وايضا في تسعين.. وكانت لكركوك (12 ) ابرشية . وتسكن في
القلعة قرابة (200) عائلة . وفي داقوق كان مركزا للاسقفية وهناك انس ملمين
بهذا التاريخ وبالاخص عائلة بابي الموجودة في هذه المناطق .
المنطقة كلها كانت تتحدث الكلدانية الارامية وتسمى السريانية
ايضا حيث كانت لغة المخاطبة والمكاتبات والمراسلات في حينها في الشرق
الاوسط ومناطق من اسيا .. وبعد مجي الاسلام اخذت اللغة العربية مكانها في
المراسلات والمخاطبات.
· كيف كانت معيشة العوائل المسيحية في
القلعة؟
كان الناس يعملون في حرف مختلفة فعلى
سبيل المثال كانت عائلة تملك الجمال مثل عائلة (الديوجي ) فكان عندهم قرابة
(100) راس من الجمال وكانت تستعمل في النقل وكانت تاتي بارباح هائلة وهي
بمثابة (100) سيارة حمل في يومنا هذا . وتستعمل في النقل بين سوريا والاردن
والعراق وتركيا ايضا . وهناك حادثة لهذه الجمال حيث في الحرب العالمية
الاولى تم نهب وسلب جمال عائلة الديوجي وتأثرت العائلة في ذلك كثيرا وهي
بمثابة خسارة التاجر اليوم في بضاعة تبلغ مئات الآلاف من الدولارات .
· ماذا حل بهذه العوائل القلعاوية اليوم ؟
قسم من العوائل موجودين والقسم الاخر
مبعثرين هنا وهناك .. فمثلا عائلة الديوجي قسم منهم ذهبوا وهاجروا بسبب
الاوضاع والقسم الاخر الضئيل موجود في بغداد وبعض منهم كما اعتقد موجودين
في كركوك مثل عائلة (صبحي الديوجي ) وهناك عائلة الهندي وهم يعودون الى
الهندية وهي منطقة قريبة من الحويجة وقسم من هذه العائلة شغلوا وظائف
مرموقة في كركوك مثل اندريا هندي الذي كان مديرا لحسابات الخزينة في وقت
العثمانيين كما كان هناك ايضا مدير الخزينة في عهد العثمانيين من عائلة
صرافيان وكان اصلهم من مسيحيي تركيا وعن طريق الحكومة التركية تم ارسالهم
الى كركوك وكانت اموال المنطقة كلها في خزينته وايضا توما هندي الذي كان
عضو مجلس ادارة محلية حيث انه كانت هناك مقاعد مخصصة لابناء شعبنا يتم
انتخابهم من قبلنا . ولقد عملت انا ايضا كعضو مجلس ادارة محلية .. وبالنسبة
لعائلتنا فان والدي كان (قابضاي اصلي) فكان محبا للمغامرة وعندما بدأت
الحرب العالمية الاولى التحق والدي بالحرب بالجيش العثماني وكم من مرة تعرض
للاعتقالات والسجن بسبب اندفاعه وحبه للمغامرة وحكم بالاعدام .. وفي حادثة
حكم والدي بالاعدام بانه قام بخداع العثمانيين ليتخلص من هذا الحكم عندما
قال لهم (ماذا سوف تستفيدون من اعدامي .. لاشي .. لكن ان تركتموني فسوف
اقتل على الاقل بعض من الجنود الروسيين ) وباسلوبه المراوغ هذا تخلص من
الحكم وامر الوالي باصدار العفو عنه .
· ماذا عن العلاقات بين الكلدان السريان
الآشوريين المسيحيين في كركوك ؟
كانت رائعة ومحترمة كنا نحن محترمين
ومحبين لبعضنا البعض وعندما عملت قي شركة النفط كنا نجلس مع بعض وبالاخص
بعض المسيحيين الذين جاءوا من تياري فقد كانوا يحدثوني عن مصائبهم في تلك
المناطق والتي كانت تشبه مصائبنا ايضا حيث تعرضوا لمذابح وتهجير وغيرها ..
فنحن كنا محترمين من قبل الجميع وفي كل دوائر الدولة وبالاخص في شركة النفط
حيث اننا كنا مجموعة لاباس بها ولم نكن قليلين كما نحن الان . واتذكر في
الشركة كان هناك ديفد اوراهام وكان بروتستانتيا وميخائيل يوخنا ولدينا
ذكريات جميلة معا . وانا في الحقيقة كل وقتي اعطيه للكنيسة وللمسائل
الثقافية والادبية . مثلا لدي مخطوطات كتبت بالكلدانية الارامية وبعضها
بالكرشوني وهناك مخطوطات كتبت بالحرف الارامي ولكن بلغة تركية ونسميها ايضا
الكرشوني ولكن لم تترجم وبالحقيقة قمنا بمحاولة ترجمتها ولكن لم يكتب لها
النجاح .
_ في نهاية لقائنا
مع الشماس العزيز شامل نعوم نشكره على اتاحته الفرصة لنا على امل اللقاء
مجددا وكما يقول المصريين( عقبال مئة عام للشماس ) .
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
|