مصالحة بين ابناء المالكية

نيافة المطران متى روهم : هنا في المالكية صنعتم يوماً عظيماً . . وقدمتم نموذجاً للسلام والتآخي

زوعا - كميل شمعون

               شهدت بلدة المالكية في أقصى شمال شرق سوريا حدثاً مهماً ، تمثل في مصالحة مصالحة بين ابناء المالكية في يوم الجمعة التي إعتبرها أبناء المالكية ( جمعة سعيدة ) 2 تشرين الثاني 2007 ، على خلفية الحادثة المؤلمة التي وقعت في نيسان المنصرم ، عقب مشاجرة بين شبان من الجانبين أودت بحياة شاب كردي وجرحى من الجانب الآخر ، وقد لعبت الأحزاب القومية الكردية والآشورية ( المنظمة الآثورية الديمقراطية ) حينها دوراً في محاصرة الموقف وأصدرت بياناً مشتركاً ، ساهم في تهدئة الخواطر ونزع فتيل أزمة كادت تزعزع قواعد الاخوة والتعايش بين شعبين متجاورين منذ قرون .

وكانت تداعيات تلك الحادثة  وما رافقها ، قد ألقت بظلالها على كل نواحي الحياة في هذه البلدة ، التي لم تبارحها أجواء التوتر حتى صبيحة يوم لقاء المصالحة ، حيث لاحت في الأفق بوادر المحبة والفرح بين الشعبين ، وتوجت بالزيارات المتبادلة بين الطرفين ، ولقاء  شاركت فيها جموع غفيرة من الأكراد والكلدوآشوريين والعرب في المالكية ، وقادمين من كل المناطق في الجزيرة السورية . يتقدمهم نيافة المطران متى روهم ، ووفود رسمية ، تمثل الدولة ، وأحزاب ومنظمات سياسية في سوريا . والمجالس الملية السريانية في ابرشية الجزيرة .

ومن الجدير ذكره الرعاية الأبوية لنيافة الحبر الجليل مار أسطاثيوس روهم مطران الجزيرة والفرات لهذا العمل التطويبي ( السلام ).

وقد أستهل حفل ولقاء المصالحة هذ بكلمات ، تحدث فيها عن الأحزاب الكردية كل من الأساتذة ، دارا أحمد ، محمد إسماعيل ، عبد الحميد درويش ، وقد تضمنت بمجملها إشادات بالعلاقة التاريخية بين الشعبين ، وبما تحقق في هذا اليوم وضرورة العمل يداً بيد لبناء مجتمع ووطن قائم على المحبة  و التسامح ، وسيادة لغة الحوار، والتأسيس لثقافة العيش المشترك وقبول الآخر  .

ودعا الشيخ محمد معصوم ديرشوي في كلمته الى السلام وشدد على ضرورة أن نكون أرفع من الفتنة وقيل إن هذا الشيخ كان قد صرح عقب تلك الأحداث ( إنني كنت أحس أن كل حجرة ترمى على منزل مسيحي وكإنها تصيب في صدري ) .

وعبر الأستاذ بشير السعدي مسؤول المكتب السياسي في المنظمة الآثورية الديمقراطية ، في الكلمة التي ألقاها أمام ذلك الحشد الغفير ، عن بالغ سعادته بهذا التجمع الكبير الذي ضم كل شعوب الوطن من آشوريين كلدان سريان وأكراد وعرب وأرمن ، من اجل بناء مجتمع يعم فيه الخير وتعم الحرية والمساواة ، بغض النظر عن الإنتماء الديني والقومي ، في ظل هوية سورية مشتركة تكون خيمة للجميع . وأعتبر السعدي حفل الصلح فتح صفحة جديدة ناصعة في تاريخ بلدنا ووطنا ، وإنها ستبقى في ذاكرة أبنائنا إلى الأبد ، وكما أعتبر هذا اليوم يوم انتصار لثقافة المحبة على ثقافة الكراهية ، وهو ناتج عن ثقافة ورثتاها عن أجدادنا .

وقد بارك نيافة المطران متى روهم مطران الجزيرة والفرات ، لقاء وحفل المصالحة هذا بكلمة مؤثرة ، إستهلها بكلمات موجهة لعائلة الفقيد ، ثم الى شعوب المنطقة واصفاً إياها ( إنكم شعبًُ حي يتألم في مناطق من العالم ، ولكن في المالكية شعبً يتسامح ويسموا للقيم الروحية والوطنية ، إهنئكم على هذه الروح التي تتمتعون بها )،  شاكراً النخبة في هذه المحافظة التي عملت دون كلل في سبيل أن يعم السلام.

وإن هذه المنطقة من العالم ، والشعوب التي تحيا بها ، وأجيالها المتعاقبة سوف يذكرون هذا اليوم كيوم عيد حقيقي يجب يحتفى به ، كي تستمر مسيرة هؤلاء الذين رسخو ا وأسسوا لثقافة المحبة والوحدة والتسامح والإعتراف بالآخر وحقوقه ، ثقافة يجب أن يبنى عليها وطن ، وتربى عليها أجيال تآمن بها ، وتمارسها كسلوك إجتماعي وثقافي وسياسي ووطني ، لتجنيب المنطقة تكرار ما حصل في ذلك اليوم المشؤوم ، وكي تعم ثقافة وقيم سلام حقيقي ، كما فعل صانعي حدث هذا اليوم الذي كنا بصدده . .

( فطوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون ) .

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links