اه ايها الوطن

 

                                                    فالنتينا يوارش هيدو

         كنت اجلس مصغية الى حديث احد الاشخاص المرموقين من زوار المكتب الذي اعمل فيه وكان يصف حبه الكبير لهذا الوطن وعن خدمته طوال ثلاثون سنه مضت امتدت من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب , واسترسل في الحديث محاولا اخفاء نبره الحزن في صوته وسالني : الا يحق لي العيش كآدمي ؟ الايحق لي الشعور بآدميتي في العيش حياه كريمة هانئة في هذا الوطن؟  واكمل حديثه لقد عرض علي العمل في احدى الدول العربية لقاء مبلغ خيالي يحلم به اي انسان مع توفير كافه سبل العيش برفاهية  وذلك مقابل خدمتي لذلك البلد كاستاذ جامعي في احدى جامعاتها ضمن الاختصاص الذي انا اسلك فيه وهو كما تعرفين من الاختصاصات النادره في الشرق الاوسط ,لكنني رفضت!!

نعم رفضت هذا العرض المغري , قالها وهو ينظر الي بتمعن ليؤكد كلامه . واكمل: نعم لقد رفضت لانني اعرف مسبقا ان حنيني واشتياقي لبلدي سيقتلني ولن يجعلني استمتع بهذا العرض السخي  كما واعرف انني اشبه السمكه التي ان خرجت من محيطها المائي نفقت وانتهت حياتها.

وبعد صمت استمر برهة---

سالني برايك لماذا لا نستطيع العيش خارج الوطن مع اننا على يقين ان الحياة اسهل وارقى في الخارج من حياتنا هنا؟

هذا الحنين والشعور بالانتماء الى كل ذره من تراب البلاد يكبلنا.

ثم اكمل حديثه ناظرا الى فضاء الغرفه بلا تركيز متمتما: غريب امرك ايها الوطن تثقلنا بالهموم والالام وتقل فينا حبك وتمسكنا بك. واشتدت نبره الياس في صوته : احيانا يا بنيتي اشعر انني حائر بين بقائي وتحملي لكل الاوضاع المزريه والمهينه وحرماني لابسط حقوقي كانسان وبين رحيلي لعالم اخر لوطن اخر لا انتماء له سوى بانسانيتي .

وفجاة نهض الرجل من مكانه والتفت الي قائلا جمله لم افهمها آنذاك : انا راحل لا محاله لكن رحيلي لن يطول لانه القدر اللعين.

وخرج الرجل وبقيت انا افكر في حديثه الذي احزنني وحز في نفسي.

وبعد ايام قلائل سمعت ان ذلك الرجل الطيب سافر الى احدى البلدان وان ازمة قلبية داهمته وفارق الحياة , وفارق محبيه وفارق الوطن.

رحل الرجل

وانتهت معاناته

وبقي الوطن , وبقي الحنين اليه.

                                                                                                   

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links