الذكرى الحادية والثلاثون لتأسيس الحركة الديمقراطية
الأشورية
( الحركة بين المواقف والمباديء)
هرمز طيرو
أستهدفت
من هذا المقال وشعبنا الكلداني السرياني الأشوري يحتفل بمرور الذكرى
الواحدة والثلاثين على تأسيس الحركة الديمقراطية الأشورية تناول مفهوم
الحركة – زوعا لعدة منطلقات في اطار فكري ( فلسفي ) والأهداف السياسية بقصد
طرح حوار ثقافي له ابعاد فلسفية تدور حول بقاء الحركة الديمقراطية الأشورية
في حدود ( المواقف السياسية ) أو الانتقال بها إلى أسس ودعائم فكرية تشكل
الأطر العامة لمواجهة وتصحيح الأزمات السياسية والثقافية والأجتماعية وبناء
البنية الفكرية الصلبة التي تتميز بها الحركة وترتكز على :
اولاً : العلاقة الديالكتيكية بين المنظمات السياسية ومؤوسسات المجتمع
المدني ، أي بين ( البنى القومية والبنى التحتية ) على خلاف العلاقة (
الميكانيكية ) التي يصورها بعض من المؤوسسات السياسية والثقافية وحتى
الكنسية . في حين أن الحركة الديمقراطية الأشورية قد عبرت عن جدلية هذه
العلاقة في ايدولوجيتها بطريقتين :
أ – خلق الوعي القومي الإيجابي الذي مهد السبيل لإيجاد الطروحات
المختلفة في وضع البرامج لأحداث النهوض الفكري الواعي ، لا بأسلوب طوباوي ،
بل بواقعية نضالية وعلمية تحليلية تستهدف إلى بناء العلاقة الصحيحة بين صحة
الطاقات البشرية وبين طموحات الأنسان لتوظيفها ضمن العملية البنائية .
ب – التكاملية التي عبرت عنها الحركة الديمقراطية الأشورية في أنتمائها
إلى جانبين أساسيين ، هما الجانب الوطني ثم الجانب القومي ومنهما يتألف
نسيج التاريخ ، وهذه بالطبع قضية بالغة الأهمية وتحتاج لكي تتحقق إلى صراع
طويل يقوم به العقل ( الفكر ) لكي يكشف عن النظم السياسية والثقافية
والأجتماعية التي يتحقق فيهم هذا الإنسجام ، وقد كانت المهمة العميقة
للحركة – زوعا هي في الفهم الكلي للرابطة المطلقة لهذين الجانبين ( الوطني
والقومي ) وقد جاء هذا الفهم وهذا الإنتماء لكي يكون للحركة حق التعبيرعن
موقف ومبدأ جديدين ينسجم مع الواقعين الجغرافي والتاريخي لشعبنا الكلداني
السرياني الأشوري بحسب العوامل العامة المتيسرة ضمن سياق التعاون بين جميع
مكونات المجتمع العراقي بكل أطيافه وألوانه .
ثانياً : الخصوصية ( القرار المستقل ) مبدأ أساسي من مبادىءالحركة
الديمقراطية الأشورية ، وهو المبدأ الحساس جداً ، وعكسه خلق الضبابية في
العمق الفكري للأخرين نتيجة عدم مراعاتهم لهذا المبدأ ، وبذلك جاءت
الخصوصية لدى الحركة – زوعا ثمرة لمفهومي :
أ – التعددية الرافضة لكل أحادية في النظرات أو الأحكام والحلول المسبقة
لمشكلات المجتمع ، فكرياً – فلسفياً – ثقافياً ... الخ .
ب – التعبير عن هوية الأمة بوضوح وجلاء وبسياق تاريخي يرفض الأنغلاق
والتقوقع ، ويتعامل مع الأخرين في ضوء مفهوم التكافىء والمساواة بين مكونات
المجتمع العراقي .
ثالثاً : الواقعية الثورية ، وهي حال مرادة للعمل النضالي ، وتحتل مكانة
مهمة في نهج ومسيرة الحركة ، ونقصد بالثورية هنا ، الفعل الذي بواسطته
يتحقق التغير في بنية المجتمع المعنوي والمادي وتتحقق ايضاً ( الأنقلابية
) العميقة التي تتجاوز التغيرات السطحية في مجمل العمل الفكري ، إلى تغير
في البنى الأخلاقية والأجتماعية بالإضافة إلى الفكرية الذي هو أساس التغير
في داخل الأنسان اولاً وداخل المجتمع ثانياً .
ثالثاً : النسبية ورفض الأطلاقية في الافعال والاحكام والحلول المطروحة
لمشكلات التركيبية للأمة ، وهو مبدأ مهم في فكر الحركة ولا بد منه لتجاوز
الأشكالات ونواقص الفلسفات ( التي يطرحها بعض من مفكري ومثقفي أمتنا )
وتعتمد في نهجها على الاحكام النهائية التي تتعارض ومفهوم تطور الأنسان من
النواحي الأجتماعية والحضارية .
رابعاً : إيجاد الرابط الديالكتيكي بين الأتجاهين المعنوي والمادي ، وقد
تمثل ذلك عندما أعتمدت الحركة الديمقراطية الأشورية في فلسفتها على
الاصطلاحات الثلاثة :
أ – الجوهر Substance
ب – الفكر Thought
ج – الخبرة Expereince
لأن الحركة أدركت بعد فشل الإتجاهات التي سادت مجتمعنا ( المعنوية
المطلقة أو المادية المطلقة ) بأنها كانت سبباً في الفوضى الفكرية التي
أخذت بتلابيب الأنسان الكلداني السرياني الأشوري ، وكادت أن تنتزع منه
انسانيته وفكره الوطني والقومي ، عليه فكان لا بد للحركة الديمقراطية
الأشورية من إيجاد الرابط الذي يتحقق فيه التوازن بين الحالتين ( المعنوية
والمادية ) من أجل تجاوز حالات الياس والتمرد ومن ثم الهجرة ويتبعهما
الضياع . ويمكن هنا من تلخيص فكر الحركة – زوعا في المعادلة التالي ( الفكر
الوطني + الفكر القومي + الفكر الأنساني + المعتقد الديني وأخيراً + الحرية
) دون اسقاط أي طرف من المعادلة .
خامساً : اقتران ( الذاتي ) ب ( الموضوعي ) الذي يستهدف بالأساس التعبير
الكلي عن خصوصيتنا الثقافية بالإضافة إلى هويتنا القومية وبين سعي الأمة
الجاد من أجل خلق علاقات متوازنة وأنسانية مع الأمم والمكونات الأخرى ، وهو
ما عبرت عنه كافة المقررات والتوصيات والمناهج السياسية التي صدرت من
الحركة الديمقراطية الأشورية خلال المؤتمرات العامة التي تعقدها بين الحين
والأخر ، بمعنى أن أمتنا الكلدانية السريانية الأشورية مع حاجتها إلى تعايش
وتعاون مع الأمم الأخرى ، فهي حريصة دوماً على أن لا تفقد من خصوصيتها
وهويتها ، وهذا تعبير خالص عن نظرية الحركة – زوعا في سياق طرحها عن الربط
الدياليكتيكي بين ( القومي ) الخاص و( الوطني ) العام ، أي إن شعبنا يعبر
عن شخصيته الوطنية من أجل خدمة الأمة ومن ثم الأنسانية . وهذه النظرية لا
تتحقق إلا بطريقتين :
أ – تفجير الوعي الجماهيري وتغيير الأرضية الأقتصادية والثفافية
والسياسية والأجتماعية من أجل تحقيق التغيير العام في سلوكيات الفرد
والمجتمع وتحقيق العدالة والحرية .
ب – اتحاد الجانبان ( الذاتي والموضوعي ) و ( القومي والوطني ) بحيث يجد
كل منهما في الأخر الغاية والمصالح والانفعالات الجزئية ، واللحظة التي تصل
فيها الأمة إلى هذا الانسجام ( الاتحاد ) هي فترة ازدهارها وقوتها وتطورها
.
سادساً : العلمية : أن العلم والعقل هما أساس في جميع عمليات التغيير ،
والأخذ بهما هي بداية أمتلاك ناصية التطور السليم ، وبكلام أوسع ، فإن تقدم
ونهضة شعبنا وأمتنا لكي تصبح صحيحة ومتصاعدة نحو المطلق ، لا بد أن
ترافقهما ثورة في ميادين العلم والفكر والثقافة وتحرير الأنسان الكلداني
السرياني الأشوري من عوامل التخلف والأمية والجهل في السلوك القومي ( وأعني
بالسلوك القومي الحاجات والإنفعالات والأخلاق والمصالح ) وتفجير وعيه الكلي
، عند ذلك ستساهم هذه العوامل في دفع عجلة التطور والتقدم إلى الامام ،
وتتحقق أهداف التغيير ومعاكسة الواقع ، ولا نجانب مع الصواب أذا قلنا : أن
الثورية والنضال بلا علم يتحولان إلى الفوضى القاتلة ، وأن التغيير الحقيقي
يتطلب القيام ب ( ثورة علمية ) شاملة .
خلاصة القول :
أن الحركة الديمقراطية الأشورية عنوان كبير في ميادين ( النضال والفكر
والثقافة ) لشعبنا ، لأنها تعبر عن شخصية الأمة بأستقلالية إيجابية وفق أسس
فكرية وعلمية موضوعية ، سطرناها بأختصار ضمن ( المرتكزات ) المذكورة اعلاه
، ويمكننا أن نقول ايضاً : أن مسيرة الحركة – زوعا لا يمكن اطلاقاً أن تترك
بدون تحرش الأخرين من ( الجهلة والمتعصبين ) من أجل التأثير بشكل أو بأخر
بمسيرتها وتحويلها من قوة نضالية كبيرة تناضل من أجل نيل شعبنا الحقوق
القومية والوطنية ، إلى مهاترات والأنشغال بتفصيلات ثانوية بعيدة عن نهج
وفكر الحركة ، وهذا ما تنهبت له الحركة وتصدت لها بالمعالجة والتحليل
العملياتي ، وذلك بترسيخ مبادئها والخروج بها من مجرد " مواقف " إلى "
مبادىء " التي منها تتجاوز التغييرات السطحية إلى تغيير عميق في البنى
الفكرية والثقافية والسياسية في مجتمعنا ، لأن فيها ومن خلالها يكتمل
البناء اللاحق .
|