المحرر السياسي لجريدة بهرا
"مصادقة رئاسة الجمهورية جاءت مخيبة للامال"
بقلم: صاحب الامتياز
بعد
حراك سياسي على كافة الصعد من برلمانية وحكومية وسياسية، وبالتشاور مع
ممثلي المكونات القومية والاقليات الدينية ذات العلاقة وبالتنسيق مع ممثلية
الامم المتحدة في العراق "يونامي" بهدف استعادة تشريع مضامين المادة "50"
لضمان تمثيل المكونات القومية والدينية في مجالس المحافظات وبعد ان تقدم
ممثل يونامي السيد ديمستورا بمقترح ورقة كانت حصيلة نقاشات ومداولات مع
الاطراف السياسية والنيابية ذات العلاقة، قدمها الى مجلس النواب وطرحت
رسميا في اجتماع قادة الكتل النيابية واللجان المختصة، وكانت موافقتها على
ورقة ديمستورا موضع تقدير من لدن الجميع. الا ان الذي جرى لاحقا خلف
الابواب الموصدة وبصورة خاصة لدى غالبية الكتل النيابية بدءا من التجمع
التنسيقي البرلماني ومرورا بقوائم الائتلاف العراقي الموحد كان في اتجاه
تقديم مقترح جديد يرمي الى تحجيم دور وتقليص حجم التمثيل في مجلس محافظة
نينوى للمكونات القومية والدينية بحجة تخوفهم على الهوية القومية "العربية"
لمحافظة نينوى، وان البعض من نوابها اعلنوا جهارا موقفهم للصحافة معبرين عن
تخوفهم من اتجاهات تستهدف مناطق من المحافظة لضمها الى اقليم كوردستان عبر
شعار الحكم الذاتي للمسيحيين او مطالبة شيخ الايزيدية او تيارات تلعفر وغير
ذلك مشيرين الى زيادة حجم التمثيل والذي حسب رايهم بانه سيكون لصالح
التحالف الكردستاني وبالتالي التخوف من النفوذ المتزايد له.. وعلى اساسه
أقر مجلس النواب يوم الثالث من تشرين الثاني مشروع تعديل القانون مصادقا
على مقعد واحد فقط لكل مكون من المكونات الثلاثة في نينوى وعلى ذات الاساس
مقعد واحد للمسيحيين ومقعد للصابئة المندائية في بغداد ومقعد في البصرة...
وبذلك رفضت ورقة الامم المتحدة والتي كانت موضع قبول الاطراف المعنية،
واصبحت المكونات القومية والدينية ضحية الصراعات القومية على هوية محافظة
نينوى اضافة الى الحساسية ذات الخلفيات الطائفية- الدينية.
ورغم الاحباط الذي حصل لدى هذه المكونات وبصورة خاصة لدى الكلدان
السريان الاشوريين المسيحيين وكذلك لدى الايزيدية، الا انه وبسبب المواقف
الايجابية المعلنة من لدن بعض القيادات الوطنية المرموقة، كان هناك بصيص
امل لدى هذه المكونات منتظرة من رئاسة الجمهورية ان "ترعي مصالح الجميع"
وان تكون ممثلة لكل العراقيين وليس للكتل النيابية التي تمثلها، وبصورة
خاصة بعد الوعود التي قطعت لممثلي المكونات في لقاءات رسمية خلال الايام
القليلة الماضية..
وفاجاتنا رئاسة الجمهورية الموقرة امس الثامن من تشرين الثاني بمصادقة
قرار مجلس النواب الذي اجحف كثيرا بحق المكونات القومية والدينية في
المشاركة بمجلس المحافظات، حيث حدد السقف الاعلى للتمثيل بمقعد واحد في
محافظتي نينوى وبغداد.. وكان وفدا من السادة الوزراء والنواب وغيرهم قد
التقوا باصحاب الفخامة في الرئاسة مبدين احتجاجهم ورفضهم لقرار البرلمان
مطالبين الرئاسة بنقضه والتوجه الى تقديم مشروع قانون ينصف هذه المكونات
الاصيلة، الا ان ما يثير الاستغراب صدور مصادقة الرئاسة مشيرين الى ان هذه
اللقاءات وكأنها طالبت بالمصادقة، والاغرب من ذلك هو الاشارة الى "ما سمي
بدراسة مستفيضة مع سفير الفاتيكان"، فنتوجه الى اصحاب الفخامة في الرئاسة
بالسؤال: هل انكم تعتقدون باصالتنا الوطنية ام تعتقدون باننا رعايا
الفاتيكان لديكم، ولو افترضنا بان بعض من كنائسنا كاثوليكية مرجعيتها
الدينية فقط هي الفاتيكان، فماذا عن الاخرى وهي عديدة والتي لا علاقة لها
بالفاتيكان؟
كما ونسال: هل يحق للسيد السفير البابوي التدخل في شؤوننا الوطنية
الداخلية وخصوصا عندما تكون ذات طابع سياسي بحت.. ونتساءل ايضا هل
لمرجعياتنا الدينية في العراق حق التدخل في شؤون سياسية لاتباعها في اميركا
مثلا او في اية بقعة من العالم.
ولرئاسة الجمهورية الموقرة نقول ان قرار التصديق عمق الشعور بخيبة الامل
والاحباط لدى اوساط شعبنا، ويعطي لهم كل الحق لرفضه "والتمني" بترجمة ما
وعدتم به من التوجه لتشريع قانون ينصفهم بعيدا عن الصراعات والنعرات..
كما ويتحمل مجلس النواب المسؤولية كاملة في معالجة الاجحاف الحاصل كي لا
تدفع هذه المكونات الاصيلة لمقاطعة الانتخابات، اذ انها بالتأكيد لن تسمح
لنفسها بان تستغل لصقل الصورة امام المجتمع الدولي في حين ان الواقع على
الارض هو التواصل في سياسات الاقصاء والتهميش وبالتالي الغاء الوجود الذي
سيضر بالمجتمع العراقي ووحدته لا سامح الله، باعتبار هذه المكونات هي اسمنت
المجتمع العراقي واساس حضاراته وتراثه الثر..
|