الرجاء والنجاة لكم
حميد الموسوي
كتبنا
كثيرا، وصرخنا اكثر بعدم جدوى الشجب والاستنكار والتنديد. وقلنا ان هذا
الثالوث المتكرر المملول لايعدو كونه اسقاط فرض وقد يتحول الى مادة للتندر
والسخرية ونتيجة يعرفها المجرمون قبل غيرهم.
وربما كان بين الشاجبين
والمستنكرين والمنددين من يسير في تشييع جنازة قتيله!.
بين واقعة اقتحام كنيسة
سيدة النجاة ومذبحتها المروعة، وطريقة معالجة الحدث، وردود الافعال التي
اعقبتها، وقفات ومحطات: لاغرابة ولا مصادفة ولا مفاجأة.. لم تكن سيدة
النجاة اولى الكنائس المستهدفة ولن تكون الاخيرة. لم يكن شهداؤها مقدمة
القافلة ولن يكونوا خاتمتها، هي امتداد لمذابح سميل وصوريا وكنائس الموصل
وكركوك.. والاسباب لم تعد خافية فالمنفذون للجريمة مصرون ومصممون وقاصدون
وبكامل قواهم العقلية وعازمون على الموت مع ضحاياهم، ولاداعي للحديث بعدُ
عن الجهة المموَّلة والمخطَّطة والمدرَّبة. فالمسوخ الذين يكفَّرون
ويستبيحون دماء واعراض واموال من يشترك معهم في دين واحد وكتاب واحد وقبلة
واحدة، ويؤدي معهم الطقوس والعبادات نفسها، ويشاطرهم المعتقدات والتقاليد
لمجرد رفضه لتطرفهم، تهون عليهم دماء ومقدسات وحقوق الاخرين كونهم لايؤمنون
ولايطيقون ولايستسيغون حقيقة: "الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك
في الخلق" ولانهم خرجوا عن قانون الانسانية ومفاهيم البشر اصلا!. ولانهم
كفروا بكل مقدس وحقدوا على كل اصيل ونظيف وشريف وكرهوا الحق والحب والجمال.
ولئن كانت التجربة
الديمقراطية العراقية قد ارعبت اطرافا وارّقت اطرافا اخرى، ولئن قضت على
امتيازات واضرّت بمصالح، ولئن كان الموتورون يستهدفون العراقيين بلا تمييز
وعاثوا في ارض العراق فسادا وتخريبا وتدميرا وخاضوا في دماء العراقيين منذ
سبع سنين ومازالوا. فان استهداف المسيحيين قتلا وتهجيرا وتهميشا مؤامرة
خطرة لها ابعاد اخرى وقد تكون وراءها اطراف دولية. ومن هنا شددنا على ضرورة
توفير الحماية والرعاية الخاصة لهذا المكون وحذرنا من محاولات افراغ العراق
من ذاكرته الحضارية. لم يكن امام القوى الامنية غير خيار واحد: انقاذ ما
يمكن انقاذه بعدما تمكن الظلاميون من الغام وتفخيخ الكنيسة من الخارج
وبدؤوا بتفجير احزمة حقدهم الشيطاني في الداخل.
اتصل بي بعض الاقارب
والاصدقاء وسألوني مرتبكين هل تتابع التلفاز؟ قلت نعم. قالوا ان القناة
الفلانية تنقل احداث احتجاز المصلين في كنيسة سيدة النجاة.. "حاول ان تتصل
بجماعتك المسيحيين وتعرف الخبر". وبالفعل كانت القناة المذكورة تبث عاجلا
تلو عاجل وخطوة بخطوة مع "المسلحين" لم تسمهم مجرمين ولا ارهابيين.. لم تنس
عددهم. واكدت لهجتهم وانهم عرب يتكلمون الفصحى، وانهم على تواصل معها..
ويطالبون باطلاق سراح سجناء معينين.. على اساس انها تحقق سبقا صحفيا ولو
على حساب المواطنة ودماء الاخوة. تعسا وتبا لذلك السبق المشبوه. ويبدو ان
السلطات الامنية تنبهت لتأجيجهم فامرتهم بايقاف العاجل. فتابعنا الخبر
بحرقة والم من قناة اشور .
لم يكن باليد سوى
الدعاء والدموع اسلحة الانبياء وملاذ الفقراء. ان يمسسكم قرح فقد مسنا قرح
اعظم.. ومازال فدماؤنا تنزف من شريان واحد.. وعذاباتنا ازلية... ومظلوميتنا
تشابهت سببا وحجما ومصدرا.
لاحاجة لتذكيركم ايها
المستهدفون المستضعفون بحجم وخطورة مايراد بكم لاتلتفتوا لدعوات الترحيب
المخادعة الساعية لاخراجكم من مهد حضارتكم وتشتيتكم في الغربة.
ارعبوهم بثباتكم
وتشبثكم بجذوركم وتمسككم بحقوقكم، تذكروا عنفوان اسلافكم وصمودهم الاسطوري،
واذا كانت للباطل جولة فللحق الف جولة وجولة. النجاة لكم ولامنجى
للظلامين.. الرجاء لكم ولارجاء لاعداء الحياة والنور.
|