التطور الثقافي عبر التاريخ

 

 

                                                      ذنون محمد

                       مرت الثقافة وأصولها بمراحل مختلفة للتطور الى أن وصلت الى صورتها الحالية وهذا هو الاساس في بروز أي ظاهرة جديده على المجتمع ألانساني فكل ظاهرة جديده لا بد لها من المرور بمراحل مختلفة للتطور والنضوج الفكري الى ان تصل الى مداها الواسع في التأثير على المجتمع ألانساني بسلوكياته المختلفة.

أذن يمكن أعتبار بداية الثقافه هو شكل ألاحاديث الشفوية في التعبير يرددها المثقفون على اتباعهم او الى افراد المجتمع بصورة عامة وهم بتلك الاراء يعبرون عن ما يجيش في صدورهم من اراء او تصحيحات للواقع الحياتي بصوره المختلفة وهي كانت دعوات محدودة النطاق وان كان البعض قد تحمل صعوبة ومشقة الانتقال من مكان الى اخر حسب قدرته والمتاح له لنشر ارائه المختلفة وترسيخ دعوته الثقافية في اذهان افراد المجتمع أي ان هؤلاء قاموا بنشر اخطاء مجتمعهم وبيان البديل له.

ويمكن اعتبار تلك الكوكبة البذرة الاولى في تصحيح ذلك الواقع ونقد سلبياته وكان هؤلاء المثقفون يعتمدون في نهجهم على بلاغتهم اللغويه وخزينهم المعرفي ونظرتهم الثاقبة للواقع ويمكن اعتبار هؤلاء هم محدثو المجتمع وأبرز مثقفيه فلم تكن ثقافتهم او أراؤهم تكتب او تسطر على الاوراق وذلك لأنعدام هذه الادوات في تلك الفترة بل كانت اراءهم تنقل بصورة شفوية من مكان الى اخر وتجد الصدى المطلوب وذلك لكونها تسعى الى بث المثاليات بين افراد المجتمع وأشاعة مفهوم العدالة الاجتماعية وهو الحلم الذي كان يدغدغ مخيلة الطبقه الفقيرة او المسحوقة خصوصا وأنها تمثل ثقل المجتمع وركيزته الاساسية.

اذن أخذ هؤلاء على عاتقهم ترسيخ القيم الثقافية في المجتمع بعيدا عن أي ادوات مساعدة فقد أنشؤوا مدارس فكرية لنشر ارائهم وغرسها في اذهان الطلبة ان تلك الافكار أثارت المجتمع في تلك الفترة خصوصا وأنها كانت تطالب بألمساواة بين طبقات المجتمع وكانت تنبذ تحكم ألاغنياء بحياة الفلاحين أو الذين تقطعت بهم الاسباب ومن اجل ذلك تعرض هؤلاء الذين يمكن تسميتهم بألاصلاحيين الجدد الى المحاربة والاضطهاد المتعدد. اذن يمكن اعتبار هذه المرحلة التي تم فيها نشر الثقافة بصورة شفوية مرحلة مهمة في ترسيخ تلك القيم وتأسيس ركيزة ثقافية اساسية والتي اخذت بها فيما بعد ألاجيال اللاحقة من المثقفين أو اصحاب المثل العليا.

ومع توفر ادوات الكتابة أبتدأت المرحلة الثانية من عملية تدوين ونشر الثقافة بين افراد المجتمع المتعدد وهي مرحلة اكثر تقدما من سابقتها حيث استطاع المثقفون و المفكرون تدوين تلك الافكار في كتاب ليطلع عليه الاخرون من الباحثين عن الفكر خصوصا وأن هذه الكتب قد كتب لها الانتشار في الامصار المختلفة حيث قام النساخون بنسخ اعداد لا بأس بها وبيعها الى القراء او الباحثين عن المعرفة وهي فرصة ذهبية لهؤلاء فقد تقبلت المجتمعات المختلفه أفكارهم او اراءهم الاجتماعية وتأثرت بها خصوصا وأنها تنبع من واقعهم وذلك لتشابه المجتمعات وأقصد بذلك التشابه هو الصراع القديم او الازلي بين الغني والفقير حيث استغل الاغنياء جهود الفقراء وعطلوا امكاناتهم. أذن يمكن أعتبار هذه المرحلة هي المرحله ألاكثر فائدة للمجتمع فمن خلال الكتاب المطبوع يستطيع المثقف ان يدون افكاره أو اراءه في سجل ثابت ليطلع عليه التابعون جيلا بعد أخر وأيضا ليستفيد منها هؤلاء من خلال قرأءة عصر المثقف بكل اشكالاته العديدة ومرت ثقافة المطبوع بمراحل مختلفة الى ان وصلت الى مرحلة المطابع الحديثة التي لها القدرة على طبع ألاف النسخ وخلال ساعات قليلة وهي وسيله ساعدت بقدر كبير على نشر الثقافة وبمجالاتها المتعددة والى هذه اللحظه هناك من الكتب النادرة والتي اصبحت مرجعا للباحثين جيلا بعد أخر وعندما يطلع عليها الباحث يجد عظمة هؤلاء ودقة نظرياتهم أو تحليلاتهم حيث يتحدثون عن مشاكل المجتمع حتى في عصوره القادمة وكأن هؤلاء قد أطلعوا على الغيب وأسراره المختلفة.

ويمكن اعتبار الانترنيت الوسيلة الثالثة وألاكثر تقدما لنشر الثقافة بأشكالها المختلفة فقد ادرجت الكتب المتنوعه في هذا الجهاز وأصبح بأمكان الباحث ان يطلع على أي معلومة وبلحظة قصيرة من الزمن فلم تعد الحاجة الى المطبوع بتلك ألاهمية فقد اصبحت الثقافة في متناول الجميع بل أن العالم بأسره اصبح وكأنه فعلا قرية صغيرة وفي كل المجالات ولكن يبقى للمطبوع الفكري جاذبيته وتأثيره ألاكبر على المثقف .

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links