لمحات من مسيرتنا في برلمان الإقليم

 

زوعا - خاص

             تشارك الحركة الديمقراطية الآشورية، ممثلة بقائمة الرافدين بالرقم 67، في انتخابات برلمان إقليم كوردستان المزمع إجراؤها في الخامس والعشرين من تموز 2009.. وعبر محطة تعد امتدادا للحضور الفاعل للحركة في هذا البرلمان منذ دورته الأولى.

فقد كانت البداية في ربيع 1992 حين شاركت الحركة الديمقراطية الآشورية في انتخابات أول برلمان لإقليم كوردستان العراق، وبها دشنت الحركة لمرحلة جديدة في تاريخها النضالي وهي الانتقال التدريجي من حالة النضال السلبي إلى العمل الجماهيري والمشاركة في التحولات الديمقراطية في الإقليم والتواصل ما بعد 2003 على الصعيد الوطني العام ولغاية اليوم.

  جاءت الانتخابات البرلمانية في الإقليم عام 1992 لتشكل محطة بارزة في التجربة الديمقراطية في الإقليم، وعلامة مضيئة في مسيرة الحركة النضالية ومن جوانب مختلفة.. فالمشاركة بحد ذاتها ومن ثم النتائج التي تمخضت عنها كانت تتويجا لنضال وتضحيات وتواصل.. ودليلا على صواب الأفكار التي تبنتها الحركة وصواب النهج الذي اختطه عبر مسيرتها في النضال الوطني والقومي، فقبل الانتخابات كانت الحركة التيار القومي الوحيد الذي يمثل شعبنا في الجبهة الكوردستانية العراقية والتي استلمت زمام الأمور في إقليم كوردستان العراق كسلطة الأمر الواقع بعد انتفاضة آذار عام 1991 وانسحاب قوات النظام إثر إعلان شمال خط 36 منطقة آمنة. ومن خلال ذلك شاركت الحركة في إدارة الإقليم، بما في ذلك التهيئة للانتخابات بكافة حلقاتها وأهمها تثبيت خصوصية شعبنا وحقه الانتخابي من خلال تخصيص خمسة مقاعد يتنافس عليها أبناء شعبنا في ما بينهم عبر أوراق وصناديق خاصة.

  لقد شكلت هذه الخطوة في الجانبين السياسي والمعنوي مكسبا كبيرا ليس للحركة وحسب إنما لقضية شعبنا حيث كانت الأولى من نوعها في التاريخ النضالي الحديث لشعبنا. كما كانت النتيجة التي تمخضت عنها بفوز الحركة بأغلبية أربعة مقاعد من أصل الخمسة المخصصة لشعبنا بعد منافسة حامية مع ثلاث قوائم متنافسة معها مثلت أحزابا لها ثقلها الكبير على الساحة الوطنية السياسية (وهي قوائم تعود للحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي)، تعبيرا عن الحس الجماهيري القومي العالي، وأثبتت هذه النتيجة بأنه عندما تتساوى الفرص بعيدا عن الاستحواذ والاحتكار والترغيب، فلن يصح إلا الصحيح.. وإن الجماهير ستلتف حتما حول من يمثل مصالحها الحقيقية.

  كما أن الوضع النهائي لتشكيلة البرلمان جعل القائمة البنفسجية بيضة القبان في البرلمان تستطيع أن ترجح كفة أي طرف من الطرفين اللذين تقاسما مقاعد البرلمان (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني)، وهذا ما جعلها محط اهتمام كبير من كافة الأوساط السياسية في الداخل والخارج، وسلطت عليها أضواء إعلامية كبيرة فكان هذا مكسبا لشعبنا من خلال تعويم وجودنا وتعريف العالم بقضيتنا القومية والوطنية.

وفي البرلمان واصلت الحركة حضورها السياسي الفعال من خلال التفاعل مع الكثير من الأحداث العامة والتعامل بمسؤولية تمثيل شعب وضرورة الحرص على التعايش السلمي مع أشقائه في الإقليم في ظل الظروف الصعبة التي سادت المرحلة، فنأت منذ البداية بنفسها عن دخول لعبة الاستقطاب بين الكتلتين الكبيرتين تقديرا لحساسية المرحلة وطبيعة الصراعات الحزبية في الإقليم، وسعت الكتلة البنفسجية بكل ما في وسعها لتقريب وجهات النظر وتخفيف التوتر بين الطرفين، ومن ثم وعقب اندلاع الاقتتال الداخلي.. المساهمة في الجهود الميدانية والسياسية بفعالية لوقف هذا الاقتتال وتحقيق المصالحة والسلام في الإقليم.

كما ساهمت من خلال بقائها وبموقف مستقل في البرلمان، بعد أحداث آب عام 1996، في ديمومة المؤسسة الشرعية التي شكلت الأساس لتواصل العملية السياسية في الإقليم بعد نجاح المصالحة الوطنية لاحقا، لتصل إلى ما هو عليه اليوم، فكانت هذه المواقف محط تقدير كل الخيرين والمنصفين من أشقائنا الكورد.

وبالإضافة إلى تسجيل هذا الحضور السياسي والمعنوي لقضية شعبنا في أعلى سلطة تشريعية في الإقليم، والذي مهد لشرعية تمثيلنا في أعلى السلطات التنفيذية المتمثلة بالكابينات الوزارية اللاحقة.. عملت الكتلة البنفسجية على تحقيق منجزات قومية أخرى كان أهمها إقرار التعليم باللغة الأم السريانية، ومتابعة مراحل تطبيق هذه العملية في قانون وزارة التربية وتثبيت الهيئات المطلوبة والتي تمخض عنها أولا انبثاق مديرية التعليم السرياني في أربيل ودهوك ومن ثم تطويرها إلى مديرية عامة في الدورة الانتخابية الثانية بعد أن أضحت عملية التعليم بالسريانية في المراحل المتقدمة أمرا واقعا. فهذه العملية قد أفضت إلى نتائج باهرة لها تأثيرها المهم في الأجيال اللاحقة.. كما تم إقرار أعياد شعبنا الدينية والقومية كعطل رسمية لأبناء شعبنا. وهكذا في المجال الثقافي من خلال استحداث مديرية عامة للثقافة الآشورية في قانون وزارة الثقافة والتي طورت في الدورة الثانية للبرلمان إلى المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية. وتم أيضا تثبيت حقنا في استحداث مجمع علمي خاص بشعبنا في قانون المجمع العلمي الكوردي.

لقد بذلت الكتلة البنفسجية في برلمان الإقليم جهودا كبيرة ومتواصلة من أجل تحقيق مطلب قومي مصيري وحيوي لشعبنا وهو حل مشاكل الأراضي والتجاوزات على القرى، وتمثلت هذه الجهود من خلال عدة طروحات، منها إيجاد حل عام لهذه المشكلة عبر تشريع خاص.. وإلزام الحكومة بتنفيذه، أو حلول جزئية لمشاكل بعض القرى والأراضي المتجاوز عليها عند استفحال مشكلة هنا أو هناك، أو محاولة تثبيت نصوص في القوانين التي طرحت في البرلمان والمتعلقة بالأراضي والتمليك في الإقليم، وذلك لمعالجة مشاكل شعبنا أو وضع نصوص تحافظ على المتبقي واحترام خصوصيته، أو الدفع لتشكيل لجان وقتية لمعالجة الحالات المتفاقمة. لكن كل هذه الجهود اصطدمت في الحقيقة في الكثير من الأحيان بإجراءات روتينية وبيروقراطية وتسويف ولم تحقق إلا شيئا محدودا على الأرض.. لا بل زاد الأمر تعقيدا في الكثير من المناطق.

  إن من المرتكزات المهمة في فكر الحركة الديمقراطية الآشورية هو الإيمان القاطع بوحدة شعبنا بكافة مسمياته، وخلاف ذلك يعد خطا أحمرا لا يمكن القبول بتجاوزه، وقد ترجمت الحركة هذا الإيمان بخطوات عملية وعلى مختلف الصعد في العملية النضالية، فليس من الغريب أن تسعى الحركة عند تشكيل الكتلة لتي خاضت بها الانتخابات أن تكون ممثلة لجميع مسميات وأطياف شعبنا، وهكذا كان. والذي يقطع الشك باليقين في هذا الجانب عند بعض الطارئين على العمل القومي والمتشككين بتوجهات الحركة الوحدوية والذي هو مثال ساطع ولامع في تاريخ شعبنا، يتمثل بشهيد الوحدة، الشهيد الخالد المهندس فرنسيس يوسف شابو، ابن مانكيش البار الذي استهدفه الحاقدون بعد أن بدأ يؤدي دورا مؤثرا في الدعوة لوحدة شعبنا، وهكذا الدفاع عن حقوقه في الأرض. وبهذا تكون الكتلة البنفسجية قد قدمت أغلى تضحية من أجل وحدة شعبنا وقضيته القومية.

وتشهد محاضر جلسات برلمان الإقليم عشرات المداخلات حول تثبيت وحدة شعبنا ومجابهة طروحات البعض والرامية لتقسميه ليس حبا بهذا الطرف أو ذاك، إنما لتحقيق غايات أقل ما يُقال عنها أنها عنصرية وساعية لمجابهة النهج القومي المستقل والوحدوي الذي أخذ يتصاعد تأثيرة بين أوساط شعبنا.

  في الدورة الانتخابية الثانية تغيرت الأجواء السياسية بعد تغير النظام في بغداد، وحصلت اصطفافات سياسية جديدة فدخلت الحركة ضمن التحالف الكوردستاني. ولكن وبعد أن وافق الحزبين الكبيرين في التحالف على الأسس التي تقدمت بها الحركة والمتعلقة بدعم وحدة شعبنا واحترام خيارها في النزول في قائمة خاصة في الانتخابات العامة في العراق، نالت الحركة مقعدين ضمن المقاعد الخمسة المخصصة لشعبنا. وفي هذه الدورة أيضا عملت الحركة من خلال عضويها الجديدين على إدامة ذات النهج الذي آمنت به الحركة، وهو الدفاع عن وحدة وحقوق شعبنا واحترام إرادته الحرة وساهمت مع بقية الأعضاء في تثبيت نظام الكوتا وبخمسة مقاعد أيضا في قانون انتخابات البرلمان، ثم لاحقا تثبيت الكونا في قانون انتخابات مجالس محافظات الإقليم، فضلا عن تثبيت وحدة شعبنا في دستور الإقليم، كما تم في هذه الدورة استحداث مديرية عامة للشؤون المسيحية في قانون وزارة الأوقاف.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links