سميل... عبرة

 

                                        حميد الموسوي

                    لم تكن اولى الظُلامات ولن تكون آخرها، ربما كانت بداية الشتات في تأريخ هذا الشعب المكافح المسالم الباني، لقد سبقتها مذبحة طور عابدين وتبعتها مجزرة صوريا، حتى لكأنها امتداد لخط عاشوراء كربلاء بكل فجيعتها المار عبر حلقات فضائع المقابر الجماعية وحلبجة بكل ما شهدته من قسوة والمتصل بمذابح العراقيين اليومية على يد شراذم الارهاب المتوحشة.

لم يكن الآشوري السرياني الكلداني في يوم من الايام بمعزل عن أخيه العربي او الكوردي او التركماني او الايزيدي او الصابئي في بناء العراق الذي وضع اجداده اول لبنة في اساس صرحه الشامخ... لم يكن بعيدا عن طاحونة الحروب المفروضة او حروب السياسات الهوجاء.. ولم يكن بعيدا عن مطاردة الاجهزة الامنية القمعية التي سخرتها السلطات المستبدة المتعاقبة للبطش بأحرار العراق وتصفيتهم او تشريدهم، بل ربما كان المستهدف الاول في عمليات الذبح والتهجير والتكفير كونه يمثل هدفا سهلا من حيث قلة العدد وضعف الامكانات وغياب الناصر وخذلان الصديق لهذا يأتي ابناء هذا المكون الاصيل في طليعة شهداء العراق البررة، ولهذا استحقوا السابع من آب، يوم سميل الدامي عام 1933، يوما خاصا لتخليد ذكرى شهداء هذه الأمة الباسلة.

ترى هل يكفي استذكار الفاجعة باللافتات والاناشيد وتبادل التعازي؟! هل يكفي بث الحسرات والقاء اللوم على فلان وتسقيط علاّّن؟!

ابدا فهذا أضعف الايمان وقد يكون جهد العاجز!.

لقد كان الاولى بكل مفكري ومثقفي وسياسي ورجال الدين واحرار هذه الأمة ان يتخذوا من سميل عبرة واعتباراً لتوحيد الأمة ولمَّ شتاتها وكل من موقعه، بدءاً بتثقيف ابنائهم وتعريفهم بتأريخهم المجيد وشدهم الى جذورهم الضاربة في عمق الوجود العراقي وتذكيرهم بكل المآسي التي حلت بأجدادهم وقد تحل بهم نتيجة التشرذم او التشتت والاختلاف، وبث روح الاصرار على الانتماء وعزيمة انتزاع الحقوق واثبات الوجود. ومرورا بمعالجة اسباب اليأس والضعف والهشاشة والخور التي دبت في نفوس الشباب خاصة والذين صار شغلهم الشاغل وهمهم الاكبر الهجرة والضياع في بلدان الله الواسعة، وعزوفهم عن الزواج والتكاثر والانجاب وهذا يدق نواقيس الخطر في وجود هذه الامة وينخر في عظمها. وانتهاءً باخلاص العمل المدعوم بالنوايا المخلصة المتجردة من الانانية والمنافع الشخصية من أجل لمَّ شتات هذا الشعب وتوحيد صوت الامة بدل تفرقها في مسميات تهدم كيانها وتبدد طاقاتها وتجعلها اول الخاسرين في معادلة الصراع من اجل الوجود في مرحلة حرجة وظرف عسير.

وهذا واجب قادة هذا المكون بلا استثناء: السياسيون من خلال حركاتهم ومنظماتهم واحزابهم، ورجال الدين في كنائسهم واديرتهم، والمثقفون والمفكرون في مؤسساتهم ومنتدياتهم وتجمعاتهم وصحفهم وفضائياتهم واذاعاتهم وكل اعلامهم.. فمستقبل اجيال هذا المكون في اعناقهم...

وإنّ في سميل لعبرة... فهل من معتبر؟!.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links