دشتا د ننوي( سهل نينوى)
نبيل شانو
لقد كان من نتائج عملية التغيير التي جرت في العراق
بعد التاسع عشر من نيسان 2003 ، ظهور حالة المحاصصة الطائفية والمذهبية
والمناطقيّة ، حيث أصبح الولاء ينحصر بالطائفة والقومية بدل أن يكون الولاء
بمجمله للوطن الكبير الذي يشمل الجميع تحت خيمة واحدة ؛ فليس من المستغرب
أن يفخر الإنسان بارتباطه بديانة أوبمذهب أو بقومية أو بأرض بعينها ، على
أن لا يكون ذلك الارتباط على حساب المكونات الأخرى في مجمل ذلك الوطن
الأكبر ( وهذا الأمر ينطبق على المجتمعات ذات التعددية المذهبية والأثنية
كما هي الحال في العراق ) ؛ فمن منا ليست لديه أرض يرتبط بها طيلة حياته
وإن إبتعد عنها مسافات بعيدة ؟ ، كونها تحمل ذكرياتنا العديدة بحلوها ومرها
، وهذا الأمر يشمل الجميع دون استثناء؛ عليه فنحن المسيحيين "الكلدان
السريان الآشوريين" نفخر بارتباطنا التاريخي في مناطق بعينها ( بابل وآشور
) ، تلك المناطق التي احتضنت الحضارات العظيمة التي كان لها قصب السبق
الإشعاع الحضاري على الإنسانية جمعاء . أما الآن فقد تركز وجود أبناء شعبنا
في بعض المناطق في الوطن العراق والدول المجاورة منها منطقة (دشتا د ننوي)
سهل نينوى و نوهدرا (دهوك) و طور عابدين و هكاري و سلامس و تل تمر و
فيشخابور .. وغيرها ؛ تلك المناطق التي ولد فيها آبائنا وأجدادنا والقسم
الكبير منا فيها ، وأغلب هذه المناطق حالياً خالية من سكانها الأصليين
نتيجة "عدم إنصاف التاريخ لهم !! " ؛ حيث لم يتبق من كل تلك المناطق
محافظاً على خصوصيته ــ إلى حد ما ــ إلا سهل نينوى ، والذي يحتضن البقية
الباقية من شعبنا . وكذلك فهناك أعداد كبيرة منتشرة على طول البلاد وعرضها
، وفي مختلف مدن العراق ، استقروا وعملوا واندمجوا مع إخوانهم في الوطن دون
تفرقة أو تعصب ، وساهموا بشكل فعال في كثير من النشاطات الهادفة إلى تطوير
المجتمع بشكل عام وفي مختلف المجالات ، كل ذلك لأنهم يؤمنون بالمحبة
والتسامح . وسنحاول هنا وعبر الأبواب اللاحقة تبيان أسباب المطالبة بمنطقة
"إدارية" ، هل ذلك نتيجة ترف ومطالبة جاءت خارج سياق الواقع ؟ ، أم أنها
نتاج الوضع القائم على الأرض والذي صاغه الآخرون ولم يكن لنا يد فيه ...
لمــاذا
دشتا د ننوي ....
كما قلنا سابقاً ، أن الكلدان السريان الآشوريين قد
انتشروا في الوطن وعملوا واستقروا في محافظات ومدن وأقضية العراق المختلفة
، بل أن أعدادهم في هذه المدن قد زاد عن مثيلتها في مناطقهم الأصلية ، ولأن
الإنسان بحاجة إلى أرض يرتبط فيها ويلوذ إليها في حال الأزمات ، وذلك ما
كان بعد التغيير الذي جرى في نيسان 2003 ؛ ليشهد التجاء الكثيرين من شعبنا
إلى مناطقهم الأصلية ــ ومنها سهل نينوى ــ على الرغم من أنهم قضوا سنوات
عديدة في المدن الجديدة التي انتشروا فيها ، بل أن الكثيرين ولدوا فيها
وتزوجوا وأصبحوا أفراداً ضمن تلك المجتمعات المدنية ، وأسسوا أعمالاً
تجارية وعملوا ضمن وظائف الدولة المختلفة ؛ أما لماذا التجأ هؤلاء إلى هذه
المناطق نقول أنهم وكجزء من الحالة العامة التي مرّ بها العراق بعد التغيير
حيث حالة عدم الاستقرار شملت جميع مكونات الشعب العراقي (خصوصاً المناطق
ذات التعدد العرقي والإثني ) وبنسب متفاوتة، فكان أن دخلنا ضمن معادلة
الاختلاف الديني والقومي والثقافي السائدة آنذاك دون رغبة منا ؛ وضمن موجة
الهجرة والتهجير التي طالت أكثر من أربعة ملايين عراقي ، كان لشعبنا حصته
منها ، ولا نبالغ إذا قلنا أن شعبنا كان من أول المتأثرين بالظروف الجديدة
( نظراً لأعداده القليلة التي ليست في صالحه إبتداءاً ) نتيجة الاختلاف
الذي أشرنا إليه أعلاه . نقول أن ذلك التغيير قد جاء بمفاهيم وأيديولوجيات
جديدة ، اعتمدت سياسة الثأر من الآخر مما أثر أمنياً على الجميع ، وقد كان
لمفهوم الفيدرالية أيضاً ــ الحديث على المنطقة بشكل عام ــ دوره في تلك
الحالة السلبية ، حيث أجبر الكثيرين على التفكير الجدي بتجنب الاحتكاك
والتصادم مع تلك الأجندات والاحتماء بالأماكن الأكثر أمناً ؛ وقد جرت
بالفعل عدة عمليات تهجير واسعة النطاق من المناطق ذات التجمعات العرقية
المختلطة ، حيث لم تستثن أحد فالأقلية العرقية ضمن أغلبية المناهضة لها
هجرت إلى مناطق أخرى تشكل فيها الأغلبية وهكذا ؛ وكحال الجميع كان لشعبنا
نصيبه من عمليات التهجير لأسباب عديدة منها دينية واقتصادية وسياسية ، فكان
الملاذ الأخير سهل نينوى وغيره من أماكن تجمع شعبنا التاريخية .
إن شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) هو شعب أصيل يحمل من
الروح الوطنية الشيء الكثير ، والتي لا يستطيع أحداً من أصحاب الأجندات
الخفية تفنيدها ، وهو مع وحدة العراق أرضاً وشعباً ، وما مطالبته بمنطقة
إدارية إلا كرد فعل "بسيط" على مطالبة الآخرين "بأقاليم" قومية ومذهبية ؛
ولا ننسى مسألة الوضع الأمني المتدهور مما يؤثر على الحالة الاجتماعية
والاقتصادية والثقافية الضرورية لإدامة الحياة ، مما أجبر الكثيرين على
المطالبة بمنطقة آمنة حفاظاً على حياتهم وحياة أحبائهم ؛ وكذلك إن الغرض
إقامة هذه المنطقة يتمثل في الحد من حالة الهجرة إلى الخارج ، ذلك المرض
الذي استشرى منذ تسعينات القرن الماضي نتيجة الممارسات الخاطئة سابقاً
وحالياً ، ولو استمرت الهجرة على ما هي عليه الآن فسوف ينقرض هذا الشعب
الأصيل عن أرض رواها بدمائه وعمرها بسواعده وعرقه ؛ وكذلك فأن هذه المطالبة
ليست خارجة عن سياق الدستور الذي أقر من قبل الجمعية الوطنية السابقة
"البرلمان" ، حيث تضمن المادة 125 من الدستور حقوق الأقليات المختلفة ومنها
الحقوق الإدارية .
وطنيـــــتنا.....
قد
يقول بعض شركائنا في الوطن : إن مثل هذه الأطروحات والمطالب تدخل في باب
التقسيم ــ تقسيم الوطن الواحد ــ ومشاركة للداعين والهادفين للتقسيم ،
وهذا غير صحيح جملة وتفصيلا ؛ صحيح أن هناك من أبناء شعبنا من تناغمت
مصالحه ( دون وعي منه ) مع بعض أطياف الشعب العراقي للمطالبة ببعض الحقوق
السابقة لأوانها ، خصوصاً وأن الوضع الحالي للبلد وثقافة المواطن المحدودة
لا تساعد على تحقيق وإنجاح تلك المطالب ؛ وقدر تعلق الأمر بالغالبية العظمى
من أبناء شعبنا وتحقيقاً لما ورد في الدستور فهناك أفكار ورغبات من بعض
تيارات شعبنا الوطنية لضمان حقوق ومستقبل هذه الشريحة الأصيلة بمنطقة
إدارية غير معزولة عن بقية أجزاء الوطن ، تتمتع بخصوصية أهلها التاريخية
والثقافية . بداية نقول أن ليس كل ما يطرح اليوم على ساحة شعبنا هو مشروع
وقابل للتنفيذ ، ونحن بكل تأكيد نعلم أن بعض تلك المطالب يدخل في باب غايات
وأهداف لا ناقة لنا فيها ولا جمل ، إنما هي صراع مصالح آنيّة للقوى الكبرى
في الوطن ، ويتصورون أنها ــ تلك المصالح ــ يمكن تحقيقها في غفلة من زمن
عدم الاستقرار الحالي ؛ فإذا كان العراق حالياً هو الحلقة الأضعف في معادلة
التوازن الإقليمي عموماً ، فكيف الحال بجزء بسيط منه ؟ .. فحالة الاصطفاف
العرقي والمذهبي قد أضر كثيراً وأخر بناء الدولة على أساس المواطنة اللازمة
لقيام بلد قوي ، مسلح ضد التفرقة وكل ما من شأنه تأخير عملية تقدمه
الاقتصادي والعلمي والحضاري ؛ لكن واقع الحال يقول أن المتابع للشأن
الداخلي ومنذ عملية التغيير يستطيع أن يميز المحاصصة الطائفية والعرقية
الآخذة بالترسخ في العراق ، تلك المحاصصة التي دعمت من خلال بعض مواد
الدستور والقوانين المنبثقة عنها ( التشكيلة الحكومية دليل واضح على ذلك )
، ولا ننسى الانتخابات التي جرت في مناسبتين ، لتظهر إلى الساحة السياسية
كتل (تحتل أغلب مقاعد مجلس النواب ) عرقية طائفية ؛ وذلك يعني بالضرورة أن
أغلب الشعب العراقي الذين خرج للمشاركة قد صوت ــ ربما عن غير قصد ــ حسب
عرقه أو مذهبه ما خلا شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) والبعض ممن يحمل
الوطنية في عقله وروحه ، حيث صوتت الغالبية العظمى من شعبنا لقائمة شعارها
المعلن كان " الوطنية " ، وذهب قسم آخر من الأصوات إلى قوائم أخرى ، ولم
تحصل القائمة الممثلة لشعبنا سوى على مقعد واحد !! (بعد جمع أصوات الداخل
والخارج ) ؛ علماً أن عدد ناخبي شعبنا ممن لهم حق التصويت يفوق النصف مليون
في الداخل والخارج . إن الوطنية ليست إدعاءاً يتبجح به من يشاء ؛ فالوطنية
تولد مع الشخص بمقومات من مثل التاريخ المجيد وحب الوطن والاستعداد للتضحية
في سبيله بالغالي والنفيس ونكران الذات والتضحية من أجل الآخرين ــ الشركاء
في الوطن ــ عليه فوطنية شعبنا لا تحتاج إلى أدلة وإثباتات ، فالتاريخ
والعمل والتفاعل مع مجريات الوضع عبر أزمان عديدة خير شاهد على ذلك .
نحــــن
وشركـائنا في الوطــن .....
يتكون المجتمع العراقي من فسيفساء ديني ومذهبي وعرقي
متعدد ، بل وحتى ضمن المجموعة الواحدة هناك ولاءات مختلفة سواء أكانت حزبية
أو مناطقية لها خصوصيتها ؛ عليه فمن الصعب بل من المستحيل تبسيط الحلول وإن
كانت مجيدة في أهدافها ، دون العودة إلى المشترك الذي يجمع الكل في بوتقة
واحدة ألا وهو المواطنة . فقد ظهرت مؤخراً ونتيجة "الانفتاح" الذي أشرنا
إليه في موقع آخر مطالبات وسياسات تعكس حالة التنوع ألفسيفسائي حيث الكل
يطالب بحقوقه الخاصة دون النظر إلى حقوق الشركاء في الوطن الآخرين ، ولا
نستطيع أن نزعم من أن هذه المطالبات هي نتيجة الديمقراطية وحرية الرأي
"المكتسبة" ؛ بل أنها أقرب ما تكون إلى الفوضى السياسية والاجتماعية التي
ضربت أطنابها الوضع العام في البلد بعد عملية التغيير ، تلك المطالب التي
لم تعد تحدها أية خطوط حمراء قانونية أو أخلاقية وغيرها ، كون ليس هناك من
قوة مركزية رادعة تنظم وتحد من غلواء الكثير من تلك المطالب المشروعة منها
وغير المشروعة . وإذا كنا سابقاً قد أشرنا إلى حالة التنوع العرقي
والجغرافي والإرث الثقافي ، نقول أن ذلك قد أثر على طبيعة الشخصية العراقية
الحديثة وطريقة تفكيرها ونظرتها إلى الأمور ، فخلال القرن الماضي ، وهو
القرن الذي كان له التأثير الكبير على تلك الشخصية ( بالإضافة إلى الموروث
الثقافي والجغرافي والاقتصادي ) نلاحظ في بدايته ذوبان الفروع " الدين
والقومية والمذهب " في بوتقة الولاء للدولة ، ومع التقدم البشري وسهولة نقل
الأفكار والمفاهيم نلاحظ ظهور حالات تعدد الولاءات الفكرية والحزبية بل
وحتى الدولية ، لننتهي فيما بعد ( بطريقة قسرية ) في محاولة لحصر الولاء
بشخص وفكر بعينه ، ليسقط المجتمع في حضيض الفكر الشمولي والفقر الثقافي
والمادي نتيجة المغامرات التي أثقلت كاهل المواطن البسيط ؛ ليتداعى واقع
الحال هذا بعد التغيير الذي أطاح ليس فقط بالنظام الحاكم وإنما بفكر طالما
استأثر بكل شيء وحاول فرض نظرته الخاصة على مجتمع متعدد في كل شيء ، لتخرج
تلك الشخصية من قمقم الشمولية إلى واقع يعكس حالة التناقض في الشخصية ذاتها
. أما بخصوص الوضع الراهن فنحن لا نعول كثيراً كونه يمثل مرحلة انتقالية "
إن من ناحية الاستقرار أو فهم ما يجري " حيث حالة التخبط وسوء التصرف ؛
فهناك من قاطع العملية السياسية برمتها ومنذ بدايتها ، كونه راهن على فشلها
بدون "وجوده المؤثر" ؛ وهناك من انتهز فرصة وصوله إلى السلطة لفرض رأيه
وأجندته الخاصة استنادا إلى أغلبيته العددية ؛ وهناك من رفع سقف مطالبه (
المشروعة منها وغير المشروعة ) لترسيخ نفسه كرقم صعب في معادلة الحكم
الحالية ؛ أما الأقليات ــ بصورة عامة ــ فإن موج مصالح الآخرين يتلاطمها
من هنا وهناك ، وهي في انتظار الاستقرار وسيادة القانون في البلد ، حيث
الاستناد في الحكم وتمشية أمور الوطن يجب أن تعتمد على الكفاءة وليس الولاء
الحزبي والعرقي ؛ فهذه الأقليات الآن ومن بينها الكلدان السريان الآشوريين
في حرج من أمرها ، فهي من جهة تحاول الحفاظ على خصوصيتها وإرثها ( كما
يطالب الآخرين لأنفسهم ) ، ومن جهة أخرى فهي تحاول جاهدة خلق توازن مع
الأطراف "الكبيرة" منعاً للتصادم مع أي منها ؛ وفي كلتا الحالتين فهي ــ أي
الأقليات ــ في تراجع وضعف بسبب استغلالها من قبل المكونات الكبيرة وبنسب
متفاوتة ؛ أحد رموز " المعارضة " صرح عشية التغيير وخلال مؤتمر موسع
للمعارضة عقد في شمال العراق بما معناه : أن نجاح عملنا ــ يقصد المعارضة
ــ يكمن في المحافظة على حقوق الأقليات العرقية والدينية ودعمها . فعلى
الرغم من هذه " التعهدات " فقد عانت الأقليات وطيلة الفترة الماضية من
صعوبات شتى ، ومنها الحفاظ على خصوصية أرضها التاريخية وأماكن تجمعها
الحالية ؛ فالصراع في أحد أوجهه يتناول عائديه أراضي ومساحات بعينها ،
خصوصاً في شمال العراق حيث يتواجد شعبنا ، فقد تعرضت هذه الأراضي وخلال
القرن الماضي وما قبله إلى عمليات تغيير ديموغرافي كبير ( بشكل قسري في
أغلبها الأعم ) نتيجة الحروب والمذابح المعروفة والمؤشرة لدى الهيئات
الدولية ذات العلاقة ، حيث سادت فئة غريبة عن المنطقة على أخرى كانت في يوم
من الأيام تمثل الأغلبية الساحقة ! ؛ لكن هذه المشكلة يمكن حلها ، وحتى
المشاكل الأخرى إبتداءاً بحسن نوايا جميع الأطراف المؤثرة حالياً ، مروراً
بالاستئناس بالوثائق والمستندات والخرائط المحفوظة لدى الدول العظمى حينها
( بريطانيا وفرنسا والدولة العثمانية ) ، ومع مراعاة الواقع على الأرض
حالياً ، لننتهي بالتوصل إلى نتيجة ترضي جميع الأطراف وتعيد الحق لأصحابه .
إن لكل طرف من الأطراف الفاعلة اليوم على الساحة العراقية أجندته
الخاصة ، أو بعبارة أخرى غاية تروم الوصول إليها ، وبالضرورة ستكون الوسائل
المستخدمة انعكاسا لتلك الغايات .. فإن كانت الغايات مشروعة ، فلن تكون
هناك مشكلة في الوسائل كونها لن تتعدى على حقوق الآخرين ؛ بعكسه فأن أي
غايات غير مشروعة (كالتي نعاني منها في سهل نينوى) وباستخدام وسائل غير
مشروعة ، ستعمل على تعميق الخلاف مع المكونات الأخرى ، وستحرم بالتالي
المكونات الصغيرة من حقوقها ، لنعود إلى نقطة الصفر ، أو الدخول في متاهة
الصراعات العرقية والأثنية التي من المستبعد أن تنحصر بين الأطراف الداخلية
، وهذا لن يكون في مصلحة أي طرف من الأطراف .
مكونــات
شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) .. نظرة واقعية .....
إبتداءاً إن شعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) هو شعب
واحد لاشك في ذلك ، بحيث أن من يعارض ذلك لا يستند إلى وقائع التاريخ
والحقائق على الأرض ، إنما يستند إلى مصالح سياسية أو مادية زائلة ، ويعمل
لصالح أجندات دخيلة لا ترغب في رؤية الأهداف المشتركة وقد تحققت ؛
فالمشتركات كثيرة بين مكونات شعبنا وإن تعددت التسميات ، فاللغة الواحدة (
المستندة إلى أقدم أبجدية معروفة ) ، والديانة الواحدة ( تعدد المذاهب ليس
دليلاً على الخلاف العرقي ) ، كذلك العيش ضمن بقعة جغرافية واحدة طيلة قرون
طويلة ماضية ( منطقة انطلاق الحضارتين البابلية والآشورية العظيمتين ) ؛
وهنا لا نريد الخوض في مجاهل التاريخ السحيق لإثبات نسب فلان أو علان ، كون
هناك ثغرات تاريخية لم تسبر أغوارها حتى الآن ولا يمكن ملؤها بأفكار
فنتازية ، فما يستمد من ذلك التاريخ العريق والمجيد يجب أن يشجع على تقوية
اللحمة بين مكونات شعبنا في الوقت الحاضر ، لا إلى أن يفرقنا . فإلى ما قبل
سنوات قليلة ماضية لم تكن التبعية ( لمكون بعينه ) مشكلة لأي فرد من عامة
شعبنا ، حيث كان الجميع لا يبحث أو يسأل عن "قومية" الآخر ، وإنما كانت
التبعية للمنطقة الجغرافية ، فكنا نشير لأحدهم بأنه " تيارايا " أي من أهل
الجبل ، أو أن الآخر " دشتايا " أي من أهل السهول ، والاثنان يشتركون في
تسمية " سورايا " وهي التسمية الموحدة التي استخدمت ولا زالت تستخدم حتى
الآن ؛ أما بخصوص التسمية القومية "كلدوآشور" فهي ليست جديدة كما يحاول
البعض إدعاءه ، إنما هي قديمة نوعاً ما ، حيث استخدمت منذ بداية القرن
الماضي من قبل كثير من رموز شعبنا المثقفة ومن كوادرنا السياسية والدينية
والإعلامية ، فقد وردت في مواقع عديدة وتداولها الكثير من رموز شعبنا . إن
ما أوردناه سابقاً يخالف ما يحاول البعض من المحسوبين علينا في إثباته
والتمسك به على الرغم من واقع الحال على أرض الواقع ، فهؤلاء يجهدون أنفسهم
في "استنباط " ما يفرقنا مستندين في ذلك إلى كتابات وآراء غير موثوقة إن من
ناحية الوقائع التاريخية المغلوطة ، أو لغاية في نفس مؤلفيها ومطلقيها ؛
وهنا نود الإشارة إلى أن مشكلة الانتماء القومي والهوية القومية لا تخص
شعبنا وحده ، إنما هي مشكلة الغالبية العظمى من المجتمع العراقي الكبير
والدول المجاورة أيضاً ، فهذه الأرض ومنذ بداية دويلات المدن كانت معرضة
لهجمات متبادلة وإجتياحات وحروب قلّ مثيلها في أماكن أخرى ، وإن قال أحدهم
بأن قوميته كذا ، فذلك استنادا إلى ما تناقله عمن سبقوه ، والذين من الممكن
أنهم انتموا إليها لحاجة في أنفسهم أو لضغط ممن ساد عليهم حينها .
في موقع آخر أوردنا بأن العملية السياسية قد تمخضت عن كتل
سياسية كبيرة أساسها العرق أو المذهب ، وهذه الكتل تحاول وبشتى السبل (
نتيجة عدم أيمانها بالديمقراطية وحقوق الإنسان ) التأثير على الأقليات
"والتي هي ضمن مدى تأثيرها" لتصبح ضمن مدى مخططاتها المعلنة وغير المعلنة ؛
وذلك عن طريق الدعم المادي في الغالب حالياً ، أو بالتخويف من المجهول في
أحيان أخرى ، وهذه المخططات تمر اليوم بمرحلة من القوة وقدر كبير من
التأثير ، ونحن نعلم أن قيام جزء من شعبنا بالانجرار خلف مثل هذه المخططات
لا يعني بأنهم قد " باعوا " أنفسهم للغير أو أنهم اختاروا الانسلاخ عن
أبناء جلدتهم ، بل يأتي هذا نتيجة الحاجة إلى المال والسلطة ، وحالما يرفع
ذلك التأثير عنهم سوف يعودون إلى الصف الواجب والطبيعي الوقوف معه . وهنا
يأتي دور الكوادر المثقفة (السياسية والأكاديمية ) والمؤمنة بوحدة شعبنا
والحريصة على مستقبله ، بأخذ زمام المبادرة بالتحذير من هذه المخططات ،
بعكسه فأن التركيز على ما يفرقنا سوف تجعل المواطن البسيط يحسّ بيأس وإحباط
أكثر ما يعانيه حالياً ؛ ويجب التأكيد على أن الاختلاف السياسي يجب أن لا
يؤدي إلى الفرقة بين الأشقاء ، وأن يصب في النهاية في مصلحة الشعب وهويته
القومية خدمة للحاضر والمستقبل .
دشتا د
ننوي .. مسؤولية من هم في الخارج كما الداخل .....
لقد تعلم شعبنا الكثير نتيجة الأحداث الجارية الآن على
الساحة العراقية بكافة تشعباتها ، وأهم ما تعلمه هو أن دشتا د ننوي يعتبر
الملاذ الأخير أو الملجأ الأمين في حال تعرض البلد (العراق) إلى أزمات
داخلية كالتي يتعرض لها اليوم ولا يعلم أحد المدى الذي ستصل إليه الأمور ،
أو إلى كم من الوقت سيحتاجه حتى تشيع حالة الأمن وتعود الأمور للاستقرار .
يجب التفكير منذ الآن ملياً من قبل المتنفذين من أبناء شعبنا في الداخل
والخارج حيث يكون الجهد جماعياً لتطوير هذه المنطقة لجعلها قابلة على
استيعاب النازحين من أبناء شعبنا ومن الراغبين في البقاء والاستقرار في سهل
نينوى ؛ وهنا يجب التحرك في عدة اتجاهات الأول سياسي .. بمعنى التنسيق بين
الجهات السياسية لشعبنا وبمختلف اتجاهاتها (شرط توافر حسن النية لدى الجميع
والأيمان بوحدة شعبنا وكذلك استقلالية القرار القومي ) لتوحيد العمل ، ومن
ثم التوجه بالخطاب الموحد لبقية الجهات السياسية الأخرى في الوطن (صاحبة
القرار ) لترجمة العمل المشترك على أرض الواقع بقرارات وقوانين تخدم توجهات
شعبنا وأهدافه ؛ الثاني ثقافي .. وذلك عن طريق توعية الجماهير بمصالحهم
العليا وأهدافهم المستقبلية ، وهذا الأمر يتم بالتنسيق بين كافة الجهات "
مؤسسات مجتمع مدني ، أحزاب ، مثقفين " ؛ والثالث اقتصادي .. وذلك بإقامة
مشاريع تخدم إقامة منطقة مستقرة ومكتفية اقتصاديا ، حيث تكون هذه المشاريع
بمثابة " بنية تحتية " لتوفير فرص عمل للعاطلين ، وكذلك الاهتمام بالزراعة
كون سهل نينوى هو منطقة زراعية بالدرجة الأساس ، والاهتمام بتوفير المياه
للزراعة ، علماً إن من أكثر المشاكل التي تعانيها الزراعة في المنطقة هي
توفير المياه لسقي المحاصيل ، وهذا ما أثبتته السنوات القليلة الماضية حيث
قلة الأمطار أدت إلى خسائر كبيرة للمزارعين والمنطقة بصورة عامة ؛ الاتجاه
الرابع علمي .. بمعنى إقامة جامعة ومعاهد فنية ومدارس مع التركيز على
المناهج الدراسية الحديثة لتنشئة جيل متعلم قادر على التعامل مع
التكنولوجية الحديثة .
عن ما ذكرناه أعلاه يحتاج إلى تعاون ثنائي بين أبناء شعبنا ،
نقصد بذلك من هم الداخل والخارج ؛ فمن هم في الداخل يشكلون حجر الزاوية في
ديمومة أصالة هذه المنطقة ، وبالتالي يحافظون على خصوصيتها التاريخية
والديموغرافية في وجه محاولات طمس معالمها ؛ أما من هم في الخارج وهؤلاء
يشكلون نسبة كبيرة من تعداد شعبنا ، صحيح أنهم قد هاجروا إلى بلدان أخرى
ومنذ فترات مختلفة ولأسباب مختلفة ، لكن عليهم التواصل مع مناطقهم الأصلية
في البلد كونها وبكل الأحوال تشكل خط رجعة لهم في المستقبل ، ففي حال
استقرار الأوضاع في العراق فيمكن الاستفادة من القوانين الجديدة ومنها
قانون تعدد الجنسيات ، بحيث يستطيع المهاجر من استرجاع جنسيته العراقية ،
مع ما يعنيه ذلك من حقوق التملك والانتخاب كأي مواطن آخر ؛ لذلك فعليهم عدم
نسيان ماضيهم وارتباطهم والعمل من أجل تقوية أواصر العلاقة مع وطنهم الأم
والمناطق التي هاجروا أو هجروا منها ؛ ولا ننسى المخاطر التي تتعرض إليها
مناطقنا حالياً من جراء رغبة البعض بـ "وضع اليد عليها " وإلحاقها بمناطق
أخرى وتحت رعاية من لا يمت إلينا بصلة إن بالترغيب أو الترهيب ، لأجل كل
ذلك فعلى من في الخارج العمل وفق سياقين : اقتصادي بمعنى دعم عملية إقامة
المشاريع المختلفة ( عمرانية ، ثقافية ، تربوية ، ترفيهية ، سياحية .. الخ
) التي تسهم في القضاء على البطالة في المنطقة ومن ثم القضاء على حالة
التلاعب بأهل المنطقة وشراء ذمم الفقراء والمحتاجين منهم ؛ أما السياق
الثاني فهو سياسي ، بمعنى متابعة كافة المستجدات الجارية في المنطقة ،
وإبداء رأي تجاهها إن من خلال التظاهرات أو إعتصامات ( كما جرى في السويد
مؤخراً ) ، أو من خلال تشكيل تجمعات قومية لا تستثني أحداً من أبناء شعبنا
، حيث تقوم تلك التجمعات بالاتصال بالجهات الرسمية في الدول المتواجدين
فيها لشرح حالة التجاوزات ضد شعبنا واتخاذ القرارات اللازمة بصددها ؛ إن ما
ذكرناه أعلاه لا يحتاج إلى أكثر من حسن النية والأيمان بالقضية والعمل
الجدي ومن كافة الأطراف المهتمة بهذه القضية ، ففي النهاية سوف تشمل
الفائدة الجميع والأهم من ذلك سوف يتم الحفاظ على هذه المناطق من الاضمحلال
.
الهجــــــــرة .....
إن الهجرة بمفهومها العام هي هروب من واقع يشكل عبء على صاحبه
، وتتعدد أسباب ذلك الهروب بين هشاشة الواقع الأمني أو صعوبة الوضع
الاقتصادي أو بسبب الخلاف السياسي أو لأسباب شخصية ؛ وقدر تعلق الأمر
بشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) فمن أصعب المواقف التي يمر بها حالياً
هي حالة الهجرة المستمرة والمتواترة بشكل أسرع من أي وقت مضى ولجميع
الأسباب الواردة أعلاه ، وفي حال استمرارها على هذا المنوال فعن قريب لن
يتحقق أي من الأهداف التي نطمح إليها ، تلك الأهداف التي أصبحت أقرب إلى
الحقيقة بعد عملية التغيير والتركيز لأول مرة على الحقوق القومية والإدارية
للأقليات ، لتذهب تلك " الأحلام " أدراج الرياح نتيجة العنف العشوائي الذي
اجتاح البلاد ويجتاحها حتى يومنا هذا ؛ وبنظرة إلى واقع شعبنا وعملية
الهجرة نلاحظ أن هناك رابط جدلي بينهما ، امتد إلى الماضي القريب ( القرنين
الماضيين بالتحديد ) حيث تعرض لانتهاكات واسعة من قمع ومذابح وتهجير وإعادة
توطين لأسباب عدة منها ديني ومذهبي وقومي ، والقاسم المشترك بينها كان محو
وإزالة التواجد التاريخي لهذا الشعب الأصيل من أماكن تواجده ، لفسح المجال
أمام الطارئين ليحلوا محلهم ، وهذا ما حصل بالفعل ؛ وهي مؤامرة اشتركت فيها
كافة القوى الكبرى حينها وبالتعاون مع بعض الأطراف المحلية .
على الرغم من أن الكلدان السريان الآشوريين هم ــ باعتراف
كافة المؤرخين ــ أصحاب البلد الأصلاء وقوم معروفون بالتسامح والاندماج مع
محيطهم ، إلا أنهم عاشوا تحت حماية الآخرين منذ أزمان طويلة ماضية ، حيث
تفاعلوا مع محيطهم بايجابية خلال بعض الفترات ، وإنكفأوا في أخرى ، مرد ذلك
إلى تفاعل شعبنا مع أي حالة للانفتاح السياسي الاجتماعي ضمن المجتمع الأكبر
، بعكسه فأن أي حالة تعصب من قبل الحكومات المركزية أو التجمعات " الأكبر
حجماً " تجعل شعبنا يبحث عن مخارج لما يعتبره أزمة تهدد وجوده ؛ ففيما مضى
كان الحل الأمثل والأسهل هو تغيير الدين ومن ثم القومية واللغة ، أما اليوم
فأن الحل الجاهز والسريع وكنتيجة لتراكمات الماضي ( الغير مشرف ) هو الهجرة
إلى مجاهل الدنيا ، على اعتبار أنها ــ أي الهجرة ــ العلاج الناجع لكافة
المشاكل التي يعانيها ، " وهذا واقع حال نتلمسه يومياً خلال الفترة الراهنة
حيث نلاحظ هجرة عشرات العائلات يومياً إلى الخارج ، وبذلك فأن كثرة مصادر
القلق قد وحد النتيجة " . والهجرة ليست وليدة اليوم ، إنما تعود إلى فترات
سابقة يوم تعرض جزء هام من شعبنا إلى مذابح رهيبة في أواسط القرن التاسع
عشر وبدايات القرن العشرين ، مما دعا شعبنا لاتخاذ قرار الهجرة منذ ذلك
الوقت هرباً من المذابح والإبادة ؛ حيث كانت تلك الموجة الأولى من الهجرة .
أما الموجة الثانية فابتدأت تقريباً منذ بداية التسعينات وما قبلها ــ إلى
حد ما ــ من القرن الماضي نتيجة المغامرات الحربية للنظام السابق ، فالحرب
مع إيران على سبيل المثال ذهب ضحيتها الكثير من أبناء شعبنا يقدر عددهم بـ
( 60000) ستون ألف شهيد ومفقود ومعوق وأسير ؛ وكذلك الأزمة المعيشية التي
اجتاحت البلد نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق بقرارات أممية في
التسعينيات من القرن الماضي ، وكذلك لا ننسى المد الديني التعصبي الذي بدأ
بالانتشار في أواسط التسعينات بدفع وتشجيع من النظام حينه . ومما شجع على
استمرار الهجرة هو حالة عدم الاستقرار ، الذي أصبح مشكلة شائكة في العراق
حتى بعد عملية التغيير ومرور أكثر من خمسة أعوام على ذلك ، وكذلك فمن يصل
إلى مبتغاه يعمل جاهداً على إقناع ذويه وأخوته وحتى أصدقاءه باللحاق به إلى
الفردوس المزعوم ، ولا ننسى التسهيلات العالمية في هذا المجال حيث كان يسمح
للعراقيين بالدخول إلى كافة البلدان تقريباً ؛ نتيجة لذلك فقد انخفض تعداد
شعبنا في الوطن ، فبعد أن كان يعد بأكثر من مليون وربع المليون نسمة أوائل
الثمانينات في القرن الماضي ، تراجع حتى الستمائة ألف حالياً والعدد في
تناقص مستمر ولأسباب أصبحت واضحة للعيان أكثر من أي وقت مضى ؛ ولقد جاءت
مسألة استهداف الكنائس ورجال الدين وكذلك المواطنين العاديين لتزيد حالة
الهجرة سعيراً . وللقضاء على هذه الظاهرة يجب توفر عدة شروط منها : توفر
منطقة إدارية يحس فيها المواطن بالأمان على نفسه وعلى عائلته ، وكذلك
الرفاه الاقتصادي وتوفير فرص العمل للعاطلين وممارسه الأعمال دون خوف من
التكفيريين والخارجين عن القانون ، والأهم من ذلك كله الوضع العام في البلد
من ناحية تحقيق سلطة القانون المستندة إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان ،
بحيث يتمكن الراغبين بالعودة إلى المناطق التي ترعرعوا فيها في طول العراق
وعرضه .
خاتمــــــــة ......
بعد ما أوردناه سابقاً نلاحظ أن هناك مشكلة في عراق اليوم تتمثل بحالة
الخلاف المستشري بين مكونات الوطن الكبير ، شجع على ذلك حالة الانفتاح
الشامل على مختلف المفاهيم الحديثة التي لم تكن مطروحة سابقاً ، ومع قصور
الفهم المجتمعي لتلك المفاهيم حصلت الأزمة بين المكونات المختلفة المؤلفة
لمجتمعنا العراقي الكبير ، وأصبح الجميع يهدف إلى قوقعة نفسه في حيز أو
مكان يأمن فيه على نفسه وعلى من يماثله في الدين والمذهب والعرق والرأي .
وكجزء من الحالة العامة كانت لشعبنا ( الكلداني السرياني الآشوري ) مطالبه
الخاصة في هذا الصدد ، ليس إيمانناً منه بضرورة تحويل العراق إلى بلد "
الكانتونات " العرقية والمذهبية ، وذلك يعني التقسيم في وقت لاحق ؛ إنما
مماشاة مع التيار الواقعي الحالي وكذلك منعاً لمحاولات السيطرة على المناطق
المتبقية لشعبنا من قبل المكونات الأكبر عدداً بالترغيب أو بالترهيب ،
وأيضاً محاولة الحفاظ على ما تبقى من خصوصية ثقافية وجغرافية يتمتع بها
مجتمعنا الأصيل ، ومنعاً للاضمحلال والانقراض منها كما حصل لبقية المناطق
إبان المائة والخمسين سنة الماضية . إن " دشتا د ننوي " كمنطقة خاصة لشعبنا
تماثل مناطق أخرى عائدة للآخرين من أشقائنا في الوطن ، لن تشهد سلاماً
واستقرارا دائمين ، إلا عبر سلام واستقرار الوطن الأكبر العراق ، وهذا لن
يتم إلا عبر تفاهم واحترام العراقيين أحدهم للآخر بعيداً عن لغة التخوين
ومحاولات السيطرة القسرية على الأرض والبشر ، ولنا عبر التاريخ بهذا الصدد
شواهد يصعب حصرها ....
|