جريمة بدماء باردة
ذنون محمد
جريمه بشعه ارتكبت قبل ايام قليلة في باحة كنيسة
سيدة النجاة في بغداد أدواتها بعض الزمر الارهابية الرخيصة التي ما زالت
تعمل بعقلية منحرفة وبأساليب وضيعة وبأهداف دنيئة متخذة الفراغ الامني
نتيجة تأخر تشكيل الحكومة الوقت المناسب لفعلتها فهذه العملية والعملية
الاخرى التي تلتها بعد يوم والتي أستهدفت مناطق مختلفة من بغداد وجدت
الارضيهة المناسبة لقيامها فساستنا منشغلون بألمناصب وتطلعاتهم الشخصية
والمجتمع العراقي بكل مكوناته ضحية لهذا الفراغ..
فألارهاب سمة للبعض ممن
فقد أنسانيته واصبح أداة طيعة لا قيمة لها تمارس القتل من اجل القتل او من
اجل اجندة خفية والتلذذ بمناظر الاطفال وهم تصرخ من أجرامية هؤلاء فالمئات
من العراقيين بمختلف مشاربهم ومللهم ذهبوا ضحية لحماقة البعض ممن لا يريد
ان ينظر الى شمس النهار بعين مفتوحة وممن ما زال يعيش في العصور المتحجرة
التي أثرت على تفكير هؤلاء المجرمين ومنطقهم البائس في الحياة... شرذمة
بائسة تحمل في تفكيرها المريض احلاما باهتة لا ترقى الى حياة الانسان
المدركة والواعية لقيمة الحياة وما تحمل من قيمة للبناء والتطور والعمل على
خدمة الجميع بغض النظر عن النظرة الشوفينية التي تميز بين الافراد والملل
ولا تمت الى الواقع المعاش بشيء صنعوا جريمة من جرائم التاريخ ضد مكون
طبيعي وأساسي من مكونات المجتمع العراقي أو ألارض العراقية مكون أخذ على
عاتقه بناء هذه الارض منذ الاشراقة الاولى فبذل الجهد تلو الاخر فشيد
حضارات ما زالت شخوصها حاضرة للجميع... اناس ابرياء لا ذنب لهم ولا ناقة
ولا جمل في بلد تحول الى ساحة من الدماء التي أصبحت تسفك دون ذنب من أجل
أجندة لم نعد نفهم مغزاها سوى أنها تعبث بكل وحشية بوحدة الجسد العراقي
الذي عرف هذه اللحمة وأنصهر بها فلن تهزه هذه الجريمة النكراء التي ذهب
ضحيتها العشرات من ابنائنا وأخوتنا قربانا لهذا البلد. جريمة بشعة هزت
ضمائر الاحرار الذين يبحثون عن قواسم العيش في هذا البلد وما اكثرها بينما
يأتي صغار من الناس محاولين فك هذا النسيج المتين الذي تعاضد على بعضه مئات
من السنين.. مئات الجثث سالت دماؤها في كنيسة سيدة النجاة في الكرادة وهي
تؤدي صلاة التقرب الى الله وجثث اخرى تناثرت في شوارع بغداد المختلفة وفي
احيائها المتناثرة على ضفتي دجلة في أمسية حزينة لم نتحملها جميعا الا
بالدموع الحارة التي سقطت تلقائيا وهي سبيلنا الوحيد الى حال هذا البلد
الذي بذل ابناؤه وبمختلف مشاربهم الدماء من اجله مدافعين عن وحدته ووحدة
مصيره.. أن المكون المسيحي وأن أختلفت مسمياته امام المشهد السياسي العراقي
من المكونات ألاصيلة لهذا المجتمع بل لا نأتي بجديد أن قلنا هم نواة العراق
وأبناؤه ألاوائل فآثارهم ما زالت شاخصة في كل شبر من هذه ألارض فهم من بنى
الحضارات وشيد الحصون وأنشأ المكتبات التي ما زالت تغذي العقل ألانساني
وتنمي معارفه المختلفة. ان البعض بات يربط هذه الاجندة وبألذات التي تستهدف
المكون المسيحي بأجندات أفراغ منطقة الشرق الاوسط من هذا المكون الاصيل وهي
محاولات فاشلة فهذا المكون هو جزء أصيل وفعال وذو أرث وتاريخ عميق في
حضارات هذه المنطقة وهذه المحاولات هي محاولات بائسة ومرفوضة لاتجد أذنا
صاغية.. ان الاجهزة الامنية العراقية التي من المفترض ان تحمي هذه الاماكن
وغيرها من خلال نقاط التفتيش الكثيرة والمنتشرة بين الاحياء تتحمل بالدرجة
الاساس هذا الاخفاق الامني الكبير والذي سمح لهذه المجاميع الارهابية بأن
تمارس دورها القذر وتقتل الناس بدماء باردة غير ابهة بقيمة المكان وقدسيته
عند العراقيين جميعا..
|