عشيّة انتخابات مجالس المحافظات
نبيل شانو
في بحر أقل من شهر من الآن ، نحن على موعد مع مناسبة
انتخابية أخرى ، وفرصة جديدة للحصول على المقعد الوحيد ( الكوته ) الذي خصص
لشعبنا "الكلداني السرياني الآشوري" من قبل مجلس النواب العراقي في محافظات
نينوى وبغداد والبصرة ، نستطيع القول بداية أن هذا التخصيص " نقصد به
المقعد الواحد " قد ظلم شعبنا كثيراً ، كونه قد تجاوز على الحقين ، العدد
والكفاءة ؛ المهم في الموضوع وبعد أن تم تثبيت تلك الحصة الظالمة وبعد أن
وافقت كافة شرائح شعبنا ومكوناته على الاشتراك في تلك الانتخابات ، علينا
العمل والتصرف بإيجابية وواقعية لإيصال من يمثل هذا الشعب الأصيل إلى تلك
المواقع ، والابتعاد في الوقت عينه عن استنساخ المواقف السابقة خلال
الانتخابات الماضية ، والأخطاء التي وقعنا فيها خلال تشتيت الأصوات عن طريق
اختيار مرشحي القوائم الأخرى وتصويبها هذه المرة ، وذلك لفرز من يمثل شعبنا
أحسن تمثيل في وقت أخذ فيه الآخرين بترسيخ مواقعهم والحفاظ على امتيازاتهم
المتحققة ، وعلى هؤلاء "مرشحينا" الحفاظ والدفاع عن حقوق ومصالح شعبهم ولا
يكون مَـثلهم كمثل الساكت عن الحق ..
هنا علينا التأكيد على موقفين تحديداً .. أولهما : موقف من يرشح
نفسه ليكون "صوتاً" و "فعلاً" يظهر ويعمل لمصلحة مئات الآلاف من الشعب
المهمش في وقت تتلاعب فيه رياح المصالح والأجندات الخارجية والداخلية على
حد سواء بمقدراته ، وبالتالي التلاعب بأرواح ومصائر أبناء البلد الأصلاء ،
حيث مفترق الطرق المصيري ، فأما الوجود والاستمرار .. وأما الهروب والفرار
؛ فعلى هذا المرشح ومن خلفه المكون الحزبي أو المدني الداعم تقع مسؤولية
الوعي وضمن مختلف مستويات العمل القومي والوطني والحرص بأن ما سيطلقه من
تصريحات وما سيتخذه من قرارات ، لن يكون هو ومن خلفه المكون الداعم المحاسب
عليها والمتأثر بها فقط ، وإنما سيشمل ذلك بنتائجه شعب كبير سوف يؤخذ أيضاً
بجريرته ( ولنا في الأمس القريب خير مثال ، عندما تم تهجير مئات العوائل من
مدينة الموصل نتيجة تصريحات ومواقف غير مسؤولة ) . إن من يتصدى لهذه الموقع
عليه أن يتصف بالوعي والحصافة لكي يظهر الوجه المشرق والحضاري لشعبنا
العريق المسالم ، ويظهر ما يتميز به من كفاءة استثنائية بالعمل الجدي
لإظهار الصورة القومية المشرقة والمؤطرة بأطر الوطنية الحقة ، وعليه أن لا
ينجر خلف الشعارات المغرضة وبالتالي تحميل شعبه (كما قلنا سابقاً) أكثر مما
يحتمل .
أما الموقف الثاني فهو موقف الناخبين ، فعليهم التذكر عند وقوفهم
أمام صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم بأن كافة الضغوطات النفسية والمادية
سوف تختفي أو عليها أن تختفي في تلك اللحظة ، وتبقى مسألة جوهرية واحدة وهي
مسألة المصير "مصير شعب" ومستقبله ، حيث نعلم أن ما يعانيه شعبنا الكلداني
السرياني الآشوري من ضغوطات خارجية وانقسامات داخلية هو لأسباب عديدة ،
ولابد هنا من الاعتراف بأن كثير منا يشكل جزء من تلك المشكلة ، لاختلاف
رؤانا تجاه الواقع ، إن من ناحية الأهداف أو الوسائل ، فهناك من يعتبر أن
القومية شيء هامشي لا يستحق النضال من أجله، وهناك من يؤكد بأننا لسنا
شعباً واحداً ، وكأنما اللغة والجغرافيا والدين والتقاليد كلها أمور
فنتازية لا تستحق الإشارة إليها ، وهناك أيضاً من لا يهمه هذا الرأي أو ذاك
، كون اهتمامه الوحيد ينصب حول المال وإمكانية الحصول عليه ، ولا يهم من
أمره إن كان تابعاً أو حراً ، فتلك مسائل نسبية يمكن مناقشتها وتثمينها ! .
في العمل السياسي النزيه لا يشكل
تعدد الأحزاب بحد ذاته مشكلة ، إنما هو مصدر قوة وذلك بتعدد الأفكار
والتنافس عليها بطريقة شريفة من أجل مصلحة المواطن العادي ورقيه حضارياً ،
فالمشكلة ليست كمّ اللذين يعملون ، إنما لمن يعملون ؟ ، والمشكلة ليست
بهندام هذا المرشح أو ذاك وغيرها من أساليب الترف وحب الظهور ، إنما
بمشاعره الداخلية وإخلاصه وولائه لوطنه ولشعبه ومجتمعه ؛ فلسنا وحدنا كشعب
أصيل نعاني مما سبق ذكره ، بل يشاركنا في هذه "المعضلة" الكثير من الأقليات
المغلوب على أمرها ، من التي تشاركنا محنة العيش في هذه البقعة ، لكن
عزائها وعزائنا جميعاً يكمن في الديمقراطية التي نؤمن بها ونعمل من أجل
تحقيقها بالممارسة السلمية والتفاهم والتسامح وقبول الآخر ، فهذه الأقليات
لا تملك المال والقوة وبالتالي السلطة للتأثير بالآخرين ، فسلاحها الوحيد
هو المشاركة قدر الإمكان ومحاولة تغيير الواقع المتهرئ بدأ الكثيرون
يتطبعون به . على جماهير شعبنا أن تملك الشجاعة في التعبير عن نفسها بحسن
الاختيار ، فأما التصويت لقوائم شعبنا من التي تهدف إلى إيصال الصوت
الحقيقي لمواقع صنع القرار ، أو التصويت للقوائم " الأصلية " التي يكن لها
الولاء دون الحاجة إلى انتخاب " وسيط " يزيد واقعنا تشتتاً وألماً ...
|