شركة نفط الشمال موظفون من أبناء شعبنا
يتحدثون
زوعا - عامر بولص
موظفون جل عمرهم اعطوه خدمة للشركة والوطن ..
عشرات السنين وهم في تواصل - في الالتزام – الجدية – حب العمل - الالتزام
باهم المباديء التي يؤمنون بها في العمل وهي الاخلاص والدقة .. شركة نفط
الشمال عرفت الكثير من ابناء شعبنا فقد كانوا الاكثرية في العدد في
الأربعينات والخمسينات والستينات ولكن مع بداية السبعينات بدأت أعدادهم تقل
بالاخص خلال الحرب العراقية الايرانية حيث اضطر العديد من الموظفين الى ترك
الوطن هربا من الاضطهاد والظلم .. ولقد تم اقصاء العديد من ابناء شعبنا من
وظائفهم من الشركة بسبب تهمة التبعية التركية والايرانية فحرموا من وظائفهم
بالرغم من كفاءتهم وجديتهم وإخلاصهم للعمل، اضافة الى الخدمة الطويلة في
الشركة. واليوم نلتقي مع من عاصروا جيل الستينات والسبعينات وهم موجودون
الى يومنا هذا حيث التقينا مع السيد ابرم هرمز ابن الشماس هرمز يوخنا
المعروف في المدرسة الاثورية الاهلية في كركوك .وهو من مواليد كركوك 1947
تحصيله الدراسي دبلوم فني وحاليا رئيس مشرفين فني اقدم .. سالناه عن كل
هذا العمر الطويل في الشركة عمله حياته ونتائج ذلك العمل الطويل ؟
* تخرجت من المعهد في عام 1972 وبعد ذلك تم تثبيتي في شركة نفط
الشمال وارتقيت بالدرجات الوظيفية الى يومنا هذا حيث انني ألان رئيس
مشرفين فني أقدم . اعمل في إعداد خرائط تصميمية لنصب وربط مضخات ونصب
عازلات نفطية ثلاثية الطور وعازلات الاختبار العازلة للنفط والغاز والماء .
وأيضا إعداد خرائط تصميمية لجميع أعمال التكييف والتبريد .
الخرائط التصميمية بحاجة الى ملاكات ذوات كفاءة بالتصاميم لان
الموهبة تتطور شيئا فشيئا والموهبة تطورت لدي قبل ان أتخرج من المعهد حيث
استطعت وأنا طالب ان أقدم تصاميم جميلة ويشهد لها اصدقائي القدامى الذين
كانوا معي .
* وعن المكافأت التي حصل عليها يقول..
"لقد حصلت على مكافأت بسبب ادائي المتميز في الشركة للجدية
والتفاني والاخلاص في العمل والمكافاة الاخيرة عندما قمت بدراسة (12) نقطة
مع مدير هيئة المشاريع وكانت النقاط تتعلق بتطوير العمل في شعبة التصاميم
الميكانيكية وقمت بشرحها نقطة نقطة وكانت هناك نقاط تخص المدير شخصيا وكانت
مفاجاة لي بعد اسبوع بان المدير خصص لي مكافاة مادية ولكن لم احصل عليها".
* وعن اهمية الخرائط كأساس لتطوير العمل يقول:
"بالنسبة الى تطوير العمل والانتاج لاية محطة يجب ان تكون
لدينا خرائط قديمة نعتمد عليها ولكن للاسف الشعبة الهندسية التي نحن فيها
احترقت مرتين الاولى كانت في احداث عام 1991 حيث تم احراق شعبة التخمين
والتعهدات ( المقاولات) والثانية بعد السقوط في نيسان 2003 واليوم نحن نقوم
بزيارات ميدانية وموقعية للتعويض عن ماحدث ونعتمد ايضا على بعض الخرائط
الاحتياطية القديمة لبعض المواقع وليس جميعها.. وقبل فترة ايضا تم تفجير
محطة التركيز الجديدة وكان تفجيرا هائلا وكان كارثة وقمنا بعدها باعداد
تصاميم ربط جديدة للتركيز".
* ويتذكر السيد ابرم هرمز مواقف جميلة مع
اصدقاءه في العمل حيث قال:
"لدي ذكريات جميلة مع زملاء لي في العمل
وفي الصورة القديمة التي اتواجد فيها التقطت في السبعينات عندما كنا في
معهد (TRAINING CENTRE) الذي تخرجت منه وفي الصورة اظهر مع اصدقائي عصام
انور في الهندسة المدنية وايضا نور الدين حسن وهو موجود في المرسم المدني
وهم مشرفين فنيين قدامى والاخير هو غائب عنا وهو سركون منصور كشتو الان في
اميركا ومع سركون لدي ذكريات جميلة اعتز بها امضينا سنوات السبعينات معا
فكنا نستغل بعض الاوقات للقاءات مسائية ويالاخص في حدائق نادي عرفة ونادي
المهندسين والمعلمين لقد كانت ايام لاتنسى فكنا نتبادل اسرارنا معا لقد
كانت فترة الشباب التي لاتعود"
* ويختم حديثه الشيق وهو يتسائل اين
العدالة وخصوصا انه عمل بجد لاكثر من ثلاثين عاما قائلا:
"انني اعتبر خدمتي في شركة نفط الشمال
بمثابة نضال طويل وشاق تركت بصماتي في كل موقع في شركة النفط ولكن هذا
النضال ناسف ان نقول بانه نضال من دون فائدة لان من ابسط حقوقنا هو تمليك
دور الشركة لنا الدور التي نسكن فيها ولم تتم لحد الان.. هل اننا لانستحقها
بعد كل هذه الخدمة الطويلة في شركة نفط الشمال قدمنا لها جل شبابنا وتعب
مشيبنا؟ فطردنا من بيوت الشركة بعد تقاعدناهو اكبر غبن يعانيه موظفونا
اليوم الكل يعرف بانه لم يكن لدينا الحق في الحصول على قطعة ارض كباقي
الموظفين الذين حصلوا على اراض وايضا على سلفة بناء دور، ففرصة حصولنا على
ماوى فوتت بسبب وجودنا في الشركة واليوم بعد تقاعدنا سوف نطرد من بيوتنا
بدون ان يكون هناك تخطيط مسبق لحل مشكلة بقائنا من دون ماوى. فهل هذا عدل؟
واعتبره الغبن الرئيسي لي هو عدم شمولي بالايفادات التي ترسل
الى خارج القطر علما انني لم احصل عليها سابقا ولا بعد السقوط هناك غبن عام
نعانيه جميعنا وهو عدم الاهتمام بالملاكات الفنية حيث ان الكادر المناسب
يجب ان يوضع في المكان المناسب".
وفي لقائنا الثاني كان مع السيد لويس بهجت الياس من مواليد
القلعة في 1946 بكالوريوس علوم كيمياء من جامعة السليمانية في عام 1974 –
1965 وكان زميليه في الدراسة السيد يونادم كنا عضو مجلس النواب العراقي.
وكان لنا معه هذا اللقاء الشيق ..
* تخرجت وتم تعييني في الشركة في عام 1975 وفي دائرة العمليات
حاليا انا فيها وانا الان رئيس كيمياويين وترعرعت من كيمياوي الى معاون الى
كيمياوي اقدم ورئيس كيمياويين وعملت 21 سنة مناوب بعدها ارتقيت الى ارتباط
الصيانة وعملنا معالجة النفط الى درجات عالمية ومنها الى المصافي والتكرير
هذا باختصار .
بالنسبة الى ابناء شعبنا المسيحي كنا الحقيقة اكثر بكثير من ما
موجود حاليا وبالتاكيد يعرفنا الكثيرين من في الشركة باننا مجدين ونشيطين
ومخلصين واذكر من اصدقائنا ( ابراهيم و قسطو) هؤلاء كانوا اصدقاءنا في
العمل فقسم من هؤلاء سافروا واخرون موجودون وقسم متوفون وقسم اولادهم
يعملون في الشركة و اولادهم ايضا سافروا والاكثرية من المسيحيين كانت تسكن
منطقة عرفة اضافة الى عوائل من القوميات الاخرى وكانت علاقاتنا معا جيدة
جدا وكنا نزورهم ويزوروننا . ومع بداية الثمانينات بدات اعدادنا تقل شيئا
فشيئا والاكثرية تركت بيوتهم في عرفة وايضا بسبب قلة الراتب في التسعينات
قام بعض من اصدقائنا بالسفر الى الخارج بحثا عن لقمة العيش والبعض كانت
لديهم معاناة من التبعية وانفصلوا كما يعرف الجميع ولايزال اليوم البعض
منهم يترك الوطن وفي لقائاتي واستفساراتي مع بعض من ابناء شعبنا كنت اسالهم
الى اين؟ والاجابات لم تكن مقنعة.
كانوا معي اصدقاء مثل (راميل جميل وسيروب سركيسيان ) سافروا
والان في دول المهجر ولدي ذكريات جميلة معهم والكثيرون من اصدقائي يتحدثون
عن الغربة والبعض يقولون اننا نسمع ان هناك مذابح في كركوك وعندما ياتون
الى هنا ويجدون الوضع يتعجبون وان مايروه بعكس ما يسمعوه . والبعض قال لي
ان من يقولون لكم تعالوا الى الخارج فانهم يحسدونكم فنحن بقينا هنا ومازلنا
وسنبقى . الان اصبحنا حقيقة قليلين في الشركة .
لدي ذكريات جميلة في عرفة وفي الشركة مع اصدقائي وجيراني
ولازالت علاقات الجيرة جميلة الى اليوم لقد قضينا ايام وليال من دون كهرباء
وكنا نلتقي مع الجيران سوية لتمضية الوقت وخاصة في فترة التسعينات .
معاناتنا هي اليوم في تمليك الدور المخصصة للموظفين وهناك
محاولات من لدن الادارة في الشركة لحل هذه الاشكالية وانشاء الله سوف تكون
نتيجة ايجابية .
وفي لقائنا الاخير مع السيد فرج دنو تحدثت معه عن حياته في
الشركة واجمل ذكرياته وكان لقاءا رائعا فالسيد فرج اضافة الى وظيفته فهو
شماس في الكنيسة وقد دعانا لحضور قداس له وقال :
فرج بنو جولاغ وفي الشركة يلقبونني ب(فرج دنو) من مواليد 1955
وتعينت في الشركة سنة 1975 حاصل على دبلوم فني من معهد النفط في اختصاص
خطوط الانابيب (pipeline) في 1976 أديت (خدمة العلم العسكرية) في 1978 تم
تعييني رسميا ومن ذلك اليوم الى الان انا في الخط العراقي التركي . في
البداية كنت مشغلا للخط العراقي لدفع النفط الى ميناء جيهان التركي في
البحر الابيض المتوسط وبعدها اصبحت مسؤول تشغيل الخط العراقي التركي . تم
وضع حجر الاساس لدائرتنا في 1975 وبعدها في 1977 بدا العمل رسميا بدفع
النفط الى ميناء جيهان . في السابق كنا نضخ اكثر من مليون برميل يوميا .
والان الانتاج لايصل الى (500 الف)برميل يوميا تقريبا حسب اعتقادي .
بالتأكيد الوضع الامني يؤثر على الانتاج وكلما كان الوضع الامني جيدا يكون
الانتاج بحالة جيدة وترتفع الى اكثر من 750 الف برميل يوميا . وتاثيرات حرب
الخليج السابقة والاخيرة لازالت تلقي بظلالها على المصافي والشركة ككل .
وهناك اجهزة ومعدات تعرضت للقصف ويصعب اعادة تاهيلها كالسابق ولكن
المحاولات تتم لإعادة تأهيل الكثير منها وتجديدها وبالتالي الهدف النهائي
جعلها افضل من السابق .
وفي عملي استطعت ان اقدم افضل ما لدي من اخلاص وتفاني في العمل
واليوم انني افتخر بادائي واداء اصدقائي الجيد في دائرتنا.
وفي بعض الاحيان وانا في البيت ومن خلال جهاز الهاتف اقوم بحل
عقد كثيرة في مجال عملي الذي ذكرت فاي توقف في أي من الاجهزة الخاصة بضخ
النفط اعالج المسالة بكل دقة وبحل نهائي . وفي بعض الاحيان البعض من
اصدقائي يقولون ( حصرة بقلوبنا نسالك سؤال وما تعرف تجاوب ) والان اكثر من
ثلاثين عاما اعمل في نفس الدائرة فانا دائما اقوم بدراسة الخرائط لانعاش
ذاكرتي فقط .
بالنسبة الى وجودنا في الشركة سوف اقول شيئا ففي فترة من
الفترات كان لدينا مدير اسمه الاستاذ( ياسين) كان يقول ( هذا الخط راح
نسميه الخط العراقي الالقوشي ) قال ذلك لان نسبتنا كمسيحيين كانت اكثر من
الكل وفي دائرتي كنا اكثر من 56 موظفا مسيحيا بالرغم من اننا كنا تقريبا 8
موظفين القوشيين الا انه اختار التسمية كونها سريانية. فكنا جميعا اخوة
نعمل معا نضحك معا وايضا نحزن معا وكما يقولون(في الحلوة والمرة معا ) .
فكنا صباحا نذهب معا الى الشركة فكنت تجد التياري والالقوشي والجيلاوي
والقلعاوي والبازي والعنكاوي وغيرهم ، وكنا نستقل عربة القطار(حيث كان
للشركة عربة قطار لنقل الموظفين)و كل واحد منا نفسيا يشعر بالراحة والسعادة
. ففي السبعينات عندما كنت تدخل الى الشركة وتجد اربعة جالسين فان ثلاثة
منهم كانوا مسيحيين . وبرايي بدا عددنا يقل من فترة الثمانينات بعكس ما
كنا في الخمسينات والستينات وايضا السبعينات .
واجمل ذكرياتي في الشركة كانت مع (يوسف عوديش عنكاوي) والبرت
اسحاق (ابو هاملت ) واكثريتهم مع الاسف سافروا الى بلدان المهجر واتذكر
دائما عندما كانوا يطلقون علي ( القوشنايا شاخينا ) واليوم انني اتذكر
الكثير من كلمات اصدقائي ففي العمل تعلمت من اصدقائي ان احب عملي حتى اسيطر
عليه لا ان يسيطر لقد علموننا كيف نتعامل مع من لا يكون نشطا في العمل وكنت
كثير التذمر من عدم مشاركة بعضهم لنا في العمل او هم خاملين فكانوا يقولون
لي لاعليك تستطيع ان تعلمهم ان يحبوا عملهم . علمونا ان المال الحلال ياتي
من اخلاصنا وتفانينا بالعمل تعلمنا ان لانكذب على مسؤولنا حتى ان كانت
الحقيقة مرة . وبهذا اصبحنا حقيقة متميزين والى يومنا هذا مازلنا على نفس
المبادئ .
وفي الجدية والاخلاص اتذكر كان معي شخصا اسمه (وليم دانيال
البازي) في حياتي لم اجد شخصا مقداما في عمله اكثر من وليم البازي حيث في
الليل ان كانت الساعة الثانية او الثالثة ليلا وان كان الجو جميلا او
ممطرا سوف تجده يقوم بتنظيف المكائن والاجهزة والمعدات وعندما نعارضه
ونطلب منه ان يرتاح كان يجيب ( ان لقمة عيشي من هذه كلما اكثرت بالعمل كلما
شعرت بسعادة اكبر) واتذكر انه كان هناك البرت منصور حيث على يده تم وضع حجر
الاساس لدائرتنا . لقد فتحنا اعيننا في الشركة ونحن نرفع سمعة الهاتف لن
نسمع اولا سوى (بشينا – أي مرحبا بالسريانية ) وبسبب هذه ظهر قرار حينها
ممنوع استخدام اية لغة سوى العربية في الحديث في اجهزة الاتصالات . فقد كان
لدينا موظف اسمه شمعون داود وكان في قسم الحركات الاتصالات والان هو في
المهجر وكنت حينها بعد صدور هذا القرار في محطة T1 وهو كان في الحركات وفي
اليوم الاول والثاني وايضا اليوم الثالث نتحدث بالعربية وفي اليوم الرابع
لم يتحمل شمعون فقلب الحديث الى السريانية ( يااخي اشتاقينا للغتنا ) .
شي واحد يحز في نفوسنا وهو عدم تمليك دور الشركة لنا فهل ان
موظف قدم كل هذه السنين من ايام عمره خدمة للشركة لايستحق دارا كان فيها
اكثر من 30 عاما؟ شيء واحد اجيب على هذا السؤال وهو ان الموظفين الذين
يعملون معنا في الخط العراقي التركي فنحن نسمي شركتنا نفط الشمال وهم
يسمونها ( دي بو تاش) وهي تركية في الجانب التركي اذهب وانظر محطاتهم
ومحطاتنا وحياتهم وحياتنا . فنحن نخجل عندما ندخل في دار الاستراحة لهم من
النظافة والتبريد ووسائل الراحة حتى من الاكل فالاكل هناك 24 ساعة . في عام
1996 عندما تم فتح الخط وتحديدا كنا في فيشخابور كان معنا مهندسين اجانب
كمراقبين دوليين من الامم المتحدة وكنا جميعا في بناية واحدة ونعمل جميعا
في عمل واحد وهو قياس ضخ النفط ومراقبته تصور طعامنا لم يكن مثلهم علما ان
تغطية نفقاتنا جميعا كانت باموال عراقية فكنا ننظر اليهم والى حالنا. حتى
رواتبهم كان يحصل كل موظف اجنبي على"3000" الاف دولار امريكي بينما مجموع
راتبنا لم يكن يتجاوز العشرين دولار في الشهر وربما اقل قليلا .
لكن يظل الغبن الوحيد الذي نعانيه اليوم هو عدم تمليك الدور
(دور الشركة) لنا.. حيث ان من ابسط حقوقنا كموظفين قدموا للشركة خدمات
لاكثر من 30 عاما هو تمليك هذه الدور لنا..
وفي الختام شكري الجزيل لكم على حضوركم واتمنى دوام الموفقية
لعملكم خدمة لشعبنا ووطننا.
.jpg)
.jpg)

|