الاحزاب السياسية والانتخابات

                                              

                                                    

                                            نيسان بيغازي

                 اللوحة التي رسمتها مجمل العملية الانتخابية التي جرت في الوطن سواء المركزية منها او في اقليم كردستان العراق او التي سوف تجرى في القادم من الايام والاشهر عكست وسوف تعكس جملة من المعطيات والنتائج قد تسبب احباطا لدى الناخبين المتلهفين لهذه الممارسة الحضارية سواء من حيث الآليات المستخدمة او اسلوب التعامل الغير الصادق مع الجماهير ومنها:
1 - اثبتت الانتخابات السابقة وسوف تثبت اللاحقة منها بان الارادة الطوعية والقرار المستقل وحق الاختيار للفرد العراقي ايا كان انتمائه القومي او المذهبي او الديني ما تزال مخطوفة لا بل مسروقة من قبل الاحزاب المتنفذة بتسلطها السياسي والمادي وهذا واضح في انهاكاتها المكشوفة من شراء الذمم واستغلال الوضع والظروف المعيشية الصعبة للمواطنين وكشر الانياب والتلاعب بنتائج الانتخابات باساليب مبتكرة دون الاكتراث بالمشاعر العامة للجماهير الذين من المفروض جاءت هذه الاحزاب لخدمتها واحتضانها وليس تحجيم دورها وهذا بذاته مؤشر خطير في مصداقية هذه الاحزاب في برامجها الديمقراطية المطروحة وتشكل منعطفا سلبيا لدى الكثير من شرائح المجتمع لا بل حتى لدى مناصري هذه الاحزاب ، فثمة ممارسات ومواقف قد صبر عليها المجتمع والى درجة ايذاء النفس لكن اذا ما تكررت مرات عدة وبشكل ممل وقاتل حينذاك لا يمكن ان تقابل بالصمت لاسيما تلك الممارسات التي تتسم بالضبابية والشعارات الفارغة البعيدة عن الموضوعية وعندئذ تصبح امكانية كسب مواقع من خلال هذه الممارسات سرابا ووهما لكونها تفتقر الى العقل العملي الذي تتسرب اليه التجربة من الواقع ولانها لاتمتلك هذا التفهم العملي فهي عاجزة عن ترجمة الواقع لعدم اعتمادها على ممارسات يومية متصلة عبر قنوات القناعة الطوعية الصادقة مع الجماهير والتي لها القدرة الواعية للفرز الصحيح والاصلح للاختيار .
2 – عدم رغبة هذه الاحزاب في التغيير وخوفها من العملية الديمقراطية اكثر من خوف دول الجوار من هذه العملية والخوف في هذه الحالة لا يعبر الا عن ايمان هش بالتغيير في عصر التغيير القادم لا محال والا لماذا الخوف والهلع اذا ماكانت البرامج الانتخابية واضحة وقابلة للتنفيذ والممارسات موضوعية ونزيهة لانها دلالة على الثقة بالنفس واحترامها واحترام الاخرين ايضا فهي واجب مبدئي ، اما اذا كانت مبنية على التسلط والالغاء والضغط على القناعات الشخصية للناخبين وسلب ارادتهم بالاغراءات وزين الاعمال والوعود ومشاريع لا نسمعها ولاتنشط الا في حالة الانتخابات فهذا تدمير لروح الديمقراطية او انه قصور من قبل من يرى في ارض الواقع اشياء مهملة ويتخذها مميزات له او انه طلاء يخفي وجها آخر .
3 – استمرار النزعة الانفرادية واستغلال السلطة والحكم والنظرة السلبية الى وجود معارضة ضرورية لخلق تنافس سياسي سلمي قائم على الممارسة العقلانية في التعامل وليس صراعا تحزبيا مبني على الانفعالات والتصادم الدموي التي تحدث خارج ارادة الجماهير وتزيد من العقد المزمنة في الشارع العراقي ، لان مفهوم المعارضة لازال قائم على اعتباره عداء وانتقام وتصفية وسرقة الكراسي في حين يجب تقبل هذا المفهوم وممارسته باعتباره المرآة التي تعكس الافعال والاعمال وتقييمها وبيان اوجه الخطأ ومكامنه وتحديد الصواب وموجباته لتكون استنتاجات حافزة للعمل والابداع وتصحيح المسارات وتحقيق النجاحات لتغدو بالتالي مدخلا للولوج الى مرحلة جديدة وبآليات وادوات تغيير مؤثرة وفاعلة قادرة بجهود الجميع على ايجاد واقع اجتماعي متجانس ورؤى سياسية ناضجة وغير مفروضة مبنية على برامج واجندات وطنية وجماهيرية عامة ومنصفة للبدء بمعركة التغيير والبناء والتطور لمختلف مرافق الحياة العامة التي يفتقر اليها شعبنا العراقي .

فهل لا زلنا بحاجة الى هزات اعنف لكي نتعظ ؟؟؟

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links