هل إبعاد قوائم شعبنا عن جلسات تشكيل الحكومة
هو بداية لمصادرة استحقاقها الانتخابي؟!
جورج هسدو
رسخت
عدم دعوة قوائم شعبنا إلى طاولة المفاوضات للإتفاق على الخطوط الرئيسية
وحتى الثانوية في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، القناعة لدى أبناء شعبنا
باستمرارية المنهج التهميشي وفرض مبدأ الوصاية الذي مارسته الكتل الكبيرة
منذ سقوط النظام ولحد الآن.. وعكس هذا الإبعاد صورة قبيحة في تعامل القوائم
الفائزة مع قوائم شعبنا والفائزة أيضا بمقاعد في البرلمان العراقي لتمثيل
مكون مهم عانى (ولا يزال) الأمرين في المحافظة على بقائه في الوطن
واستمراره بالإيمان بالمشاركة الحقيقية في بنائه.. ولا ندري ماذا كانت
ستخسر القوائم والإئتلافات (العملاقة) الفائزة من دعوة ممثلي شعبنا
للمشاركة في اجتماعاتها، غير ما كانت ستثبته بالدليل الملموس من تفهم جدي
وإحترام لخيارات شعبنا السياسية؟!.
صراع الكتل:
تعودنا أن
نتشكك أثناء كل عملية تشكيل الحكومة بدوافع الفائزين التي تتمحور جلها في
نسبة الإستحواذ بالمناصب ونيل المكاسب الفؤية والحزبية.. وما التأخير في
ولادة الحكومة الذي دام ثمانية أشهر إلا دليلا على استمرارية الكبار
بسياساتهم تلك، والتي تضع المكاسب الشخصية قبل العامة.. كما يمكن تكرار
المشهد في حصر استحقاق شعبنا بالكوتة النسائية أو وزارة بلا حقيبة.. وهذا
ما يمكن أن يكون له الأثر الكبير هذه المرة أيضا في ما يمكن لقوائمنا أن
تحققه من المشاركة في الحكومة القادمة.
موقف
القوائم:
لم تألوا
قوائم شعبنا جهدا في لقاءاتها الفردية بالكتل الكبيرة لمحاولة التوصل
لتفاهمات ثنائية وخلق قناعات لدى الآخر بأهمية الابتعاد عن ممارسة الإقصاء
والتهميش.. لكنها لم تبد موقفا حازما في الإعتراض على إبعادها عن اجتماعات
التوافقات السياسية لتشكيل الحكومة، ولم تبادر أي منها إلى إعلان تخويلها
لأي قائمة أخرى.. وربما كان سبب ترددها في الإعتراض منذ البداية خوفا من
خسارة المشاركة كرد فعل من القوائم الكبيرة.. لكن من يضمن أن لا يكون
السكوت سببا لخسارة الإستحقاق؟!.
إستمرارية
الخلاف:
في
الانتخابات النيابية الأخيرة كما في انتخابات برلمان إقليم كردستان، فازت
قائمتين من قوائم شعبنا بجميع المقاعد المخصصة والمحجوزة بنظام الكوتة،
وهما الرافدين والمجلس الشعبي.. وبقناعتي الشخصية فأن من تم استيزاره في
كابينة الاقليم كخصوصية شعبنا فيها جاء بعيدا عن خيارات القائمتين
الفائزتين.. ومن الوارد جدا أن تستمر مصادرة القرار هذه وأن يستمر مبدأ
الوصاية هذا إذا ما استمرت قوائم شعبنا بعدم اتفاقها على خياراتها الخاصة،
لتعطي بذلك حجة (رغم سخفها) بيد المناوئين لحقنا القومي.
خيارات
أخرى:
قد تلجأ
الكتل الكبيرة والتي تمثل مكونات الشعب العراقي الرئيسية إلى خيارات أخرى
بعيدة عن الاستحقاق الانتخابي للتعامل مع شعبنا (كالكنيسة مثلا).. ولا
يشترط أن يكون اللجوء إلى الخيارات البديلة نابعا من حسن نية، بل على
الأرجح سيكون لذر الرماد في العيون، خاصة وأن الفترة القليلية الماضية شهدت
تسويقا سلبيا لمفردات التصارع الديني.. كما أن من المطلوب رد إعتبار
المسيحيين الذين تعرضوا لخسارات بشرية ومعنوية كبيرة، وأهمها ضمان تمثيلهم
الحكومي.
ثم ماذا؟:
وإذا ما حصل
ما نتوقعه من إقصاء لاستحقاقات شعبنا الانتخابية، فماذا سيكون موقف القوائم
الفائزة؟.. هل ستكتفي بإعلان رفضها وشجبها للمارسة كما في كل مرة؟.. أم
ستقتنع (وتحاول إقناعنا أيضا) بما يجهز لها من أصدقائها الكبار من مخارج
لحفظ ماء الوجه؟.. أم تراها هذه المرة ستنتفض لكرامتها وكرامة ناخبيها
باتخاذها موقفا جديا حازما في إبداء اعتراضها على ما يصيب شعبنا من حيف
وخسارة؟.
وعلى كل فان
هذا كله سيبقى مجرد تحليل وتوقعات نتمنى صادقين أن تكون خاطئة، وأن تكون
الكتل الكبيرة أكثر صدقا، وأن تكون قوائم شعبنا أكثر حكمة.
|