لعنة .. ام سوء طالع..؟

 

                                عصام شابا فلفل

                      منذ الربع الاخير من خمسينات القرن الماضي ، اي بعد ثورة 14 تموز عام 1958 والتي اطاحت بالنظام الملكي واعلنت النظام الجمهوري ، لم يشأ قدر العنف ان يمنح العراقيين الا لحظات او سويعات معدودات من الامان ، كما لم يعهد جفن العراقيين عامة لحظة هدوء او راحة بال .. فالمتتبع لتاريخ العراق المعاصر يلاحظ وبصورة جلية لا تقبل الشك كيف ان شعب العراق لم ينعـــم بشيء اسمه ( سلام ) منذ اعلان تلك الثورة وفرض النظام الجمهوري والى لحظة كتابة هذا المقال .. ولا ندري ..بل ربما كان المرحوم فيصل الثاني ورجال حاشيته من الذين فارقوا الحياة اثر تلك الثورة قد آثروا الدعاء تلو الدعاء او طلبوا من ربهم الانتقام الشديد من العراقيين لحظة اعدامهم ..؟ام انها ارادة الله فحسب..؟ وبين هذا وذاك .. يقع ابناء الرافدين بين الفينة والاخرى ضحية اتون نار صاخبة تحرقهم وتكوي قلوبهم دون ذنب ارتكبوه ، وقبل ان تندمل جراح ذلك الاتون ، تأتيهم الاقدار بمصائب اخرى تكون بقسوتها افظع من التي قبلها .. فتمرد عبد الوهاب الشواف في الموصل والذي حصدت خلاله ارواح  المئات من ابناء المدينة والمتزامن  مع مذبحة كركوك.. وحروب الدولة مع ابنائها في كردستان العراق والتي استمرت سنين طويلة وحصدت خلالها عشرات الالاف من العراقيين الابرياء ومن جميع القوميات والمذاهب ، ومن ثم حروب فلطسين والحرب مع ايران والتي كانت بحق كارثة عظمى المت بالوطن واقتصاده وثقافته .. تلك الحرب التي احرقت وابادت الالاف من خيرة ابناء الرافدين الابطال ، ومثلهم واكثر من المعوقين والجرحى ، هذا اضافة الى فقدان الالاف من شبابنا الاعزاء والذين لا يزال مصيرهم مجهولا لحد الان رغم مرور اكثر من عشرين سنة على انتهاء تلك الحرب المدمرة .. ناهيك عن حملات الاعدام والابادة الجماعية التي كانت ترتكب بحق الشرفاء وفي جميع ارجاء الوطن .. وما دمنا نتكلم عن محرقة العراقيين ، فلا بد لنا اذن من التعرج الى حرب الكويت وما نجم عنها من كوارث لا زالت اثارها تشعل افئدة العراقيين دون استثناء ، والتي كانت نتيجتها العظمي دخول القوات الاجنبية الى ارض الوطن عام 2003 وبحجة   [تحرير العراق ] .. وهنا يجب علينا ان نتوقف عند هذه النقطة بالذات .. فتحرير العراق قد تم ( حسب ما كان يقال) .. ولكن نزيف الدم العراقي لم يتوقف .. بل على العكس من ذلك ازداد تدفقه وغمر بجريانه  ازقة وشوارع جميع بلدات العراق تقريبا .. اذن .. ماذا هناك .. ولماذا يراق الدم العراقي كل يوم دون رحمة منذ اواخر خمسينات القرن الماضي ودون توقف ..؟ فهل يا ترى ان ارض العراق المعطاء تستعذب دماء ابنائها ، وانها لم ترتوي منه بعد ..؟ فهل ترغب ارض الرافدين الطاهرة بان تصبغ مياه دجلة الخير وفرات البركة وشط العرب الاغر بلون الدم العراقي..؟ هل هي ارادة الله بان يبتلى ابناء ارض السواد بجريان نزيف دائم من دماء أبنائهم ..؟ام هي كما قلنا انفا لعنة الملك وحاشيته صبوها على العراق والعراقيين لحظة تعليق حبال المشانق في رقابهم ...؟ فان كانت لعنة ما .. اذن لماذا يتحمل شباب الوطن واطفاله وزر من ارتكبوا جرائم ومذابح في زمن مضى..؟ ثم هل يا ترى ما هي التعويذة او التميمة التي يمكن للعراقيين ان يعلقوها على صدورهم لتزول عنهم تلك اللعنة .. لا ندري ماذا نقول ، ونحن نشاهد المأساة نفسها تتكرر يوميا ..بل وكل ساعة ، فالقتل في شوارع ومدن وقصبات الوطن اصبح سمة من سمات البداهة ( رغم التحسن الامني  الذي حصل في ارجاء الوطن مؤخرا) ولا غرابة ان كنا نسير يوما في زقاق ما وتعثرت ارجلنا بجثة احدهم وقد اطلقت عليه عدة رصاصات او جزت رقبته بخنجر ما .. وحينها نغض الطرف عن ذلك وكأننا لم نر شيئا .. بل على العكس من ذلك.. قد نضحك ونستهزء بتلك الجثة... وشر البلية ما يضحك.. يا لغرابة الموقف ../

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links