لهذا يضيع بخت صاحب الصنائع
السبع
وسام يوسف
ضائع ضائع هذه هي النصيحة والبشرى التي زفها لنا صاحب المثل
, وحسب مسرحية "الخيط والعصفور " فان صاحب المثل لم يترك شيئا إلا
وقاله,ليوِرَثنا متراكم الخبرات التي عاشها غيرنا من قبل وتركوها لنا على
شكل أمثال تحمل بين ثناياها الكثير من العبر والحكم وحتى الفلسفة ,
والأخيرة هي ماشدني إلى المثل أعلاه بالإضافة إلى انه مثل رشيق جدا .
ورغم إني لا اعرف قصة المثل وكيف ولد لكني
أكاد اجزم إن صاحب المثل ليس هو من صاحب الصنائع السبع وإلا لم يكن ليضع
هكذا مثل رائع فبالتأكيد انه إنسان مبدع والمبدع "بخته" موجود ,أما صاحب
الصنائع "السبع" أو مهما كان عددها فهو شخص أخر يعرفه "المبدع" صاحب المثل,
وأنا اعرفه مثلما يعرفه الكثير منكم .
انه الشخص المشتت الأفكار, الذي يعرف كل
شيء ويفهم في كل شيء, لكنه لا يعرف كل شي عن أي شيء من الأشياء التي
يعرفها ,إن فكره ورأسه يتوزع على عدد غير محدود من الإعمال , الأفكار تزدحم
لديه وتكاد تتدافع فيما بينها للخروج, و أثناء تدافعها وعدم ترتيبها فإنها
تخرج مشوهه وغير مكتملة في اغلب الأحيان, ولا يصل صاحبنا إلى الفكرة والعمل
المكتمل , فدائما مايبقي عمله ناقصا لان الترتيب لايعرف طريقا لعمله ,ووقته
مزدحم كثيرا , انه ينشغل في عدة أفكار وأعمال في نفس الوقت, انه لم يقرر
بعد ماذا يريد أن يكون , يريد كل شيء وبالتالي فان أل"كل شيء" لايحقق منها
أي شيء .
ربما واقعيا لم يكن ينطبق ماقلته سابقا
عبر التاريخ بشكل دقيق مثلما هو حاليا ربما لان التطور عبر الزمن له شأن
أخر ,و من حقك أن تتساءل مثلما هو حقي , لماذا لاينطبق المثل السابق على من
سبقونا وأبدعوا في مجال الفنون والعلوم والمجالات الأخرى أنا باعتقادي إن
العلماء سابقا قد سبقوا المثل بالزمن, حيث قديما لم تكن العلوم الموجودة هي
بتخصصاتها الحالية, فكانت كل العلوم هي واحده وانقسمت إلى عده أقسام بعدها
فظهر الفلك والطب والحساب ...الخ
وبعد ذلك انقسمت هذه العلوم إلى أقسام أخرى
فظهر في الطب عدة أقسام وفي الأخرى أيضا, ولازالت في انقسام دائما أي أن
"التخصص" هو الذي أصبح ألسمه البارزة في العلم وفي جميع مناحي الحياة
الأخرى .
وأصبح من أهم متطلبات الإبداع هو التخصص
,وكلما كان التخصص أدق كانت فرص الإبداع أكثر, ولكن مشكلتنا نحن اكبر من
التخصص الدقيق , فنحن لدينا من يجمع بين مجالات لأتمت إلى بعضها بأي صله,
والامثله كثيرة .
عندما وعيت أن اللوحة المعلقة في "هول"
بيتنا اسمها "الجوكندا"أو الموناليزا لريونالدو دافنشي وليست للسيدة مريم
العذراء شد اهتمامي أن أتعرف أكثر على هذا الفنان فقرأت عنه واكتشفت انه
كان من أشهر فناني النهضة الايطاليين على الإطلاق والى جانب كونه رساماً
فانه كان معماريا وعالما في مجال علم التشريح والبصريات وعلم الحركة والماء
وكان نحاتا أيضا .
كما وكنت في المدرسة اندهش واتسائل عندما
اعرف أن العلماء قديما كانوا يبدعون ويكتشفون في أكثر من مجال فاحدهم كان
يبدع في الطب والفلك وعلم النبات بنفس الوقت . هذا الأمر كان منطقيا, ولكن
هل يمكن أن ينطبق نفس المنطق على واقعنا ألان ؟ إنها دعوه للإبداع ولكن
بالتأكيد ليس لصاحب السبع صنائع .
|