حقوق شعبنا بين رؤية وفكر زوعا والضرورة التاريخية
( 1 )
هرمز طيرو
" ما من شيء أصلح لتقويم سلوك الناس من معرفة الماضي " بوليب
POLYPE 204 – 122 ق . م . كاتب وفيلسوف روماني .
ما نستشفه من هذا القول فيما يخص موضوعنا " حقوق شعبنا بين رؤية وفكر
زوعا والضررورة التاريخية " هو مدى اتسام الطروحات والمشاريع المتعلقة
بحقوقنا وقضايانا القومية والموجودة حالياً في المشاهد السياسية والثقافية
والفكرية لشعبنا الكلداني السرياني الأشوري بالشفافية والمعرفة بالحقائق
التاريخية وتداعيات الضرورات الواقعية والسياسية . ومن أجل القراءة
الحقيقية للصورة ،
بالإضافة إلى الأستقراء العلمي لمواقف الحركة الديمقراطية الأشورية من
هذه المشاهد والطروحات، علينا أن نستعرض ونتطرق اولاً إلى أهم المفاهيم
التي تغذي مواقف وطروحات الحركة فكرياً وفلسفياً وكما يلي :
مفهوم الحركة للتاريخ :
الحركة الديمقراطية الأشورية " زوعا " هي الحركة الوحيدة في تاريخ شعبنا
الكداني السرياني الأشوري تحمل فكر متطور في معالجة المستجدات العامة وما
ينتج عنها من المعطيات والتطورات الحتمية لحركة المجتمع ، لذا فأن الحركة
الديمقراطية الأشورية تنظر إلى التاريخ من زاويتين أساسيتين هما :
اولاً : أن نظرة " زوعا " للتاريخ هي وحدوية بصفة أساسية ، والهدف هو
تحرير شعبنا من العنصرية والمذهبية والطائفية والقبلية والعشائرية وأخيراً
التبعية البغيضة التي تعرقل من السير نحو بناء حضارتنا الجديدة ، وهذه
النظرة لم تكن في يوم من الأيام فردية ، بل هي شاملة ، وتشمل تاريخ شعبنا
الكلداني السرياني الأشوري في المقام الأول ، ومن ثم تاريخ الأنسانية بشكل
عام .
ثانياً : تتعامل الحركة الديمقراطية الأشورية مع التاريخ على أن من أهم
وظائفيه ، هو تحريك العقل البشري ، لذا نرى أن كلمة " التاريخ " بالنسبة
إلى مفكري ومنظري الحركة لا تعني الرجوع إلى الماضي ، فالتاريخ في فكرهم
وفلسفتهم ، هو الحاضر الحي ، لهذا التجسيد الذي يحيونه ، مقترناً بفكرة
أستمراره في المستقبل ، وبصورة عامة فأن مفهوم الحركة الديمقراطية الأشورية
للتاريخ تنطلق من عملية البحث عن مسألة الوحدة في التاريخ ، وأن النهج التي
تسير عليه في البحث عن هذه الوحدة ، تتمثل في طريقة نشر بين أبناء شعبنا
ثقافة جديدة هي ثقافة التسامح والأعتراف بالأخر ، والتي هي بالأساس ثقافة
مطابقة لبنية الفكر الأنساني ، مما جعل من الحركة أن تمتلك رؤية فلسفية
جديدة للتاريخ ، واعتبار التاريخ هو عملية السير نحو حضارة جديدة ، ومن ثم
الأدراك بأن هذه الحضارة سوف لن تكون حضارة تسمى بالحضارة الكلدانية أو
حضارة تسمى بالحضارة السريانية أو حضارة تسمى بالحضارة الأشورية بشكل
أنعزالي ، بل ستكون حضارة شاملة وكاملة تحتوي على عناصر أساسية من جميع
مكونات شعبنا ( الكلداني السرياني الأشوري ) وترتوي من جذور الماضي وتنطلق
نحو الوحدة الحتمية ، والتي بدونها سوف لن يتكون تاريخ جديد لشعبنا ،
التاريخ بمفهوم الحاضر والمستقبل .
مفهوم الحركة من المسألة الفكرية والفلسفية :
في الواقع ، أن الفلسفة تعني الكشف عن الحقيقة ، والحقيقة معناها مطابقة
الفكر بالواقع ، عليه تكون عملية الكشف عن الحقيقة في حركة مستمرة ، والتي
تتجسد دائما بأشكال وصور مختلفة ، تعتمد على معطيات الزمن تبعا للظروف
الموضوعية السائده في ذلك العصر . ولنأخذ مثالاً بسيطا ، القول المشهور "
اعرف نفسك بنفسك " فأنها تختلف من تفسيرها وتحليلها عند الفيلسوف اليوناني
سقراط ( 2 ) من لدى الفيلسوف الروماني القديس اوغسطين ( 3 ) ، فهي عند
سقراط تعني ( أن يفهم الأنسان الحقائق التي هي بالأساس موجودة وتعج في
داخله ، وأن يكتشف نفسه بنفسه عن هذه الحقائق ) بينما هي عند القديس
اوغسطين تعني ( أن يكتشف الأنسان في نفسه الثالوث الذي مثله الله في
الأنسان ) على اعتبار أن الأنسان في نظر المسيحية هو صورة لله .. أذن
نستطيع أن نستنتج ، بأن الأختلاف الذي نشاهده بين الأشياء ، راجع بالأساس
الى طبيعة الأشياء نفسها ، وكذلك الى طبيعة المكان والزمان ، وطبيعة حركة
الواقع .
أن الفلسفة الحقيقية لأي أمة لا تبدأ ألا مع ظهور الفكر أو الوعي أو
العقل ، وبالتالي فأن فلسفة أمتنا قبل نمو الوعي القومي أواسط القرن التاسع
عشر ، كانت تعتمد على الفكر الطوباوي وأساطير الماضي وبعض من المعطيات
التاريخية ، وهنا اعني مستخلصا من معطيات التاريخ ، بحيث تكون هذه المعطيات
اساسه ومرشده ، في حين أن الأمر في الفلسفة خلاف ذلك ، لأن الفلسفة تنتمي
الى الأفكار التي تنتج نفسها بنفسها . وهذا ما يمكن تلمسه بعد تاريخ الثاني
عشرمن نيسان 1979 في الجانب الفكري الديالكتيكي .
أن مثل هذه الفكرة وهذا التصور هما مقدمة لفلسفة الحركة
الديمقراطية الأشورية
" زوعا " هذه الفلسفة التي هي في الأساس تتعاطى مع عدة فلسفات ، لأن
الحركة في ماهيتها تدرك تأثير جوانب من كل فلسفة على مدى تحرير العقل
والفكر ، لهذا تتعاطى بموضوعية معها ، سواء على مستوى الافراد وحريتهم في
معتقداتهم او على مستوى المفاهيم المشتركة والعامة للتنظيم وقواعده
وجماهيره ، لأن الأنسان في مفهوم الحركة الديمقراطية الأشورية هو مجموعة من
الاحساسات الفطرية والعقلية والمادية والتجريبية ، عليه فأن فلسفة " زوعا "
أعتمدت على ثلاثة اصطلاحات اساسية وكما يلي :
أ – الجوهر Substance : وهو القدرة الكلية او ( الخالق ) ، وهو
الأصل لكل الأشياء ، وهو الحقيقة الأساسية الثابتة ، وهو القسم الفعال .
ب – الفكر Thought : وهو احد مظاهر الجوهر والمخلوق منه ، وهو
الادراك لمظاهر ولقدرة الأنسان وحيوية المجتمعات البشرية .
ج – الخبرة Expereince : وهي تطبيقا لمبدأ أن العقل صفحة بيضاء ،
تخط فيها الحواس والتجارب معلوماتها ، حتى تتكون الذاكرة ، وهي بدورها تكون
الأراء والأفكار التي تتشكل وفق القدرات من جهة وحسب البيئة الأجتماعية
والأنسانية من جهة اخرى . لأن فلسفة الحركة الديمقراطية الأشورية ، قامت
منذ البداية على انكار الافكار الفطرية السائدة في عقولنا ، وأقرت بضرورة "
الخبرة " لغرض تحصيل المعرفة ، لأن الأنسان في معتقد " زوعا " يولد وعقله
المجرد صفحة بيضاء ، وما ينقش عليها مستقاة من الخبرة ، والخبرة تشتمل على
مصدرين للأفكار :
اولا : الاحساس Sense .
ثانيا : الانعكاس Reflection .
لذا فأن الأنسان منذ الطفولة تزداد معرفته بالتدريج ، نتيجة تلقيه
الافكار من الاحساس والانعكاس ، لأن الافكار الفطرية توجد ضمنيا وعلى هيئة
امكان فقط ، وأن " الخبرة " ضرورية لتحصيل الافكار .
بعد كل هذا ، نستطيع أن نستخلص ونقول ، من أن الاصطلاحات الثلاثة (
الجوهر Substance والفكر Thought والخبرة Expereince ) التي تكون نظرية "
زوعا " الفلسفية ، تؤكد بأن مثالية الحركة الديمقراطية الأشورية تفترق عن
المثاليات التأملية والأسطورية ، وكذلك فأن مادية الحركة تفترق هي ايضا عن
الماديات الألحادية ، وبمسافة تكاد تكون متساوية ، لأن الحركة " زوعا "
عندما أقرت بالأصطلاحات الثلاثة ، وضعت المثالية والمادية في المجال الذي
يناسبها سواء في السياق الخاص للافراد او السياق العام الحيوي للطروحات
الفكرية المتبناة ، لهذا فأننا نرى ، أن الحركة الديمقراطية الأشورية تصور
ذلك الرابط الجدلي بين المثالية ( الجوهر – الفكر ) والواقع من جهة ، وكذلك
بين المادية ( الخبرة ) والواقع من جهة اخرى ، على أنهما في صيرورة مستمرة
، عليه فأن هذا الرابط سوف لم ولن يكون في يوم من الأيام في جدل سكوني
أومكاني . ويمكن تلخيص المعاني الأساسية في هذه الفلسفة وكما يلي :
اولا : في السياق الحياتي البشري لا توجد حقيقة ثابته مقررة من قبل
، بل هي وليدة " الخبرة " وتبادل الأفكار ، والنقد الذاتي والتصحيح
المتبادل للخبرة بين المتحاورين .
ثانيا : الجوهر والفكر في اعلى تعريفاته هو العقل المطلق Infinity
Mind والمقصود بالعقل المطلق ، هو ذلك العقل الذي يتطور وينضج على مدى
تاريخ الأنسان.
ثالثا : فلسفة الوجود تنحصر في الفكرة المطلقة الأزلية ، وهي أزلية
الكون والوجود.
رابعا : التاريخ هو تاريخ الأنسان ، ودراسة التاريخ تعني دراسة الفكر
، لأن الفكر جوهري بالنسبة الى الأنسان ، والتاريخ لا يسير الى ما لا نهاية
، لأنه محكوم بأن يصل الأنسان الى شكل من أشكال المجتمع المتطور ، وعندما
تصل المجتمعات الى هذا النوع من التطور ، عندها يتوقف التاريخ ، أو يتوقف
التطور في التاريخ .
خامسا : الوعي والعقل هما في عملية تطورية ديالكتيكية ، أي في عملية
لها مبدأوها الخاص في التعامل مع الواقع ، أو بتعبير أخر أنهما من نتاج
الواقع .
عليه فأننا نجد ، بأن ( الخبرة المجردة ) لم تنشأ كفلسفة مثالية (
مثل التفكير النظري في مشاكل الوجود والكون والأنسان ) وكذلك لم تنشأ
كفلسفة مادية ، بل هي نشأة كفلسفة تطبيقية وواقعية ، تستمد فكرتها من الفكر
المطلق الأزلي ( الخالق ) وكذلك تستمد معرفتها من المعارف الصحيحة ، والتي
هي قائمة على الخبرة والملاحظة .
وأخيرا ، فأن فلسفة الحركة الديمقراطية الأشورية ( الخبرة المجردة )
تعتبر المحرك الرئيسي للفكر الفلسفي الكلدوأشوري السرياني ، لأن الحركة
استطاعت أن تتحول بالأضافة الى كونها في البداية حركة سياسية ، الى حركة
ثقافية – فكرية – اجتماعية – اقتصادية ، لأنها استخدمت وقامت على أساس
توفيقي جديد ، ورابط جديد ، وهو الرابط الديالكتيكي ما بين الجوهر والفكر
والخبرة .
مفهوم الحركة للأمن القومي :
سيبقى السؤال الأساسي يدور دائماً حول : هل أمننا القومي مخترق أم لا ،
المعطيات والتحاليل والقراءات الواقعية تقول بأن أمننا القومي مخترق ، عليه
يجب أن نحدد لشعبنا وأمتنا الأهداف المحورية للأمن القومي ، مع تحديد
التحديات الأستراتيجية الأساسية التي يواجهها أمننا القومي ، وأدناه أهم
هذه التحديات :
اولاً : تدخل جهات خارجية وهيمنتها على القرار السياسي داخل بعض من
مؤسسات وتنظيمات وصفوف شعبنا وعلى الشكل التالي :
أ – في العقدين السابع والثامن من القرن العشرين الماضي ، اوجد حزب
البعث العربي الأشتراكي في العراق موطىء قدم مع اختراق واضح لجدارنا القومي
من خلال بعض من مؤسساتنا الأجتماعية والعائلية ( نادي سنحاريب العائلي –
نادي الأثوري العائلي – وغيرها من الاندية التي شجع على تأسيسها وكل منها
خاص بقرية وعشيرة او منطقة ليزيد الفرقة والتباعد.. الخ ومؤسسات دينية
وسياسية ( مجلس الطائفة الأثورية – حزب الأثوري الديمقراطي ) وغيرها ،
اضافة الى نفوده وتدخله في امور الكنائس ، وهذه سياسة قديمة جديدة ومستمرة
ومطبقة الأن في وضع بعض من رجال الدين في الواجهة ودعمهم مادياً وأبراز
دورهم سياسياً .
ب – نتيجة المشاركة المكثفة لأبناء شعبنا في مساندة الحركة الكردية وفي
الحزب الشيوعي العراقي المتحالف معها ، لعب الحزب الديمقراطي الكردستاني
دوراً كبيراً في تدخله في شؤون شعبنا كتأسيسه للجنة العليا لشؤون المسيحيين
في السبعينات ، ودعمه في الثمانينات جماعات اخرى مثل التجمع الديمقراطي
الذي تحول الى الاتحاد الديمقراطي الأشوري ، وبعد الأنتفاضة ومن ثم بعد
سقوط النظام السابق دعم ظهور عدد كبير جداً من احزاب وجمعيات بعناوين –
ثقافة – اعلام – فضائية – لجنة تنسيق – مجلس شعبي – مجلس خيري ..الخ ،
وكلما سقط عدد منها ظهرت واجهات اخرى .
ثانياً : الصراع المذهبي المستتر والذي يتجلى بشكل صارخ في الموقف من
التسميات
( المركبة أو الموحدة ) حيث تختفي خلفه الكثير من المشكلات الداخلية
الأخرى والتي لا يفصح عنها بشكل علني .
ثالثاً : وجود تنظيمات كلدانية سريانية أشورية متطرفة فكرياً ، تمكن
الطرف الخارجي من تغذيتها وتحريك خيوط بعضها بشكل او بأخر ، مباشر او غير
مباشر، لتحقيق الغايات التي تسعى هذه الاطراف من الوصول اليها .
رابعاً : غياب الخطوات العملية الملموسة على طريق وحدة الكنائس او حتى
تقاربها ، وانعدام الثقة المتبادلة بين جميع هذه الكنائس ( الكلدان
الكاثوليك – السريان الكاثوليك – السريان الأرثوذكيس – المشرق الأشورية –
الشرقية القديمة - وأخيراً الأنجيلية ) مع تنامي خشية بعضها من البعض الأخر
، ومن ثم انعكاس هذا الصراع المستتر على أمننا القومي من كافة النواحي
السياسية والأجتماعية والثقافية .
خامساً : ما العمل ؟
هذا هو واقع أمننا القومي حالياً ، ولا يمكن لأي من أبناء
شعبنا مهما طال الزمن أو قصر أن ينكر بأن أمننا القومي يجب ان لا يكون
مستباح ومخترق ، وبشكل بات يهدد وجودنا وهويتنا . والسؤال المطلوب الاجابة
عليه : ما هو دور المنظمات الجماهيرية والشبابية والطلابية والجمعيات
الثقافية والأجتماعية والنخب الواعية في المجتمع ، بالأضافة الى القوى
السياسية وفي طليعتهم الحركة الديمقراطية الأشورية في صد هذه الهجمة الشرسة
ووقف المزيد من التدهور والخرق لنظام الأمن القومي الذي هو المصدر الأساسي
والحاسم في تحديد هويتنا ووجودنا وحقوقنا المشروعة في وطننا . ولأجل تحسين
وحماية أمننا القومي نحتاج الى :
اولاً : الشعور بأن الأمن الخاص ( فرد أو جماعة ) لا يمكن أن ينفصل عن
الأمن القومي ، بل هما مكون واحد ، ويجب أن يشعر الجميع به من أجل أن يضحي
الجميع من أجله .
ثانياً : نحن بحاجة الى مؤتمر قومي جامع وشامل يدعو له : الحركة
الديمقراطية الأشورية – المنظمة الأثورية الديمقراطية – حزب الاتحاد
الديمقراطي الكلداني – حركة تجمع السريان المستقل ، ولا يعقد المؤتمر في
العراق أو اي بلد مجاور له دور سلبي في العملية السياسية الوطنية ، بل في
بلد اوربي ، وعدم وضع أي شروط ملزمة على المشاركين سوى الشرط الوحيد هو أن
تكون جميع الاطراف المشاركة لها الرؤية السياسية المستقلة ، لا تخضع ولا
ترضخ لهذا الطرف أو ذاك ، وتلتزم بتنفيذ القرارات التي يتوصل اليها
المؤتمرون ولها القدرة والامكانية في المساهمة في تنفيذ المقررات . وفي
حالة عجز المؤتمر من تحقيق اي تقدم ، فلا بد أن يتحول الى مؤتمر اوسع يشارك
فيه ممثلوا كافة القوى الفاعلة في المجتمع من الشخصيات السياسية المستقلة ،
اكاديميين ، مثقفين ، اعلاميين ، فنانين ، ممن هم داخل الوطن أو خارجه ، بل
ودعوة بعض السياسيين والخبراء الدوليين المتعاطفين مع قضيتنا ، والذين لهم
الخبرة المتراكمة في سبل ووسائل حل المشكلات من أجل المساعدة في الوصول الى
القواسم المشتركة نتفق عليها جميعاً .
ثالثاً : العمل على وقف نزيف الهجرة الذي بات يهدد وجودنا القومي على
ارض الأجداد فلا معنى لمفهوم " الأمن القومي " ولا معنى لكلمة " الحقوق
المشروعة " بدون الوجود القومي على الأرض . وهذا الموضوع مرتبط بالظلم
التاريخي على شعبنا من المذابح والتهجير القسري وخسارته لمناطق شاسعة من
موطنه واختلال الديموغرافيا لغير صالحه .
وهذه العوامل مجتمعة هي من الاركان الأساسية للأمن القومي الأستراتيجي
لشعبنا ، وتتطلب دراسة مفصلة ووضع الحلول والسياسات والخطوات الناجحة ،
وعلى جميع الاطراف الالتزام بها والعمل بموجبها .
مفهوم الحركة من القضايا الوطنية والقومية
إن فهم مجرى الأحداث وتطورها ضمن الأسس الفكرية والسياسية والأجتماعية
والأخلاقية ، هي التي تحدد لدى الحركة الديمقراطية الأشورية المواقف من
المتطلبات والمعطيات والحاجات الجديدة ، عليه ومن أجل الوصول إلى فهم في
رؤية الحركة من قضايانا وحقوقنا القومية ، يتطلب منا ألقاء الضوء ولو بشكل
سريع على مواقف الحركة للمسائل الوطنية والقومية .
اولاً : في القضايا الوطنية .
تعتبر الحركة الديمقراطية الأشورية أول حركة قومية تربط في فكر وعقل
الأنسان الكلداني السرياني الأشوري وبصورة عضوية النضال الوطني بالنضال
القومي ، بل وجعل النضال الوطني هو البعد الأستراتيجي للنضال القومي وجعل
النضال القومي هو البعد الأستراتيجي للنضال الوطني ، وجعلهما حالة واحدة ،
وهذا الفكر وهذه الرؤية هما اللتان ميزتا الحركة عن التيارات والحركات
والأفكار التي ظهرت من قبل ، والتي كانت جميعها تعاني من عيب مشترك ، ألا
وهي النظرة الأنعزالية بين مفهومين الوطني والقومي ، بالإضافة إلى الفهم
الطوباوي في معالجة الحالة السياسية والأجتماعية والثقافية عند شعبنا ، لذا
فأن ظهور نظرية وحدة النضالين الوطني والقومي والتي صاغها الرعيل الأول
المؤسس للحركة في نضال وحيثيات العمل السياسي ، هو عنصر فعال واستراتيجي في
فكر وعقل الحركة – زوعا وقد تجلى ذلك في المنطلقات النظرية والتنظيمية
والثقافية تحت شعار ( عراق ديمقراطي حر .. الإقرار بالوجود القومي الأشوري
) وشعار عراق ديمقراطي حر .. ضمان لحقوقنا القومية ) وأعتبار بأن شقي هذين
الشعارين مترابطان جدلياً ، أي بمعنى لا إقرار بالوجود القومي بدون عراق
ديمقراطي حر ، ولا ضمان لحقوقنا القومية بدون عراق ديمقراطي حر ، والعراق
سوف لن يكون ديمقراطياً بدون الإقرار بوجودنا القومي ويضمن حقوقنا القومية
المشروعة .
اذن ، فأن الجدلية التي أوجدها فكر الحركة الديمقراطية الأشورية بين
قطبي النضال الوطني والقومي ، هي المقدمة الأساسية لتحديد مواقف الحركة من
مجمل القضايا القومية وفي المقدمة الحقوق الأدارية والسياسية والثقافية
والأجتماعية .
لذا سعت الحركة الديمقراطية الأشورية منذ البداية الى المشاركة في قيام
جبهة وطنية تضم كافة الأحزاب والحركات الوطنية والقومية من أجل تحقيق
تطلعات الشعب العراقي في التغير العام وصولاً الى اللحظة التاريخية
المتمثلة في اسقاط النظام القائم في ذلك الوقت ، بأعتبار أن الحالة
السياسية في العراق كانت تتطلب العمل بين كافة الأطراف سواء كانت وطنية أو
قومية أو دينية أو ليبرالية ، وأنطلاقاً من هذه القراءة الفكرية وضعت
الحركة الديمقراطية الأشورية أستراتيجيتها السياسية القائمة على ضرورة
تحالفها مع القوى الوطنية والقومية العراقية ضمن أسس نضالية ، لأن الحركة
أدركت ومنذ البداية ، أن سبب عدم نجاح انتفاضات ووثبات الشعب العراقي تعود
الى :
أ – انشطار في الرؤية السياسية للهدف الأساسي لتلك التنظيمات والحركات .
ب – عدم تعاون حقيقي بين الأحزاب والمؤسسات السياسية المعادية للنظام
فيما بينها .
ج – عدم وجود ميثاق للعمل الوطني المشترك .
عليه نجد إن الحركة الديمقراطية الأشورية أخذت تثقف أعضاءها وتدعو
أصدقاءها على ضرورة واهمية المشاركة في إقامة الجبهة الوطنية العراقية
المعارضة للنظام الدكتاتوري في بغداد ، وجاءت اللحظة التي ارتكب فيها
النظام المقبور عدوانه على دولة الكويت عام 1991 الذي كان له الأثر الكبير
في تفعيل وتوسيع التعاون بين الأحزاب الوطنية ( ومن ضمنها الحركة – زوعا )
وذلك ضمن مبدأ ونظرية الحركة الديمقراطية الأشورية الثورية التي تعتمد على
الربط بين النضالين الوطني والقومي . وقد كان للحركة – زوعا مشاركات عديدة
في التحالفات الوطنية ، ومنها تحالفات الأحزاب الوطنية العراقية في كردستان
العراق وفي لجنة العمل المشترك في دمشق والمؤتمر الوطني العام في بيروت
وغيرها من النشاطات .
في كل هذه المهمات النضالية كانت الحركة الديمقراطية الأشورية تمثل
شعبنا وأمتنا الكلدانية السريانية الأشورية وتضع نصوص حقوقنا القومية امام
جميع القوى الوطنية العراقية ، لأن نيل شعبنا لحقوقه المشروعة ، لا يمكن
تحقيقها بأساليب انعزالية ، بل بعمل سياسي مدرك ومنظم ، يحظى بتأييد الشعب
العراقي بكافة فصائليه الوطنية ، وجعل قضيتنا ، مشروعا وطنيا ، بالأضافة
الى كونه مشروعا قوميا ، يستوجب حله في اطار الحل الشامل للقضية العراقية .
ثانياً : في القضايا القومية
الحركة الديمقراطية الأشورية ، حركة قومية من الناحيتين التنظيمية
والفكرية ، وقد أكدت من خلال ادبياتها منذ التأسيس عام 1979 م أن معركة
النضال من أجل نيل الحقوق القومية لشعبنا وأمتنا وإقامة نظام ديمقراطي في
العراق هي معارك ضرورية وحتمية ، وهي معارك الكل من أجل الكل ، وهذه
المعارك ليست مواد في ادبيات ونصوص في القوانين بل هي معارك ونضال شاملين
لجماهير شعبنا في كل مكان لتحرير الأنسان الكلداني السرياني الأشوري من
النواحي الفكرية والثقافية تحريراً كاملاً ومطلقاً ، ومن ثم وضع الصيغ التي
تهدف الى تحقيق طموحاتنا القومية في نيل حقوقنا المشروعة ضمن الأسس العلمية
والدستورية التي تقرها كافة مواثيق الأمم المتحدة وحقوق الأنسان .
ومن المناسب هنا أن نُشير الى أن المتابع للمشهد والخارطة السياسية
لشعبنا وأمتنا سوف يجد فيهما الكثير من المشاريع والطروحات المتعلقة
بقضايانا وحقوقنا القومية ، ويمكن لنا أن نحددها كما يلي :
1 – مشروع الإدارة الذاتية ( حكم محلي ) .
2 – مشروع الحكم الذاتي / مرتبط بأقليم كردستان العراق .
3 – مشروع الحكم الذاتي / مرتبط بالحكومة الفيدرالية .
4 – مشروع أقليم أشور .
5 – مشروع ( الحقوق العامة ) .
وأستقراءً لمجمل هذه المشاريع والطروحات والافكار السائدة في مجتمعنا
الكلداني السرياني الأشوري يمكننا القول بأن قسم منها تتسم بالموضوعية
والطرح الواقعي الدستوري ، ومنها ما تتسم بالنيات الحسنة ، والقسم الأخر
والداعين لها يتسمون بالسمات التالية :
1 – عدم وجود المصداقية والصراحة والشفافية في طروحاتهم .
2 – عدم الاحترام لرأي الأكثرية من أبناء شعبنا .
3 – نشرهم لثقافة الغموض بالإضافة الى الثقافة الطوباوية التي تستند على
الوعود الفارغة والدعوة بأمتلاكهم الحقيقة .
4 – جري وراء أجندة خارجية .
5 – عدم وجود طريقة للتفكير ، بالإضافة الى المنهجية والتحليل .
6 – اتهام كل من اختلف معهم في الرأي والتحليل في مشاريعهم وطروحاتهم
المثالية ، بالضيق في الأفق القومي والذوبان في الوطنية .
وهكذا ، ومن خلال دراسة وتحليل هذه الطروحات من منظور موضوعي دقيق ، سوف
نلاحظ بأن قسم منها هي مشاريع أو طروحات بعيدة عن الواقعية وعن الشعور
بالمسؤولية لأنها ناتجة بالأساس عن القصور في الوعي باللحظة التاريخية
وحركته ، لذا نجد إن طروحاتهم ومشاريعهم هي مجرد افتراضات بعيدة عن الواقع
( السكاني ، الجغرافي ، الدستوري ) وإنها سوف تنتهي عاجلاً أم أجلاً ،
لأنهم قد وقفوا عند مواقع القوى المضادة لحركة المجتمع والتاريخ .
من هذا المنطلق ، وفي مواجهة هذه الصيغ التي تستهدف الى تشوية فكر وعقل
الفرد والمجتمع ، طرحت الحركة الديمقراطية الأشورية مشروع الادارة الذاتية
( الحكم المحلي ) في مؤتمر بغداد 2003 أنطلاقاً من فكر ونظرية الحركة –
زوعا وفلسفته " الخبرة المجردة " والتي تعني :
أ – فهم الواقعين الذاتي والموضوعي من أجل ولادة مرحلة تتسم بأنها أكثر
تطوراً من سابقتها .
ب – فهم التفاعلات والوجود الأجتماعي .
ج – فهم ما يجري من حولنا من عمليات متحركة مع رؤية وتتبع التناقضات
الكلية .
كافة الشعوب والأمم وعلى مر التاريخ نالت حقوقها السياسية والأدارية
والأجتماعية والثقافية بأستخدام طريقتين أو أسلوبين للوصول إلى أهدافهم :
الطريقة الأولى : المطالبة بالحقوق ( الوطنية والقومية ) في إطار
المشاركة في العملية السياسية ضمن أجواء ديمقراطية ودستورية .
الطريقة الثانية : المطالبة بالحقوق ( الوطنية والقومية ) بأستخدام
العنف الثوري الإيجابي ، الكفاح المسلح ، حرب العصابات ، أحتجاجات ،
مظاهرات .. الخ .
وتاريخ شعبنا وأمتنا الحديث ( بعد الحرب العالمية الثانية ) يقول بأننا
مصنفون ضمن الطريقة الأولى ، ولهذه الطريقة وحسب العلوم السياسية نظريتين :
الأولى : نظرية الخيار المنطقي The rational choice theory
ومضمون هذه النظرية هي كما يلي : لو كانت حقوقنا تقاس مثلاً على مقياس
من واحد إلى عشرة ، ولشعبنا قدرات وأمكانيات ( سياسية ، اقتصادية ، أمنية ،
ثقافية ، أجتماعية ) التي تقع ضمن العوامل الذاتية ، مضافاً اليها العوامل
الموضوعية ( موقف المكونات الأخرى التي تعيش في المنطقة ، موقف الشعب
العراقي ، موقف الكتل السياسية الكبرى ) وعاملي الزمان والمكان ، تفرض
علينا في إطار هذه العوامل بالمطالبة بثلاثة من العشرة من الحقوق . وهناك
جهة أخرى ضمن أجندة مختلفة تدفع بعض من منظمات شعبنا إلى المطالبة بستة من
العشرة من الحقوق ، مدركين جيداً بأن هذه النسبة هي فوق أمكانيات وقدرات
شعبنا ، أبتداءاً من العامل الذاتي ومروراً بالعامل الموضوعي وأنتهاءاً
بالعاملين الزمان والمكان ، فماذا يحدث بعد ذلك ، يحدث أنهيار كامل ورفض
كامل لكافة الحقوق ( لا ستة من العشرة ولا ثلاثة من العشرة ولا حتى صفر من
العشرة ) وهذا هو هدف الجهات الأخرى التي تقع ضمن أجندة أخرى ومختلفة .
الثانية : نظرية بناء المراحل The stages development theory
وهي عملية الأستقراء للعوامل الموضوعية والذاتية الى طريقة جديدة
للتفكير والبحث والتحليل ، تعتمد على طروحات ضمن الحلقات المتحركة تهدف
للوصول الى الأستراتيجية التي تتغير هي الأخرى بفعل العوامل المؤثرة وصولاً
الى الأستراتيجية الأبعد . وما طرح شعار ( الديمقراطية للعراق .. والأقرار
بالوجود القومي الأشوري ) في عام 1979 م من قبل الحركة الديمقراطية
الأشورية ، إلا المرحلة الأولى في عملية بناء المراحل ، حيث هيأت ( المرحلة
الأولى ) الأرضية الضرورية للأنتقال الى المرحلة الثانية والتي تجسدت في
طرح مشروع الادارة الذاتية ( الذي هو مشروع في تحرك دائم ) ثم ننتقل الى
المرحلة الثالثة من التطور وحسب الدستوروضمن قانون الادارة المحلية الذي (
يحق لكل قضاء أو أكثر أو منطقة ذي خصوصية ثقافية ، لغوية ، أو تاريخية ،
تكوين ادارة محلية بناء على طلب يستفتي عليه بأحدى الطريقتين :
أ – طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس الأقضية أو النواحي التي
تروم الإندماج وتكوين الأدارة المحلية .
ب – طلب من عشر الناخبين المسجلين في كل قضاء أو ناحية أو منطقة تروم
تكوين الأدارة المحلية.
وأستمراراً لنظرية بناء المراحل ، وبعد تقوية أركان كل مرحلة من هذه
المراحل ، يحق لنا المطالبة بأستحداث محافظة من قضاءين ( تلكيف والحمدانية
بحدودهما الإدارية ) وصولأً الى المرحلة التي هي الأكثر تقدماً في سقف
المطالب في الحقوق القومية ، وهي تطبيق المادة ( 119 ) من الدستور العراقي
الذي ينص على ( يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين اقليم بناءاً على طلب
بالأستفتاء عليه بأحدى طريقتين ( الطريقتان مذكورتان في أ - ب اعلاه ) .
وهكذا يتضح جلياً بأن حقوقنا القومية قد شرعت دستورياً بموجب المادة 125
من الدستور العراقي الذي ( يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية
والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان ، والكلدان والأشوريين ،
( مع تحفظنا على حرف الواو ) وسائر المكونات الأخرى ،
وينظم ذلك بقانون ) عليه فإن المرحلة تتطلب من جميع الأحزاب والمؤسسات
والمنظمات وكافة شرائح المجتمع العمل على تنشيط الفقرة " وينظم ذلك بقانون
" والتي تقع ضمن الخطوط الأولية من أيديولوجية الحركة – زوعا التي تقوم على
الأسس التالية :
الأساس الأول : ممارسة الشراكة الحقيقية في الوطن بغض النظر عن حجم هذا
المكون أو تلك ، وأحترام الإرادة الحرة والقرار السياسي المستقل لأبناء
شعبنا .
الأساس الثاني : إقامة في سهل نينوى إدارة ذاتية " محلية " سليمة بحدود
إدارية كاملة ، تشكل دليلاً وقاعدة للأنطلاق للمراحل القادمة ، وصولاً الى
الأستراتيجية البعيدة التي تتطابق وحقوقنا القومية المشروعة .
ومن كل ما سبق يبدو واضحاً ، أن الحركة الديمقراطية الأشورية بكونها
الحركة القومية الأكثر شمولية ، والأوضح ايديولوجية ، وتؤمن بالرأي والرأي
الأخر ( ضمن أراء شعبنا المستقلة ) هي ليست ضد أي طرح أو مشروع يخدم أبناء
شعبنا وأمتنا ، اذا توفرت فيه :
1 – المصداقية والشفافية والأستقلالية .
2 – الرؤية الأستراتيجية السليمة .
3 – الدستورية في الطرح أو في المشروع .
لأن الحركة – زوعا وضمن المنهج العلمي التي تعتمده في العلاقة بين
الواقعين المادي والمثالي ، لا تتعامل مطلقاً مع الوعود التي تثير فقط
الأحاسيس والعواطف وتقع في عالم الرومانسي الطوباوي البعيد عن العلمية
والمادية . لذا فإن الحركة الديمقراطية الأشورية تعارض هذا النوع من المنهج
والمنهجية ، لأن في فكر الحركة – زوعا اقتراب نحو دراسة المعطيات المادية
ومن ثم اتباع اسلوب البحث والدراسة . وأن الحركة الديمقراطية الأشورية لا
تقف ( كما يروج لها ) بالضد من الطروحات أو المشاريع أو البرامج التي
تقدمها بعض من الأحزاب والمؤسسات التابعة لشعبنا والتي تخدم قضيتنا من
النواحي السياسية والثقافية والأجتماعية ، بل هي بالضد من الطروحات
والمشاريع والبرامج التي تأتي من خارج البيت القومي ، وتحمل معها بالتأكيد
نوايا وأجندة مخفية .
وأخيراً ، كما في البداية ، حيث أستندت إلى قول الكاتب والفيلسوف
الروماني " بوليب " في تقويم سلوك الناس ، أختم المحاضرة بقول الكاتب
والسياسي والمفكر العراقي المعاصر الدكتور كاظم حبيب حيث يقول ( الأشوريون
والكلدان يشكلون جزءاً أساسياً من بناة الحضارة العراقية القديمة والحديثة
والمعاصرة ، وهذا القول ليس لدغدغة المشاعر أو المجاملة, بل هم حقاً كذلك
وعليهم أن يمارسوا ذلك لاحقاً. وإذا كنت أرى أن الإدارة المحلية هي الأصوب
لهم, فليس من حقي أن أمنع من يريد يرفع شعارات أخرى, وارجو له الموفقية,
شريطة أن يأخذ بالاعتبار ما يسميه البعض المخاوف الزائدة, وأتمنى أن تكون
مخاوف زائدة لا غير. الحكم الذاتي سيكون المقدمة للذوبان الفعلي والتهجير
القسري العدواني وطمس التراث والتاريخ والحقوق, وأتمنى أن لا يكون ذلك وأن
نناضل من أجل منع وقوع ما أخشاه. لست عالماً بالغيب ولا منجماً أو قارئاً
في فنجان, ولكن لي تجربتي السياسية التي تقول ما لا أريد التصريح به
تماماً, رغم أني لا أخشى لومة لائم, ولكن لكي لا يقول البعض بأن الرجل
يبالغ بالخشية والمخاوف. وإذا كان البعض يعتقد بأن ملايينه تساعده على فعل
السحر فليجرب ذلك, شريطة أن لا يضحي بالشعب الذي أحترمه وأحترم تراثه
وتقاليده وحضارته ) .
hzdawood@yahoo.com
الهوامش :
1 – هي في الأصل نص للمحاضرة ألقيت في مدينة ديترويت الأمريكية .
2 – الفيلسوف ارسطو ولد في مدينة ستاغيرا شمال يونان في عام 384 ق . م .
وتوفي في 322 ق . م .
3 – القديس أوغسطين أحد أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية ، وهو
فيلسوف روماني من اصول أمازيغ ولد في مدينة تغاست الجزائرية التي كانت ضمن
احدى مقطعات مملكة روما في شمال افريقيا في عام 354 م . وتوفي في عام 430 م
.
|