فرصة للبرلمانيين للتصالح مع جماهيرهم

 

 

                                                            حميد الموسوي

              بعد اكثر من سبعة اشهر على ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية وفرحة المرشحين الفائزين بفرصة العمر والاثراء السريع، وبعد مضي ثلاثة اشهر على انعقاد جلسة التعارف البرلمانية ذات السبعة عشرة دقيقة، والتي ظلت مفتوحة مع تمتع البرلمانيين بأجازة مفتوحة لاترقي لمستواها عطلة التلاميذ الصيفية ولا أجازة الامومة مع الاحتفاظ بكامل الحقوق والجوازات والسفريات والعمرات وعلى عهدة احدى الصحف ان رواتب ومخصصات البرلماينين منذ التصديق على نتائج الانتخابات وتحديد اسماء الفائزين بلغت اكثر من واحد وثمانين مليار دينار لحد الان. مع ان اكثر المشاريع متوقفة ومعطلة بسبب العطلة المفتوحة للبرلمان الذي يمثل الجهة التشريعية والرقابية، ومع اقتراب نهاية السنة فان معظم المحافظات ستعيد تخصيصاتها لميزانية الدولة لعدم تمكنها من استثمارها في مشاريع خدمية وتنموية لسبب نفسه ولضعف ادارة بعض مجالس المحافظات. وعلى سبيل المثال فان محافظة البصرة لم تستثمر سوى 8% من التخصيصات المالية وستعيد متبقي الاموال لحكومة المركز علما ان هناك 115 مشروعا حيويا متوقفا بسبب عدم المصادقة عليه من المحافظ ومجلس المحافظة.

نقول بعد تاخر انعقاد البرلمان وجعل جلسته مفتوحة تتلاعبها اهواء الكتل وبعد مضي وخسارة سنة اخرى من عمر العراقيين الذين يخرجون من خسارة ليقعوا في خسارة اخرى ومن فشل الى فشل ومن يأس الى احباط ونكوص ومن ازمة الى ازمات ومن ظلام الى عتمة القبور بعد كل ذلك وغيره اصدرت المحكمة الاتحادية قرارها المتاخر جدا بالغاء الجلسة المفتوحة والبدء بعقد الجلسات المطلوبة وانتخاب رئاسة البرلمان والمباشرة بالعمل التشريعي والرقابي الذي هو من صلب واجبات البرلمان بل كاد يكون عمله الوحيد. بعد هذا القرار يفترض ان تنعقد اولى الجلسات قبل يوم 2010/11/5 وستنعقد فهل سيعوض البرلمانيون ما خسرنا من وقت ذهب بالفصل التشريعي الاول دون تحقيق جلسة واحدة؟ ترى كم سيستغرق وقت انتخاب رئاسة البرلمان؟ وكم يتطلب من الوقت لتشكيل اللجان الرئيسية والفرعية فيه خاصة وان هناك كتل تريد رئاسة لجنة الدفاع والامن وغيرها تريد التربية والتعليم واخرى تريد اللجنة القانونية ورابعة تريد لجنة الصحة وخامسة تريد لجنة شؤون المرأة وسادسة تريد لجنة النزاهة وهكذا... اذن سينقضي الفصل التشريعي الثاني دون تحقيق تشريع منتج ودون لعب ادوار رقابية مثمرة وقد ينقضي عام 2011 مثلما انقضى عام 2010 المزيد من الحوارات والتفاهمات واللقاءات والتأجيلات.. وستشهد الايام المقبلة...

الارقام الجديدة لرواتب وامتيازات البرلماينين "بلا حسد" مهولة وخرافية ولا تقبل بل تستنكف المقارنة مع رواتب اشهر الشخصيات الرسمية العالمية وفي اعظم البلدان ثراءا واستقرارا وموارد اقتصادية واقلها مشاكل وازمات وبطالة.

قالت التقارير:

1- ان راتب البرلماني "32 اثنان وثلاثون مليون دينار". اي ان "يومية البرلماني" اكثر من مليون دينار!.

2- ان كل برلماني تقاضى مبلغ "92 اثنين وتسعين مليون دينار" تحت عنوان سلفة غير قابلة للرد. وكان يفترض تسميتها منحة او مكافأة جهود استثنائية!.

3- من حق البرلماني تعيين "60 ستين حارسا" ولم اتأكد من مقدار رواتبهم والجهة التي تتكفل بدفعه واذا كان البرلماني ملزما بدفعه فبأمكانه الاستعانة باربعة او خمسة حراس.

4- ولحاجة البرلماني للاتصالات اليومية فقد تمت الموافقة على صرف "200 مائتي الف دينار" شهريا لهاتفه النقال دعما لراتبه الذي يغطي مصاريفه اليومية بالكاد.

مثل هذه النعمة الباذخة تتطلب اضعافها شكرا وحمدا لوجه الله تعالى كي تدوم وتحل بها البركة ولا تنقلب وبالا على صاحبها. وليس المقصود بالحمد والشكر ان يقول النائب صباحا ومساءا: "الحمد لله.. نعمة فضيله" ابدا الله يريدها ترجمة ميدانية على ارض الواقع فالحمد والشكر يجب ان يكون الاخلاص والتفاني في خدمة الناس الذين اوصلوا النائب الى هذه النعمة والتضحية المتناهية في خدمة الوطن الذي بذل ثروته واجزل بعطائه عليه. والبرلماني بعد هذا ملزم شرعا وقانونا واخلاقا امام الله والناس والوطن للعمل ليل نهار في سبيل الخدمة العامة والتصدي لكل مفسد ومخرب، فهل سيكون البرلمانيون بمستوى هذا الالتزام؟ وهل سيثبتون مصداقيتهم امام شعبهم بأن يكون اول قرار يتخذونه في فصلهم التشريعي الثاني هو تخفيض رواتبهم ومخصصاتهم ومن ثم المباشرة بتنفيذ المشاريع المعطلة والتصدي للفساد المالي والاداري، ولعمري انها فرصة ذهبية للتصالح مع جماهيرهم التي خذلوها واعادة الثقة بينهم وبين ناخبيهم الذين اصابهم الاحباط والقنوط.

بعدما سئموا كثرة المواعيد الزائفة وملّوا العهود التسويفية والمواقف المنافقة.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links