بيان المنظمة الآثورية الديمقراطية في ذكرى تأسيسها الحادية والخمسين

 

                    

     تحل في الخامس عشر من تموز الذكرى الحادية والخمسون لتأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية. في وقت تواجه فيه شعبنا السرياني الكلداني الآشوري تحديات مصيرية كبيرة تمس وجوده ومستقبله في الوطن، جرّاء الأزمات الخطيرة التي تعصف بدول المنطقة على كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، إذ تداخلت وتشابكت العوامل المحلية مع أخرى إقليمية ودولية ما أفرز تداعيات وتأثيرات سلبية أدت إلى انعدام الاستقرار وحدّت من فرص النهوض الاقتصادي، وعطّلت إمكانات التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان وضمان حقوق القوميات الصغيرة عبر حلول وطنية ديمقراطية تحفظ استقلال وسيادة هذه الدول، وتقطع الطريق أمام أي تدخل خارجي مهما كان نوعه. إن الفشل في معالجة هذه القضايا، عمّق هذه الأزمات، ورفع من منسوب الاحتقان في المجتمع، وزاد من مشاعر القلق والإحباط لدى جميع شعوب المنطقة، لا سيما عند أبناء الشعب الكلداني السرياني الآشوري والمسيحيين عموماً حيث نالهم الكثير من الغبن والتمييز والتهميش على مدى العقود الماضية.

ففي العراق فإن سياسات النظام السابق وحروبه العبثية، وممارسات قوات الاحتلال الأمريكي، والحكومة الحالية وفشلها في فرض الأمن والاستقرار والتقدم بالعملية السياسية، ألحقت ضرراً كبيراً بأبناء شعبنا، وجعلته مكشوفاً أمام اعتداءات قوى التكفير الظلامي، ما أدى إلى هجرة ونزوح مئات الآلاف من أبناء شعبنا داخل العراق وخارجه. ولا شك أن تلكؤ وتقاعس الحكومة العراقية والمجتمع الدولي في تسوية أوضاع اللاجئين وضمان عودة آمنة لهم إلى وطنهم حضّ بعض دول الاتحاد الأوربي على الشروع بتقديم تسهيلات ومغريات للاجئين من أبناء شعبنا والمسيحيين كافة لدفعهم إلى الهجرة إلى بلدان الغرب مستغلةً معاناتهم الإنسانية.

في خطوة تشير إلى وجود مخطط بدأت تتضح معالمه يهدف إلى إفراغ العراق من أحد أقدم مكوناته الأصيلة. وتشكل هذه الخطوة خسارة كبيرة على المستوى القومي والوطني، وقد تصل تداعياتها لتضرب الوجود المسيحي في معظم دول المشرق ولا تقتصر على العراق وحده. وهذا يفرض على حكومات الوطن والمجتمع الدولي تحمل مسؤولياتها واتخاذ التدابير الكفيلة لوقف هذا النزيف. إن شعبنا في العراق يتطلع إلى البقاء والعيش بكرامة في وطنه، ولا ينتظر الحلول من الخارج بل يسعى إلى إيجاد الحلول لمشاكله عبر الأطر الوطنية الديمقراطية التي تكفل له حقوقه القومية المشروعة بما فيها حقه في إقامة الحكم الذاتي في سهل نينوى ومناطق تواجده التاريخية، وإقرار ذلك في دستور العراق ودستور إقليم كردستان.

أما في تركيا فإن عدم اعتراف الحكومة التركية بجريمة الإبادة الجماعية (السيفو) التي طالت شعبنا أثناء الحرب العالمية الأولى، يكشف زيف الوعود الحكومية المطالبة بعودة الآشوريين (السريان) إلى قراهم وممتلكاتهم. وما يعزز هذه الشكوك هو الحرائق المفتعلة التي التهمت مؤخراً الكروم والبساتين المحيطة ببعض قرى طور عبدين، دون أن يتم كشف المتسببين بها سيدفع بالتأكيد إلى التقليل من فرص العودة الخجولة التي بدأها بحذر بعض المغتربين من أبناء شعبنا إلى قراهم في جنوب شرق تركيا.

وفي سوريا فإن الانفراج الحاصل على مستوى العلاقات الخارجية، والبدء بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل من أجل الوصول إلى السلام العادل والشامل الذي يضمن استعادة الجولان المحتل. يجب أن يترافق مع إحداث انفراجات على الصعيد الوطني الداخلي، من خلال إعطاء المزيد من الاهتمام لمعالجة المشاكل الحياتية للناس، بعد أن تدهورت الأوضاع المعاشية إلى مستويات متدنية لم يعد يحتملها المواطنون بسبب الغلاء وانخفاض معدلات الأجور والرواتب، وزيادة نسبة البطالة في صفوف الشباب، وتفشي الفساد، واتساع نطاق أحزمة البؤس حول المدن الكبيرة، وازدياد معدلات الفقر لا سيما في الجزيرة التي أضحت منطقة منكوبة.

الأمر الذي يستدعي تدخلاً عاجلاً من الحكومة، واتخاذ تدابير حازمة للحد من الفساد والهدر، وإعادة التوازن بين الأجور والأسعار، ووضع خطط وطنية للتنمية البشرية والاقتصادية تضمن إعادة توزيع الثروة بشكل عادل على كافة شرائح المجتمع. كذلك فإن الحاجة تبدو ماسة لتنفيس الاحتقان المتنامي في المجتمع لأسباب قومية ودينية واجتماعية من خلال إجراء إصلاحات سياسية حقيقية تضمن مشاركة أوسع في الحياة العامة، وتستنهض قوى المجتمع المدني وتضع البلاد على طريق التحول الديمقراطي عبر إصدار قوانين أحزاب وانتخاب عصرية، وحل مسألة القوميات في سوريا حلاً ديمقراطياً عادلاً، والإقرار الدستوري بالشعب الكلداني الآشوري السرياني كشعب أصيل.

وكمدخل لتحقيق ذلك لا بد من تقييد العمل بقانون الطوارئ، وإطلاق معتقلي المجلس الوطني لإعلان دمشق وكافة معتقلي الرأي في سوريا وطي ملف الاعتقال السياسي نهائياً، ووقف كافة أشكال الملاحقة والتضييق بحق العاملين في الشأن الوطني العام. وتفعيل آليات الحوار والنقاش في كافة الشؤون الوطنية من أجل تحقيق أكبر قدر من التوحد والتلاحم بين كافة مكونات المجتمع لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا والمنطقة. إزاء الأوضاع المأساوية التي يمر بها شعبنا في المرحلة الراهنة.

إننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية ندعو كافة أحزاب ومؤسسات شعبنا على مختلف توجهاتها وتسمياتها إلى تجاوز حالة الانقسام والتشرذم والعمل معاً من أجل رفع مستوى التعاون والتنسيق فيما بيننا من أجل توحيد صفوفنا وخطابنا ورؤيتنا القومية، والعمل مع كافة القوى الوطنية من أجل تخفيف معاناة شعبنا، ونيل حقوقه المشروعة وتعزيز وجوده ودوره في الوطن.



أواسط تموز 2008

 

 

                                                                                                                المنظمة الآثورية الديمقراطية
                                                                                                                      المكتب السياسي

 

 

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links