في الغربة  تحتضر عراقيتنا – فهل نحافظ على اشوريتنا ؟

 

                                                                                       اخيقر يوخنا

 

                    ان لكل من جيل الاباء وجيل الابناء له ما يميزه عن الاخر من تطلعات وهموم  ومشاكل ومفاهيم وقييم وافكار وميول وتوجهات حول كل  ما يتعلق بمجريات  الحياة  الخاصة والعامة  وامتدادا الى التطلعات القومية والوطنية الاخرى .

والمعروف عن المجتمعات الغربية   انها  كبيرة  ومنظمة ومتطورة وقوية بحكم القوانين الانسانية والاجتماعية الاخرى التي تنطم مسيرة الحياة فيها بسلاسة  تعتمد وتتبني مفاهيم اجتماعية وثقافية وتربوية واخلاقية وسياسية تمس كل مفاصل الحياة للانسان كفرد له  خصوصياته وكعضو في المجتمع له وعليه من حقوق وواجبات.

فجيل الاباء  المهاجر والقادم  او الهارب من المجتمع الشرقي  (لاسباب كثيرة قد تكون عامة او خاصة   ) يصطدم بكثير من الصعوبات الحياتية  التي تواجهه  في التكيف الاجتماعي  ماديا وفكريا وثقافيا واجتماعيا  ونفسيا  والتي قد تاخذ وقتا طويلا تمتد عدة سنوات حتي يتاقلم مع الجو الاجتماعي الغربي  الذي يختلف كليا عن المجتمع الشرقي اضافة الى ما  يمتاز بسرعة  به من سرعة حركة مقومات وركائز الحياة بصورة عامة  .بما تفرضه  وتتطلبه متطلبات الحياة عبر كل قنواتها   الاجتماعية والثقافية والتربوية الاخرى  مع كل ما    يرافقها  من اختلاف في العادات والتقاليد  والمفاهييم  والقييم  الانسانية الاخرى اضافة الى هموم العمل والمشاكل الاجتماعية والعائلية .

ويمكن اعتبار مسألة  توزع ابناء الجالية الاشورية بين  عدة كنائس وفشل الاطراف السياسية  او الاجتماعية الاشورية  في توحيد الجالية او كسب الجيل الجديد  -- سببا  اخر في تفتت الجالية المتمثل في  ابتعاد  او تقلص من الاهتمامات والنشاطات  الاجتماعية  والفكرية الخاصة بابناء  الجالية .

فيما قد تشكل الاندية الاجتماعية والكنائس وبعض الهيئات الثقافية والسياسية الاخرى ( فيما اذا وجدت )   متنفسا  اجتماعيا او روحيا او نفسيا وحيدا  لاعضائها او المشاركين فيها .

كما  نجد ان الجيل الجديد الناهض هنا له عالم اخر شبه مستقل عن عالم الاباء من حيث سهولة وسرعة  التاقلم الاجتماعي السلس  وفق  كل التطلعات الفكرية والاهتمامات الشخصية  الاخرى التي تشكل  المحور الاساسي لحياته .

فيما تفرض  المسؤولية السياسية على  المهتمين بالشان السياسي الاشوري الى البحث عن  افضل السبل الممكنة  للاستفادة من طاقة  الجيل الاشوري الجديد في  خدمة القضية الاشورية .

وبالمقابل نلاحظ  ان  الروح الوطنية لجيل الاباء وبعد  مرور عدة سنوات على العيش هنا  ومقارنتها بالماسئء الرهيبة التي مر بها في الوطن الام -   تبدا بالضمور والتلاشي تدريجيا  .

وتلعب العوامل السياسية الكثيرة التي عانت وتعاني منها امتنا الاشورية  دورا مؤثرا وقويا في موت  الاواصر المعنوية والنفسية الاخرى التي كانت تربط الاشوري بالوطن .

وقد يصح القول بان جيل الاباء في هذة المجتمعات يعيش المرحلة الاخيرة من مظاهر   احتضار الروح الوطنية . 

 وفي المقابل نجد  ان جيل الابناء يخسر لغة الام  والتي تشكل عصب الحياة  للفرد الاشوري . لان  خسارة اللغة تعني موتا سريريا  للتفاعل النفسي والروحي والمعنوي لكل  التطلعات القومية للفرد للفرد بصورة خاصة  والجالية ككل بصورة عامة .

ورغم كل الجهود المتواضعة التي تبذلها الجهات الاشورية في المهجر للابقاء على اللغة الاشورية فان المستقبل لا يبشر بخير بشان هذا الموضوع .

لان تلك الجهود ليست الا كجهود السباحة عكس تيار قوي وجارف  ضمن مجتمعات قوية وكبيرة ومتطورة  تنهض على اسس انسانية سامية لا تمييز قومي او عنصري او ديني او مذهبي فيها مما يسهل للجيل الناهض هنا عملية اعتناق وتبني لغة بلاد المهجر.. .

ولا يصح لنا توجيه  كل التهم  الى الجهات الاشورية بشان ما حدث و ما قد يحدث لجاليتنا .

لان العوامل المسببة لهذة الخسائر القومية كانت فوق طاقة واحتمال وامكانية امتنا الاشورية المصظهدة في ارضها ووطنها .

ويتحمل الضمير الانساني ما حصل ويحصل لامتنا الاشورية من نزيف بشري متواصل لابناء اشور من ارض اشور .

ونجد ان الجهات السياسية الاشورية مطالبة  حاليا  اكثر من اي وقت مضى  ببذل المزيد من الجهد السياسي  واللجؤ الى كل السبل السياسية المتاحة لمناشدة  القنوات الدولية والوطنية  لوضع حدا لما تعانية الامة الاشورية وللخروج برؤية سياسية واضحة  وملزمة  للتنفيذ في ارض الوطن لضمان العيش السليم  لما يتبقى من ابناء اشور في الوطن وللاجيال الاشورية القادمة .

وخلاصة القول  ان جيل الاباء وجيل الابناء  في المهجر يسيران في اتجاهين متعاكسين لا يلتقيان مما ينتج خسارة قومية لا تعوض .

كما ان امل الاستفادة  من جهد الجالية ما زال  قائما حاليا   اذا احسنت القنوات السياسية الاشورية توظيف جهدهما في خدمة القضية الاشورية .

والسؤال الذي  قد يطرح نفسه حاليا هو هل يبقى للجيل المغترب من دور سياسي او قومي فيما بعد استقرار الوضع السياسي في العراق وتبني الديمقراطية ؟؟

حيث نعتقد ان الاجابة الصحيحة هو ان دور جاليتنا السياسي باحزابها   في المهجر سوف يضمحل ويزول تدريجيا .

ويبقى الامل الوحيد  لتعزيز وجودنا القومي في ارض اشور هو في الدعوة  او تبني استراتيجية سياسية تهدف الى تفعيل عملية   الهجرة المعاكسة ابتداء من زعاماتنا الكنائسية  وانصار احزابنا السياسية   والعمل الجاد لوقف نزيف الهجرة  من الوطن.

 

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links