لماذا تسمح بان يسرق احدهم راسك
وسام يوسف
"وجدتها
وجدتها" صاح ارخميدس ورقص فرحا عندما اكتشف "بالصدفة" قانون الطفو
وكثافة الأجسام , وكذلك فعل إسحاق نيوتن عندما سقطت تفاحه على رأسه فخرج
إلى العالم بقانون الجاذبية .
ترى لماذا اختارت التفاحة رأس نيوتن لتسقط عليه دونا عن رؤؤس
غيره من البشر, هل كان محضوضا إلى هذا الحد فاختارته التفاحة دونا عن غيره
ليكتشف من خلالها أهم قوانين الكون.
نيوتن هو الذي اختار التفاحة ليدخلها التاريخ عبر اكتشافه
القانون من خلالها وليس العكس, لان كل الأجسام تخضع للجاذبية وتسقط على
الأرض لكن التفاحة كانت هي المحظوظة لان الفكرة جاءت نيوتن عندها.
حكي لي احد أصدقائي الفنانين كيف أن الفنان "خالد الرحال"
توصل إلى فكرة تصميم نصب الجندي المجهول, عندما كان جالسا في المطعم
ينتظر أن يأتيه النادل بطلبه, وإثناء ماهو يبحث عن الفكرة سقط من بين يديه
الصحن الذي كان على طاولته, فاخذ يدور على الأرض قبل أن يستقر,وهنا كانت
الومظه "الفكرة " التي استغلها الرحال لبناء فكرته من شكل الصحن وهو بين
الدوران حول نفسه والاستقرار أرضا , لكي ينفذ احد أشهر النصب في بغداد ,
فالفضل لايعود إلى الصحن بالتأكيد بل إلى الفنان, لان الصحون تسقط من بين
أيدي جميع البشر.
فالفكرة إذا لا تأتي إلا من يبحث عنها, وهي تحتاج إلى جهد ووقت
للبحث عنها وإخراجها إلى الضوء. فالفكرة تحتاج شخصا ليكتشفها وليس أنها
تختار شخصا لتخرج من خلاله, ليصبح هو صاحبها وهو مالكها.
فالفكرة مهما كان حجمها كبيرا أم صغيرا هي ملك من اكتشفها وهي
من ضمن ممتلكاته الشخصية ومقتنياته, بالتأكيد هي ليست مثل سيارته أو بيته
أو ألبدله التي يرتديها, لكنها أغلى بكثير فهي قطعه منه.
فالشاعر مثلا يبذل الكثير من الوقت والجهد ويخلق لنفسه جو خاص
أثناء ألكتابه ليجعل الفكرة تأتيه , وعندما يصل إلى مرحله التي تجافيه
الفكرة فانه يستعين بشاعر أخر لازالت أفكاره غزيرة ليستغل أفكاره لصالحه
مقابل المال ,أي انه يشتري الأفكار , فالفكرة إذا سلعه بالإمكان شرائها
والتداول بها بين من تعنيهم .
وهناك من الكتاب أيضا من يأجر افكارة لجهات يكتب لها مقابل
المال أي كجزء من لعبه الدعاية والتي تدخل أيضا في باب سوق الأفكار
، ومادام للفكرة مالك وللفكرة سعر وتباع وتشترى, فللفكرة أيضا "حرامية "
,وفي أي مجتمع لايحترم ويحفظ حقوق الأفكار, فالأفكار تكون عرضة للسطو
والسرقة من قبل الغير, ويختلط الحابل بالنابل ,عندها تتوقف هكذا مجتمعات عن
خلق الأفكار , ما دامت كل فكرة جديدة دون الاستئذان من صاحبها هي مباحة
للاستعمال و للتقليد .
تتشابه حينها جميع التفاصيل ,فالجرائد تكون متشابهه والفضائيات
والإذاعات والأغاني والأحزاب والدعايات وحتى المحلات والبيوت والشوارع .
لتصبح ألوان الحياة معدودة بانتظار أفكار وألوان جديدة دون
عناء البحث عنها, ولهذا تسمى مجتمعاتنا بالاستهلاكية ليس لأننا نستهلك
أنواع البضائع دون أن نصنعها, ولكن لأننا نستهلك الأفكار أيضا بتقليدها,
دون عناء البحث عن أفكار جديدة.
فالحصول على شيء ما دون عناء وتعب هو أسهل بالتأكيد, والحصول
عليه مجانا هو أكثر سهوله , لاتدع احدهم يسرق أفكارك , لان إذا سرق
احدهم مرة أدمن السرقة واقفل رأسه عن التفكير والخلق .
|