|
الهيئة العليا
للتنظيمات الكلدانية – هل تمكًن التعصب من إصابة الهدف ؟!
د. وديــع بتي حنــا
يقول الكتاب , ان بيلاطس قد طلب ان يغسل يداه قبل ان يستجيب لطلب تلك
الجموع التي كانت تصخب قائلة ( اصلبه , اصلبه ) , واليوم اؤمن جازما ان
مئات الألاف من ابناء شعبنا من الكلدان تطلب ايضا الماء براءً من تحشيد
وفعل غير مسؤول يحاول استجماع كل قواه للتسديد على وحدة شعبنا وطرحها ارضا
. يقينا , تابع الكثيرون مثلي ( حركات الرفع والكبس ) التي يؤديها البعض
هذه الايام , حيث يحاول ولغايات وعقد في نفسه , اعادتنا الى مستنقعه
المُحبب الذي يجيد السباحة والرقص فيه , ألا وهو مستنقع التسمية القومية ,
فتمكن هؤلاء من تجيير حدث عابرعادي مشروع هو انعقاد المؤتمر الثاني للمجلس
القومي الكلداني الى سهم موجه الى وحدة شعبنا , عوضا عن ان يكون حجر تقوية
في اساس هذه الوحدة , و يمضي هذا البعض قدما في استثمار غفلة الزمن ليشيع
كتابات التعصب والدعوة الى الانغلاق الاعمى في حملة مبرمجة مشبوهة , الانكى
فيها ان اغلب ابطالها هم من سكنة بلاد الغربة , مما يترك الانسان يتساءل
بمرارة , هل اصبح ابناء الغربة عبئا على وحدة شعبنا في الداخل وفاعلا هداما
فيها ؟! , ام جهدا ساندا وداعما لها ؟! , هل اصبحت مهمة البعض ان يذهب الى
الوطن ليحاول واهما ان يُغري بدولاراته , او يقايض ببعض الحديث المعسًل
حماسيا , وحدة ابناء الداخل ؟! وهكذا استطاع هذا البعض ان ينشر غاز التعصب
في الاعلام وعلى الارض , الى الحد الذي استصرخت فيه وحدة هذا الشعب طالبة
الاوكسجين وقاية من الاختناق عندما تمكنت هذه الغيمة من الغاز الخانق في
الوصول بتأثيراتها , في ظرف يلفه الغموض , الى قرارات المجمع المقدس لاباء
الكنيسة الكلدانية , الكلي الطوبى والجزيلي الاحترام . تمنياتي ان لايحاول
احدهم الاصطياد في المياه العكرة فيتهمنا باطلا , فكل المجامع المقدسة وكل
اباء واساقفة ورؤساء كنائسنا , لهم في نفوسنا كل التبجيل والاحترام , ولكن
هذا الموضوع يمثل رؤية تندرج في ملف السياسة قبل غيره من الملفات .
ان الفرق والبون شاسع بين ترتيب البيت الكلداني وتوحيد خطابه , وبين
الدعوة , الباطنة او الظاهرة , الى الانعزال والايحاء الى الاخرين ( باننا
شعوب مستقلة تلتقي فقط في الدين , والى حد ما في اللغة ) , بل ان يصل الامر
بالبعض ان يشتكي على من يقول ( انهم اخوته ) و يستنجد ببعض اصحاب القرار
طمعا في مساعدتهم لرفع الحيف والظلم عنه ! فمن يعترض حقا على ترتيب البيت
الكلداني على الاسس والمبادئ التي اوضحها الاستاذ الفاضل سعيد شامايا ,
الامين العام للمنبر الديموقراطي الكلداني , في توضيحه المنشور على موقع
عنكاوة العزيز حول ظروف تأسيس الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية , ان هذا
الايضاح هو الماء الذي غسل الاستاذ شامايا به يداه ,شهادة للتاريخ ,
وانتصارا للمبادئ التي يؤمن بها , حقا , كل اصيل في شعبنا , نقول ذلك
انصافا للحقيقة دون ان ننسى اننا نختلف مع السيد سعيد شامايا في مواضيع
ورؤى اخرى ومن بينها الحكم الذاتي , او دون الالتفات الى الظروف والمصالح
الشخصية التي قد يرى البعض انها ربما دفعت بالسيد شامايا الى موقفه هذا .
ربما يحاجج البعض في ان بيان اعلان الهيئة قد تضمن مادة تقول ان تأسيسها
ليس دعوة الى الانغلاق ونكران ان الكلدان السريان الاشوريين هم شعب واحد ,
ولكن روح البيان ونفَسَه وظرفه وهواجس القريبين من دائرة صناعته وخلفية من
يتحمس له , كل ذلك يجعل ( الفأر يلعب في عِبٍ ) كل حريص على وحدة شعبنا ,
ويتركه يشكًُ في ان حديث البيان عن عدم الانغلاق والتعصب والحرص على وحدة
شعبنا ربما هو من باب التزويقات اللغوية والدبلوماسية عليه , ليس إلاً .
في عهد الاتحاد السوفيتي السابق انتشرت مزحة خفيفة تقول ان الامريكان
قد اكتشفوا خطة جهنمية للسيطرة على الاتحاد السوفيتي دون اطلاق للصواريخ
البالستية العابرة للقارات , او استعمال القنابل النووية , وغيرها من
الاسلحة الثقيلة والخفيفة , والخطة تكمن في قذف مئات الالاف من اطنان (
الفودكا ) على المدن والاراضي السوفيتية , فتدخل بعد ذلك القوات الامريكية
, والجميع إمًا نيام , او مشغولون ولاهون ( بحوارات البيك ) !. اما اسرائيل
فقد وجدت في الراحلة ( ام كلثوم ) سلاحا نموذجيا لتخدير الشعب المصري خاصة
, والعربي عامة . لقد باتت التسمية القومية حالها حال ( الفودكا ) او اغنية
( يامسهرني ) لام كلثوم , يُعيدنا البعض من المدمنين اليها كلما سنحت لهم
الفرصة , فنُصاب بالتخدير, ونبدأ باعادة إجترار فضلات وبقايا المربع الاول
! , لاتوجد كلمة ( السريان ) في الدستور الاتحادي , لكنني لم اشعر يوما
انني غير مُمثل في الدستور ! أليس إذن من حق الاستاذ مسعود البارزاني ان
يحتار في تسميتنا ؟!. فها قد وصل الحال بنا ان البعض اليوم يكتب ينادي
السريان باليقظة من غفوتهم , اسوة بالاشوريين والكلدان ! . انه تساؤل
يتراقص في النفس , ويأبى ان يمنحها الراحة , يتمثل في اسباب عزوف هؤلاء
النشامى ( الناشطين قوميا الذين يصدرون اليوم سلسلة من بيان البيانات
ويرفعون برقيات التحايا والتأييد عبر القارات ) عن المطالبة بتثبيت تسمية (
الجبهة الكلدانية ) عوضا عن ( الجبهة الاشورية ) في برلمان الاقليم في
تسعينات القرن الماضي ! هل كان الشعور القومي لديهم لازال في طور الاكتشاف
؟ ! أم ان السماء كانت لازلت , انذاك , غير صافية وأمنة , ولا احد يفتي
بعدم احتمال عودة الجور والطغيان الى فتح دفاتره الرهيبة في الحساب!
عند قرائتي لخبر تشكيل الهيئة العليا للتنظيمات الكلدانية تعجبت لأمرين
, اولهما , وجدت فيها اسم الاستاذ الفاضل ابلحد افرام ,الامين العام لحزب
الاتحاد الكلداني , فالرجل , ومن خلال عمله لسنوات في البرلمان العراقي ,
اصبح من المؤكد , مُلمًا بقواعد اللعبة السياسية في العراق , وخيوطها ,
وغرفها المظلمة والمضيئة , ويُشهد له في ادائه خلال الفترة الماضية , عبر
مواقف جريئة وشجاعة ,تفهمه لمصالح شعبنا , ككتلة موحدة , ينفتح فيها في
افاق رحبة على الجميع , متجاوزا , بحكم المعايشة الواقعية , خطوط الدائرة
الضيقة الوهمية من اجل اداء موحد ,وخطاب موحد , ومطالب بإسم الجميع ,
ونتاج للجميع , فاذا به اليوم يختار التخندق في الدائرة الضيقة , في موقف
لاتبرره اطلاقا المصالح الحزبية او الانتخابية الضيقة . ان امل شعبنا كان
ان يرى الحركة الديموقراطية الاشورية وحزب الاتحاد الديموقراطي الكلداني
يشتركان في انتخابات الاقليم بقائمة موحدة . والامر الثاني , ويُمثل بحق
مفاجأة مذهلة , ان نرى توقيع الدكتور حكمت حكيم في بيان اعلان الهيئة
السياسية الكلدانية العليا . يوجد لدى الاخوة المسلمين مبدأ معروف هو( تعدد
الزوجات ) , ويبدو ان الاستاذ الفاضل الدكتور حكمت حكيم يُجسٍد لنا , وبشكل
باهر , مبدأ ( تعدد الوسادات او المخدات ) في السياسة , فهو المستشار
القانوني للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري , وعرًاب تسويق الحكم
الذاتي قانونيا , والذي لم ترد الاشارة اليه في بيان اعلان الهيئة العليا
للتنظيمات الكلدانية , وهو اليوم , اي الدكتور حكيم , من المؤسسين لها ,
ناهيكم عن العشق والحب الاول الذي يُفصح عنه الدكتور العزيز بين اونة واخرى
. لكن شرط الاخوة المسلمين في تعدد الزوجات هو ( ان تعدلوا ) , وهكذا نقترح
على الاستاذ والدكتور حكيم , ان يعدل بين الثلاثة , المجلس والهيئة والحب
الاول , فيمنح كل منهما يومان من ايام الاسبوع على ان يبقى السابع للراحة
!. مع احتفاظه , طبعا , بحق الحصول على الرابعة !.
ايها الأحبة في شعبنا من الكلدان , باطلا يتعب مَن يحاول ان يُبعدكم ,
قدرنا ان نبقى , اختيارا وليس اضطرارا , مُمسكين حتى بنهايات ثيابكم , ليس
استصغارا بنفوسنا , بل حبا وفخرا بكم , لأننا واحد في الماضي , وهكذا نكون
في الحاضر والمستقبل . . .
|
|
|