ذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان

 

                                             الياس صادق

                 مرت علينا قبل ايام محدودة الذكرى التاسعة والخمسون للاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي صادقت عليه الامم المتحدة في العاشر من كانون الاول عام 1948 دون اهتمام كبير او احتفالات الضخمة في العالم بسبب الاوضاع اللامستقرة في العالم كوضع في العراق وفلسطين وافغانستان، وتزايد المظاهرات في الدول الاوربية بسبب انتهاكات حقوق الانسان كما حدث في اليونان بسبب مقتل صبي في الخامس عشر من عمره على ايدي شرطة، بسبب الازمة المالية الاقتصادية، وكثرة الاعمال الارهابية في العالم مما شكل الخطر الاكبر للسلام العالمي. وان الاعلان العالمي لحقوق الانسان واحدا من اهم الانجازات الامم المتحدة، وتتباهي في الالتزام مواده الثلاثين. ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان ثمرة نضال طويل خاضته البشرية وقواها الخيرة من اجل الحقوق الطبيعية للبشر والمشاركة في العمل والتعليم والتعبير والمشاركة في الحياة العامة والعيش بكرامة دون قهر.ورغم ان البرجوازية الصاعدة قد خاضت معركتها ضد الاقطاع في اوربا تحت شعارات العدالة والاخوة والمساواة التي تلتقي مع بعض الحقوق المثبتة في الاعلان، الا ان انتصارها لم يمنعها من طي هذه الشعارات في بلدانها او نسيانها كليا في الحروب التي شنتها ضد الشعوب الضعيفة في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، وان الاعلان العالمي لم يتحول الى صيغة قابلة للتطبيق الا بعد اندحار الفاشية وحصول نوع من التوازن بين الرأسمالية من جهة والاشتراكية من جهة اخرى توجت بأنشاء الامم المتحدة 1945 وبأقرار الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948. وقد صمد توازن بضع عقود بفضل نضالات وتضحيات الشعوب المحبة للسلام والمنظمات الناشطة في مجال حقوق الانسان. فأقروا العديد من العهود الدولية والمعاهدات التي اتاحت للافراد والشعوب فرصا ثمينة لعرض مضالمها على المجتمع الدولي وتجنب البشرية بالكوارث. اما في العراق فقد كانت دوامة العنف مستمرة هذا العام ايضا، حيث ادى الى سقوط العديد من الشهداء الابرياء وكذلك الجرحى من ابناء شعبنا العراقي. وشهدت كذلك العام المنصرم غياب للمرجعية القانونية في بعض مؤسساتها، وتهميش للقسم الاخر واحداث ارهابية اتسمت بالضغط والاضطهاد والتهديد والعنف والقتل ادت هذه العوامل الى هروب العراقيين من بيوتهم كما حدثت قبل شهور قليلة بنزوح قسري الالاف من العوائل شعبنا المسيحي من الموصل الى المناطق الاكثر امنة في اقليم كوردستان وسهل نينوى. وشهدت كذلك اعتقالات تعسفية واحتجاز مواطنين بدون اعلان عن ذلك، مما ادى الى تغييب لمبدأ(المتهم برئ حتى تثبت ادانته) كما حدث للرفيق جيفارا ومئات الاخرين من امثاله في السجون وعدم تمثيلهم امام المحاكم بصورة عادلة وهذا انتهاك واضح وصريح لابسط مفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان...كما انتقد اللجنة الامريكية للحريات الدينية في الكونجرس الامريكي في يوم 18-12-2008م موقف الحكومة العراقية من عدم توفير الحماية الدينية اللازمة للاقليات وان اللاقليات ما تزال تعاني من الاضطهاد وعدم تعاطي مع حقوق هذه الاقليات. وان العراق تعد من اكثر البلدان التي يستهدف فيها الاقليات الدينية. وكنا نعيش في العراق منذ الالاف السنين موطنون عراقيون من مختلف الطوائف والاديان بامن وحب وسلام. ولكن اليوم ومع تحسن الوضع الامني الا ان ظاهرة التعصب باقية ويتعرض هذه الاديان والطوائف للاذى والخطف والتهديد والقتل والتصفية في محلات عملهم ونرى اليوم ولللاسف الشديد بان المسيحيين احفاد اشور وبابل بايدينا ودماءنا بنينا هذا الوطن ونأسف بعدم اعطاء حقوقنا في التمثيل في المؤوسسات الحكومية في الدولة كما حدث لنا باعطاءنا مقعد واحد في مجالس المحافظات من قبل البرلمان العراقي وان هذا المقعد غير كافي لامة حية صاحبة ارض بلاد ما بين النهرين ولكن على الرغم من الغبن الذي يلحق بأمتنا الاشوري باجحاف حقوقنا الا اننا سنشارك في الانتخابات حرصنا منا على اماننا العميق وحبا العريق لعراقنا الجريح واقول لابناء امتي ضموا صوتكم لقائمة الرافدين المرقمة 504 لان بدورهم وصل قضيتنا الى المحافل الاقليمية والدولية. وقد ناضلنا طويلا على مر العصور من اجل ان يتوقف العنف وتسترد حقوقنا، ومن اجل ان يبقى الاعلان العالمي لحقوق الانسان وثيقة هامة في مجال اقرار حقوق الانسان وحرياته الاساسية، وسيشكل التخلي عن هذه الانجازات تراجعا يؤثر على مستقبلنا...وفي الختام نرجو من الله ان تكون ذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان المضي قدما باتجاه التخلص العالم من بؤر الارهاب والتوترات والنزاعات.وان يتمتع شعبنا العراقي بامن واستقرار والحرية والحياة الكريمة اسوة بالشعوب العالم.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links