العدل بين الحرية والقانون

 

                                             اشور ياقو البازي

                  في كل مجتمع ثلاثة عناصر أساسية : عنصر شخصي، قوامه حرية الإنسان، أي حرية الأشخاص الذين قرروا العيش معاً بإرادتهم الحرة، وعنصر موضوعي، قوامه القانون الذي يضمن حقوق كل الأشخاص العائشين في المجمتع، وعنصر مثالي هو العدل الذي يقوم بدور الوسيط بين الحرية والقانون.

فالحرية صفة كيانية ملازمة للإنسان، أعني أنها من تكوينه ومن صلب طبيعته الإنسانية، بحيث لا يمكنه أن يتخلى عنها من دون أن يتخلى عن كيانه، ووجود الإنسان في المجمتع يجب ألاّ ينتج عنه فقدان حريته، أو انتقاصها.

ولكن حريات الناس بحاجة إلى تنظيم. هنا يأتي دور القانون الذي من شأنه تنظيم علاقات الحرية بين الناس، ليتاح للأشخاص العائشين في المجمتع أن يعيشوا معاً بسلام وانسجام من دون أن يفقد أي منهم حريته.

أما العدل فهو المثال الذي يضعه المشترع دوماً نصب عينيه عندما يسنّ القوانين، لتصون القوانين حقوق جميع المواطنين، وتحولَ دون أن تصير الحرية ذريعة وسبيلاً للتسلط الظالم من قبل البعض على البعض الآخر.

وإذا كان لا بدّ من تطوير القوانين بتعديلها، أو تغييرها، فالعدل هو الحافز على هذا التطوير وهو القياس له. فلا تُعدل القوانين، أو تُغير إلاّ لتكون أكثر تعزيزاً لكرامة الإنسان وأكثر عدلاً بين الناس.

فالقوانين التي وُضعت قديماً، وكانت في حين وضعها تُعد عادلة، لا بدّ من إعادة النظر فيها على الدوام استناداً إلى تطور الظروف التاريخية التي يعيش فيها الناس ولتطور مفهومهم لحرية الإنسان وحقوقه.

 ومن ثم فإن تطوير القوانين لتصير أكثر عدلاً هو السبيل الأفضل لمنع العنف وصيانة السلام.

فعلى صعيد العام يشمل العدل كل أعمال الإنسان التي تؤول إلى خير جميع المواطنين في ما هو مشترك بينهم. وبما أن الشرائع قد وُضعت لتأمين الخير العام، فالعدل يعني أولاً تطبيق الشرائع. فيكون عادلاً كل تصرف ينسجم مع الشرائع والقوانين السائدة في المجتمع.

والإنسان العادل هو الإنسان الذي، في مختلف أعماله يُخضع مصلحته الفردية للخير العام كما تحدده الشرائع، ومن شأن العدل أيضاً أن يوجه جميع الفضائل إلى الخير العام.

أما على الصعيد الخاص، فالعدل يضع الإنسان في علاقة مع الخيرات الخاصة، تلك التي تعنينا شخصياً وتلك التي تعني سوانا.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links