وللشهرة ثمن
عصام شابا فلفل
قد
يتصور البعض حين يقرأ عنوان المقال بأننا نتكلم عن شخص معين اشتهر لحالة
معينة سواء كان على مستوى الفن او السياسة او الرياضة او اي مجال اخر ،
ودفع لأجل ذلك ثمنا باهظا .. ولكن الموضوع برمته خارج عن نطاق هذا الافتراض
، بل بعكسه تماما ، لأن الثمن الباهظ والمدفوع سلفا كان اساسا للشهرة ..
هذا ما حصل لقرية تللسقف ,, تلك القرية الآمنة التي تسكنها اكثر من الف
وخمسمائة عائلة كلدواشورية .. تلك القرية التي تبعد بما يقرب من 30
كيلومترا شمال شرق مدينة الموصل. كيف لا .. وهذه القرية الآمنة التي لم يكن
يعلم بوجودها على خارطة الارض الأغلبية الغالبة من العالم ، اصبحت فجأة
مشهورة جدا ومن خلال الفضائيات ووسائل الاعلام العراقية والعربية والعالمية
أيضا .
نعم اشتهرت
فجأة ودون مقدمات ، ولكن كيف حصل ذلك.. ، إذ طالتها يد الموت في 23/4/2007
وذلك عن طريق تفجير انتحاري بسيارة مفخخة ذهب ضحيته العديد من الشهداء
الابرياء وعشرات الجرحى والغالبية العظمى منهم من اطفال روضة الزنابق
العائدة لدير الراهبات اضافة الى تهديم العديد من المنازل وتحطيم المحال
التجارية ، والاهم من هذا كله هو تحطيم الحالة النفسية للإنسان في هذه
القرية الجريحة .. تصورنا حينها بان الحالة هذه لن تعود مرة اخرى بل انها
ربما حدثت خطأ او دون تعمد .. ولكن هذا التصور قد تبدد كليا صباح يوم
الخميس 8/11/2007 أي بعد مرور نحو ستة اشهر على التفجير السابق ، اذ هز
القرية الآمنة تفجير انتحاري اخر بشاحنة مفخخة وفي نفس المنطقة التي حدث
فيها الانفجار الاول .. ولنتصور ما الذي حصل في هذا الانفجار ..؟ استشهدت
ارملة فقيرة في الستين من العمرأة أ تعمل موظفة خدمة في احدى رياض
الاطفال اضافة الى العديد من الجرحى ، وهنا كانت الخسائر المادية اكثر
بكثير من التفجير السابق ، ولكن ماذا عن الحالة النفسية للمواطنين في
المنطقة .. سؤال لا اعتقد بان الاجابة عليه صعبة .. اذ ان تلكم الاجابة
تكمن في ضمير كل شريف ، ترى لماذا تستهدف هذه القرية الآمنة دون جميع القرى
والمدن في منطقة سهل نينوى .. ؟ لماذا تستهدف منطقة تعتبر سوقا تجارية
ومحطة اقتصادية للعديد من القرى والارياف التي تسكنها طوائف كلدواشورية
وعربية ، مسيحية ومسلمة وايزيدية ..؟ ما الذي يميز تللسقف عن باقي المناطق
لتستهدف بالتفجيرات الاخيرة ..؟ هل هو موقعها الجغرافي الأستراتيجي الذي
يتوسط المسافة بين عشرات القرى..؟ ام الهدف هو سكانها الامنين المسالمين
والذين يشهد تاريخهم الطويل بدماثتهم وحسن اخلاقهم وتعاملهم الطيب مع
جيرانهم العرب والايزديين ..؟ هل الهدف هو ترهيب اهلها واهل سهل نينوى عامة
لتركه والهجرة الى بلدان اخرى ليخلو الجو والمكان للمتربصين والذين يحاولون
وبشتى الطرق السيطرة على هذه القرية الامنة .. ولماذا كل هذه الاستماتة
من اجل تللسقف خاصة وسهل نينوى عامة دون غيرها من المناطق ..؟ ان تللسقف
لن تكون إلا لأهلها ولا يمكن لأحد مهما كان من التواضع ان يقول غير هذا ..
اذن لتكن النية صافية تجاه اهلها وليعلم الذين يحاولون ايذاء هذه البقعة من
الارض ، ان هذه القرية عصية عليهم ولن يحصلوا على مبتغاهم ان ظل فينا عرق
ينبض ، بل سينتفض حتى الحجر ان مسها سوء وحينها لن يكون الغادرون الا
الخاسرين ، ولن يكون للخائن مكان في حضن أمنا تللسقف بل سيكون مكانهم فعلا
في مزبلة التاريخ وحينها لن ينفعهم مالهم ما لم يصحوا ضميرهم يوما ، وذلك
نعتقده عنهم بعيد..
|