مبروك فيشخابور
المحرر السياسي لجريدة بهرا
فيشخابور
- عروسة القرى في سهل صليواني - عريقة بتاريخها، معروفة باهلها الطيبين،
وشفيعها ماركوركيس "لذي يحتفي الجميع بعيده في الرابع والعشرين من نيسان في
كل عام وسط ربيعها الزاهي".
فيشخابور ثرية بحقولها
الفسيحة وخصوبة أراضيها ووفرة مياهها، حيث وشاحها دجلة الخير وينابيعها
الغزيرة تروي تربتها التي أرتوت ايضا بدماء شهداء سميل عام 1933 وقبلها
شهداء مذابح الحرب الكونية الأولى، وآخرها دماء شهداء حركتنا الديمقراطية
الآشورية، نشوان سمير وأنور زادوق وماجد لويس وكمال يعقوب.
وأن موقع فيشخابور
الجغرافي في المثلث الحدودي العراقي السوري التركي جعل منها ذي اهمية
ستراتيجية قصوى من النواحي السياسية والأمنية والأقتصادية طيلة العقود
الماضية، وكانت في مقدمة ضحايا السياسات العنصرية للنظام الدكتاتوري البائد
عام 1976، عندما شرد النظام أهلها دون وازع من ضمير، ليتهجروا ويتشردوا بين
زاخو وبغداد مروراً ببقية المدن العراقية وحتى الشتات في المهاجر لتتعمق
محنتهم ومعاناتهم من شظف العيش، في وقت تستغل أراضيهم من قبل الوافدين،
وتحمل قريتهم بين ظهرانيها خطوط نقل البترول الستراتيجية الى ميناء جيهان
التركي.
وبعد انتفاضة آذار
المجيدة عام 1991 وزوال سلطة النظام الدكتاتوري من المنطقة، غادر
المستوطنين الوافدين عاجلاً ودون عناء عائدين الى حيث جاؤا، مدركين كونهم
غاصبين حلال غيرهم، فكانت الفرحة لدى أبنائها وأبناء مئات القرى مثيلاتها
أملاً بالعودة الى أراضيهم والتنعم بخيراتها...
إلا ان الفرحة لم تدم
بعد ان اجازت رئاسة الجبهة الكردستانية بدهوك في حينه لمئات العوائل من
عشائر موسى رش وهويري والميرانيين، أجازت الجبهة لهم بالسكن في مجمع
فيشخابور الذي تم بناؤه من قبل النظام السابق، فتعالت في حينها أصوات أهل
فيشخابور مطالبين الجبهة - سلطة الامر الواقع في حينه - لإخلاء القرية من
الشاغلين الجدد، إضافة الى المطالبات الرسمية لممثلي شعبنا في القائمة
البنفسجية في برلمان اقليم كوردستان في حينه، إلا أن المطالبات تلك رغم
الوعود الايجابة المستمرة، اصدمت بأعذار عدم امكانية اخلاء فيشخابور كون
الشاغلين الجدد من المشردين والمهجرين من المناطق تحت سلطة النظام
الدكتاتوري.
ولم تكن استجابة
السلطات المحلية في محافظة دهوك بأفضل منها في التعامل مع بقية مواقع
التجاوز أياً كان حجمها ونوعها رغم المطالبات المتكررة.. ما جعل مطالب
اخلاء فيشخابور واخواتها واستعادتها لاهلها وازالة التجاوزات على الأراضي،
إحد المطالب الاساسية لقيادة الحركة الديمقراطية الآشورية مطروحا على طاولة
الحوار مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، باعتباره الحزب الحاكم في
المنطقة من ربيع 1991 ولحد الآن، إضافة الى المطالبات من الجهات الرسمية
ذات العلاقة في الاقليم وباستمرار لدرجة ان ذلك كان ولا يزال يلقي بظلاله
السلبية على العلاقات الثنائية.
ورغم تقديرنا لاستجابة
حكومة الاقليم لمطلب فيشخابور - قبل حوالي اربعة اعوام - واخلائها لعوائل
عشيرتي موسى رش وهويري، واعادة بناء دور القرية ومن الطراز العصري وعودة
اهلها وسكانها الأصليين قبل أعوام، إلا ان الفرحة اكتملت قبل ايام عندما
غادرت القرية آخر مجموعة من العوائل من عشيرة الميران والتي كانت قد
استوطنت في مجمع ضمن أراضي القرية منذ عام 1991. وبذلك وبعد ثلاث وثلاثون
عاماً تعود فيشخابور حلالاً لاهلها الطيبين.
إننا إذ نحيي ونقييم
إجراءات حكومة اقليم كوردستان في استعادة الحق لاصحابه، فانه ينتظر منها
مواصلة الاجراءات ذاتها في بقية المواقع والمجمعات القسرية التي أنشاها
النظام الدكتاتوري البائد أواسط السبعينات من القرن الماضي في أراضي قرى
شعبنا لاهداف عنصرية مُغلفة بأعذار امنية، مما ادى الى استمرار التجاوز على
حقوقها لح الآن، وتغيير ديموغرافيتها وهويتها الثقافية وتعارض ذلك والحقوق
الدستورية وتقاطعها مع القوانين التي سنها برلمان الاقليم منذ عشرة أعوام.
مؤكدين مطلبنا بعدم
ترك امر المعالجة لبيروقراطية الدوائر ذات العلاقة والتي جربت حظها لثمانية
عشر عاماً ودون جدوى، اما بذرائع غير مقنعة أو رضوخاً لضغوطات من لدى بعض
المتنفذين في المنطقة، الساعين لتحقيق وتمرير مصالحهم الشخصية تحت أغطية
المصلحة العامة رغم الخروقات القانونية الفاضحة والاساءة لعلاقات التآخي
التاريخية، مما يعكس صورة سلبية لا تخدم المصلحة العامة لا من قريب ولا من
بعيد، ولتصبح مادة دسمة بيد المتربصين والمتصيدين في الماء العكر.
ختاماً نقول، ما ضاع حق
وراءه مُطالب..
وألف مبروك لاهالي فيشخابور وعقبال أخوات
فيشخابور في انصاف فلاحي عنكاوا المظلومين وحقول جقله العطشانة مروراً
بمجمع إينشكي السياحي وغيرها الكثير
|