تأجيل وتأجيلات.. تجاوز وتجاوزات

 

                                                                          حميد الموسوي

               بعدما صار التأجيل سمة ترافق المسيرة الجديدة وعلامة فارقة لتحركات البرلمان السابق واللاحق بل طبعت اعمال السلطات الثلاث حتى صار المواطن يحكم مسبقاً على كل أمر او قضية يعد بها البرلمان او الحكومة بأنها ستؤجل وستطول فترة التوصل الى حلول لها، فمن تأجيل  المحاكم الى تأجيل الانتخابات الى تأجيل ظهور النتائج الى تأجيل... الى تأجيل التصديق عليها الى تأجيل اعادة الفرز الى تأجيل انعقاد اول جلسة برلمانية للدورة الجديدة الى تأجيل مفتوح لانعقادها وتشكيل الحكومة الى تأجيل صدور قرار المحكمة الدستورية..

بعد كل هذه التأجيلات والتي ستأتي مثل موجات البحر صار الحديث عن حصول خروقات وتجاوزات على الدستور ونخشى ان تأخذ هذه التجاوزات طريق التأجيلات وتنحى منحى الخلافات: فأذا طالبت الجهة الفلانية بتأجيل جلسة او اقرار مشروع عدته الجهة العلانية كسبا للوقت فطالبت بتأجيل النظر في قضية مشابهة كسباً للوقت او واحدة بواحدة او لمجرد الخلافات، واذا أصرّ جانب على تعديل أمر ما تشبث جانب آخر بتعديل مقابل وخرق دستوري او تجاوز يقابله خرق وتجاوز وقفز. كل الفترات المخصصة لتسمية الرئاسات الثلاثة انتهت وكل الوقت المخصص لتشكيل الحكومة نفد والحال على ما هو عليه، المتمسكون بمناصبهم لديهم مبرراتهم، والقائلون ببطلان وجودهم لهم مايبرر ذلك، القائلون بحصول فراغ دستوري وحكومة تصريف اعمال غير مقتنعين بأستمرار الحكومة القديمة، والحكومة القديمة تصر على حقها في تشكيل الحكومة الجديدة، تشكيل الحكومة الجديدة يصطدم بعقبة اعتراض القائمة العراقية التي ترى حقها في تشكيل هذه الحكومة العتيدة ولاترضى حتى بفتوى المحكمة الدستورية التي نصت على ان الكتلة النيابية الاكبر هي من يشكل الحكومة.

في هذه الحلقة المفرغة التي يدور فيها العراقيون منذ اكثر من اربعة شهور على ظهور نتائج الانتخابات النيابية دون بصيص امل بلحظة انفراج تثار التكهنات وتتصاعد التأويلات والتي من ابرزها واخطرها اعادة الانتخابات!. اعادة الانتخابات تعني فيما تعنيه:

1- زيادة في التعطيل والتأخير في تنفيذ المشاريع والقرارات الهامة يضاف الى المدة الزمنية المهدورة من "7 اذار الى يوم الناس هذا"

2- استمرار حكومة تصريف الاعمال مدة اضافية اخرى كوجود شكلي غير قادر على اصدار قرارات او تنفيذ مشاريع او حل ازمات وعلى كافة المستويات الوزارية ودوائرها ومؤسساتها.

3- استمرار وباء الفساد المالي والاداري وبشكل افضع نتيجة حصول الفراغ وغياب الرقابة المشددة والأمن من العقاب.

4- امتناع دخول الشركات الاستثمارية خوفاً من تردي الاوضاع في ظل فراغ دستوري وشبه حكومة.

5- هدر مليارات من الدولارات تضاف الى ما هدر في العملية الانتخابية الماضية وقد تكون اضعافاً مضاعفة.

6- هدر المزيد من الزمن من عمر العراق والعراقيين قد يمتد شهوراً اخرى.

7- ما هو ضمان نجاح الانتخابات الجديدة وما الفرق بينها وبين سابقتها وهل سيرض الجميع بالنتائج ومن يكفل نزاهتها ونظافتها بعد كل الذي حصل؟!.

8- من يتحمل مسؤلية ما هدر من مال وزمن وتوقف للحياة العامة واصابة المشاريع بالشلل التام ومراوحة الاقتصاد العراقي في مكانه فضلاً عما خسره طيلة الفترة المنصرمة؟!.

9- ما الذي سيستجد على الساحة السياسية والحديث عن المكاسب الفئوية والحزبية والاسطفافات الكتلوية والطائفية هو هو حتى لو اعيدت الانتخابات سبعين مرة ومرة؟

ليس سوى التساؤلات والمزيد منها تصلح لمناقشة المنعطف الحرج الذي تمر به العملية السياسية وكل التجربة الديمقراطية وكأنه امر مبيت ومخطط مرسوم ومؤامرة محبوكة النسج والتنفيذ، والاّ بماذا نفسر انفراط عقد الكتل التي كلما تقاربت من بعضها ازدادت نفوراً وكلما اوشكت على اعلان تشكيل الحكومة وتسمية الرئاسات الثلاث تسارعت احداها الى الانسحاب. وكلما صرح طرف بأن تم وضع اللمسات الاخيرة على الاتفاق مع الطرف الفلاني انبرى صوت مكذباً ومفنداً وجود مثل ذلك الاتفاق؟!

وبين هذا الشد والجذب والتصريح والتلميح والتعريض والتقريض والتهديد والتلويح، مرة بالاتفاق ومرة بفسخه واخرى بتغييره وثالثة باشراك اطراف اخرى، وغيرها بتعريب القضية العراقية او تدويلها او.. او..

بين كل ماحصل ويحصل لم يبق امام المواطن العراقي المأزوم بكل ما على وجه الارض من مشاكل ومصائب ومعاناة الاّ الخلود الى اليأس والقنوط والاستسلام والركون بأنتظار الفرج الذي يأتي ولايأتي بعد ان غاب سرابه وصدئت مفاتيحه!.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links