الرها تحتفل بعيدها الخامس عشر بعرس شعبي كبير

 كميل شمعون-القامشلي

                  نيافة المطران متى روهم : أن الشعب الذي لا يحافظ على أرثه هو في طريقه إلى الزوال .

            بعد غياب . . ها هي الرها تعود إلى جمهورها الكلدوآشوري السرياني ، بعرس شعبي كبير لم ترى مثيله صالة مار كبرئيل التي تجاوز الحضور فيها الألف شخص ، جاءوا ليحتفوا بعودة فرسانهم وأميراتهم من فتوحاتهم الثقافية والفنية بعيداً عنهم ، ولكن لينقلوا رسالتهم . . رسالة شعب وهوية أمة .

عادوا ليثبتوا أن لقاءاتهم ومشاركاتهم الخارجية ، والتي كان آخرها مشاركتهم بمهرجان البحر الأبيض المتوسط الثالث بلارنكا في قبرص ، لن تغنيهم عن من كانوا السبب في صعودهم والنجاحات التي حققوها . . عادوا ليقرعوا الطبول لنيسان جديد . . لاستقبال أكيتو .

كان المشهد غير عادي ، ونيافة الحبر الجليل مار اسطاثيوس متى روهم يشق طريقه بصعوبة بين الحضور الذي ملأ حتى الممرات المؤدية إلى المكان المخصص له ، كانت لحظات من التاريخ الحديث لنصيبين الجديدة ، صنعتها الرها في تلك الأمسية المباركة التي أمطرت فرحا بعيدها الخامس عشر .

وتحت عنوان دائم ( معاً لإحياء الفن السرياني ) طالما عملت من أجله الرها ، مسرحاً ، غناءً ، وفلكلور ، وتحت رعاية الخبر الجليل مار اسطاثيوس متى روهم ، مطران الجزيرة والفرات للسريان ، احتفلت لجنة الرها الفنية بعيدها الخامس عشر وذلك في مساء الأحد 15 - 3 - 2009 .

وقد استهلت فعاليات هذا الحدث بالنشيد الوطني ، ونشيد الرها ( سيعتو دأورهوي ) ، وباقة من الأغاني لنجوم الرها من كلمات نبيل يوسف وألحان النجوم كل نجم للأغنية التي أداها ، بدأها كبرئيل أصلان بأغنية جميلة وصوت شجي ( أيكرثو دحوبو ) ، وسركون شرو ( كشرو دليبو ) ، ديلمون غريبو ( كنثو دحوبو ) ، صبا عبد الله ( دشنو شاريرو ) من كلمات جوزيف كورية وألحان نبيل يوسف .

ثم كانت لوحة فلكلورية لفرقة نيربا عبر فيها براعم الرها عن غبطتهم بهذه المناسبة ، أعقبها عودة  لنجوم الرها مع أغنية لأيلونا حنا ( كوحلمونو ) من كلمات وألحان نبيل يوسف .

وكانت عودة أخرى للفلكلور مع فرقة صهرو التي قدمت عروض مميزة ، فسحت المجال للملفونو جوزيف كورية كي يقدم كلمة لجنة الرها الفنية وهو ناشط فني ، دأب ومنذ فترة بعيدة على المواظبة على العمل في هذه المؤسسة الفنية ، التي وضعت أساساتها منذ بداية التسعينات بتوجيه من نيافة المطران متى روهم ، ولكن رجالأ من أمثال د . سمير إبراهيم ، وجورج قرياقس وفرسانه وأميراته ، وجوزيف كورية ، وشمعون توماس . . وغيرهم ، تابعوا بناء هذه المؤسسة ، ورسخوا مفاهيم فنينة جديدة ، ليطرحوها ويطرحوا أنفسهم فيما بعدا كمدرسة فنية ، لها نهجها المتميز وفنها الخاص الذي أضحى راية سريانية آشورية  ترفع في كل أرجاء الوطن وخارجه .

وعبر جوزيف كورية عن سروره لأنه يقف على المسرح نفسه الذي صادقوه منذ سنوات ، ولأن واحد من زملائهم يجلس اليوم بمقعد المكرمين ، وبرر للجمهور أسباب قلة ظهور الرها في القامشلي في السنة الأخيرة التي تعود لكثافة المشاركات الخارجية والدولية ، ومن جهة أخرى نقل معاناة الرها لعدم توفر الدعم المادي المطلوب لمواكبة تطلعاتها لتقديم أعمال فنية كبيرة . لأن الرها حسب تعبيره تعبر عن فن وثقافة وهوية عمرها 7000 سنة .

وأستطرد بتهنئة أبناء الرها : أسمحوا لي أن أهنيْ كل وردة . . كل زهرة . . كل ياسمينة . . كل زنبقة باحت بعطرها لتكمل دورة الـخمسة عشرة عام  ، وكل شجرة اشتركت لتكمل سيمفونية الربيع الرهاوي . . وتابع شكره الخاص لنيافة الحبر الجليل مار اسطاثيوس متى روهم ، ولأهالي العناصر ، ولجمهور الرها الوفي لذاته وتراثه وثقافته وتاريخه من خلال وفاءه للرها .

وكان للمسرح الرهاوي نصيبه في هذه الاحتفالية حيث قدمت مسرحية ( ديه جوريه ) من تأليف الشاعر ميشيل فيلو ، تدور أحداثها وتعالج الكذب والرياء المتفشي ، والذي يؤدي إلى تدني ثقافة العطاء والعمل في المجتمعات ، ويعطل إمكانية تحقيق أي هدف كان . وقدم الشاعر الياس أفرام قصيدة بعنوان ( تشرب حروفي ) .

ومن ثم كانت رائعة الرها في عيدها الخامس عشر لفرقتي نينوى وآمد  ( التسجيل والتوزيع الموسيقي الفنان ألياس قرياقس )  حيث قدم فرسانها وأميراتها عرسا شعبيا كبيرا ، شارك فيه أكثر من خمسة وثلاثين عنصرا . وكان عملا فنيا كبيرا جسدوا فيه كل مراحل العرس الشعبي عند أبناء شعبنا بإيمائيات رهاوية كانت الحركة فيها هي مصدر الطاقة للعمل ككل ، والموسيقى المرافقة هي الروح التي تنفخ في الإيماء أشكالاً وصوراً بدت من خلالها ملامح الاحتراف واضحة عند هؤلاء .

بعد ذلك تم عرض مرئي لنشاطات الرها لعام  2008 ، ولأهم المحطات التي تشكل مصدر فخر للرها في هذه السنة ، ومنها بطبيعة الحال وأبرزها تمثيلها لسوريا في مهرجان البحر الأبيض المتوسط العالمي الثالث في قبرص .

ثم قاد الفنان جورج قرياقس المدير الفني للرها الجلسة التراثية ، والتي تم فيها استعراض أهم أغانينا التراثية ومأكولاتنا وحلوياتنا الشعبية ، وشارك في هذه الجلسة بالإضافة لعناصر الرها كلاً من الفنانين المتألقين عزيز صليبا ، وآرام قرياقس الذي قدم هدية للملوفونو شمعون توماس بمناسبة تكريمه في هذا اليوم .

وكانت قد وردت العديد من برقيات التهنئة بعيد الرها من أبناء ومحبي الرها في أوربا وأميركا من الفنان جورج أيشو / ألمانيا  ، السيد ألياس حنا / أميركا ، السيد مروان برصوم / السويد ، والسيد آحو غريبو / فرنسا .

بعد ذلك أعتلى المسرح نيافة المطران متى روهم ، يرافقه كل من السادة جورج يوسف رئيس المجلس الملي للسريان بالقامشلي ، د . سمير إبراهيم  رئيس لحنة الرها الفنية ، كابي سفر أمين سر المجلس ، حبيب حنا مشرف الرها ، جورج قرياقس المدير الفني للرها . حيث تم تكريم الملفونو شمعون توماس بدرع الرها ، والمكرم هو من أبناء القامشلي ولد في بيئة تخب الغناء والموسيقى ، وهو عضو إداري في لجنة الرها منذ تأسيسها حتى العام 2008 ،أختص في مجال صيانة الأجهزة الإلكترونية ، له أعمال وإبداعات عدة من أبرزها الحصول على براءة اختراع مع زميله ألياس عنتر بمركز البحوث العلمية بدمشق ( مكسر صوت مع مضخم ) مسجلة في عام 1989 ،والمشاركة بنفس الاختراع في مهرجان الشباب العالمي للتقنيات بتونس 1990 باسم سوريا ، مشاركة تقنية لثلاث سنوات في معرض دمشق الدولي .

وشارك بجميع النشاطات التي تقوم بها الكنيسة ولجانها في كافة المناسبات ويعتبر الخبير الأول بتخصص الأجهزة الصوتية وتقنياتها . وله مساهمات عدة في جميع المجالات الثقافية والفنية .

وفي الختام ارتجل راعي  الاحتفال كلمة تحدث فيها عن معاني العمل في الكنيسة وأهمية التضحية لتحقيق ما نصبو أليه ، وأن هذا التكريم هو نتيجة ذلك العمل والتضحيات التي قدمها هؤلاء الأشخاص الذين لتكريمهم عبر . وإن شمعون توماس من هؤلاء حيث عمل للكنيسة وبذل ما أستطاع من جهد ، وشبه الرها بطفلة صغيرة ولدت قبل خمسة عشرة عاماً ، واليوم أصبحت كبيرة لها أبناء كثر وفنانين يحافظون على ارث الآباء وتراث الأجداد ، وتابع قائلا أن الشعب الذي لا يحافظ على أرثه هو في طريقه إلى الزوال . ونحن شعب يحافظ على تراثه وأرثه وسيبقى وجودنا مستمراً ،   وحيى نيافته كل من جورج قرياقس وجوزيف كورية على ما يقدمانه من أعمال . وبارك نجوم الرها الذين سوف يكملون الطريق الذي بدأه كل من الفنانين عزيز صليبا و المرحوم جان كارات ، ووصف الرها بالمدرسة الفنية التي تساهم في أغناء المشهد الثقافي بالقامشلي بالزهور والرياحين الفينة ، وحيى الأسرة السريانية التي أنجبت مثل تلك الشبيبة التي تحافظ على الهوية والتراث السرياني  .

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links