تحت شعار . . معاً لإحياء الفن السرياني

الرها تقيم دورة للإعداد والتأهيل الفلكلوري تعد الاولى من نوعها

 

زوعا - كميل شمعون

             هل الرها قصة شعب  كما يحلو لمديرها الفني جورج قرياقس ان يسميها في أحيان كثيرة ، أم هي تعبر عن تاريخه وموروثه الشعبي وهويته ،أم أنها باتت إحدى أبرز المؤسسات السريانية تجسيداً لوحدة ما زالت منشودة في أدبيات وكراسات كثيرة . . أم هي لغز فرسان وأميرات . يجسدون الحلم الكلدوآشوري السرياني في الحياة والخلود والتجدد والإنبعاث . . أم إن الرها باتت اليوم كل ذلك معاً . . ؟

تساؤلات كثيرة بات يتداولها أبناء شعبنا ، عقب الإنجازات الكبيرة والأمجاد التي حققتها هذه المؤسسة في الآونة الأخيرة  ، وهو ما أكسبها في الواقع زخماً إضافياً لما كانت تمتلكه .

وكان آخر أنشطة الرها هو المخيم الفني لدورة الإعداد والتأهيل الفلكلوري ، الذي أقامته بين 12 و 14 / 10 / 2007 ، تحت رعاية نيافة الحبر الجليل مار أسطاثيوس متى روهم . مطران الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس ، في دير تل ورديات العامرة على ضفاف نهر كبير ، شهد عبر تاريخه الطويل حلقات من الإنكسار والنهوض في مسيرة شعب عشق الأسطورة ، واضاء مشاعل معابدها ، وأفنى نفسه في البحث عن معانيها . حتى غدا رمادها . .

وقد دعت الرها لهذه الدورة كل الفرق الفلكلورية السريانية الآشورية في الجزيرة السورية . وقد لبت هذه الدعوة أكثر هذه الفرق وهي ( فرقة آشور من الخابور ، فرقتي شباث إنليل وسيمثا من القحطانية ، فرقة نينوى وآمد وسهرو من الرها / القامشلي ، فرقة ناباذا من الحسكة ) .

وفور وصول هذه الفرق الفلكلورية الى الدير ، تشكلت هيئة إدارية للدورة ، وتألفت من جورج قرياقس مديراً للدورة ، شمعون شمعون أمين سر ، كميل شمعون رئيس لجنة الإعلام ، ميلاد سليمان رئيس لجنة الإطعام ، قسطنطين حيدو رئيس لجنة النظافة ، داني شمعون رئيس لجنة النشاطات ، إنتصار كوكي رئيسة لجنة التدريب ،  حنا داوود رئيس لجنة الإنصباط . وقد عملت هذه الإدارة ولجانها معاً على إنجاز كل المهام المنوطة بها ، ووضع البرامج  لتحقيق الهدف الأساسي من إقامة هذه الدورة التأهيلية وترجمة شعارها . . معاً لإحياء الفن السرياني .

وتعد هذه الدورة الفلكلورية الأولى من نوعها بين أبناء شعبنا عموماً ، وتنبع أهميتها من كونها أول ملتقى ثقافي فلكلوري ، يجمع تحت ظلاله جل المهتمين في هذا المجال ، لدراسة ومداولة  سبل منهجة ونهوض الفلكلور السرياني الآشوري ، حيث إنبثق عن ذلك ( لجنة المتابعة والتنسيق العليا لإحياء الفلكلور السرياني ، تشكيل فرقة مهنية موحدة من كل هذه الفرق ، تحديد أيام تدريب جماعي في كل مدينة ، التحضير لمهرجان الفلكلور السرياني الثاني ) .

وقد توزع برنامج هذه الدورة بين المحاضرات الثقافية الفنية والإحماء النظري والعملي والتدريب الفلكلوري .

ففي اليوم الأول : استهلت الفعاليات بمحاضرة قيمة بعنوان ( الفلكلور ) ، كان المحاضر فيها  مدير الدورة جورج قرياقس ، اوضح فيها ملامح الفلكلور وتعريفه ، وتحدث قرياقس في معرض حديثه وإجابته عن بعض الأسئلة عن صعوبة أحياء التراث والفلكلور السرياني ، قائلاً إن السبب يعود في ذلك الى النكبات والكوارث الكثيرة التي اعترضت السريان  عبر تاريخهم ، ودثرت تراثهم إن كان حرقاً أو نهباً أو تدميراً أو حتى إبادات لمؤرخيهم وكتابهم ، هذا بالإضافة إلى تحريم الغناء والفلكلور عموماً ولقرون عديدة من قبل الكنيسة  ، أما المحاضرة الثانية فكانت عن ( الإحماء ) ألقتها الملفونيثو إنتصار كوكي ، وعرفت فيها الإحماء وعددت أنواعه وفوائده ، المحاضرة الثالثة كانت للملفونو داني شمعون بعنوان ( الفلكلور السرياني ) وتحدث فيها عن أمتداده وعمقه التاريخي ، وعرفه كوريث للحضارات والثقافات المتعاقبة السومرية الكلدانية الآشورية . المحاضرة الرابعة كانت للملفونو قسطنطين حيدو بعنوان ( كيف تصبح فلكلورياً ) عدد فيها الصفات التي يجب أن يتحلى بها الفلكلوري .

اليوم الثاني : المحاضرة الأولى كانت للملفونو جورج قرياقس بعنوان ( الرقص ) واستهلها بمثل إسباني ( للرقص قلبان . . قلبٌ يرقص وقلبٌ ينزف ) وبنبذة عن تاريخ الرقص عند الشعوب ، وعدد أنواعه وعرفها كل على حدى ، والمحاضرة الثانية أيضاً كانت له بعنوان ( كيفية إنتقال الفقرة الفنية ) ، المحاضرتان الثالثة والرابعة كانتا للملفونيثو ماري يوسف بعنوان ( عيوب نقص المرونة ) و ( السرعة ) ، أما المحاضرة الخامسة فقد كانت للملفونو شمعون شمعون وعنوانها ( كيفية تشكيل فرقة ) وشرح فيها كيفية تشكيل الفرقة والأقسام الرئيسية المكونة لها  .

 اليوم الثالث : وكانت المحاضرة الأولى فيه  للملفونو خوشابا زيا الفنان المعروف في مجال الفلكلور ، وقد بذل جهداً كبيراً في تتمة محاضرته بسبب ظروفه الصحية ، وكانت عن ( أهم الدبكات ) وعدد فيه انواعها وشرح معانيها وتكوينها الحركي ، مع التطبيق العملي لكل دبكة  ، وأعرب خوشابا في مستهل حديثه عن غبطته الشديدة لهذا التجمع الفلكلوري الكبير في هذه الدورة ، متكهناً إن فلكلورنا لن يموت وسيستمر طالما هناك بين أبناء شعبنا من يرعونه مثلكم ( مخاطباً أعضاء الدورة ) ، المحاضرة الثانية كانت للموسيقي جوزيف صومي الذي عمل لسنوات طويلة في هذا المجال ، في ابرشية الجزيرة ولا يزال ، وكانت بعنوان ( الأيقاع الحركي ) ، والمحاضرة الثالثة كانت للملفونيثو ستيلا شمعون ، بعنوان ( الإعلام والفن ) وعرفت فيها الإعلام ، وأوضحت تأثيراته على الفن .

هذا وكان يتخلل كل محاضرة من هذه المحاضرات وعلى مدى الثلاثة ايام من عمر هذه الدورة ، نقاشات بين المحاضر والمتدربين ، وتطبيقات عملية  ، وتدريب على إحدى الدبكات ، و برامج عملية للتدريب والإحماء ، وألعاب وتسالي ، وأعمال تنظيف ، وجلسات تداول لأفكار وجلسات بحث في كيفية تطوير الفلكلور ، وأنشطة ترفيهية وثقافية ، وحضور قداس الأحد في الدير وقيام بعض الشمامسة من الجنسين ، من أعضاء الدورة بمساعدة المطران بهنان ججاوي في القداس ،   بالإضافة للمشاركة في إستقبال والي ماردين في ما يسمى  ( الكورشما ) في نقطة العبور على الحدود الفاصلة بين نصيبين التركية و القامشلي ، حيث قدم أعضاء الدورة اربعة لوحات فلكلورية في إستقباله .

وكان عدد أعضاء هذه الدورة قد بلغ الأربعين متدرباً ومتدربة ، وكانت الدورة ترتدي ( تي شيرتات ) موحدة اللون تحمل شعار هذه الدورة، مما اكسب الدورة مظهراً مهماً من مظاهر الإنضباط ، وكانت مظاهر الإلتزام والإنضباط عموماً مثار دهشة وإعجاب وتقدير من قبل كل زوار الدير ومتفقدي الدورة .

وقد أختتمت هذه الدورة في مساء اليوم الثالث بإقامة حفلة مع قدوم نيافة راعي هذه الدورة ، حيث قدمت المتدربة ماري يوسف كلمة خريجي الدورة ، وقدم مدير الدورة جورج قرياقس كلمة الإدارة ، ثم كانت كلمة راعي الدورة نيافة المطران متى روهم الذي ثمن فيها إقامة هذا النشاط ، مؤكداً على أهمية الفلكلور السرياني الذي بات موزعاً في كل مناطق الأبرشية ، موجهاً تمنياته وبركاته للملفونو خوشابا زيا للدور الذي لعبه هو وعائلته من قبله في الحفاظ على الفلكلور في وادي الخابور . معرباً عن أستعداده لتقديم كل ما يلزم لتطوير الفلكلور .

وقد أحيت هذه الحفل فرقة برمايا القادمة من القامشلي، بقيادة الفنان المحبوب آرام قرياقس . الذي قدم بصوته الشجي باقات من أجمل أغانيه ، مع العازف ألياس قرياقس، وقدم الفنان أدور ألياس وصلة غنائية بدوره .

وفي ختام الحفلة الوداعية قدم مدير الدورة بأسم الدورة ، شعار الدورة لنيافته  تعبيراً عن الأمتنان لما يقدمه من دعم معنوي ومادي لنهوض الحركة الفنية السريانية .

ولا بد من الإشارة هنا الى إن هذه الدورة الفلكلورية ، التي استطاع القائمون عليها بلوغ الأهداف التي أناطوها بأنفسهم وبالدورة ، والتي قد تبدو للوهلة الأولى ثقافية فنية فلكلورية ، لكنها حملت بين طياتها أهداف أخرى . تمكنوا من أجتياز جسورها التي بنوها ، لتكون جسور وحدة ومحبة ، بين كل أبناء شعبنا وكنائسه المتعددة ، الذين أجتمع ابناءها هنا تحت قبة واحدة . وارتووا من ماء نهر واحد . . الخابور . . وغنوا معاً لإحياء الفن السرياني . . إنها شبيبة واعدة . . ها هي تنهض مثل طائر الفينيق من الرماد .

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links