بريد لم يصل .... إلى الرأي العام
العربي
نمرود سليمان
إنني أوجه الشكر الجزيل إلى أولئك الأرهابين الذين فجروا كنيسة النجاة،
وأوجه الشكر نفسه إلى البعض من الأمنين الذين ساندوا أو غضوا النظر عن هذه
الجريمة، والشكر ذاته أوجهه إلى الساسة العراقيين الذين خلقوا الفراغ
السياسي في العراق لمدة ثمانية أشهر.
والسبب في هذا الشكر لأن هذا الثالوث "الأرهابي - الأمني - السياسي" نقل
إحدى القضايا الأساسية في الشرق الأوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص إلى
تسليط الأضواء على قضية مسيحيي الشرق وكسرت التضاريس الممتدة حولها منذ
مئات السنين.
لقد تفاعل مع الحدث أغلب الشعوب والأنظمة في العالم، ويجب القول أيضا
"وهذا يجب أن يعرفه كل مسيحي" أن الانظمة العربية والمراجع الدينية وبعض من
المثقفين العرب، تفاعل مع الحدث وأستنكره أكثر من بعض مسؤولي الكنائس
المسيحية في الوطن العربي.
لذا يجب الفصل بين التنظيم الظلامي المتطرف "القاعدة" والذي يأخذ زورا
الأسلام كمنهج له وبين الغالبية الساحقة من الأسلام التي عانت هي الأخرى من
هذا التطرف أكثر من المسيحين، لذا أتوجه إلى بعض المثقفين والكتاب من
المسيحين أن يميزوا بين الأسلام والأصولية الأسلامية، لأن كتاباتهم لا تفرز
بين الأثنين.
وفي الضفة الأخرى أتوجه إلى بعض الساسة والمثقفين والكتاب العرب الذين
يناقشون هذا الموضوع في تصريحاتهم وكتاباتهم بأن يبتعدوا عن وصف المسيحين
في الشرق بأنهم طيبون واودم ومخلصون لذا يجب حمايتهم.
لا والف لا، المسيحيون هم مكون أساسي وأصيل في بلاد الشام، والامبراطورية
الأشورية حكمت المنطقة تسعة قرون من الزمن وأثارهم ما زالت باقية في تلك
البلدان إلى يومنا هذا وهم الذين وضعوا الأساس الأول للبنية الحضارية
العالمية التي نراها اليوم، وحمورابي هو القانوني رقم (1) في العالم كله،
ومن ناحية أخرى يخطأ من يقول بأن السريان والكلدان والأشوريين في العراق هم
أقلية..
لأن مصطلح الأقلية يقال للجالية التي تسكن في بلد ما تركت وطنها لأسباب
سياسية - أقتصادية - أجتماعية ... الخ
السريان - الكلدان - الأشوريون في العراق هم سكان البلد الأصليون وساهموا
في بناءه، وكان لهم دورا بارزا في أزدهار العصر العباسي. لذا لايمكن وصفهم
بالأقلية لأن العدد مهما كان صغيرا لا يستطيع التأثير على الجغرافية
والتاريخ، ولا يجب وصفهم بالآوادم والطيبون والمخلصون، بل يجب القول في هذا
وذاك، أنهم سكان العراق مثلهم مثل غيرهم بغض النظر عن العدد.
إن المقالات الجيدة التي يكتبها البعض من المثقفين العرب وتصريحات
المرجعيات الدينية العربية، جاءت ردا حاسما على تلك المؤسسات الغربية
الموجودة في العراق والتي تسعى الى تهجير المسيحين.
كما أن المواقف الرسمية العربية جاءت ردا حاسما على تلك الأنظمة الغربية
التي تتحول إلى جمعيات خيرية "ولأسباب مجهولة" لاستقبال المسيحيين.
إن التلاحم والتقاطع بين ادوار المثقفين العرب والمثقفين المسيحيين،
ومواقف النظام الرسمي هي الاساس في المحافظة على المنطقة كلها لذا يتطلب من
المثقف "العربي والمسيحي" تشكيل لجان مشتركة وزيادة نشاطهم وتبيان خطورة ما
يجري بحق الاوطان، وبالتحالف مع الشخصيات الدينية التي ادانت الجريمة
والاتصال بالنظام الرسمي العربي. لأيقاف نزيف الهجرة.
واخيرا نقول للأحزاب والمؤسسات الدينية بكل الوانها السريانية الكلدانية
الأشورية، آن الأوان أن تتخلصوا من "الأنا" وتتركوا برجكم العاجي، وانزلوا
على أرض الواقع، لأن ما يجري الأن هو إبادة أمة بالكامل، سيحولكم رغم
ارادتكم إلى حطب في هذا الحريق. وحدتكم ربما تكون المنقد لكم ولشعبكم.
|