كوتا شعبنا في الانتخابات الأخيرة..

هذه أسباب فوز قائمة الرافدين 389

 

 

                                                      شليمون داود اوراهم

               أولا: المسيرة النضالية الطويلة للمكون الرئيس للقائمة، الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) حيث التأسيس عام 1979 والذي لم يأت بين ليلة وضحاها إنما تتويجا لسنوات وربما عقود من نضج الوعي القومي عند نخبة من شباب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري بمختلف الأفكار والتوجهات والتيارات التي صبت أخيرا في القرار بتأسيس الحركة، ثم إعلان الكفاح المسلح ضد النظام الدكتاتوري البائد عام 1982، وما رافق هذه المرحلة من كوكبة أولى من الشهداء، تلاها اعتلاء كوكبة أخرى من قياديي الحركة أعواد مشانق النظام البائد في سجن أبو غريب عام 1985، ما عبّد طريقها الوعر أصلا بالدم الطاهر، فكان ذلك بمثابة الختم على حقيقة ولادتها من رحم معاناة الأمة، وشرعية نضالها من أجل إقرار حقوق هذا الشعب.

ثم كانت المشاركة في الانتفاضة في إقليم كردستان عام 1991 والمساهمة بعدها ضمن ستة أو سبعة أحزاب وتنظيمات سياسية في بناء العملية السياسية الديمقراطية في الإقليم ابتداءً من العام 1992 حتى اليوم، وتمثيل شعبنا بأربعة نواب من مجموع خمسة في البرلمان الأول للإقليم.. وفي الكابينات الوزارية المتعاقبة، ومن ثم إدامة هذا التمثيل وفق معطيات كل مرحلة، وما صاحب ذلك ورافقه من إنجازات ومكتسبات لشعبنا لا نرى حاجة لاستعراضها هنا لضرورات عدم الإطالة على القاريء الكريم والتجني على وقته من جهة، ولأنها معروفة للجميع من جهة ثانية، الأمر الذي أكسب الحركة مزيدا من الشرعية الجماهيرية والقاعدة الشعبية الواسعة والراسخة.

ثانيا: استمرار وإدامة هذه المسيرة النضالية بعد سقوط النظام السابق عام 2003، وهذه المرة في بغداد إلى جانب نينوى وسهلها الحبيب وكركوك.. حتى البصرة، والمعنى: عموم الساحة العراقية، فكان تمثيل الحركة لشعبنا في مجلس الحكم والجمعية الوطنية ومجلس النواب ولجنة كتابة الدستور وعدد من الكابينات الوزارية ودعم تمثيل شعبنا في المحكمة الاتحادية العراقية العليا وغير ذلك من المؤسسات في حكومة المركز، ما أكسب الحركة خبرة سياسية وإدارية جديدة مضافة في العمل الحكومي والإداري والسياسي والذي أكسبها بدوره مزيدا من الثقة من قبل جماهير شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، لا سيما أن مناضلي الحركة من حملة هذه المسؤوليات في بغداد.. كانوا خلال هذه السنوات بعد 2003 الوحيدون من بين فصائل شعبنا القومية والسياسية من الذين يجوبون بغداد طولا وعرضا.. ليلا ونهارا، متوجهين إلى مواقع مسؤولياتهم وواجباتهم.. ومن ثم عائدين منها وهم يواجهون كل يوم دفعات من السيارات المفخخة ووجبات مستمرة من العبوات الناسفة واللاصقة والطائرة وإطلاق النار العشوائي.. فضلا عن الهاونات العمياء والقناصة والمسدسات كاتمة الصوت، الأمر الذي ينطبق أيضا على المحافظة الساخنة الثانية.. نينوى ومركزها الموصل، وإلى حد ما محافظة البصرة أيضا.

وكان من الطبيعي والحال هذه أن يسقط العديد من أعضائها شهداء للواجب، فتتعزز كوكبة الشهداء بأعداد أخرى جديدة، هذه الكوكبة التي لم يتوقف رفدها بالمزيد من الدماء الزكية في أية مرحلة من مراحل المسيرة، ما عزز ثقة الشعب والجماهير بهذه الحركة التي تقدم التضحيات دما غاليا في كل مرحلة دفاعا عن وجود هذا الشعب وحقوقه، لا مجرد الاكتفاء بالشعارات والخطب التنظيرية من مواقع بعيدة عن الميدان الحقيقي حيث التحدي الصعب في مواجهة الحديد والنار.

ثالثا: الحملة الانتخابية المدروسة والمؤثرة لقائمة الرافدين والتي تم تنفيذ مفرادتها بدقة وخبرة من خلال وسائل الإعلام المتاحة ابتداءً من الفضائية مرورا بالجريدة الأولى لأبناء شعبنا في العراق ومن ثم الإذاعات المحلية وفكرة وتصميم الملصقات وانتهاءً بالندوات الجماهيرية، في وقت كانت فيه الحملة الانتخابية لبعض الكيانات المنافسة سلبية على هذه الكيانات نفسها أكثر مما هي إيجابية، حيث جاءت بمردودات عكسية ساهمت في نفور أبناء شعبنا منها ولا سيما تلك الكيانات التي اعتمدت على فرسان الإنترنت من خلال المقالات التي تم نشرها في عدد من مواقع شعبنا.

رابعا: تطور الوعي القومي والسياسي لأبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في العراق وبوتيرة متصاعدة خلال السنوات الأخيرة بحيث صار اليوم أكثر قدرة للفصل بين القمح والزيوان.

والأسباب الأربعة أعلاه تكاد تكون المحور الرئيس لفوز قائمة الرافدين 389 بثلاثة مقاعد من الخمسة المخصصة ضمن كوتا شعبنا في الانتخابات التشريعية الأخيرة في آذار الماضي، رافقتها وتظافرت معهما أسباب وعوامل أخرى ثانوية نستمر في عرضها أدناه:

خامسا: اقتناع الجماهير بأن معظم منافسي الحركة في أوساط شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، وأقول (معظم) المنافسين فلا أطلق القول، لم يتمكنوا من الوقوف على جزء ولو بسيط من محطات ومفردات هذه المسيرة الحافلة.. وكان وسيبقى الفارق شاسعا غير قابل للتذليل.

وحتى الذي تمكن ضمن هؤلاء المنافسين من الحصول على بعض المواقع في محطات انتخابية سابقة خلال السنوات الأخيرة وبسبب ظروف وتداعيات معروفة، فإنهم لم يتمكنوا من تسجيل أي حضور يذكر في هذه المواقع.

سادسا: مساهمة بعض فعاليات وتنظيمات شعبنا الحديثة على الساحة، والتي لا تمتلك عمقا تاريخيا وفكريا وسياسيا وقوميا.. وبمعنى أشمل نضاليا، فضلا عن حضورها الضعيف على الساحة للأسباب أعلاه، في توسيع هامش التشتت والتشويش بين صفوف الطيبين البسطاء من أبناء هذا الشعب (حتى ضمن التسمية الواحدة)، ولا سيما تلك الفعاليات والتنظيمات المتطرفة قوميا ومذهبيا.. والمغلقة التي توقف عندها الزمن على هذه التسمية الواحدة من التسميات المتعددة لشعبنا الواحد، الأمر الذي ساهم في نفور الجماهير منها، وإدامة التصاق هذه الجماهير بالحركة (زوعا)، وتأكيد صواب التصاقها بها، فضلا عن كسب جماهير جديدة بسبب الطروحات الوحدوية المعروفة للحركة التي تؤمن بوحدة هذا الشعب بكل تسمياته والمراحل التاريخية التي مر بها.

سابعا: تركيز الحديث على الخروقات القانونية في الانتخابات الأخيرة وما أشيع من حدوث عمليات تزوير.. على القوائم الوطنية العراقية الكبيرة، وانحساره فيما يتعلق بقوائم شعبنا إلى أضيق مساحة ممكنة رغم المحاولات هنا وهناك، ورغم إلغاء المفوضية آلاف الأصوات لأبناء شعبنا في بلدان المهجر التي كانت في غالبيتها الأكبر للرافدين.. بدليل النتائج المعلقة على وجهات المراكز الانتخابية من قبل المسؤولين على هذه المراكز أنفسهم.

وأخيرا: ثبوت عدم صواب مقولة الفيلسوف الشهير ميكيافيللي: الغاية تبرر الوسيلة.. يقابله ثبوت صواب المقولة المعروفة: في الأخير لا يصح إلا الصحيح.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links