هل تناغم أعلامنا مع الإجماع القومي؟

 

 

                                            يعقوب كوركيس

                     كان لاجتماعات أحزاب شعبنا ومن ثم إجماعها على طرح سياسي قومي موحد صدى واسع في الوسائل الإعلامية القومية، حيث تناولت أخبار الاجتماعات وتصريحات الساسة ومقرراتهم بصورة كبيرة سواء كانت صحافة مقروءة أو مسموعة أو مرئية أو الصحافة الالكترونية. بالإضافة إلى ذلك اهتمت وسائل إعلامية عراقية وعربية بمقررات هذه الاجتماعات وتناولتها وفق رؤيتها الخاصة والتي قد تتناقض في اغلب الأحيان مع ما تم الاتفاق عليه، أو تناولته من زوايا عكستها بصورة سلبية في الوسط السياسي العراقي. وما يهمنا هنا هو هل استطاعت الوسائل الإعلامية القومية التناغم مع الإجماع القومي والطرح السياسي الذي تمخضت عنه الاتفاقات بين أحزاب شعبنا؟ أم أن وسائل إعلامنا كانت إلى حد كبير صدى للوسائل الإعلامية من خارج البيت القومي؟ نقلت ما نشر فيها دون تمحيص أو الرجوع إلى ما اتفق عليه ومقارنته مع ما تنشره. كعادتها كانت الوسائل الإعلامية الحزبية تعكس بحرفية صورة هذه الاجتماعات ومقرراتها وتناغمت معها دون أن تغفل التوعية بها وخصوصاً موضوع استحداث محافظة في مناطق من سهل نينوى على أساس جغرافي يتشارك فيها شعبنا إلى جانب مكونات المنطقة، وهو الهدف القومي المجمع عليه بين قوانا السياسية. في حين كانت الصحافة الالكترونية  بعيدة إلى حد ما عن تناول الإجماع القومي كما أتفق عليه، عدا ما وصلها من بيانات وتصريحات رسمية، بل عكست على صدر صفحاتها ومواقعها ما تنشره مواقع إعلامية من خارج البيت القومي حتى وإن كان المنشور يشوه طرح أحزابنا، وأنا هنا لا أدعو قطعاً إلى تبني وجهة نظر حزبية أو خطاب سياسي لحزب معين، إنما الابتعاد عن نشر ما يشوه الطرح أو نقل مضامينه بصورة مغايرة من قبيل التطبيل بإنشاء محافظة مسيحية أو إقامة كانتون مسيحي في سهل نينوى أو الأحزاب المسيحية تعمل لحشر المسيحيين في مناطق معينة وعزلهم عن المحيط الوطني العراقي. كل هذا الكلام هو هراء وقد يكون نشره بهذه الصورة المشوهة في الوسائل الإعلامية العراقية وأخرى عربية، جاء عن عدم دراية بمضامين الاجتماعات أو على خلفية تعرض شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وعموم المسيحيين إلى إستهدافات مباشرة طالتهم كأفراد أو مؤسسات، أو بقصد، والغرض تأليب قوى سياسية ومكونات نتعايش معها ضد الطرح او إخافة الناس من الموضوع. وإن لم يكن في مقدور الإعلام الالكتروني الذي يضع نفسه في الموقع الحاضن لكل الفعل القومي لشعبنا وبمختلف حقوله وتوجهاته ومكوناته، عدم نشر أو التعاطي مع ما يتعلق بالشأن القومي وصداه في الإعلام الآخر لأسباب عدة لسنا بصدد مناقشتها، فإن من واجبه على أقل تقدير التنويه والتوضيح والإشارة إن ما نشر ليس المقرر والمتفق أو المجمع عليه، لوضع القارئ والمتلقي في الصورة الصحيحة وعدم خلط الأمور عليه وتوضيح الحالة بكل ما تحمل من تفاصيل، وكذلك مساندة قوانا السياسية وعدم تحميلها وزر طروحات مشوهة في الشكل والمضمون وبالتالي ودفعها إلى مماحكات سياسية هي في غنى عنها في الوقت الراهن، بل العكس من ذلك نحن في ظرف أحوج ما نكون إلى إيصال الطرح بكل وضوح لجميع الجهات سواء على الصعيد السياسي أو الجماهيري. والهدف من هذا التناغم بين وسائل الإعلام مع الخطاب السياسي على الصعيد القومي، وليس تقييد الإعلام وفرض الوصاية الحزبية عليه، فللأحزاب وكل حسب الأمكانية وسائل إعلام تعبر من خلالها عن توجهاتها السياسية أو الحزبية، قد تتفق أو تختلف مع وسائل إعلام حزبية أخرى أو مع الإعلام القومي المستقل في التفاصيل والمنهج الإعلامي، ولكن نحن هنا نتحدث عن أجماع قومي في شأن محدد يخص مصلحة شعبنا عموماً، وبالتالي نرى إنه من الواجب التعاطي معه وفق مضامينه وخطوطه المجمع عليها والدفاع عنها مع ترك التفاصيل وحرية التحرك الإعلامي مفتوحاً وفقاً لمبادرات ذاتية تخص قدرة كل وسيلة إعلامية في إبراز ايجابيات الموضوع وتأشير سلبياته ومعالجتها عبر كتابها ومحلليها ومحرريها. ما يسمح لكل وسائل الإعلام من الاحتفاظ بخصوصيتها وحريتها وسياسة تحريرها دون فرض حزبي. وختاما فإننا في كل ما تقدم لا ننتقص أبداً من التفاعل الإيجابي من لدن الوسائل الإعلامية القومية مع مقررات تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية، وتغطية ردود الفعل بشأنها، إنما نطمح إلى المزيد من الوضوح في الطرح الإعلامي والتناغم مع الإجماع القومي، خصوصاً وإن هم شعبنا ووجوده وحقوقه في الوطن ليس حكراً على القوى السياسية والحزبية فقط.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links