اين حقوق
الاقليات في مجالس المحافظات..؟
حميد الموسوي
القراءة الثانية من قبل مجلس النواب العراقي للقانون الخاص بانتخابات مجالس
المحافظات اعطت لهذا الاستحقاق الدستوري اهمية خاصة لا تقل عن اهمية الملف
الامني واعادة تشكيل الحكومة وسد فراغات الوزارات الشاغرة، والاسراع باعادة
الامن والاستقرار والاعمار، والنهوض بالعملية السياسية، وهذا نابع من كون
هذه التجربة قد اثبتت نجاحا ملموسا واسهمت في بناء الدولة العراقية
الحديثة، حيث برزت في تنامي الخبرة لدى اكثر السلطات المحلية وفي معظم
محافظات العراق خاصة في مجال الادارة المحلية وتنفيذ المشاريع الكبيرة، فقد
استطاعت بعض السلطات المحلية الاشراف المباشر على الملف الامني واعادت
الاستقرار الى محافظاتها بعد تطهيرها تماما من زمر الارهاب والجماعات
المسلحة وتمكنت تلك السلطات من تنفيذ مشاريع عمرانية وخدمية خططت لها بعد
دراسة مستفيضة تتماشى مع حاجات ومتطلبات المحافظة وهذا النجاح لم يقتصر على
المحافظات المستقرة بل شمل محافظات مضطربة كانت جماهيرها تحارب الارهاب بيد
وتبني باليد الاخرى وفي احلك الظروف واشدها قسوة.
ان هذه التجربة مع
حداثتها كونها تنفذ لاول مرة في تاريخ العراق والمنطقة العربية والاقليمية،
ومع ما صاحبها من عمليات ارهاب شرس لم يشهد له العالم مثيلا، ومع ما
اعترضها ويعترضها من معوقات مقصودة وغير مقصودة، وما تخللها من فساد اداري
ومالي وقلة خبرات، وامتناع الشركات عن العمل في العراق ورفض بعض المقاولين
تنفيذ المشاريع الستراتيجية، مع ذلك وغيره من اعتراضات المعترضين وتدخلات
المغرضين والمشككين استطاعت الاستفادة من الصلاحيات التي حددها لها الدستور
في جميع المجالات مثل الصلاحيات الادارية والاقتصادية والامنية والخدمية،
وفي مقدمتها التخصيصات المالية التي رصدتها الحكومة وترصدها مع بداية السنة
المالية بما يتناسب مع الميزانية العمومية لكل عام ومع استحقاقات كل محافظة
وحجم اضرارها واحتياجاتها وعدد سكانها، وهذا بحد ذاته يحدد مساحة الحرية
الواسعة التي منحتها حكومة المركز للحكومات المحلية المتمثلة بمجالس
المحافظات وهذه الصلاحيات والحرية لم تكن معروفة في الازمنة الماضية بل كان
التفكير فيها يعد ضربا من الجنون او الخيال.
كل هذه المعطيات تحث
وتشجع على اقامة الانتخابات لمجالس المحافظات في دورتها الثانية واجرائها
في وقتها المقرر تلافيا ودفعا للاشكالات التي تصاحب عملية التاجيل، خاصة
وان الظروف الامنية افضل بكثير من الاعوام السابقة التي اقيمت فيها
الانتخابات لهذه المجالس كما ان هناك مزيد من الوقت للاحزاب والحركات
والكتل والاشخاص كي يعدوا برامجهم الانتخابية ويهيئوا مرشحيهم.
ما يحز في النفس، ويبعث
الالم، ويترك غصة حائرة، ويثير اسئلة ربما تكررت في انتخابات مشابهة، وعند
تشكيل لجان وهيئات، ومفوضيات لهذا الغرض ولغيره: هو هذا الاهمال والتهميش
والاقصاء لمكونات عراقية اصيلة وان بدت او تحولت الى اقلية في نظر البعض.
وفي مقدمتها الامة الاشورية وصوتها المعبر المتمثل بالحركة الديمقراطية
الاشورية.
لماذا هذا التنكر
لعطائها القديم الحديث المتواصل؟!
لماذا هذا التجاهل
لتضحياتها ومشاركاتها ايام التصدي للسلطة الاستبدادية؟!
اين موقعها من مجالس
المحافظات ومن السلطات المحلية خاصة في مناطقها الاصلية ومراكز تجمعها؟!
ما الذي جنته الاقليات
من عملية التغيير؟!
ما الذي حصده ابناؤها
غير المزيد من التشريد والتهجير والغبن والمظلومية؟!
اسئلة حائرة تثير الشجن
والاسى وربما الندم نضعها اما المسؤولين وخاصة رفاق درب مسيرة النضال التي
اسقطت الدكتاتورية.. وبالتحديد رفاق قائمة الائتلاف الموحد، والقائمة
الكوردية، اسئلة الح عليها حق الاخوة الوطنية الصادقة، وعتب رفعته مسيرة
النضال المشترك. ونحن على يقين بأن الاخوة في جميع حركاتنا واحزابنا التي
تقود العملية السياسية في العراق ابعد ما يكونون عن الانانية والاستئثار
والتفرد خاصة وهم الذين اسقطوا الدكتاتورية بقوافل من الشهداء البررة،
وحاشاهم ان يغمطوا حقوق اخوة لهم في تربة العراق الخالدة ودجلته وفراته
وطريق تحريره المعبد بالدماء.
|