الأجراس
اشور
ياقو البازي
من المؤكد ان تزامن دق الاجراس مع فكرة الوقت وتحديده كانت من الأهمية
بمكان حيث أنها استمرت قروناً طوال تحمل ما شاء الله ان تحمل من معان وعبر
بالغة ومؤثرة، فاجراس الكنائس ونفير الأبواق وقرع الطبول وما إلى ذلك من
مصدّرات الأصوات هي بمثابة بدء لوقت أو حيان لموعد أو تحديد لزمن وغالباً
ما تكون الحكم الفصل في ضبط موازين الحياة وآوانها.
هكذا ليس هناك دقة جرس دون موعد وزمان
معلومين، وقلّما نجد ساعة دون جرس ونادراً ما نرى غرفة ، أو معصم يخلوان من
موقت أو عداد للزمن. وعلى النقيض من هذا إذ كثيراً ما نرى أناساً تمر بهم
السنون والأيام محاولين ومدّعين أنهم يقتلون الوقت ولا يدرون أنه ذو حدين
ماضيين، ولا يدركون أن من يملك الوقت يملك الحياة والذي له الحياة عليه
ملأها بالأجراس التي تدق ليبق الانسان متيقظاً للزمن وعالماً بأمره
مستغرقاً فيه إلى قمة الأبدية.
إذ أن الزمان الذي نعيشه هو مدار من مدارات
الأبدية وكل ما هو إيجابي في الزمن هو أبدي كاللحظات العميقة الجميلة، وهذه
الأخيرة هي الأجراس التي تبقى دائماً رنانة في نفوسنا وتعطى لنا البعد الذي
فيه نكون كأننا في البدية. وهذه الأحداث وان كانت في الماضي إلا أنها حيّة
في الانسان الذي يتذكرها رغماً عن أن هذا الوجود ليس وجوداً موضوعياً إلا
أنه الحضور الذي يتخذ معنى في الحاضر، هكذا ليس للحاضر معنى دون الماضي
والمستقبل اللذين ينوّرانه. الماضي الذي نبتعد عنه وهو امامنا مليء
بالاشارات والأجراس الرنانة، والمستقبل، ذلك الصدى الذي يصل أذاننا من
أجراس الماضي، وهذا كله علينا عيشه في الآن، الآن التي لا تنتهي ولا تنفك
أن تكون زمناً مؤبداً.
واخيراً، هناك مشكلة أخرى قد تواجهنا على
هذه المدارات وهي ما نوع ما نعلّقه من أجراس وليس الكم الذي نعلقه منها.
فكثيراً ما تكون أجراس الاحداث المؤلمة والوقائع الجليلة هي تزيّن جدران
حيواتنا، واما المجال المتروك للحظات الأكثر عمقاً والأكثر ثباتاً في
النفوس له من النصيب أمراً يسيراً، ودلونا في هذا الموضوع الطويل والمتشعب
ليس لأن نضع حلاً للأوقات العصبية، أو لأن نقرّر ما اذا كانت الأحداث
المؤلمة أو الممتعة هي الأكثر وقعاً في النفوس من غيرها.
ولكن المهم هو أن نتساءل هل هنالك في حياتنا
أجراس تجعلنا متنبهين للحظات حياتنا ؟ وإن لم يكن فنبدأ بتعليقها.
|