سياسة الاخلاق ام اخلاق السياسة..؟

 

 

                                                      عصام شابا فلفل

                قد يكون عنوان المقال غريبا بعض الشيء عن ادراك ومفهوم قارئنا الكريم ، الا انه لو اردنا الولوج في اعماقه وتطرقنا الى فحواه من منطلق التعقل لوجدنا بانه يحمل الكثير من المعاني التي تمس وضعنا الاجتماعي وحتى القومي والديني . وليس من الاستغراب في شيء ان قلنا ان هناك اناس في مجتمعنا ممن تستهويهم عملية تسييس الاخلاق ، أي بمعنى يجعلون اخلاقهم تحكمها النظريات والايديولوجيات السياسية في تنفيذ الامور التي قد يراها بعضهم مناسبة لخدمة مصالحه ومصالح مجموعة من اتباعه ، وقد يشذ البعض عن هذه القاعدة ، لذا فهو ينطلق بعيدا جدا في اجواءالخيال جاعلا اخلاقه في موقع مهزوز لا ترتكز الى رصانة معينة او قوة تعقل في تحليل وتقييم وتنفيذ الامور ، بل ويجعل اخلاقه في مهب الريح السياسية وباتجاهات متعددة ، فتارة مع ،.. وتارة ضد ... وتارة مؤيد .. واخرى رافض ، وحسب ما تقتضيه مصلحته الشخصية او مصلحة من يسيره تبعا لأيديولوجية معينة وحسب الحاجة ،وهناك حالة اخرى ، اذ نرى وبشكل يلفت النظر ان بعض ممن تستهويهم مناصب السياسة وكراسيها وخصوصا من قاصري الثقافة ، نراهم يكنون العداء والحقد على المثقفين ويبدأون بنعتهم بشتى اوصاف الرذيلة ،  وكل هذا لأنهم ليسوا من مستوى الثقافة بشيء بل يستغلون منصبهم السياسي لمحاربة المثقفين والناجحين في عملهم  وهذه الحالة  قد تحدث احيانا وعلى ارقى  المستويات ،  فكرية ام علمية ام اجتماعية   ، اما الذي يتميز بتلك الصفات فهو ممن ينزلقون في هاوية النفاق والانتهازية وعدم الثبات على موقف محدد ، لذا فهو قد ينكر مذهبه او قيمه يوما ما ان استفحلت في ضميره حالة الانتهازية والغرور.. كما ان هناك من  لا يملكون سوى مبدأ المناورة في التعامل مع الضمير والاخلاق ، لانهم كما قلنا فقدوا ضمائرهم واخلاقهم وانسانيتهم  ، وقد يحدث هذا حتى في اعلى المستويات الرسمية وفي ارقى الدول والامم ، اذ نسمع بين الحين والاخر ان الوزير الفلاني او المسؤول العلاني في هذه الدولة او تلك  قد حوكم بتهمة تجسس لصالح الدولة الفلانية التي تكن العداء لدولته ..! وهنا يكون الفرد قد وضع نفسه في خانة الخيانة العظمى .... وفي مقابل كل هذا فان هناك من السياسيين من فرض اخلاقه على الساحة السياسية وليس العكس ، فنراه يحتكم الى المنطق والتعقل في التعامل مع الامور التي تحدث سواء كانت طارئة ام لا ،  ويترك العاطفة الهوجاء جانبا  ويجعل من عقله واخلاقه ميزانا نزيها في التعامل مع المجتمع وعلى جميع المستويات مما يبعده واتباعه عن الوقوع في فخ المشاكل ويجعل باب النزاهة لديه مفتوحا على مصراعيه ، وتلك الحالة تجعله محبوبا ومقبولا من جميع افراد المجتمع رغم اختلاف مذاهبهم او اتجاهاتهم القومية والاثنية وحتى الايديولجيات الفكرية التي قد تختلف معه ومع مبدأه الفكري. ومن هذا المنطلق نقول .. ان الاخلاق السياسية يجب ان يحكمها المنطق والتعقل في كل شيء ، كما يجب على السياسي ان لا يترك مجالا للنظريات السياسية الهدامة لتتحكم في اخلاقه بحيث تبعده عن مجتمعه ، اذ يجب عليه ان يبتعد كل البعد عن تسييس الاخلاق ، بل على العكس من ذلك يجب عليه فرض اخلاقه النزيهة على المنطلق السياسي الذي يتبناه.. وهنا يجب ان ننوه بان للسياسة تعاريف عديدة عند الكثيرين من الفلاسفة ، وقد تكون جارحة احيانا ، ولن اكرر ما قاله ونستون تشيرشل في تعريفه الشهير لكلمة السياسة ، لأن ذلك ليس من اخلاقياتنا واخلاقيات الصحافة بشيء ..

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links