شعبنا العريق ليس للبيع ولا اراضينا التاريخية
يوسف شكوانا
ما أن خفت حدة معركة التسميات التي استهلكت
الكثير من طاقات شعبنا على حساب أمور اخرى كانت أكثر أهمية لمسألة حقوقنا
ووجودنا القومي بعكس غيرنا الذي عرف كيف يعمل بمبدأ الاهم قبل المهم, فما
أن أستبشرنا خيرا عندما لاحت في الافق ملامح نهاية تلك الحرب الكلامية حتى
أعلن عن بدء معركة اخرى لا تقل شراسة عن الاولى الا وهي معركة الحكم
الذاتي التي قسمتنا ايضا الى قسم مؤيد لأسباب مختلفة وقسم اخر أنا اسميه
مستفسرا أو الذي ينطلق برؤيته من أرض الواقع وما يمكن تحقيقه بعيدا عن
التمنيات أو رفع شعارات عسيرة التحقيق , ألا أن البعض يطلق على هذا القسم
تسمية معارض , وهذا غير معقول لأنه لا يمكن لأي مخلص وحريص على شعبه أن
يعارض مثل هذا المكسب الذي عادة ما تدفع الشعوب اثمانا باهضة للحصول عليه ,
فكم بالأحرى لو كان تنظيما معروفا بتضحياته ونهجه وشهدائه , أن الذي اتهمه
الاخرون بالغرور عند دعمه الكامل للمباشرة بالتعليم السرياني لا يمكن أن
يقف ضد مشروع ليس التعليم السرياني الا جزءا منه .
أنني شخصيا لا أعارض أية حقوق لشعبنا عندما تكون عملية وواضحة
وقابلة التحقيق على أرض الواقع ,الا أنه في هذه المسألة هناك من يكتب من
باب التمنيات واخرون يتجنبون التطرق أو الاجابة على العديد من الاسئلة
بتعمد. فهناك العديد من الامور الغامضة مما تخلق الشك لدى الاكثرية وهذا
الشك لا يتبدد الا بالايضاحات كي نعلم الى اين سيوصلنا الطريق الذي سنسلكه
خاصة في مسالة بهذه الدرجة من الاهمية, وهذا الشك نابع من :
1- عدم وضوح الدعوات عن نوعية الحكم الذاتي هل هو للشعب أم للارض فاذا
كان للشعب فما العدد الادنى الذين سيشملهم , أما اذا كان للارض فأية أرض
وما هي حدودها؟ وهل نشكل منها وحدة أدارية واحدة أم أكثروما شكلها
وصلاحياتها وارتباطها؟ وكيف تكون العلاقة مع الفئات الاخرى في المنطقة؟ ان
ما عرفته لحد الان لا يتعدى التصريحات المتناقضة على الانترنيت من قبل
مؤيدي هذا المشروع الكبير فأحدهم يقول انه لشعبنا الكلداني السرياني
الاشوري ولا يحدد منطقته بما معناه اينما وجد شعبنا في الوطن , واخر يقول
في اقليم كردستان فقط خاصة ان الداعي له هو وزير في أقليم كردستان الا أن
هذا الرأي يفنده بعضهم قانونيا لأن الدستور يمنع من خلق اي كيان ضمن اقليم,
ورغم ذلك أسأل هذا القسم: أن أقليم كردستان يعيش حالة استقرار منذ عام 1991
وشعبنا يعيش في العديد من مناطقه مثل دهوك وعنكاوا وشقلاوا ومناطق صبنا
وبروار ونهلة وزاخو وغيرها فما الذي يمنع حكومة الاقليم من منحها الحكم
الذاتي لشعبنا في هذه المناطق التابعة لها ؟ وثالث يقول أنه لشعبنا في
مناطقه التاريخية ولا يذكر لأي تاريخ نعود لتحديد هذه المناطق, فمناطقنا
كانت تتغير باستمرار عبر تاريخنا الطويل فلو اخذنا المائة سنة الاخيرة
وتحديدا منذ الحرب العالمية الاولى سنجد تغيرات كبيرة على القرى والاراضي
فلم يسلم منها الا نسبة ضئيلة جدا فعلى سبيل المثال ففي الحرب العالمية
الاولى فقط خسرنا منطقة حكاري بكاملها كما ازيلت عن الوجود خمسة
ابرشيات كلدانية اضافة الى ابرشيات للفروع الاخرى من كنيستنا , أن مسألة
المناطق التاريخية شائكة جدا ولتوضيحها لا بد من تعيين الحقبة التاريخية
المقصودة أذ أن التغيرات مستمرة عبر التاريخ من غير توقف , فحاليا نشاهد
هجرة بسبب الوضع الامني من المدن العراقية الى أقليم كردستان وقبل أقل من
نصف قرن كان التهجير معاكسا اي من كردستان الى المدن العراقية وخاصة بغداد,
أما القسم الرابع وهذا برأي هو الاهم لأنه بيت القصيد فهو الذي يحدده
بسهل نينوى فعدد منهم كشف هذا السر في تصريحاته رغم انه نفى ذلك لاحقا او
قام غيره بالمهمة عوضا عنه , وقسم اخر يشترط ارتباطه باقليم كردستان أي
حكما ذاتيا مشروطا, وهنا يتعجب المرء من انواع الذين شمروا عن سواعدهم
للكتابة عن هذا السهل العريق باسلوب وكانهم يقولون أما ان تقبل بالحكم
الذاتي المبهم أو أنك خائن وعدو الشعب وقاصر وضحل سياسيا , عشرات
الاصوات نسمعها من خارج هذا السهل كأنه معروض للبيع وانا لا أوجه
اصابع الاتهام الى اي مدفوع الثمن < لا أقول مأجور كي لا استفزهم> لأن
شعبنا يعرفهم خاصة عندما لا يتلقى الجواب المقنع عند السؤال: من أين
لك هذا ؟ من خارج السهل يكتبون وينادون ويؤيدون ويتهجمون اما سكان هذا
السهل فقلما تسمع منهم عن هذا الموضوع . ومن بين هؤلاء من ترك المنطقة الى
الابد وهناك من لم يراها ابدا ورجل دين لا يسكن هذا السهل اكثر من مائة
عائلة من اتباع كنيسته وسياسي رفضه شعبنا في الانتخابات اكثر من مرة
وتنظيم لا يتعدى اعضاؤه من سكان هذا السهل اصابع اليد الواحدة ,واخر لا
وجود له فيه . وأتمنى ان لا يبدأ هؤلاء مذكراتهم الى المسؤولين بعبارة :
نحن سكان سهل نينوى ... كما حصل في منطقة سنجار عام 1973 حيث كانت
المدرسة التي اعلم فيها مشمولة بالدراسة الكردية الا أنها لم تطبق
بذريعة عدم وجود معلم يجيد اللغة الكردية وأصبح الامر معلقا الى ان
تحول المختار بموقفه من جانب الاكراد الى جانب الحكومة فاقام وليمة
كبيرة لكافة ضباط اللواء المرابط في سنجار اضافة الى موظفي القائمقامية
وأعضاء شعبة البعث, اثناء الوليمة وقع المدعوون على وثيقة تطالب
بالغاء الدراسة الكردية في المدرسة والتي لم تطبق اصلا ولقد بدأ الطلب
بعبارة : نحن اولياء امور تلاميذ مدرسة ... كانوا من مختلف المناطق
باستثناء القرية التي ادعوا انهم اولياء امور تلاميذها. وهكذا نجد الذين
يطالبون بالحكم الذاتي دون معرفة متى وكيف وأين ؟ من مختلف انحاء العالم
فيهم رجال الدين وأسماء شخصيات وتنظيمات ولا أعتقد ان اي منهم سيرجع للعيش
في ظل الحكم الذاتي الذي يطالب به أذا تحقق!!!فكم من مناد بالحكم الذاتي
وقريته ترفض حتى التدريس باللغة الام بمدارسها, أليس الاجدر به أن يدعو
أهله وأقاربه أن يشجعوا لغتهم القومية ؟ أو أن يطلب الحكم الذاتي أو
الفدرالية أو حتى تشكيل دولة لهم ؟ أن الموضوع كما أراه اشبه بالذي يقامر
بأموال غيره , فلو نجح المشروع بأعجوبة سيصبح بطلا قوميا وأن جلب الماسي
والويلات الى هذا السهل فأقصى ما يفعله سيكون الاستنكار على الانترنيت
ويعيش حياته الطبيعية هذا ما يفعلونه ولنأخذ مثلا أحداث الموصل الاخيرة هل
أن أحدهم قطع اجازته الترفيهية بسببها؟
2- أن المتابع لوسائل الاعلام العراقية وهي عديدة ومتنوعة يسمع ويرى
ويقرأ كثيرا عن فدرالية اقليم كردستان وعن المادة 140 وموضوع كركوك واعادة
رسم الحدود الجغرافية للاقليم ولكن لحد الان لم اسمع اي سياسي خارج شعبنا
ذكرهذا الموضوع الذي هو بهذه الدرجة من الاهمية مؤيدا أو معارضا. الا
يعني هذا ان هذا البكاء هو على الهريسة وليس على الحسين , وأن لم يكن كذلك
فما الذي يمنع المباشرة بالخطوة الاولى فمعظم تنظيمات شعبنا تطالب به كما
يدعون اما المعارضون فليسوا سوى فئة ضحلة سياسيا يشهدون الايام الاخيرة
لتنظيمهم السياسي ,كما ان جميع الاطراف كردستانية وعراقية موافقة وتدعم
المشروع وكذلك العديد من الاطراف الدولية ... اذا كان كل ذلك صحيحا فعلى
ماذا الانتظار؟ أبدأوا بالخطوة الاولى على الارض كي لا يقول احد انها
جعجعات وانما طحين على الارض . أم أن الموضوع هو < هف أبني هف بالعيد
اشتريلك دشداشة > , سابقا كانت مطاعم الكباب لا تستعمل المراوح الكهربائية
وانما اليدوية في احد مطاعم الموصل سابقا اشتغل صبي يقوم بهذه المهمة
وكلما تعبت يده ويتباطأ في عمله يقول صاحب المحل له < هف أبني هف بالعيد
اشتريلك دشداشة > فيسرع في الهف فرحا بالدشداشة دون ان يعرف نوعها منتظرا
عيدا بعد عيد ولم يرى الدشداشة بعد عدة اعياد من تنفيذ طلبات أستاذه صاحب
المطعم بالهف السريع اضطر ان يسأله عن الدشداشة فأجابه : وهل قلت لك في اي
عيد سأشتريها ؟ وهنا اتمنى ان لا ينطبق هذا المثل هذا النوع من دشداشة
الحكم الذاتي.
3- لا يختلف اثنان على ان الديمقراطية هي حكم الشعب وذلك عبر صناديق
الانتخابات ومهما يحصل من منافسات في فترة الانتخابات توضع نهاية لها عند
اعلان النتائج التي يرضخ لها الكل وعادة ما يبدأ الخاسر بالتهيئة
للانتخابات التالية وهناك من يحصل على خمسين مليون صوتا ويخسر امام منافسه
بفارق مائة صوت فيعترف بالفائز طول مدة حكمه كما حصل للمرشح الديمقراطي أيل
كور امام منافسه الرئيس الامريكي الحالي في دورته الاولى وكما حصل لهيلاري
كلينتون التي حصلت على 18 مليون صوت فقط في حملتها للفوز بترشيح حزبها
ولكنها لم تنجح بذلك, فلا أيل كور ادعى أنه يمثل أمريكا لحصوله على خمسين
مليون صوت ولا هيلاري كلينتون أدعت أنها تمثل الحزب الديمقراطي لأنها حصلت
على كل تلك الاصوات . وهناك أمثلة عديدة من مختلف انحاء العالم وحتى في
ديمقراطية العراق رغم حداثتها وشوائبها الا أن الالتزام بهذه الاصول نراه
عند الاخرين الا عندنا فالحالة تختلف حيث الطريقة التي يتبعها البعض تلغي
معنى الانتخابات فالكل يدعي تمثيل الشعب والتحدث بأسمه والمطالبة بحقوقه
كما يراها دون الرجوع الى ممثليه المنتخبين سواء فازوا بقوائم خاصة بشعبنا
أم ضمن القوائم الاخرى , < لا أقصد هنا حق العمل والانتقاد باسلوب متحضر
وبناء ورصد الاخطاء أو التقصيرلاستخدامها في الانتخابات المقبلة > فتأسيس
تنظيم من خمسة أشخاص أو عقد مؤتمر أو حصول دعم أحد المتنفذين كاف ليعطيهم
شرعية التمثيل , وفي موضوع الحكم الذاتي لم أجد اي مطالب به منتخب من قبل
الشعب بينما أرى العكس فكل الذين خسروا الانتخابات يتكلمون باسم الشعب الى
درجة أن رئيس أحد التنظيمات ذات الاسماء الكبيرة ليس لديه من يشاركه في
استقبال الوفود الرسمية فيتصل بأحد معارفه ليحضر الى المقر ويشاركه في
الاستقبال لأنه من غير اللائق أن يستقبل الوفود لوحده , دون ان يكون
للمسكين اية علاقة بتنظيمه والاغرب في الموضوع انه بعد ساعات يظهر خبر
الاستقبال في عنكاوا كوم , أمثال هؤلاء يتحدثون باسم الشعب في الوقت الذي
يحرمون المنتخب حتى من أبداء رأيه! وأذا يعتقدون أنهم يسيئون الى مكانة
الاشخاص المنتخبين بمثل هذه الاعمال فأنهم قبل ذلك يدوسون بأرجلهم على كل
تلك الاصوات التي اختارتهم لتمثيلها , اليست هذه ديمقراطية جديدة من
نوعها؟ أن القاعدة المعروفة هي أن الحكام الدكتاتوريين يصلون الى سدة
الحكم بواسطة الدبابة فتراهم يعبدون الدبابة والديمقراطيون يصلون عن طريق
الشعب لذلك يخدمون الشعب بطريقة او بأخرى وهنا نسأل هل بأمكان الذي يصل عن
طريق المتنفذ الا أن يخدمه أو يأتمربأوامره ؟ أن عهد الدكتاتورية ولى من
غير رجعة ولم يبقى امامنا سوى طريق الشعب وطريق المتنفذين فالبعض يختار
الاول الذي يتطلب المصداقية في العمل والاخلاص في الخدمة والوضوح في المنهج
والبعض الاخر يختار الثاني بعد أن يفشل في الاول , وهؤلاء يعتبرون هذا
الطريق اسهل وأقصر خاصة أنه لا يتطلب الكثير عند البعض سوى خدمة المتنفذ
الذي يعرف كيف يعمل دائما . وهذا النوع يذكرني بالنائب خدر خديدا عن جبل
سنجار في العهد الملكي كنت التقي به بين اعوم 70-75 وكان لا يتكلم العربية
سألته يوما كيف كان يشارك بالجلسات وهو لا يتكلم العربية فقال: أن عمي سيدو
رئيس العشيرة قال لي كلما يتكلم الباشا ارفع يدك موافقا اما الاخرين فلا
شان لك بهم . هذا ما كان يفعله شخص أمي قبل اكثر من نصف قرن الا أن البعض
يسير على القاعدة نفسها في الوقت الحاضر. ومن غريب الصدف أن مقعده النيابي
جاء نتيجة تصويتهم لانظمام منطقة سنجار الى العراق بعد تشكيله!!! فكم خدر
خديدا في شعبنا الان؟
4- أن الوقائع على الارض تثير الشكوك حول الموضوع فمن ناحية لا نرى أية
استعدادات وتهيئات للحكم الذاتي وانما تقتصر العملية على الكلام والكتابة
في الانترنيت بينما على العكس من ذلك نشاهد نشاطات عديدة بهدف تغيرألارتباط
الاداري للمنطقة وهذا واضح جدا في العديد من الامور كالتربية والتعليم
والمسألة الامنية وشراء الذمم وغيرها . ورغم كل هذه الحقائق الصارخة الا أن
البعض لا يأخذها معيارا لتحديد موقفه فهدفه الوحيد هو محاربة الذي يعتبره
عدوا له فيلتقي مع الذي لا يرى في الافق سوى مصلحته الشخصية الذي شعاره هو
كل شئ من أجل الكرسي , وينضم اليهم الذي يفشل في كسب ثقة شعبه, وبذلك
يتشكل تحالف غير متجانس او تحالف الاضداد فمثلا في مسألة التسميات وقف هذا
التحالف ضد التسمية التي اتفق معظمهم عليها وضم ذلك التحالف من يعتبر
الكلدانية قومية لا علاقة لها بالاشورية واخر بان الكل كلدان ولم يعد اي
وجود للاشوريين حيث ابيدوا عن بكرة ابيهم!!! وثالث يقدس الاشورية فقط
ويعتبر الكلدانية تسمية مذهبية مخجلة وليست قومية ,أيدوا التسمية
الكلدواشورية التي اشتركوا بأقرارها ثم أنقلبوا على قرارهم ليصفقوا لتسمية
مماثلة في المضمون والمعنى على طريقة خدر خديدا وتأييده للباشا ! وهو
التحالف نفسه الذي وقف ضد التعليم السرياني علنا أو سرا وهنا أيضا كانت
الذرائع مختلفة ومتناقضة ولكنها التقت في التحالف المذكور. قبل سنوات قام
زعيم كلداني جدا بالاتصال ببعض معارفه طالبا المساعدة لشراء كومبيوتر لأحد
الاحزاب الاشورية جدا فلما ساله أحدهم كيف تساعد هذا الحزب الذي لا يعترف
بالكلدان اجابه : أن هذا الكومبيوتر سيستخدم بالدرجة الاولى ضد زوعا. هذه
فقط بعض الامثلة التي تزيل استغرابنا لهذا التحالف الذي ينادي بالحكم
الذاتي حاليا كل على طريقته ومن مكانه . وبالقاء نظرة بسيطة على مثل هكذا
تحالف لا نرى فيهم عوامل مشتركة سوى محاربة الذين يعملون ويضحون ويستشهدون
على ارض الوطن .
5- لقد صدر قرار التعليم باللغة الام من قبل حكومة اقليم كردستان منذ
عام 1991 وفي عموم الوطن بعد القضاء على النظام الدكتاتوري . وفي الحالتين
هناك من وقف ضد المشروع أو على الاقل لم يدعمه بحجج مهما كانت الا انها غير
مقبولة أمام مثل هذا المشروع العظيم , ففي الاقليم انقسمت مدارسنا بين
التعليم بالسريانية والتعليم بالكردية وفي باقي العراق لا يتعدى عدد
مدارسنا اصابع اليد الواحدة ففي سهل نينوى الذي يعتبره البعض منطقة الحكم
الذاتي المنشود لدينا أربعة صفوف فقط سريانية ولم أسمع من هذا الفريق أي
تأييد لهذا المشروع الذي يعتبر العمود الفقري لأية حقوق قومية , وهنا
أستغرب وأسأل عن الازدواجية في المواقف أذ كيف يقف الفرد او التنظيم ضد
مشروع التعليم باللغة الام وفي الوقت نفسه ينادي بالحكم الذاتي . اليس
التعليم باللغة الام أحد الحقوق الرئيسية في الحكم الذاتي ؟ أم انهم
يريدونه حكما ذاتيا من غير لغة قومية؟ فالذي ترك قريته ولا يفكر بالعودة
اليها والباقون فيها يرفضون التعليم بلغتهم الام وهو موافق او ساكت لمدة 17
سنة بأي حق يقرر مصير منطقة أخرى وهو ليس من سكانها في الوقت الذي
لم يبقى لمنطقته او قريته اية صلة بالقومية؟ أليس كالطبيب الذي يداوي
الناس وهو عليل ؟ فأذا كنتم حقا تريدون الحكم الذاتي وليس شيئا اخرا
فلنباشر بدعم التعليم السرياني وهي عملية بسيطة جدا قياسا بالحكم الذاتي
لأنها مقررة في الدستورين العراقي والكردستاني ولنا فيها تجربة 17 عاما .
أنني أشبه هؤلاء بالذي يترك العصفور الذي في يده ويطالب بالعشرة التي في
الجو وليس على الشجرة !! أما الاقتصاد الذي يعتبر العامل الاساسي للحكم
الذاتي فلم أسمع لحد الان عن أية مشاريع استثمارية في المنطقة فهل يريدونه
حكما ذاتيا يعيش من صدقات الاخرين؟
ما يزيد الشك في النوايا هذا الالحاح الشديد في مسألة الحكم الذاتي
بمناسبة أو غير مناسبة فكل المواضيع توصل الى الحديث عن الحكم الذاتي ,
فعند ألغاء المادة 50 يطالبون بالحكم الذاتي وبسبب أحداث الموصل يطالبون
بالحكم الذاتي وهكذا كل شئ وهذا يذكرني بالذي لاحظ ان احدهم يسرق ليلا بعض
البرتقال من شجرة له في حديقة بيته ,أخذ يراقب ذلك فشاهد أبن شقيقه الذين
يعيشون بجوار بيته قفز فوق السياج وصعد على الشجرة ليسرق البرتقال فصرخ
عليه مؤنبا أياه لما يفعل وسأله عن سبب سرقته هذه وفي حديقة بيتهم اشجارا
مشابهة بثمارها, فاجاب أبن الاخ : ولماذا تلبس أبنتك ملابس قصيرة . قال
العم بعصبية : وما علاقة ذلك بهذا ؟ فقال أبن الاخ : محكيثا ككرشا محكيثا
.
مما تقدم يظهر أن مطلب الحكم الذاتي هذا تشوبه الضبابية ويخلق الشكوك
بوجود المخفي وراء ه فأذا كان المقصود هو تغيير تبعية سهل نينوى وهذا شأن
يخص سكنة هذا السهل لا غيرهم ومهما كان قرارهم على الاخرين وأنا منهم تقديم
الدعم لهم فأهل مكة ادرى بشعابها كما ان الموضوع يخصهم حاضرا ومستقبلا ,
فهم لا تنقصهم الحكمة والدراية بالامور والوعي السياسي والقومي ولقد اثبتوا
ذلك لا لمئات السنين وانما الالاف والشواهد التاريخية في معظم البلدات ادلة
ساطعة لقدم شعبنا في هذه المنطقة , وفي كل زمان كان لهم رجالهم والى اليوم
والكل يعرف هذه الحقيقة خاصة سكان هذه المنطقة فكفى متاجرة بهم انهم لم
وليسوا ولن يكونوا للبيع
.
|