رسالة
الى رفيقي .....
جيفارا زيا
تحية
وبعد ....
1- هل تذكر المذابح
التي طالت أبناء شعبنا في سلامس وأورومية وهكاري أبان الحرب العالمية
الأولى ؟ طبعا لم نعش تلك الأحداث ولكنها في مخيلتنا وكأننا واكبناها ، فقد
وصفها وتحدث عنها الكثير ممن عاشها أو شاهدها ودونها في مراجع متعددة
وبمجرد قرائتنا لها تألمنا كثيرا للمصائب والبشائع التي لايمكن أن ننساها
من قتل وتهجير وسلب ونهب واغتصاب ..... الخ راح ضحيتها ما يقارب ثلثي
أبناء شعبنا تاركا خلفه قراه وبلداته وأماكنه المقدسة ، ولاجئا في همدان
وبعقوبة ومندان ، ومشتتا في بقاع وادي الرافدين فقد أنهكنا العذاب ،
وتحملنا الآم الصليب الذي حملناه ومن اجله اضطهدنا ، ولكننا لم ننكسر
وترجينا الخلاص ومازلنا نترجاه بانتظار الأمل والحياة ....
2- هل
تذكر عندما جمعنا في سميل ونفذت بحقنا مجزرة ؟ فقد حولت رجعية الحكومة
الملكية آنذاك الفتن ضد شعبنا واعتبرنا متمردين ، لأننا طالبنا باسكاننا في
منطقة لندير أنفسنا بذاتنا مقابل جهودنا في ضم هذه المنطقة إلى البلد
الجديد " العراق " ومقابل الجهود التي بذلناها في محاربة ظلم العثمانيين ..
لكن الخونة والمتآمرين ، حالوا دون ذلك ، وتم عزل قادتنا ومسلحينا عن شعبنا
المسكين ، وجمعنا في قرية سميل لنذبح جماعيا بالالاف من الشيوخ والنساء
والأطفال ، وتنتهك بذلك كافة مفاهيم الإنسانية لتختم كبصمة عار في جبين
الدولة الملكية وجبين من وقف وراء هذه المكيدة وشارك فيها ... لقد اهتزت
معنويات شعبنا وفقد الثقة بغيره ممن ادعى بالتآخي وحسن النية وهم في
دواخلهم متعصبين ومتطرفين كواسر جارحة . لتستمر معاناتنا وآلامنا التي بدت
أن لاتفرقنا ، وكان العذاب هو خاص بنا ، وبدى علينا الضياع في مصير مجهول .
ومع كل هذا بقينا نرى الضوء في نهاية النفق .....
3- هل
تذكر العقود الثلاثة الماضية ؟ تسلط فيها نظام طاغية ودكتاتوري مستبد ،
حاول وبكافة إمكاناته من ترتيب وتنظيم أشرس حمله إبادة ضد شعبنا ، فقد الغي
هويتنا وحرف تاريخنا واستخدم التمييز ضدنا ولم نحسب مواطنين مساويين بغيرنا
، ووجهت العدالة عكسنا . وخاض حروب دامية راح ضحيتها عشرات الآلاف من
أبنائنا شهداء وضحايا ومفقودين ، وكافئنا على هذه التضحيات بتهجيرنا
وتدمير قرانا وكنائسنا وأديرتنا في الأنفال واعتقل واعدم الكثير في مقابر
جماعية ، وأضاق علينا من كل جهة إلى أن أصبحنا غرباء في وطننا الأصيل ،
أقنعنا أنفسنا بالهجرة بعيدا وترك الديار التي عشنا فيها منذ نشأتنا
ونشأتها .. فلماذا تلازمنا المآسي وتطاردنا الأحلام المرعبة ، ويرهبنا
المستقبل وكأننا هائمين في بحر رمال ؟؟ السنا كفوئين في مراجعة تاريخنا
وأدراك مصائبنا ؟ أم لأننا مازلنا لانعرف ماذا نريد وماذا يجب أن نفعل ؟
ومع ذلك سنبقى نقول بان النور سيظهر من الظلام .....
4- ختاما
وحاليا سقط النظام السابق المقيت ، واستبشرنا خيرا كباقي إخوتنا في البلاد
وتنفسنا الصعداء ، ودخلت الفرحة قلوبنا ، وشفيت أوجاعنا ، وتطيبت آلامنا
فهكذا شعرنا . فهناك بناء جديد للبلاد فمثلما الكل سيشارك ببنائه فالكل
سيكون تحت رعايته وخيمته سننال حقوقنا هذه المرة بعد أن سلبت منا في السابق
، سنعوض كافة خسائرنا على اقل تقدير ، ستكون لنا مكتسبات تزيد من قدسية
الصليب وتضيف على هيبة لاماسو ( الثور المجنح ) وأسد بابل ..
فبدأت
الخطوات الأولى بنجاح فكان لنا مكان في الدولة والحكومة وبعض مفاصلها ،
واعترفت بامتيازاتنا البسيطة في قانونه الأسمى ، وتلهجنا بلغتنا في مدارس
مناطقنا ، واشاركنا في بعض حكوماتنا المحلية ...ومع الوقت أصبحت هذه الخطى
ثقيلة ، أثقلها الواقع المرير بما حل من أزمات أدت إلى التدهور والفوضى ،
نتيجة للتعصبية والفئوية والعنصرية فخلقت الكراهية وزرع الفتنة والتمييز ،
أدت بالنتيجة إلى ما كانت عليه في الماضي القريب من تهميش وإقصاء وعدم قبول
الأخر وتحجيمه وتصغيره ومن ثم استثنائه من الحياة التي زعم بأنها جديدة ،
حياة حكم الشعب من قبل الشعب حياة تعدد المكونات ، حياة التمثيل الذاتي
للوجود .. فهل تدرك ماذا حصل لشعبنا حاليا ؟
أنها إبادة
أخرى ولكن بأسلوب نوعي متحضر وما هي في نفس الوقت . فقد اعتبرنا للوهلة
الأولى
بأننا أقلية رغم إننا شعب أصيل ، مكون حيوي له تاريخ وحضارة فعالة لحد ألان
، ويملك طاقات وإمكانات تعجب محيطه ، الذين يبدو أنهم يخشونه لأنه يملك
القيم العالية ....فهل قبلنا بهذا الاعتبار , لاعتبارات أخرى ؟ لنتمكن من
خلالها الفوز بتمثيل من دون أثبات الوجود ؟
وجاءت
الحركة التالية بتحديد حصة محجوزة لهذه الأقلية " كوتا " وصدرت هذه الحصة
بحجم أقل من الواقع أو حتى المتفق عليه . فجاءت خيبة الأمل والتخوف مرة
أخرى من الإلغاء والإقصاء وبالتالي أما الهجرة أو التبعية لجهة أخرى وهذا
ما يرومون له هذه الجهات الطاغية المتنفذة باستبداد وأستئثار .. أم إننا
نحن التزمنا بما هو غير مذكور في القانون الأسمى الذي يعد أساس بناء الدولة
وتركنا أو أهملنا ما هو مذكور وهو حجر الزاوية في طموحنا لإدارة ذاتنا
محليا ؟
رفيقي ...
لقد اخترنا أن تكون في طريق العمل بالممكن والسعي للأفضل بشرط أن لانتخلى
عن أو نخرج من المفاهيم المشتركة لنصل إلى هدفنا المنشود لبناء البلاد
وإحياء شعبنا بما
أدركناه من
معاناة الماضي وقساوة أحداثه لنحقق الأمل المنشود والحرية الموعودة له
ولتثبيت وجوده إثباتا حقيقيا راسخا من كيانه ومحققا لذاته ، من دون أن نهتز
أو نتمايل أو نحابي احد وان حال الزمان أن فقدنا بعض المكاسب الظاهرية فيجب
مهما كان أن لانخسر المبادئ الجوهرية ...
تحياتي رفيقك
|