الازمة المالية وبداية الانكفاء

 

                                            حميد الموسوي

                   مع اول ازمة مالية تشهدها المصارف العقارية في الولايات المتحدة الاميركية لاحظ العالم بوضوح التخبط والارباك الذي اصاب النظام المالي والاداري فيها وانسحب على الحياة العامة وكاد ان يصيب النشاطات بشكل تام، وامتد ليعصف بالحكومة ويدخلها في شد وجذب وسجال مع البرلمان ومجلس الشيوخ لينتهي الامر بالموافقة على تقديم دعم حكومي يقدر بسبعمائة مليار دولار اميركي للمصارف التي اعلنت افلاسها، وبطبيعة الحال سيتحمل دافع الضريبة الاميركي الخسارة بأجمعها.ومن البديهي ان يسجل المراقبون مدى الضعف الذي تعانيه السياسات المتغطرسة للادارة الاميركية والتي سعت بكل ما تمتلكه من موارد لتعزيز القوة العسكرية في سبيل السيطرة على منابع انتاج وتصدير النفط واعتراض طرق النقل البحري في محاولة لغرض هيمنتها على العالم وتسيير الانظمة فيه بحسب سياستها ومطامعها، وهذا ما جعلها تتدخل وبشكل سافر في الشؤون الداخلية لمعظم الدول وخاصة دول العالم الثالث التي سمحت بشكل او باخر لهذا التدخل نتيجة ضعف حكوماتها وتراجع ادائها وعدم تمكنها من حشد طاقات شعوبها واستثمار مواردها الطبيعية لتعزيز اقتصادها وتقوية جيوشها واسعاد شعوبها مع العلم ان جميع تلك الدول تمتلك من الثروات المعدنية والنفطية والزراعية والحيوانية ما يجعلها تظاهي الدول الاوربية ان هي احسنت استثمارها كما انها تتمتع بمواقع جغرافية ستراتيجية وطرق نقل بحرية وجوية مايمكنها من استخدامها كورقة ضغط لتحقيق الكثير من المنافع في عالم تقوم سياساته على المصالح والمنافع والاطماع، لكن بعض تلك الحكومات التي تخشى سقوط عروشها وزوال امتيازاتها ولاتهمها مصالح شعوبها وبلدانها خضعت بشكل مذل للسياسات الاميركية المتجبرة واسلمت لها القياد تسيرها كيف تشاء.

لقد انعكست الازمة المالية لمصارف الولايات المتحدة على العديد من الانظمة المالية والبورصات والمصارف في العالم خاصة في الدول التي تدور في فلك السياسة الاميركية، واضطرت حكومات تلك الدول الى تعويض تلك المصارف بمليارات الدولارات لسد النقص وتسيير الحركة المالية في اسواقها ما اضاف اعباءً جديدة على كاهل شعوبها، وهذا دليل كاف يجعلها تعيد النظر والحساب في اتباعها للسياسات الاميركية الخاطئة التي جرت وتجر عليها الويلات والازمات والاخفاقات المتتالية.والدليل الاضافي الاخر سلامة موقف الدول التي تتقاطع مع السياسات الاميركية حيث بقيت في مأمن من كل هذه التداعيات وهذه الخسائر المالية التي لا تعوض، حتى ان الرئيس الروسي اكد بصريح العبارة: لقد ولى زمن الهيمنة الاميركية على الاقتصاد العالمي!. وسيولي زمن الهيمنة العسكرية لاحقاً. لاشك ان هذه الازمات وهذا التخبط هو انعكاس للسياسة الاميركية الخارجية الفاشلة ومحاولتها الاستحواذ والانفراد واذلال الشعوب ما جعلها تفقد مصداقيتها امام العالم بمن فيهم اصدقاؤها ومن يدورون في فلك سياستها. لقد استخدمت الولايات المتحدة ضغوطاً متنوعة من الترغيب والترهيب مع كوريا الشمالية ووعدتها بامتيازات ومكافآت خرافية حتى اجبرتها على التخلي عن مشروع الطاقة النووية واغلاق المفاعل النووي الذي كان على وشك الانتاج، وبعد مضي الشهور لم تحصل كوريا على شيء يذكر من الوعود الاميركية وظلت كوريا على رأس "محور الشر" حسب المصطلح الاميركي.

واستمرت السياسة الاميركية على عدائها للجمهورية السورية برغم تجاوب الحكومة السورية واستعدادها لاجراء مفاوضات مع اسرائيل لانهاء حالة الحرب والتهديد القائم منذ تأسيس الكيان الاسرائيلي في فلسطين. وبرغم خلو الاراضي السورية من اي نشاط نووي. وظلت السياسة الاميركية تحرض الامم المتحدة ومجلس الامن والاتحاد الاوربي والبرلمان الاوربي ضد ايران من اجل عزلها ومعاقبتها اقتصادياً بسبب الموقف الايراني المتصلب وخاصة في موضوع المفاعل النووي.

وهاهم الساسة الاميركيون يجهزون اسرائيل بأرقى وادق الاجهزة العسكرية والصواريخ والمنظومات الرادارية لتظل في حالة تهديد دائم للمنطقة العربية وتوجيه ضربة مفاجئة لايران.ان هذه المواقف العدائية تفرض على جميع شعوب العالم اعادة النظر في علاقاتها مع الولايات المتحدة واجبارها على تغيير مواقفها والبدء بعلاقات صداقة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links