استجواب المسؤولين مطلب جماهيري

 

 

                                            حميد الموسوي

                الذين تابعوا جلسات استجواب وزير الكهرباء سجلوا باعتزاز الموقف الريادي الشجاع للنائبة الفاضلة جنان العبيدي وعدوها -بحق وصدق- مفخرة للنساء العراقيات اولا والنساء العربيات ثانيا.
لقد لاحظنا ولاحظ معنا المنصفون والمبطلون والراضون والرافضون والمرحبون والحانقون، لاحظ الجميع كيف كانت تلك السيدة الغيورة تناضل ببسالة وعلى اكثر من جبهة دفاعا عن حقوق المحرومين المغصوبة وحرقة على الثروات الوطنية المهدورة، ولوعة على اموال العراق المنهوبة.
ففي اللحظة التي كانت تفند فيها مزاعم وتبريرات الوزير المستجوب وتتصدى لتهربه ومراوغاته، وتفضح -باسانيد لاتقبل الشك- عشرات المشاريع والعقود الوهمية، وتكشف عن مئات الكتب والمدعيات المضللة التي رفعها وزير الكهرباء وضللت بها رئاسة الوزراء والبرلمان، في تلك اللحظة نفسها كانت تلجم افواها - من داخل البرلمان لاتجيد سوى التعليق والاستهجان، وتخرس اصواتا ارتفعت متواطئة دفاعا عن الفساد، في تلك اللحظة كانت عينها تحتقر المغادرين الذين خرجوا يجرون اذيال الخيبة ظنا منهم بأن خلو قاعة البرلمان سيشكل نوعا من الخذلان لاندفاع تلك السيدة النجيبة فتتراجع وتتقهقر، في تلك اللحظة كانت تقطيبتها تزدري المتثائبين والمتشاغلين والمتناومين والمعرضين واللامبالين من اشباه الرجال. في اللحظة نفسها كانت يدها تلوح، واصابعها تنقر وابتسامتها تسخر وتقاطيعها تزدري، وحتى نبرات صوتها كانت هديرا وحمما تشتد تارة، وتعصف اخرى الامر الذي جعل رئيس البرلمان يرجوها ان تخفف حدة تلك النبرة بعدما لاحظ وقعها المدوي على رؤوس الحاضرين وسهامها النافذة في صدور المعترضين وفي مقدمتهم الوزير المستجوب والمتواطئين معه. لقد وظفت كل حواسها وشحذتها همة لتتجاوب وتتفاعل مع خزين ذاكرتها الوقادة وسرعة بديهيتها وحججها القاطعة وماهيأته من ادلة واسانيد متصدية بحزم لتضع حدا لمعاناة العراقيين -والطبقات المسحوقة منهم خاصة- وحرمانهم من نعمة الكهرباء التي قاسوها طيلة العقود السود لتمتد الى ما بعد مرحلة التغيير اذ لم يلح في الافق المنظور وغير المنظور بصيص امل في تحسن الطاقة الكهربائية برغم مليارات الدولارات المرصودة والتي ذابت بين عقود وهمية، وقطع غيار منتهية الصلاحية ومولدات مؤقتة، ومصاريف وايفادات فاشلة ومؤتمرات خطابية، وصفقات على الورق ورواتب خرافية.. وغيرها.
كان الأجدر والاولى باعضاء البرلمان العراقي رئاسة واعضاء ان يضموا اصواتهم الى صوت زميلتهم ويدعموا موقفها ويشدوا ازرها كونها شرفت وجودهم وبيضت وجوههم امام الجماهير التي اوصلتهم الى قبة البرلمان مسجلة مأثرة برلمانية في وقت افل فيه دور البرلمان وتراجع دعم القواعد الجماهيرية له بسبب الاداء السيء لاكثر اعضائه وتغيبهم المتواصل الذي ادى الى تأخر مشاريع قرارات مهمة تجاوزت المائة وعشرين قرارا.
واذا كان من المعيب ان يتنصل بعض البرلمانيين عن مسؤولياتهم امام قواعدهم ومن يمثلونهم.. واذا كان من المخجل ان يقاطع او يتشاغل او يتناوم البعض الاخر فان من المخزي ان يشوش ويفتري اخرون بان الاستجوابات كيدية، اومسيسة او لتحقيق مكاسب انتخابية!.
هل هي دعوة للسكوت عن افساد المفسدين وتقصير المقصرين وخيبة الفاشلين واخفاق المتقاعسين؟ هل هو تجشيع على الحاق المزيد من الخراب في بنية الوطن الجريح وتعميق جراح شعبه الصابر وتعطيل مسار العملية الديمقراطية؟ من يحاسب الوزير اذن؟!.
وشر البلية مايضحك.

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links