متى الغاية تبرر الوسيلة..؟
خوشابا سولاقا
من المفروض بالانسان الواعي والمثقف اذا اراد ان يحقق نجاحا في عمل ما في
اي مجال كان من الحياة عليه ان يحاول الاستفادة بقدر الامكان من تجارب
الاخرين ممن سبقوه في اعمال مماثلة حتى وان كانت تلك التجارب تعود للأعداء،
وليس بالضرورة ان يكون كل ما يفكر به اعداؤنا غير ذي جدوى وفائدة لنا في
الكثير من اعمالنا التي ننوي القيام بها لانجاز مشاريعنا في الحاضر
والمستقبل، وليس بالضرورة ان يأتي تحقيق الغايات النبيلة بالوسائل النبيلة
كما يدعي البعض، كما ليس بالضرورة ان تكون دائما القاعدة الميكيافيلية
"الغاية تبرر الوسيلة" غير اخلاقية وغير انسانية كما يدعي البعض من
المبالغين بالنبل الانساني والاخلاق الانسانية ان صح التعبير، بل ان ذلك
يعتمد على طبيعة الغاية ذاتها، ومن وجهة نظرنا ان الغاية هي التي تحدد
الوسيلة، حيث ان في كثير من الاحوال الغاية المراد تحقيقها تفرض الوسائل
المناسبة لتحقيقها وقد تكون تلك الوسائل في غاية النبل وقد تكون بالعكس من
ذلك قذرة وقاسية وغير اخلاقية وانسانية، فمثلا مكافحة جريمة القتل الهمجي
من قبل الارهابيين بحق الابرياء لا يمكن ان تتم الا من خلال الوسائل
الرادعة التي تتسم بالقسوة الصارمة دون مراعاة لأية اعتبارات اخلاقية وحقوق
الانسان لان الذين يمارسون الارهاب بحق الابرياء لا يملكون احاسيس
ومشاعروخصائل انسانية ولا يفهمون غير لغة القتل في تعاملهم مع الآخر، عليه
فان مثل هؤلاء لا يردعون الا بالاسلوب المماثل لاسلوبهم وان يكون الحوار
معهم بلغتهم ذاتها وما هو عكس ذلك يعتبرونه ضعفاً من الطرف المقابل اي سلطة
الدولة فيتمادون اكثر في ممارسة الجريمة والقتل.
ان حالة الارهاب وطبيعته في العراق والذي تمارسه عصابات الجريمة والقتل
من التنظيمات المتطرفة وقتل الابرياء من ابناء شعبنا العراقي على الهوية
الدينية والطائفية والعرقية وبهذه الاساليب الهمجية البشعة واللا انسانية
التي نشاهدها يوميا في العراق والمنافية لأبسط القيم والقواعد الاخلاقية
والدينية والانسانية والقانونية تجعل عمليات التصدي لهؤلاء المجرمين وشراذم
القتل ومكافحتهم واستئصال جذورهم من المجتمع بكل الوسائل الممكنة من اجل
انقاذ ارواح الابرياء من ابناء شعبنا والمحافظة على القيم والاخلاق
الحضارية والاجتماعية والدينية في المجتمع امراً مشروعاً واخلاقياً ومبرراً
قانونيا ودينيا واجتماعيا لأن الغاية هنا في غاية النبل والسمو والقداسة
وهي انقاذ لحياة الابرياء وحماية قيم المجتمع والحضارة من الاساءة
والتشويه.. وهنا الشئ بالشئ يذكر واريد ان اذكر حكام العراق القابعين في
المنطقة الخضراء وراء الاسوار والحصون الكونكريتية وبحراسة الالآف من
المسلحين وشعبهم يقتل ويذبح بالجملة في الشوارع من قبل هذه العصابات
والشراذم كل يوم بل كل ساعة ،اقول لهم الى متى يبقى البعير على التل..؟
لماذا لا تستفيدون من تجارب من سبقوكم في حكم العراق لتحقيق الأمن
لشعبكم..؟ اريد ان اعود بكم قليلا الى الوراء واذكركم بتجارب حدثت في
الماضي القريب في العراق تجارب كان اغلبكم الطرف المستهدف فيها، حيث الحكام
اتخذوا جملة اجراءات قاسية بحق خصومهم السياسيين من الوطنيين المخلصين
الشرفاء وشرعت قوانين خاصة لتبرير تلك الاجراءات، ليس لأن هؤلاء الخصوم
ارتكبوا افعالاً اجرامية بحق الشعب كما يفعل الارهابيون الآن ولكن لمجرد
الاختلاف معهم في الرأي والعقيدة السياسية واسلوب الحكم ، ولكن مع ذلك فعلت
السلطات ما نجحت من خلاله في وضع حد لنشاط خصومهم بشكل كامل لعقود وشلت
نشاطهم عن آخره كما حصل ذلك مع الاحزاب الدينية واليسارية والقومية وحتى
احزاب الاقليات نالت قسطها من تبعات تلك الاجراءات. وبالرغم من الفرق
الشاسع بين الحالتين الا ان الاجراءات الرادعة والقاسية والصارمة تأتي
بأُكِلها وتأتي بالنتائج المرجوة وتكون الوسيلة المثلى في التعامل لشل
الخصم وخصوصا اذا كانت ساحة العمليات هي نفسها التي حصلت على ارضها تلك
التجارب في الماضي القريب والبعيد وان الخصم لا يفهم الا لغة القسوة والعنف
، عندها تصبح القسوة الاسلوب الامثل و الوحيد لمواجهة الارهابيين العابثين
بأمن الوطن والمجتمع..
لذلك ارى من وجهة نظري المتواضعة اذا ارادت الدولة العراقية الموقرة بكل
مؤسساتها الدستورية ، التشريعية والتنفيذية والقضائية وحتى الاعلامية ان
تستقر ويستتب فيها الامن والسلم الاهلي وان تضع حدا ونهاية للعمل الارهابي
والارهابيين والجريمة المنظمة والمنفلتة في العراق وتستأصل جذورهما من
المجتمع عليها ان تتخذ اجراءات رادعة وقاسية تجاه التنظيمات الارهابية
والاجرامية بكل اشكالها والوانها بحزم وصرامة وبلا هوادة من دون رحمة ولا
شفقة وانزال بحق هؤلاء اقصى العقوبات على الفور... اي ان يقوم مجلس النواب
العراقي بتشريع قانون يقضي بتنفيذ اقصى العقوبات حسب القانون العراقي على
الفور بحق اي فرد عراقي الجنسية او غير عراقي من جنسيات اخرى ممن يثبت بعد
التحقيق القانوني انتماؤه وارتباطه او تعاونه بشكل مباشر او غير مباشر
بالتنظيمات المتطرفة والمتشددة التي تمارس الارهاب بحق ابناء الشعب العراقي
وتكليف السلطة التنفيذية والقضائية بوضع الآليات واتخاذ الاجراءات الملائمة
لوضع القانون موضع التنفيذ الفعلي، وتكليف الاعلام للنهوض بدوره بتثقيف
وتوعية الجماهير بأبعاد واهداف ودوافع هذا القانون وكون الغاية من تشريعه
في غاية النبل والسمو الاخلاقي، والتصدي لما يكتب وينشر ويقال في وسائل
الاعلام الاخرى من تجاوز وانتهاك لحقوق الانسان بموجب المعاهدات والاتفاقات
والمواثيق الدولية، وذلك لكون المستهدفين بهذا القانون هم من الارهابيين
والمجرمين الذين يقتلون ابناء الشعب العراقي بدم بارد لا يملكون احاسيس
ومشاعر وخصائل تمت بصلة بأنسانية الانسان، وان اعمالهم الارهابية
والاجرامية بحق العراقيين يوميا تدل على ذلك، وعليه فأنهم غير مشمولين
بغطاء مواثيق حقوق الانسان لكونهم باجرامهم هذا قد فقدوا انسانيتهم
عمليا...
ان تشريع مثل هذا القانون وتنفيذه بحزم وصرامة يكون كفيلا بأستئصال
الارهاب والارهابيين والجريمة والمجرمين من جذورهما من ارض العراق بفترة
زمنية قصيرة وقياسية.. فليسأل المعنيون انفسهم كيف كان النظام البائد
مسيطراً على الوضع الامني في العراق؟
وكيف كان يقضي على نشاط خصومه السياسيين ويشلهم من الحركة في الداخل
والخارج..؟ وكيف كان يتعامل معهم بقسوة ولا يعير أية اهمية لمنظمات حقوق
الانسان وغيرها من الجهات الدولية المعنية بمثل هكذا امور بالرغم من كون
خصومه الذين كان يستهدفهم هم من الوطنيين المخلصين الشرفاء من العراقيين،
بينما خصومكم وخصوم العراق اليوم ارهابيون مجرمون قتلة عتاة لا يستحقون
الرحمة والرأفة ، لماذا لاتطبق العقوبات القانونية الرادعة بحق هؤلاء
لمواجهة اعداء الوطن والشعب. .؟
لماذا كل هذا التساهل والتخاذل امام باطل هؤلاء القتلة المجرمين وشعبنا
العراقي يذبح من الوريد للوريد كل يوم في شوارع مدن وقصبات العراق..؟ فاذا
كان هناك في السلطة الحالية من لا يجد في نفسه الشجاعة الكافية لمواجهة
الارهاب والجريمة والتصدي لهما عليه ان يترك موقعه لمن هو شجاع وقادر على
المواجهة والتصدي.
واذا كان هناك من يدعي بأنه يحترم توقيعه ولا يوقع على تنفيذ الاحكام
القانونية الرادعة عليه ان يستثني ذلك بحق المجرمين والارهابيين من قتلة
ابناء شعبه الابرياء ومن الاجدر به ان لاينسى احترام قسم اليمين الدستوري
الذي اداه امام شعبه بأن يكون حاميا لامنه ولأمن الوطن بأرضه وسمائه ومياهه
ان يترك موقعه بهدوء ووقار ليستلمه غيره ممن لا يجامل ولايتساهل مع
المجرمين والارهابيين العتاة ولا يهابهم. كفاكم تساهلا وتخاذلا ياقادة
العراق الكرام تجاه الارهاب والارهابيين وتجاه الجريمة والمجرمين الذين
يقتلون ابناء شعبكم بدم بارد وانتم صاغرون لا تحركون ساكناً ومنهمكون في
صراعاتكم من اجل الكراسي والمناصب وتقسيم الغنائم بينكم حسب معادلات
التفاهمات والتوافقات والتوازنات التي انتجت وافرزت ما يسمى بحكومة الشراكة
الوطنية المحاصصية الكسيحة والتي يصعب عليها الاستمرار بالحياة كما نتوقع
وكما يقول المثل حرارة الشمس يستدل عليها من شروقها...!!!
|