جائزة نهرويو من أحلام شاعر إلى آفاق أخرى

 

                                                                                                             كميل شمعون

 وا أمتاه

وا شعباه

وا لغتاه

أين ابن الرافدين ؟ وماذا دهاه ؟

أصوات . . قريبة . . بعيدة

بعيدة : طوتها عاديات الزمن منذ أجيال وأعوام

وقريبة : لأنها النواة التي لا يتحقق بدونها أي حلم من الأحلام .

      كانت تلك بعض كلمات طالما رددها الشاعر توما نهرويو في حياته ، ولكن صداها كان يبقى رهين الواقع القومي المتشظي بين أبناء شعبه ، وتبقى جدران غرفته الطينية المطل شباكها على الغرب ملاذا آمناً لها .

صرخة أعتاد أن يطلقها على امتداد الوطن والشتات ، أشعارا . . ومقالات . . وكلمات ، حاول كثيرا أن يوصل أشياء من خلال أشعاره ، علها تستنهض بعض القوة الكامنة في أبناء شعبه من شخصية الماضي ، كان يعتبر الهوية الثقافية والقومية ومفرداتها وديعة يجب أن يكون هناك دوماً من يحتضنها ويحافظ عليها ويورثها للأجيال القادمة ، وأن تكون الطليعة المثقفة من أبناء شعبنا هي الجسر بين ما كنا وما ألنا إليه . . بين الأسطورة الآشورية بكل مجدها ، وواقع التقهقر الذي تعيشه مفردات هذه الأسطورة بكل تجلياته .

حلم كثيراً بأن تحمل أجنحة من أبناء شعبه أسم حدائق بابل ونينوى وأسم النهرين العظيمين دجلة والفرات الذين رويا تاريخ وحضارة أمتنا ، وكان هو الشعلة الأولى في هذا المضمار حين استمد اسمه الأدبي ( نهرويو ) منهما ، ولكنه ربما لم يفطن إلى أن أجنحة من بعده سوف تحلق فوق النهرين وما بينهما وتحمل اسمه ، لتخلد ذكراه كأديب وشاعر ومعلم وتقدم جائزة باسمه ، وتمنح هذه الجائزة لكل من سار على هذا الدرب ، وتكرم كل من أضحى نخلة وافرة العطاء على ضفافه .

لتكون جائزة نهرويو أول جائزة تمنح باسم أديب أو شاعر كلدوآشوري سرياني ، تبنت تقديمها لجنة أصدقاء الشاعر توما نهرويو التي تشكلت من صفوة من أبناء شعبنا ، ففيها الكاتب والأديب والشاعر والمعلم السرياني وفيها الإعلامي والباحث اللغوي والناشط القومي ، إن هذه اللجنة ورغم اقتصار مهامها وأهدافها الراهنة  على منح الجائزة وتكريم الأدباء والكتاب والمعلمين والناشطين في المجال الثقافي ، فهي تشكل نموذجا يجب أن يحتذى به في العمل القومي ، فهي تضم نخبة نوعية يحمل أعضائها رؤى وتوجهات مختلفة ولكنهم يجمعهم الهدف والقضية .  

وقد يسأل سائل لماذا هذه اللجنة ؟؟ في الواقع جاءت فكرة بناء هذه اللجنة احتفاء بالملفان الكبير توما نهرويو الذي كرس حياته في خدمة أبناء شعبنا في مجال تعليم لغتنا الآشورية( السريانية) بلهجتيها الشرقية والغربية .وكي يبقى حضور ملفاننا قريبا من الذاكرة ،ارتأت اللجنة أن تكرم شخصية اعتبارية من أبناء شعبنا لها خدمات جليلة في حقلي الأدب واللغة غير آبهة بانتمائها الكنسي . . وهكذا ، كما ترون ، فاللجنة تنتقل من القحطانية والمالكية مرورا ومن القامشلي إلى الخابور . . إلى حلب ، وإلى  أماكن أخرى فيما بعد ، متخطية تخوماً من الوهم وأسوارا من السراب بين أقاليم الطوائف ، لتؤكد حقيقة الهوية الواحدة ، هذه الهوية ليست حالة طارئة كما يدعي البعض ، أنها انعكاس لمشترك لغوي وثقافي وتاريخي وديني يجب أن نعمل عليه  .

اليوم نريد أن نثبت حقيقة هذه الوحدة كما أثبتها آباؤنا من قبلنا وأن نحطم جدراناً أقامها ويقيمها البعض بيننا . فتحية لكل من عمل لأجل هذه الحقيقة القومية الواحدة ، وتحية للكتابة الأولى واللغة الأولى . المؤسسة التي ابتكرتها أيادي شعبنا منذ آشور والتي مازال حضورها رمزا لهذه الوحدة العميقة . وحضوركم صدى لها ولكل المسيرة التاريخية في ارض الرافدين . . بيث نهرين . . التي شهدت يوما ميلاد الحضارة .

الوحدة القومية هي حلمنا جميعاً وهدفنا . . كما كانت حلم نهرويو وغيره من قبلنا  .

أما ماذا تحقق من أحلام نهرويو .. فهو سؤال نتركه برسم السياسيين وقادة الأحزاب والمؤسسات الكلدوآشورية السريانية  ، على طول الساحة القومية التي تكاد لا تسعهم . .

 على هذه الأرض ولدت أحلامنا .. ذاكرتنا مجبولة من حفنات من تراب نينوى وبابل مع قطرات من ماء دجلة والفرات .

نحن نحمل إرثا هو مسؤوليتنا التي لن تغتفر أمام مرآة التاريخ الآشوري  ، والشعب والأجيال القادمة .

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links