العراق يودع "عمو بابا"

 

                                                                                                                                           يونان هوزايا     

                          

             عندما ترحل روح عمو بابا الى الاخدار السماوية، عندها يتسربل جسده الطاهر، ويتشح بالبياض مثل براءته، ويكون الوطن كله في وداعه، ويمسي العراق أذرعا مرفوعة تحمل هذا النعش.. فأنه أحب العراق، وبذل لأجل ذلك كل شيء، نعم كل شيء، أذ أنه ملك العراق كله، ولم يملك منه الا سريرا في مستشفى دهوك أختتم ساعات عمره فيه!

انشطرت أسرة "أبو سامي"، وتشضت في اصقاع الارض، كحال آلاف الاسر العراقية، والكلدوآشورية خصوصا، وهذا كان مبعث ألم وحسرة للفقيد، الا أن عزاءه كان في كون عائلته الحقيقية "كل العراق"، فرغم العروض المغرية الكثيرة التي عرضت على "عمو"، الا أن رأسماله كان ذلك الحب الذي قابله به العراق والعراقيين، وأثبت – حتى في رحلته مع المرض – أنه سمكة تعيش فقط في دجلة والفرات، وتتنفس فقط في رئتيهما..

الرياضيون عموما عرفوه، وعرفوا عنه طيبته وبساطته وعشقه للمستطيل الاخضر، وحبه وغيرته على الفرق التي عمل معها، لاعبا أو مدربا، فأحبوه  وأحترموه..

العراقيون عموما عرفوه، ولمسوا ذلك العشق والاخلاص للوطن لحد لا يوصف، ولدرجة أن يكون مشروعا دائم الجهوزية لبذل كل شيء من أجله وسمعته.. وكثيرون عرفوا وقيموا هذا الحرص والتفاني، وعلموا برفضه الانصياع "لتدخلات قيصر اللجنة الاولمبية" في تشكيلة فريقه، أو في خطة لعبه!.. وأمام الالاف في ملعب الشعب، والملايين أمام الشاشة الصغيرة، سمعوا "عمو" يقول: لا .. ومن كان بأستطاعته يومئذ قول: لا .. غير الذين يملكون كبرياء عمو بابا..

 رحل عمو بابا.. مسجلا في الذاكرة سفرا خالدا، وللرياضة العراقية رمزا شامخا ونموذجا للصديق والمعلم والمدرب، ونحت في سوح الوطن صروحا شامخة وقمم بجانب القمم التي شكلت هذا الوطن.    

 

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links