مظلومية ابناء شعبنا في العراق
والمستقبل المجهول في ندوة اقيمت في عمان – الاردن
زوعا - الاردن
في
ورقة قدمت من الاكاديمي العراقي والسياسي المستقل الدكتور غازي ابراهيم رحو
ناقش مجتمعون من الاكاديميين والخبراء والسياسين حوارا على مدى ثمانية
ساعات في عمان الاردن بتاريخ 26-5-2010 وعلى قاعة الحارث في فندق حياة عمان
... من خلال ندوة اقامها المركزالوطني للحوار الديمقراطي والتنمية (موحد)
وبالتعاون مع الجامعة الاميركية في واشنطن حيث.. حضر الندوة عدد من اساتذة
الجامعة الاميركية في واشنطن تتقدمهم البروفيسورة (كيرول اوليري ) واخرون
وعدد من ممثلي الامم المتحدة ومنظماتها وناقش الباحثون وضع العراق من اكثر
من جانب يتعلق بالحاضر والمستقبل .
طرح الدكتور غازي رحو الورقة المخصصة بشان مسيحيي العراق واقلياته
العرقية والاثنية والمظلومية والمعاناة التي يعانيها الشعب المسيحي في ارض
وادي الرافدين حيث اشار الدكتور غازي رحو بورقته الى ما يلي:
المجتمع العراقي مجتمع تاريخي وارض العراق ارض وجد فيها الشعب المسيحي
منذ اكثر من الفي عام بل من قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام وكانت ارض
بلاد الرافدين اول من سكنها من الاديان والاثنيات هم المسيحيين العراقيين
والتوزيع الجغرافي للمسيحين في العراق هو بين المحافظات الوسطى والشمالية
وبشكل اقل للمحافظات الجنوبية عدا مدينة البصرة التي احتضنت عبر التاريخ
المسيحيين والتي نجدها اليوم قد غادرها اهلها من المسيحيين ولم يتبقى منهم
الا القلة القليلة جدا .. بينا نشهد تواجد مجمعات وكثافة سكانية في المناطق
الشمالية والوسطى من العراق وخاصة في سهل نينوى وكركوك واقليم كردستان
بالاضافة الى العاصمة بغداد وما يقال عن مسيحيي العراق يقال ايضا عن الشبك
والايزيدية الذين يسكنون محافظة نينوى وقراها ومنذ الالاف السنين بالاضافة
الى الصابئة المندائئين الذين يسكنون قرب الشواطي والانهار ولهذا تجمعوا في
مناطق الناصرية والبصرة بالاضافة الى المجموعة او القومية الثالثة في
العراق وهم التركمان الذين هم من الاقوام التي تعود الى العهد الهجري .
ان ما يعانية الاقليات في ا لعراق وبالذات الاقلية الاصيلة المسيحيين
(الكلدان و الاشوريين والسريان و الارمن )اللذين هم امتداد لحضارات قديمة
بابلية وسومرية واكدية وكلدانية واشورية وارامية وسريانية حيث ان هذه
المجموعة من السكان الاصليين لا زالو يستخدمون لغتهم الارامية الفصحى في
ممارسة شعائرهم الدينية في الكنائس وعلى اختلاف لهجاتها الشرقية والغربية
الى جانب حفاظهم على لهجاتهم المحلية في المدن التي يتواجدون فيها .....
غالبية المسيحيين العراقيين يسكنون عبر التاريخ في سهل نينوى وفي شمال
العراق (كردستان)واتصف هؤلاء القوم الاصلاء بالحفاظ على التراث المسيحي
الثري والغني بالاصالة وبنمط حضاري متميز في حياتهم الطبيعية والاجتماعية
واليومية حيث ان مسيحيي العراق يعتزون بوطنهم وبقوميتهم الاثنية سواء كانوا
سريان او كلدان او اثوريين او ارمن وهؤلاء شعب واحد منذ عصور التاريخ وبقوا
الى ان جائت الهجمة على شعب العراق ففرقتهم اجندات منها داخلية ومنها
خارجية ومنها اقليمية الى عدة فرق طالتها التعصب بسبب العراك الطائفي الذي
طغى على اهل العراق وكأن هذا التعصب اصبح صفة يجب المرور عليها من قبل
الجميع ويجب تقليدها .... ان المطلوب من هذه الشريحة الاصيلة اليوم بان
تتجمع وتتوحد للوقوف بوجه العنف والتهديد الذي تلاقيه ... لهذا اننا نجد ان
هنالك جهود مظنية لتوحيد كلمة هؤلاء الاصلاء لانهم تعرضوا منذ بداية
الاحتلال عام 2003 الى قتل وتهجير على الهوية المسيحية مما اضطر الالاف
منهم للهجرة.... منها الداخلية... ومنها الخارجية .... بحيث لم يتبقى منهم
من خلال احصاءات كنسية ما لا يزيد عن 450 الف الى 550 الف نسمة علما ان
اعداد هذه الشريحة الاصيلة كانت لغاية عام 1947 عند الاحصاء السكاني ما
نسبته بحدود4.5الى 5 % عندما كان نفوس العراق اربعة ونصف مليون نسمة ..وان
كثافة تواجد شعبنا المسيحي في بغداد العاصمة وقرى سهل نينوى بجميع قراها
بدأ من بغديدا وصولا الى زاخو وكويسنجق.
كما ان الشبك هم قوم ينتمي الى اصول ارية وايضا استوطنوا في سهل نينوى
بين نهري الخازر ودجلة وهؤلاء القوم لهم لغتهم الخاصة وتعرضوا كما تعرض
اخوتهم المسيحييون الى الاضطهاد والقتل وراح ضحية منهم المثات , كما ان
الصابئة المندائيين وهم من اقدم الديانات الموحدة والمهددة الان بالانقراض
لانهم اصبحوا هدفا للمد التكفيري والتيار المتشدد والذي جعل البقية الباقية
تلجا الى الهجرة ايضا .
اما الكرد الفيليين وهم من الاقليات التي لها عمق جغرافي وتاريخي سكنو
بين دجلة والفرات وجانبي جبال زاكورس ومناطق سكناهم هي المناطق الوسطى من
العراقبين بين بغداد والكوت واحدى معالمهم عكركوف وهذه الشريحة ايضا عانت
من القتل والتهجير .
اما التركمان وهم القومية الثالثة في العراق وهم يعودون الى العهد
الهجري حيث زاد وجودهم وقوتهم واهميتهم مع حكم الدولة العثمانية ومناطق
تواجدهم الكثيفة عبر التاريخ في كركوك التي تعد المعقل الرئيسي لهم حيث
يشكلون اكثر من ثلث السكان كذلك يتواجدون في منطقة تلعفر في محافظة نينوى
والقرى التابعة الى محافظتي ديالى واربيل ويبلغ تعدادهم كما يقولون هم
بحدود7% من سكان العراق.
ان هذه المقدمة التي اعطيناها لكي نوضح من هم الاقلية اليوم في العراق
وماذا يعانون وكيف المعالجة وخاصة ما يتعلق بشعبنا المسيحي وهكذا نصل الى
نتيجة المظلومية التي تعانيها الاقليات في العراق وخاصة الاقلية الاصيلة من
مسيحيي العراق .
مسيحيي العراق كان عددهم في السنوات الخمسة عشر الماضية يزيد عن مليون
وثمانماثة الف مواطن لم يتبقى منهم الان سوى 450 الف الى 550 الف موزعين في
مناطق بغداد والموصل وكركوك والمناطق التي سميت بالمناطق المتنازع
عليهابالاضافة الى مناطق وقرى دهوك واربيل والسليمانية حيث ان التوزيع
الاخير هذا جاء نتيجة معاناة ومظلومية عاشها هؤلاء عبر العشرون سنة الاخيرة
بسبب الصراعات القومية والاثنية والدينية والطائفية التي مر بها العراق
وبظهور المناطق المتنازع عليها والتي سكنها ابناء الطوائف المسيحية اضاف
هذا السكن بعدا سياسيا داخليا لاضطهادهم...... ولهذا حاول العديد منهم
الهجرة الى الخارج او الهجرة الى داخل مناطق كردستان حيث ازداد الصراع
السياسي في المناطق التي يسكنها المسيحيين من الصراع التوافقي الى الصراع
التنافسي ... لابناء هذه الشريحة والسبب لذلك هو انتمائهم الى بعض القوى
المختلفة او ذات التوجه التحزبي لبعض الاحزاب ولاغراض اغلبها طلبا للحماية
بسبب الضعف الامني والمعادات التي توجه ضدهم ولهذا نجد ان من الصعب التوصل
الى توافق في الاراء لمشاكلهم فكل مجموعة تدافع عن اراء وافكار من احتضنها
ووفر لها الامن والامان مع وجود قوى خارجية تقدم الدعم لبعضهم والذي شكل
جدلا سياسيا لذلك نرى منهم من يطالب بالحكم الذاتي ومنهم من يطالب بادارة
محلية لابناء المناطق المسيحية ومنهم من يطالب بالانظمام الى مناطق كردستان
ومنهم من يرغب ان يكون تحت المظلة للحكومة المركزية .. هذه المقدمة البسيطة
من الاختلافات الداخلية لهذا المكون الاصيل جائت بسبب ما عانته من مضلومية
ومعاناة ولكن مع كل هذا وجد ان الجميع من المسيحيين يعانون من المظلومية
لعدة اسباب منها الامنية والقتل والتهجير وتفجير دور العبادة والتمييز
بالاضافة الى ما يلي :
1- ان التمييز في العراق مستمر على اساس الدين والعرق.
2- ان التمثيل السياسي غير منصف وغير عادل لهذه الاقلية الاصيلة رغم
انه يمر عبر عملية دستورية .
3- ان الخطر الاثني والقومي هو الخطر الاكبر الذي يواجهه هذا المكون
الاصيل في العراق
4- ان القرى والمناطق التي يسكنها هذا المكون تعاني من التخلف الصحي
والاجتماعي والبنى التحتية التي تعاني الاهمال .
5- يتعرض المسيحيون الى انتهاكات بنسبة عالية قياسا باعدادهم وخاصة
في المناطق المسماة بالمتنازع عليها .
6- غياب الجوانب الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهذا
المكون بالمناطق التي يسكنونها بسبب غياب السلطة الفعلية للحكومة المركزية
منذ الغزو الاميركي على العراق .
7- ان المشاريع التنموية للمناطق التي يسكنها ابنائنا واهلنا
المسيحيين تغيب عنها المشاريع التنموية والصحية والخدمات التعليمية ورعاية
الشباب والامومة والطفولة .
8- ان الحقوق السياسية بالتمثيل العادل لهذا المكون الاصيل مفقود وان
قانون الانتخاب والتمثيل النيابي لا يزال غير عادل لهذا الموكن .
9- ان حق العمل والذي كفله الدستور يخضع لتبعية الاحزاب والانتماء
للمكونات السلطوية الحالية التي تنحصر بين اخوتنا الشيعة والسنة والاكراد .
10- غياب سلطة القانون والامن الهش والذي يعتمد على حالات وقتية
تفرض الدولة سلطتها عند الحاجة وتغيب السلطة مع غياب تلك الحاجة .
11- ان الاعتدائات المتكررة على دور العبادة من الكنائس مستمر ولوحظ
انه يعود مع قرب كل عملية انتخابية تجري في العراق وهذا يعطي علامة استفهام
كبيرة .
12- لوحظ انه بسبب الخطاب والبرامج المتباينة للاحزاب المسيطرة
والدينية والمتمثلة باجندات حزبية وفئوية ضيقة فان الثقة بالحكومات المحلية
مفقودة من قبل المكون المسيحي بسبب القهر والمظلومية التي يلاقونها من خلال
التعصب الاعمى لتلك الاحزاب .
13- لوحظ ايضا ان الصراع الدائر بين قائمة الحدباء وقائمة نينوى
المتاخية في الموصل وضواحيها والتناحر السياسي بينهما له تاثير مباشر وكبير
على الاقلية الاصيلة من مسيحيي الموصل .
مع ان الدستور العراقي في المواد 15 و 37 و42 و 43 بالاضافة الى الاعلان
العالمي لحقوق الانسان ومواده 3و4و6 والتي اكدت جميع هذه المواد على حق
الانسان بالحياة والمساواة في الوطن الا اننا نجد ان مسيحيي العراق يعيشون
اليوم بمظلومية لا مثيل لها في التاريخ وكما اكد العهد الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية في المادة 27 منه والتي اكدت على الحقوق المدنية
والسياسية بانه لا يجوز في الدول التي تتواجد فيها اقلية اثنية اواقلية
دينية او اقلية لغوية لا يجوز ان يحرم الاشخاص المنتمون اليها من حقوقهم في
المجاهرة بدينهم او لغتهم او شعائرهم فان العالم اليوم مطالب بان يعي ما
يحدث لمسيحيي العراق وعليه ان يحميهم من كل مما يجري لهم من مظلومية
وارهاصات ومضايقات قسم منه من جهات حزبية والقسم الاخر من التكفيريين لهذا
فان من واجب المحتل ومن واجب السلطة المركزية والسلطات المحلية ان تحمي هذا
المكون الاصيل وعلى البرلمان القادم والحكومة القادمة ان تتحمل العديد من
النواقص التي حصلت ضد الاقلية الاصيلة من شعبنا المسيحي من اجل تعديل
المسار للدولة العراقية الحديثة من خلال اخراج البلاد من نظام المحاصصة
الطائفية التي اثرت بشكل مباشر على جميع الاقليات وبالخصوص المسيحيين منهم
الذي ظلموا بحقوقهم في العدالة والمساواة مع العلم انهم شريحة من اكثر
شرائح المجتمع العراق في النزاهة والكفاءة وان ما جرى لهم بالاعوام 2005 و
2008 ونهاية 2009 من تهجير وقتل وتفجير على الهوية لهو اكبر برهان على
المظلومية التي يعيشها هذا المكون الاصيل ..
وبنهاية الندوة التي نوقش فيها اسئلة عديدة حول هذا الموضوع تعهد الحضور
بالعمل كل من موقعة لاحقاق حقوق مسيحي العراق وفي مقدمتهم اساتذة الجامعة
الاميركية الذين تعهدوا بنقل تلك المظلومية والمعانة الى الادارة الاميركية
كما تعهد الاخوة السياسين العراقيين الحاضرين على نقل تلك المعاناة .. علما
ان الندوة ناقشت باسهاب الوضع العراقي الحاضر والمستقبل وتاثره على
الاقليات ومنهم بالخصوص مسيحيي العراق.
|